مؤتمر برلين.. توصيات حازمة تقصي تركيا وتحطم أحلام أردوغان
الإثنين 20/يناير/2020 - 11:41 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
حاول رؤساء الدول المعنية في «مؤتمر برلين»، تفكيك أطر الأزمة الليبية، عبر قرارات، اعتبروها بداية لحل إشكالية معقدة، وارتكزت أغلب هذه القرارات حول حظر الأسلحة المتدفقة إلى البلاد، ووقف إرسال المعدات العسكرية والمرتزقة للقتال بداخلها، إلى جانب تفكيك الميليشيات ونزع أسلحتها، وضرورة التوصل إلى صيغة متوافقة؛ لوقف إطلاق النار مع تمديد القرار الأخير بشأنه، وتقويض تدخلات جميع الأطراف الدولية في الشأن الليبي، خاصةً تركيا.
وعلى الرغم من هذه التطلعات، التي أفضى إليها مؤتمر برلين في 19 يناير 2020، فإن الدول المجتمعة، ومنهم المضيفة ألمانيا، أعربت عن توقعاتها بصعوبة المشكلة وحلها؛ إذ قالت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل: إن القمة الأخيرة، لا يمكنها حل جميع مشكلات ليبيا، ولكن الحل يحتاج إلى مزيد من التشاورات واللقاءات؛ لإنهاء الوضع الإنساني الصعب بالبلاد.
الإلزام والمتابعة
وفي إطار المحاولات الدولية لإصباغ القرارات الأخيرة، بسمات الإلزام والمتابعة، أشارت أنجيلا ميركل إلى أن جميع المجتمعين بالقمة، وهم «مصر وروسيا وفرنسا وإيطاليا وتركيا والإمارات»، والمنظمات الدولية كـ«الأمم المتحدة»، اتفقوا على ضرورة احترام مخرجات حظر السلاح، والعمل على تطبيق القرار رقم 1970، الصادر من مجلس الأمن الدولي، في مارس 2011، بشأن حظر توريد الأسلحة، أو المعدات العسكرية لليبيا.
مشيرةً، إلى أهمية مراقبة عملية حظر تدفق الأسلحة، بشكل صارم، مؤكدةً، أن المجتمعين بـ«برلين»، لم يحددوا عقوبات للمنتهكين، ولكن في حال وقوعه، سيتم إعلان الأسماء والتعامل معها، لافتةً إلى أن الأسبوع القادم، سيشهد انعقاد لجنة عسكرية مشتركة، بين طرفي الصراع الرئيسيين بالبلاد، وهما قائد الجيش الوطني «حفتر»، ورئيس حكومة الوفاق «فايز السراج».
ومن جانبه، صرح وزير خارجية ألمانيا، «هايكو ماس»، بوجود اتفاق؛ لتحديد لجنة لمتابعة القرارات المتفق عليها من القادة المجتمعين في برلين.
تحديات الالتزام الليبي
يبدو من الأحاديث الألمانية، حول المتابعة والمراقبة، وجود تخوفات بشأن الالتزام بقرار حظر الأسلحة، خاصةً مع وجوده السابق، في قرار إلزامي، من مجلس الأمن في 2011، ومع ذلك تمت مخالفته دون عقوبات واضحة على من انتهكوه، وأبرزهم «أنقرة»، المتهمة بإرسال مرتزقة من سوريا؛ للقتال مرة أخرى في ليبيا، وهو ما حذر منه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قائلًا: يجب وقف تدفق المسلحين من سوريا إلى ليبيا.
علاوةً على ذلك، فهناك متغير آخر، يحدد جدية تنفيذ شروط برلين في المستقبل، وهو اصطدام الطموحات التركية في ليبيا بمخرجات حظر السلاح والتدخل العسكري بالبلاد، فمع اعتبار أنقرة هي المصدر الأساسي لزعزعة الاستقرار بالدولة وبالمنطقة بأكملها، فإن تقييد طموحتها بشكل صارم، ربما سيفرج كثيرًا عن الأزمة الليبية، وسيمنع دعمها للميليشيات، أو ربما سيعرضها لعقوبات قاسية وحقيقية، في حالة عدم الانصياع، أو انفلات القدرة في السيطرة على الميليشيات.
وانتقالًا من الأطراف الخارجية، وجدية تمسكها بحق الشعب الليبي وحده، في تقرير مصيره، إلى المتنازعين داخليًّا، وهما «حفتر والسراج»، ومدى تقبل الأخير لمنع الاعتماد على المرتزقة المسلحين؛ لحسم تواجده بالبلاد، إلى جانب تنظيم التعامل بشأن آبار النفط، وعدم استغلال إيرادتها لدعم الإرهاب.
مشهد ليبي معقد
من جهتها، ترى أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، نورهان الشيخ، أن مخرجات مؤتمر برلين، ستعرض على مجلس الأمن الدولي، المتوقع أن يصيغ قرارًا قانونيًّا ملزمًا لجميع الأطراف المعنية، وهنا يكمن اختلاف المؤتمر عما سبقه من اجتماعات ولقاءات.
وتؤكد نورهان في تصريحها، على أن المشهد الليبي شديد التعقيد، ولا يمكن التنبؤ بسهولة بمجريات الأحداث على الأرض، مرجعةً السبب الرئيسي في ذلك إلى الميليشيات، والتي يصعب التحكم فيها، ولا تنصاع بالأساس لأوامر الهيئات الأممية، وبناءً عليه، فاستقرار ليبيا بشكل رئيسي، يتحكم به الميليشيات.
لافتةً إلى النموذج السوري، الذي اتخذ بشأنه الكثير من القرارات والالتزامات، ولكنها لم تكن تتحقق بشكل واضح على أرض الواقع؛ بسبب الميليشيات المسلحة المسيطرة، ومن الوارد تكرار هذا السيناريو في ليبيا، من وجهة نظرها.
ومن ثم، إذا خرقت الميليشيات قرارات وقف إطلاق النار أو غيره، سيكون ذلك –وفقًا لنورهان- بمثابة ضوء أخضر لقائد الجيش الوطني الليبي؛ لتصفية جميع التنظيمات الإرهابية، وفرض السيطرة الأمنية والشرعية، بشكل أوسع على ليبيا.