تفجير السفارات.. وسيلة «نظام الملالي» للانتقام من العقوبات الأمريكية
الخميس 02/يناير/2020 - 02:38 م
طباعة
نورا بنداري
منذ اندلاع الثورة الإيرانية في عام 1979، يتبع نظام الملالي سياسة جديدة للهروب من الضغوط السياسية والاقتصادية التي تتعرض لها «طهران» في المنطقة، ألا وهي ممارسة الاعتداءات والاقتحامات وتفجير المؤسسات والمقار الدبلوماسية للدولة التي تهدد مصالحها.
ورغم تعرض العديد من المقار القنصلية في دول عربية وغريبة لهذا النهج الإيراني؛ فإن واشنطن كان لها نصيب الأسد من ذلك في العديد من البلدان حول العالم، ويرجع ذلك لأن طهران تري واشنطن «الشيطان الأكبر» الذي يسعى لإعاقة دورها في المنطقة.
وجاء اقتحام السفارة الأمريكية في بغداد في 31 ديسمبر 2019، ليكون أحدث الاعتداءات الإيرانية على المقار الدبلوماسية التابعة لواشنطن، وتم بواسطة قوات حزب الله العراقي، عقب قيام القوات الأمريكية في 29 ديسمبر 2019؛ بتنفيذ هجمات استهدفت منشآت قيادة وتحكم تابعة لكتائب الحزب التابع لميليشيا الحشد الشعبي، الموالي لإيران.
كانت البداية بعد الثورة الإيرانية عام 1979، حيث اقتحم مجموعة من الطلاب الإيرانيين من أتباع مؤسس الثورة «روح الله الخميني» السفارة الأمريكية في طهران في نوفمبر من العام نفسه، وذلك بعد نشوب أزمة سياسية بين واشنطن وطهران، إثر مطالبات بإعادة «الشاه» رضا بهلوى بعد دخوله مستشفى في واشنطن، الذى رأت فيه طهران تدخلًا أمريكيًّا في شؤونها.
واحتجز المقتحمون 52 رهينة أمريكية من موظفي السفارة ودبلوماسييها، إلى أن تم الإفراج عنهم بعد التوقيع على اتفاق في الجزائر يناير 1981، وساهمت هذه الأزمة في تعزيز وضع المرشد السابق «روح الله الخميني»، إلا أنها كانت بداية فرض عقوبات اقتصادية أمريكية على إيران.
بعد ذلك بأكثر من عام، قامت جماعة «حزب الله» اللبناني في أبريل 1983، بدعم وتوجيه من النظام الإيراني بتفجير السفارة الأمريكية في بيروت، ونجم عن ذلك مقتل 281 عسكريًّا أمريكيًّا.
وبعد أشهر قليلة؛ نفذ عناصر من «حزب الله» و«حزب الدعوة» المدعوم من إيران مجموعة هجمات طالت السفارة الأمريكية في الكويت في ديسمبر 1983، بعدما استهدفتها شاحنة مفخخة، وأدت إلى مقتل 17 شخصًا.
وأعلنت السلطات الكويتية أن مرتكبي هذه التفجيرات مرتبطون بإيران، وأن سبب قيامهم بذلك هو معاقبة الكويت والولايات المتحدة على مساعدتهم العسكرية والمالية للعراق في الحرب «الإيرانية ـــ العراقية» (1980-1988).
وفي سبتمبر عام 1984، هاجم «حزب الله» اللبنانى ملحقًا للسفارة الأمريكية في بيروت، ونجم عن الهجوم مقتل 24 شخصًا بينهم أمريكيون، وأعلنت الإدارة الأمريكية وقتها أن «حزب الله» نفذ الهجوم تحت اسم جماعة «الجهاد الإسلامية اللبنانية» بدعم من ايران.
وفي أغسطس عام 1998؛ اتهمت واشنطن، طهران بمسؤوليتها عن التفجيرات التي حدثت لسفارتي الولايات المتحدة في تنزانيا، وكينيا، معلنة أن ان ستة إيرانيين مرتبطون بتنظيم القاعدة الإرهابي قاموا بذلك، وهو الأمر الذي نفته إيران، قائلة إن الاتهامات الأمريكية مفبركة، وتعد سيناريو أمريكي ضد الجمهورية الإيرانية.
وفى سبتمبر 2012 اقتحم مسلحون القنصلية الأمريكية في ليبيا، وقتلوا السفير «كريستوفر ستيفنز» وثلاثة أمريكيين آخرين، وجاء الهجوم ردًا على إذاعة فيلم معادٍ للمسلمين في الولايات المتحدة، ووجهت واشنطن أصابع الاتهام إلى إيران، حتى أن الرئيس الأمريكي الحالى «دونالد ترامب» أعلن في 31 ديسمبر 2019، أن واشنطن لن تمسح لإيران بتكرار أحداث بنغازي 2012.
ما سبق، يدل على أن النظام الإيراني يعي أن اقتحامه للسفارات وغيرها أيضًا من خلال ميليشياته في دول المنطقة، يعد ورقة رابحة تمكن طهران من المكوث على طاولة التفاوض، ومحاولة الحصول على بعض المكاسب، وأن استمرار تصاعد الأزمة بين واشنطن وطهران على إثر العقوبات الأمريكية التي أدت إلى تدهور الاقتصاد الإيراني، يوحي بأن سياسة نظام الملالي في اقتحام وتفجير سفارات واشنطن تحديدًا لن ينقطع حتي يتوصل الجانبان إلى حل مرضٍ لكليهما.