«عودة الجهاديين».. رؤية أيرلندية لمآلات الدم في الشرق الأوسط
الإثنين 30/ديسمبر/2019 - 12:17 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
يدفع الكاتب الأيرلندي «باتريك كوكبيرن» في مطبوعته المترجمة «داعش.. عودة الجهاديين» بأن مقتل مؤسس تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن تم تصويره خطئًا كنهاية للإرهاب الدولي، بينما أظهرت الواقعية الحالية توسعًا كبيرًا للمجموعات الإقليمية للتنظيم التي لا تزال تدين بالولاء له، إلى جانب توحش مجموعات أخرى خرجت من رحم معتقداته وتدريباته مثل «داعش».
ويؤكد «كوكبيرن» أن تنظيم «داعش» استطاع عبر آلته الإعلامية تصدير صورة عنيفة ومرعبة إلى مواطني العالم، أراد من خلالها استقطاب مزيد من الشباب المشوه أيديولوجيًّا ونفسيًّا لتمديد نقاط تمركزه مستخدمًا قوته العسكرية الأولية، والتي ظهرت في معركة الموصل.
وقال الباحث بمعهد الدراسات الأيرلندية بجامعة «كوينز» في «بلفاست» والكاتب في صحيفة «إندبندنت» البريطانية: إن سيطرة «داعش» على الموصل جعلت العراقيين وساسة الدول الأخرى يتأكدون من اهتزاز الشرق الأوسط بعنف، ما له من أثر شديد على المنطقة، وما يؤثر بدوره على الكيانات الدولية من نقص إمدادات المواد البترولية القادمة من «كركوك» التي سقطت لفترة في قبضة التنظيم العنيف.
اشتعال الحرب الطائفية
أشار الكاتب الأيرلندي «باتريك كوكبيرن» إلى نقطة خطيرة أشعلتها الجماعات الإرهابية المتعاقبة على الانتشار في العراق بالتزامن مع الاحتلال الأمريكي له في 2003، وهي «الفتنة الطائفية والعرقية» فمنذ البداية لعب تنظيم القاعدة على وتر التمزيق بين السنة والشيعة.
وبتنامي «داعش» تعددت أوجه الصراع بين السنة والشيعة وبين التنظيم والأكراد من جهة أخرى؛ ما قد يؤدي من وجهة نظر الكاتب إلى تقسيم جديد للمنطقة، وهو ما حدث بالفعل عندما قرر الأكراد الانفصال أخيرًا عن دولة العراق، وتأسيس دولة كردستان العراق المستقلة عبر استفتاء سبتمبر 2017.
ومن زاوية أخرى، فإن صراعات «داعش» والأكراد وباقي الأقليات بالمنطقة فتحت الباب أمام تدخل أمريكي بوجه آخر داخلها، عبر دعم قوات البيشمركة وإمدادها بالأسلحة لمواجهة التنظيم المتطرف، وهو ما أسهم في جدية عملية الانفصال التي كانت محركاتها تشتعل خافتة في ظل الأنظمة السابقة.
دويلات طائفية مدعومة
لم تتوقف تطلعات الكاتب عند هذا الحد بل حذر من احتمالية إقامة دويلات دينية متشددة عبر دعم من الخارج، إذ يقول «كوكبيرن» إن الصراعات الدولية عندما تتعلق بالعراق يكون هناك تعاون في الخفاء بين واشنطن وطهران، بينما يكون هناك مناوشات وجدال عنيف في العلن، مؤكدًا أن الوضع في المنطقة يبرهن على وجود تفاهمات خفية بين الولايات المتحدة وطهران بشأن العراق، إذ إن هناك تضادًا كبيرًا بين ما تعلن واشنطن أنها تفعله في البلاد وبين ما تفعله بشكل حقيقي، كما أن نظام الملالي يجد في الفوضى العارمة بالبلاد بابًا واسعًا لترويض تشكيلاته المتطرفة لتأجيج النعرة الشيعية في مقابل الطوائف الأخرى.
الدور الدولي المحفز
نظرًا لارتباط هذه المجموعات الإرهابية بباكستان وأفغانستان كجغرافية حاضنة أسهمت في تطور التشكيلات المدربة للعناصر التي ارتحلت فيما بعد نحو الشرق الأوسط لأداء المهمة الموكلة لهم مثل أبو مصعب الزرقاوي ومجموعته، فإن الكاتب يعتقد بأن قادة باكستان داعم أولي ومهم في هذه الإشكالية المتطورة، مشيرًا إلى أن الحرب الدولية المستعرة ضد مجموعات الإرهاب في أفغانستان ليس لها قيمة دون تقييد حكومة باكستان وجيشها المشاركين بجدية في دعم هذه التشكيلات، فمن وجهة نظر «كوكبيرن» لم يكن متاحًا للمتطرفين أن يتمددوا بحرية في المنطقة الآسيوية دون الحصول على دعم من الجهات الرسمية التي توفر غطاء سياسيًّا وأمنيًّا لهم.
وبناء على ذلك، فمن الضروري عند مواجهة كيان إرهابي في أي منطقة أن يتم دراسة العوامل الدولية المساعدة له إن وجدت، ومن ثم وقف الإمدادات اللوجستية والمالية بين الطرفين للتمكن من القضاء عليه واقعيًّا.