نشاط مستأنف في ملعب مفتوح.. الإرهاب يعود في غرب أفريقيا بعد الانسحاب الأمريكي
الأحد 29/ديسمبر/2019 - 09:34 م
طباعة
أحمد عادل
تُلقي مشكلات منطقة غرب أفريقيا -على المجالين الأمني والتنموي- بظلالها على أغلب القوى الدولية والإقليمية الموجودة في القارة السمراء، لاسيما بعد التهديدات الكبيرة التي تمارسها الجماعات الإرهابية في منطقة.
هاجس أكدته التصريحات الرسمية الفرنسية، بأن الحرب في منطقة الساحل والصحراء، أصبحت تؤرق باريس بشكل كبير، ولابد من المؤازرة من قبل الشركاء الأوروبيين، ومحاولة إقحام حلف شمال الأطلسي في المشكلات الأمنية والتهديدات الإرهابية التي تمارسها الجماعات
انسحاب أمريكي
على صعيد متصل، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية «بنتاجون» عزمها تقليص وجودها العسكري في منطقة غرب أفريقيا، وصولًا إلى سحب جميع القوات الأمريكية الموجودة في تلك المنطقة، التي تشهد حاليًّا صعودًا متزايدًا لخطر الجماعات الإرهابية المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم داعش، والجماعات المتشددة الموالية له، والجماعات التابعة لتنظيم القاعدة أيضًا، كما سيشكل الانسحاب العسكري صدمة أمنية لقوات عملية برخان الفرنسية، والتي تقاتل ضد الإرهاب في المنطقة.
ويعد انسحاب القوات الأمريكية من غرب أفريقيا خطوة أولى ضمن خطة إعادة نشر الآلاف من القوات الأمريكية في أنحاء أخرى من العالم، كما أن الأولوية الأمريكية حاليًّا ليست مواجهة الإرهاب بقدر ما هي التفرغ لمواجهة نفوذ كل من الصين وروسيا، ومن المنتظر أن تشمل عملية الانسحاب الأمريكية، التخلي عن قاعدة طائرات، تأسست في النيجر قبل نحو عامين بتكلفة قدرت بنحو 110 ملايين دولار، كما تشمل أيضًا إنهاء المساعدة المُقدمة للقوات الفرنسية التي تحارب المسلحين المتطرفين في مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
أمريكا والـ«G5».. التدريبات انتهت
وتحضر الولايات المتحدة الأمريكية في تحالف قوات الساحل الأفريقي المعروفة بـ«G5»، والذي تم تكوينه عام 2015، ويضم «موريتانيا، ومالي، وتشاد، والنيجر، وبوركينافاسو»، ويبلغ عدد القوات الموجودة في التحالف 5000 عسكري، ويقودهم الجنرال الموريتاني، حننا ولد سيدي، وتدعمها قوات فرنسية وأخرى أمريكية، وذلك للقضاء على الإرهابيين الذين يشكلون خطرًا في تلك المنطقة، وتقدر بنحو ألفي جندي، ومهمتها هي القيام بتدريب ومساعدة قوات الأمن المحلية في دول المنطقة في مجال مكافحة الإرهاب ونشاطات الجماعات المتطرفة مثل بوكو حرام، وفروع تنظيمي القاعدة وداعش.
وأولت الولايات المتحدة اهتمامًا بمنطقة الساحل الأفريقي، وذلك عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، في إطار حربها على الإرهاب؛ خصوصًا بعد الإعلان عن تأسيس ما سمّي بـ(تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي) بدءًا من سنة 2007، وفي فبراير 2007 أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن عن إنشاء قيادة عسكرية جديدة تخص القارة الأفريقية تحت اسم «أفريكوم» AFRICOM، وهي القوات التي مارست مهامها رسميًّا في أول أكتوبر 2008.
وتفاعلت الولايات المتحدة بشكل رسمي مع الأحداث الجارية في منطقة الساحل والصحراء، عندما تم الكشف عن هجوم إرهابي في 4 أكتوبر 2018، أدى إلى مصرع 4 جنود أمريكيين، ومؤخرًا قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعادة هيكلة الوجود العسكري الأمريكي، ليمتلك زمام المبادرة في التدخل بالمناطق الملتهبة، دون الاعتماد على بعض القوى الإقليمية والدولية، أي أن واشنطن انتقلت من سياسة التدخل بالوكالة إلى التدخل المباشر.
داعش والقاعدة.. نشاط مستأنف في ملعب مفتوح
ويشكل الظهير الصحراوي لمنطقة الساحل الأفريقي ممرًا آمنًا يستخدمه المتشددون لمواجهة السلطات المحلية والأجنبية، وإحداث فوضى أمنية في تلك المنطقة التي تشكل أهمية استراتيجية لأمن الولايات المتحدة القومي، ولغيرها من القوى الأخرى الدولية الأخرى.
وتواجه منطقة الساحل والصحراء الأفريقي تنامي التهديد الإرهابي والجريمة المنظمة، إذ تنفذ الجماعات المسلحة عمليات دامية على طول الشريط الساحلي لهذه الدول، وكان تنظيم داعش الإرهابي من بين التنظيمات التي تحاول وضع موطئ قدم والانتشار؛ خاصةً بعد انتهاء وجود التنظيم في سوريا والعراق، ومنذ إعلان زعيم التنظيم المقتول في أكتوبر 2019 «أبي بكر البغدادي» في حديث مصور له أواخر أبريل 2019، والذي ظهر فيه بعد غياب لمدة 5 سنوات، إقامة ما تُسمى ولاية غرب أفريقيا، ينفذ التنظيم الإرهابي من بعدها الكثير من العمليات في منطقة الساحل والصحراء.
أيضًا يتمتع تنظيم «القاعدة»، بحضور قوي في المنطقة؛ إذ تمكن من تشكيل أكبر تحالف له على مستوى العالم، وهو ما يُعرف بـ«نصرة الإسلام والمسلمين»، والذي تأسس في مارس 2017؛ نتيجة اندماج أربع حركات مسلحة في منطقة الساحل، وهي: (أنصار الدين، وكتائب ماسينا، وكتيبة المرابطين، وإمارة منطقة الصحراء الكبرى).