مهرجون على مسرح السياسة.. صقور وحمائم «الإخوان» صراع علني واتفاق سري
الجمعة 17/يناير/2020 - 01:48 م
طباعة
أسماء البتاكوشي
في نوفمبر 2019 استقال زياد العذاري القيادي البارز في حركة النهضة التونسية -ذراع الإخوان في تونس- وهى ثاني استقالة تشهدها «النهضة»، منذ الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة التي عقدت في سبتمبر وأكتوبر 2019؛ سبقتها استقالة القيادي البارز في الحركة ومدير مكتب «راشد الغنوشي» زعيم النهضة، زبير الشهودي.
تعميق الخلاف القديم
كشفت الاستقالاتان عن فصل جديد من فصول الصراع الموجود بين تياري النهضة، أحدهما معتدل المعروف بالحمائم والآخر متشدد معروف بالصقور، وهو ما تتفق عليه أدبيات الجماعة منذ تأسيسها في مصر على يد حسن البنا في نهاية العقد الثاني من القرن العشرين.
ويهيمن تيار الصقور المتشدد على مؤسسات الحركة سواء تعلق ذلك بمجلس الشورى أو بالمكتب السياسي.
الخلافات بين المعتدلين والمتشددين ليست جديدة على النهضة؛ إذ تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، لكنها تعمقت وظهرت على الواجهة إثر فوز الحركة في انتخابات 2011 وخوضها تجربة الحكم.
وقال المحلل التونسي، سالم لبِنة: إن جبهة الصقور في النهضة تحاول التعديل على دستور الحركة؛ لتحذف منه البنود التي تمنع «الغنوشي» من البقاء رئيسًا لهذا الجناح مدى الحياة.
وتابع «لبنة» في منشور له بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، أن جبهة الحمائم ستنشئ جناحًا سياسيًّا جديدًا، وسيكون له اسم مدني، ومهمته هي استقطاب الناخبين الذين خسرتهم النهضة خلال السنوات الـ9 السابقة.
ويعتبر هذا الصراع ليس خاصًا في حركة النهضة وحسب؛ بل هو ممتد في جماعة الإخوان منذ أن أنشأها حسن البنا في 1928.
صقور وحمائم «حمس» الجزائرية
ولم يكن هذا مجرد حدث عابر؛ بل مجرد نبذة عن ظهور الخلاف بين الصقور، والحمائم، وكان هذا واحدًا من الصراعات الأساسية داخل الإخوان منذ نشأتها، وامتد هذا الصراع حتى وصل إلى أفرع الجماعة في دول عدة.
ففي الجزائر مثلًا بدأت الأزمة الداخلية إلى صلب حركة مجتمع السلم المعروفة اختصارًا بـ«حمس» -امتداد جماعة الإخوان هناك- تدخل في منعطف أزمة داخلية بين الحمائم والصقور.
تفاقم الجدل السياسي قبل الاستحقاق الرئاسي في يناير 2019؛ حيث دخلت «حمس» أزمة غير معلنة، تجلت في اتهامات متبادلة بين القيادتين الحالية والسابقة، حول وجود حراك انشقاقي، اعترف به عبدالرزاق مقري -يقود جناح الصقور الذي يميل إلى نهج المعارضة والبحث عن توافق وطني وليس المشاركة-، في تصريحات علنية للصحفيين وتوعد بالتعامل معه بجدية، وألمح بخصوصه إلى غريمه الرئيس السابق أبوجرة سلطاني -يقود جناح الحمائم المؤيد لمبدأ المشاركة والانخراط في تشكيل الحكومة والرئاسات الجزائرية-.
ونظم أبوجرة سلطاني، المنتدى العالمي للوسطية في محافظات الجزائر، وبالفعل استقطب شخصيات وناشطين مستقلين؛ ما أنتج مخاوف لمقري، من إمكانية تشكيل تيار إخواني موازٍ، والتحضير للانقلاب على القيادة.
