برعاية مصرية.. فرنسا وإيطاليا تتصديان لأطماع أردوغان في ليبيا
الأربعاء 15/يناير/2020 - 07:26 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
في إطار الدور الروسي لحل الأزمة الليبية، استضافت موسكو في 13 يناير 2020، الأطراف المعنية بالتسوية السلمية، قائد الجيش الوطني، خليفة حفتر، ورئيس حكومة الوفاق، فايز السراج، ورئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح؛ للتباحث حول توقيع اتفاقية؛ لإطلاق النار، بحضور وفود رسمية لموسكو وأنقرة، وبالرغم من مغادرة حفتر دون توقيع لأي اتفاقيات، فإن موسكو تبقى طرفًا فاعلًا؛ لتفكيك الصراع.
فالمغادرة دون توقيع، لم تثن روسيا عن التأكيد عبر خارجيتها بأنها لا تزال تضطلع بمهامها؛ لإيجاد تسوية سلمية للأزمة، مؤكدةً أن حفتر كان إيجابيًّا تجاه الاتفاق، وطلب تأجيل التوقيع لدراسة البنود بشكل جيد، والتي أرجعتها وسائل الإعلام إلى رفض حفتر التدخل التركي بالبلاد.
صراع النفوذ الروسي والأوروبي حيال ليبيا
لكن ما تقوم به موسكو تجاه الأزمة الليبية كخطوة أولية سابقة للخطوات الجدية للاتحاد الأوروبي، عرضت الأخير للانتقادات الداخلية على مستوى الساسة والمحللين، ففي 13 يناير 2020، أعرب رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق «رومانو برودي»، عبر البرنامج الإيطالي « Quarta repubblica »، عن سخطه من مجريات الأحداث الدولية في ليبيا، واصفًا إياها بالعبث، قائلًا: «إن ليبيا القريبة من شواطئنا، والتي سيؤثر استقرارها من عدمه، بصورة أكبر علينا، تتحكم بها تركيا وتريد لها تقرير المصير في أراضي روسية».
وأكد رومانو، أن أوروبا لم تعد تمتلك القوة للتدخل في ليبيا، ولا يمكنها فعل شئ حيالها، مرجعًا ذلك لحالة الانقسام الداخلي بالقارة، مشيرًا إلى أن اتفاق فرنسا وإيطاليا تجاه السياسة المستقبلية لليبيا، سيشكل نقطة بداية لتعامل وتكاتف كل أوروبا خلفهما؛ لمساعدة الجانب الليبي على تجاوز أزمته، بما لا يضر بمصالح المنطقة.
وفي يناير 2020، نشرت بلومبرج عن الباحث السياسي الألماني، أندرياس كلوت قوله: إن الدور الروسي والتركي في ليبيا، يكشف الفشل الأوروبي في فاعلية سياسة الدولة، تجاه الكيانات المهمة المجاورة، كما يعرض القارة لنموذج مستنسخ من الواقع السوري، حيال الاستغلال التركي، للظروف المرتبكة؛ لمد نفوذه وتقسيم البلاد لمناطق سيطرة دولية ومسلحة، فضلًا عن تهديده بملف اللاجئين، وابتزاز الدول ماليًّا وسياسيًّا.
تطورات أوروبية أخيرة
تجدر الإشارة، إلى أن الموقف الأوروبي تجاه الأزمة تطور كثيرًا؛ إذ التقى رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، بالرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، في 14 يناير 2020، بقصر الاتحادية؛ للتناقش حول الدولة، التي تشكل بعدًا أمنيًّا للطرفين، بما فيهم الرابط التاريخي؛ ما يشكل تقدمًا مهمًا، يعيد التوازن إلى القضية.
وعلى خلفية هذا التطور، قال اللواء سمير فرج، مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق، في تصريحات تليفزيونية لقناة صدى البلد: إن الدور السياسي لمصر مع فرنسا وإيطاليا مؤخرًا، أسهم في تغير نظرة روما تجاه القضية، وتوحيد المواقف، لافتًا إلى أن جهود القاهرة عززت المواقف حيال فهم التهديدات التركية للمنطقة، وأهداف تدخلها في القضية الليبية.
ومع ذلك لا يجب إغفال قمة برلين المرتقبة في 19يناير 2020، كخطوة مُقررة للمستقبل، وما ستفرزه للوضع الإقليمي، في ظل الجهود المبذولة لتوحيد الموقف الأوروبي، وبالأخص مع عدم حسم قمة موسكو للأوضاع بشكل نهائي، وهو ما برز في تصريحات وزير خارجية روسيا، سيرجي لافروف، الأربعاء 15 يناير 2020، بشأن قمة موسكو، التي اعتبرها تمهيدًا لقمة برلين.
عوامل تأخر الموقف الأوروبي
من جانبها، ترى أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، نورهان الشيخ، أن مبادرة روسيا لحل الأزمة، ترتكز على علاقاتها الدبلوماسية الجيدة بالجميع، فهي حليفة لمصر وتركيا والاتحاد الأوروبي أيضًا، ولذلك كانت الأوفر حظًّا في حصد التوافق الدولي، تجاه خطواتها، بغض النظر عن النتائج الحالية.
ولفتت الشيخ في تصريحها له، إلى أن تراجع الدور الأوروبي في البداية، وترك الساحة الليبية دون حسم، يعود إلى انقسام الدول تجاه سياسة ليبيا، وبالأخص إيطاليا وفرنسا وصراعتهما المتبادلة حول عدة أمور، ومنها الملف الليبي وعدم وجود رؤية موحدة؛ ما أسهم في تغول تركيا في الأوضاع الداخلية للبلاد، وخصوصًا في ظل المصالح التي تربط أنقرة بطرابلس من مشروعات اقتصادية وإعمارية ونفطية.
علاوةً على ذلك، فإن توحيد الصف الأوروبي تجاه ليبيا يقوض من استغلال أنقرة للأوضاع المضطربة؛ لتنفيذ مخططتها في تقسيم ليبيا لمناطق نفوذ، والسيطرة على غاز المتوسط، و نشر الميليشيات المسلحة بداخلها؛ لإبقائها في حالة اضطراب مستمر.