تخوف أمريكي من علاقة «القاعدة» وإيران على مصالح واشنطن
الأحد 05/يناير/2020 - 11:00 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
لطالما اتُهمت إيران بتوطيد علاقات تعاون وتبادل مصالح مع تنظيم «القاعدة» وهو ما أعيد إثارته مجددًا على خلفية نشر نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس سلسلة من التغريدات على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي تويتر حول مسؤولية القائد الإيراني المقتول قاسم سليماني ودولته عن سفر وحماية 10 عناصر من أصل 12 ممن نفذوا هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
ففي 3 يناير 2020، كتب بنس على صفحته مجموعة تغريدات لإعطاء أسباب إستراتيجية رسمية من وجهة نظر الحكومة الأمريكية لما قامت به من استهداف لقائد فيلق القدس، قاسم سليماني ونائب قائد ميليشيا الحشد الشعبي العراقية الموالية لإيران، أبومهدي المهندس في فجر 2 يناير بالعاصمة العراقية بغداد.
نقاش جدلي
على إثر هذه التغريدات احتدم الجدال بين السياسيين والإعلاميين في الولايات المتحدة حول جدية هذه التصريحات، فضلًا عن الجدال المحتدم بالأساس حول موضوعية الضربة العسكرية وتوقيتها وما قد تؤدي إليه من تداعيات خطيرة على منطقة الشرق الأوسط وما فيها من مصالح أمريكية إلى جانب تهديدات خارجية مخيفة للداخل.
وفيما يخص مسؤولية إيران عن تقديم الحماية السرية لعناصر القاعدة التي نظمت هجوم 11 سبتمبر ذكر تقرير لصحيفة «الاندبنت» أن المعلومة التي قدمها بنس ليست صحيحة العدد فمنفذو الهجوم الإرهابي في الولايات المتحدة بالحادي عشر من سبتمبر كانوا 19 وليسوا 12، غير أن محطة «فوكس نيوز» قد أشارت في تعليق لها إلى أن لجنة التحقيق في أحداث 11 سبتمبر وجدت أن هناك 8 عناصر من الضالعين في عملية اختطاف الطائرة الشهيرة التي اصطدمت ببرج التجارة العالمي قد سافروا إلى إيران، ولكن دون التأكد بشكل واضح من علم طهران المسبق بالعملية من عدمه.
ما اضطر السكرتيرة الصحفية لبنس، كاتي والدمان للرد على هذه الحالة الصاخبة التي أحدثتها التغريدة قائلة: إن 12 عنصرًا قاعديًّا ممن سافروا إلى أفغانستان ومن ثم لتنفيذ عملية خطف الطائرات قد تلقوا مساعدة مباشرة من سليماني، وذلك لتوثيق ادعاءات واشنطن بشأن مسؤولية طهران عن العملية بشكل رسمي، إلى جانب التأكيد على أن قتله جاء لحماية الأمريكيين من عمليات إرهابية وشيكة كان يجهز لها الزعيم الإيراني.
تخوفات مستقبلية واستقطاب داخلي
على جانب آخر، زعمت الجبهات السياسية المحتدمة في الولايات المتحدة أن إلصاق مبررات قتل سليماني بأحداث الحادي عشر من سبتمبر تعود إلى رغبة سياسية في منح الضربة قوة قانونية نافذة تمكن ترامب من تصفية أعدائه دون العودة لمسؤولي الداخل، إذ قالت كريستين بيلوسي السياسية الديمقراطية وابنة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إن بنس يحاول بهذه التصريحات أن يحصل على امتيازات القانون المصدر بعد 11 سبتمبر والذي يمنح للرئيس صلاحيات واسعة لاستهداف المتورطين في الهجمات أو من قدموا أي مساعدات لتمكينها.
وذلك فيما يتعلق بإيجاد تكييف قانوني لاستهداف رجل الميليشيات في الشرق الأوسط قاسم سليماني، أما لصراع جديد في الشرق الأوسط تكون العراق موقعه الجغرافي فهذا ما يتخوف منه بعض النواب الديمقراطيين وهو ما يخالف وعود ترامب الانتخابية الرامية إلى استعادة المحاربين الأمريكيين من البقاع المشتتة وعدم خوض حروب جديدة.
وبالتوازي بين الاستقطاب المتنامي بالأوساط السياسية لاقتراب الحملات الانتخابية الرئاسية والعلاقات غير الواضحة الهوية بين بعض نواب الكونجرس والتنظيم الدولي للإخوان فرع الولايات المتحدة الأمريكية، دشنت النائبة الديمقراطية عن ولاية مينسوتا إلهان عمر حملة للتصويت داخل البرلمان ضد قرار ترامب باستهداف سليماني، معللة بأن الإرهاب هو التهمة التي تلصقها واشنطن لمعارضيها دون التحقق.
فرص استخدام القاعدة في الرد
استنادًا على طبيعة الإدارة السياسية لإيران وعدم دخولها في حرب مباشرة مع أي طرف بالرغم من الصراعات المكثفة الإقليمية التي تخوضها، يتخوف البعض من استخدام طهران لإحدى ميليشياتها لضرب مصالح واشنطن في المنطقة عبر مساعديها في العراق أو لبنان أو حتى خارج الشرق الأوسط عن طريق أحد وكلائها.
ولكن هل تشهد الفترة المقبلة تناميًا لدور القاعدة الهجومي ضد مصالح الولايات المتحدة؟ –والتي تعتبرها بالأساس العدو الأول- في ظل تأكيدات واشنطن بأنها ذراع لإيران، وبالأخص مع تزايد الهجمات التي تقوم بها الأفرع الأفريقية للقاعدة ضد المصالح الأمريكية بالفعل، ففي 5 يناير 2020 استهدفت حركة الشباب قاعدة عسكرية يستخدمها جنود الولايات المتحدة في كينيا ما أسفر عن سقوط ضحايا، كما أن الاستخدام السابق وفقًا للرواية الأمريكية ربما يؤهل لتوظيف مستقبلي.
وفي هذا الصدد، تدفع صحيفة واشنطن بوست الأمريكية بأن القيادات الرفيعة للقاعدة مثل سيف العدل وعبدالله أحمد عبدالله يوفر لهم المسكن الآمن في إيران لإدارة عمليات التنظيم، وفي المقابل تكشف الورقة البحثية التي أصدرها مركز نيو أمريكا في 9 سبتمبر 2018 أن التعاون بين القاعدة وإيران خلال حكم بن لادن لم يكن تعاونًا كاملًا وإنما كان براجماتيًّا لأهداف مشتركة ترتبط بتوقيتات محددة.