قمع واضطهاد وترهيب.. هكذا يتعامل «أردوغان» مع الأقليات
الأحد 12/يناير/2020 - 02:08 م
طباعة
شيماء يحيى
بالقمع والترهيب والاضطهاد، تسير سياسة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم «العدالة والتنمية» مع الأقليات، ومع وصول حزبه إلى الحكم عام 2002، ادعى أنه يريد الانفتاح على كل الطوائف، وكان ظاهر دعوته التسامح والتعايش وباطنها ضمان المزيد من الأصوات الانتخابية ليس إلا.
اتفاقية «لوزان»
وجاءت اتفاقية «لوزان» في 24 يوليو 1923، لتهدد الأقليات التي لا تعتنق الدين الإسلامي في تركيا مثل المسيحيين واليهود، ويندرج الأرمن واليونانيون، بصفتهم مسيحيين، في عداد هذه الأقليات، بعد أن أعلن مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية التركية في 29 أكتوبر 1923، والتي رسمت الاتفاقية حدودها.
واحتلت تركيا المرتبة 26 على قائمة منظمة «الأبواب المفتوحة» الأمريكية، واعتبارها أكثر الدول ممارسة للاضطهاد في العالم.
العداء التاريخي للأقليات
أشارت اتفاقية «لوزان» إلى أقليات غير مسلمة، لكنها لم تشر من قريب ولا بعيد إلى الأقليات المذهبية ضمن الدين الإسلامي، التي كانت تعاني من الاضطهاد والقمع من جانب الأكثرية الحاكمة، بقدر ما كانت تعاني منه بعض الأقليات غير المسلمة، وجاءت المجموعة العلوية، الذين تعرضوا للكثير من الانتهاكات، في مقدمة هذه الأقليات المذهبية في المجتمع التركي، التي تشكل أكبر أقلية دينية في تركيا، ويبلغ تعدادهم 20 مليونًا من إجمالي 82 مليون نسمة.
وفي عام 2013 أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، تركيا بانتهاك حقوق الأقلية الدينية العلوية عن طريق استغلالها للأموال العامة المخصصة لدور العبادة الخاصة بالعلويين.
ونجح مصطفى كمال، من خلال اتفاقية «لوزان» في رسم وحدة عرقية للأمة التركية، وانطلاقًا من عدم اعتراف الاتفاقية أو عدم الإشارة لوجود أقليات عرقية، غير تركية، خلاف ما ورد في اتفاقية «سيفر» عام 1920، في فرض مفهوم عرقي يعتمد على أساس العرق التركي، واعتبار كل الأقوام الموجودين على الأراضي التركية أتراكًا، ثقافةً ودمًا ولغةً وتراثًا، ومن هذا المنطلق ما عاد للمجموعات العرقية الكردية والعربية واللازية والشركسية والكرجية واليهود والأرمن وغيرها من المجموعات الأصغر عددًا أي وجود.
ورفع أتاتورك شعار «هنيئًا لمن يقول أنا تركي»، وانطلاقًا من هذا المفهوم النافي للاعتراف بالآخر، حرمت المجموعات العرقية غير التركية من التعبير عن هويتها وشخصيتها وتطلعاتها بلغتها القومية، ومُنعت من المشاركة في الحياة الفعلية من فتح المدارس والجامعات ودور النشر ومحطات إذاعية وتلفزيونية تُبث بلغتها، فالجميع، بموجب الكمالية، أتراك، لغةً وثقافةً وتراثًا.
الأكراد وامتداد القمع والتهميش
شارك المكون الكردي في حرب التحرير التي قادها أتاتورك في تركيا، وإقامة الدولة التركية «الجمهورية» على أنقاض الدولة العثمانية، إلا أنهم حُرموا من فرصة إقامة دولة مستقلة عند تفتت الدولة العثمانية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وذلك في اعتقاد من أتاتورك أن سبب سقوط الخلافة العثمانية هو التنوع العرقي، ما دفع أتاتورك لتبني سياسة إقصائية، وبالتالي يجب على الجمهورية التركية الوليدة مواجهة ذلك الأمر لتجنب المصير ذاته، وبناءً على ذلك، أنكرت تركيا منذ نشأتها تنوعها العرقي، غير مكترثة بالجذور واللغة الأم.
واتبع خلفاء أتاتورك النهج ذاته وبأساليب أكثر تشددًا وإجحافًا؛ ما أدى إلى التنكر لحقوق الأقليات العرقية في تركيا، بمن فيهم الأكراد الذين يشكلون أكبر أقلية بنسبة 20 % من سكان تركيا، فتركيا حتى الآن تفتقر إلى دستور يكرس مبدأ المواطنة، ويراعي التنوع الثقافي والعرقي في البلاد.
استمرارًا لهذا النهج فإن تركيا تشهد من الاستهداف لجميع المكونات التركية من الأقليات، وأصبحت السجون التركية تشهد زخمًا كبيرًا أبرزهم زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان القابع في السجون التركية، وامتدت سياسات الاستهداف إلى حظر تعلم اللغة الكردية في المدارس، عوضًا عن وجود تضييقات على الأعمال الأدبية، والتميز في فرص العمل والقبول بالجامعات، حتى المناصب العليا في المناطق الكردية يشغلها غير الأكراد، بجانب التهميش الذي تشهده معظم المناطق الكردية في غياب عمليات التنمية والتأهيل، إضافةً لكون ذلك سببًا في تزايد معدل البطالة.
ولم يكتفِ أردوغان فحسب، بل طال قمعه للأقليات المسيحية، وقام بحرمانهم من دور العبادة، فأمر بتحويل «آيا صوفيا»، الكاتدرائية البيزنطية والمحمية من قبِل اليونسكو والتي تحولت من قبل إلى مسجد ثم متحف، أن تعود كما كانت دارًا للعبادة الإسلامية.