وامتدت الخلافات الداخلية في صفوف «حمس»، إلى الذراع الطلابية المتمثلة في الاتحاد العام الطلابي؛ إذ رفض الاتحاد الانخراط في أجندة سياسية أو حزبية معينة؛ ما شكل مفاجأة لـ«مقري»، الذي كان يعتبر التنظيم الطلابي ضمن أذرعه القاعدية.
جبهتان لـ«العدالة والتنمية»
ولا يزال حزب العدالة والتنمية «فرع جماعة الإخوان في المغرب»، منقسمًا إلى جبهتين حول رئيس الحزب الحالي، أولى الجبهتين- وهي جبهة صقور الجماعة- تتخذ صف سعد الدين العثماني باعتباره رئيسًا للحكومة، فيما تتخذ الجبهة الثانية، وهي -جبهة الشباب- صف رئيس الوزراء السابق عبدالإله بنكيران.
وهاجم «العثماني» بعض قيادات حزبه؛ بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، تسيء -حسب قوله- للحزب، في إشارة لرئيس الحكومة السابق عبدالإله بنكيران، معبرًا عن استيائه من ما سماها نتوءات وتصريحات «نشاز عن السياق العام».
وفي يوليو 2019، استقبل عدد من شباب العدالة والتنمية، «بنكيران» في مدينة القنيطرة، رافعين شعار «الشعب يريد بنكيران من جديد».
وتفجر الوضع مع القانون الخاص بفرنسة التعليم؛ إذ دعا «بنكيران» إلى عدم التصويت عليه، بينما كان الموقف النهائي لجناح «العثماني»، هو التصويت لصالح القانون مع التحفظ على المادتين 2 و31 المثيرتين للجدل.
وفي تصريح سابق له قال عبداللطيف وهبي، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي: إن الحزب سيهتز بالاستقالات، لكنه سيظل موحدًا وراء براجماتية العثماني»، مشددًا على أن «بنكيران» عليه أن يستوعب المدى الذي وصله، فرئاسة الحكومة بعد دستور 2011 ليست سهلة.
إخوان الأردن بين معتدل ومتشدد
وامتد الخلاف إلى الأردن أيضًا؛ إذ يوجد بصورة كبيرة، وفي وقت سابق تطرق تقرير لمعهد كارينجي للسلام ودراسات الشرق الأوسط، للخلاف بين الإخوان في الأردن، مشيرًا إلى أنه بدأ منذ حل مجلس شورى الجماعة في العام 2008.
ويشير التقرير إلى أن تيارًا يمثل «الحمائم» في الجماعة يدعو إلى الانفتاح السياسي وإعطاء الأولوية للعمل العام على الساحة المحلية لإرساء توازن في مقابل تركيز الجماعة التقليدي على القضية الفلسطينية، فيما يرفض الصقور فكرة الانفتاح، ويفضّلون التركيز على «التجنيد والتربية».
ومن أبرز المنتمين إلى تيار الصقور في هذا الإطار: همام سعيد المراقب العام لإخوان الأردن بعد سالم الفلاحات، وزكي بني ارشيد الأمين العام السابق لحزب جبهة العمل الإسلامي، ومحمد أبو فارس القيادي الراحل، والمهندس مراد عضايلة الأمين العام السابق لحزب جبهة العمل الإسلامي.
وفيما يتعلق بتيار الحمائم، فإن أبرز المنتمين له رحيل غرايبة، والمراقب العام السابق لإخوان الأردن سالم الفلاحات، والقيادي الراحل إسحق الفرحان، وعبداللطيف عربيات رئيس مجلس النواب الأردني بين عامي 1990 و1993.
وتعتبر ثنائية الصقور والحمائم ما هي إلا أجنحة توزع الأدوار فيما بينها، كل جناح يقوم بمهمته وفق الجزء المحدد لها، بحسب ما قاله إبراهيم ربيع القيادي الإخواني المنشق.
وتابع «ربيع» له أن حالة الصراع ما هي إلا تمييعًا للمواجهة مع النظام، ومحاولة لتخفيف الضغط الذي تتعرض له الجماعة في أفرعها بالدول العربية، ومحاولة كسب ثقة الشارع مرة أخرى.