بريطانيا.. تحدي الإرهاب وحفظ الأمن القومي بقوانين جديدة

الثلاثاء 21/يناير/2020 - 07:24 م
طباعة بريطانيا.. تحدي الإرهاب نهلة عبدالمنعم
 
تسعى الدول الأوروبية لإيجاد صيغة مناسبة تمكنها من مكافحة الإرهاب بصرامة دون تجاوزات دستورية أو إنسانية، وفي هذا الإطار أكدت وزيرة الداخلية البريطانية، «برتي باتل» اتجاه حكومتها لإصدار قانون شديد الإحكام للسيطرة على أي تهديدات إرهابية للبلاد.
وشددت «باتل» على حرص وزارة الداخلية على تقديم البنود الجديدة إلى البرلمان البريطانى، متطلعة إلى موافقته السريعة على إقرار القانون الذي سيضمن –وفقًا لها- وسائل حماية قوية للمجتمع البريطاني من مخاطر الإرهابيين المتمتعين بسيولة مواد القانون القديم، معلنة أنه يعد أكبر إصلاح قانوني لمواد الإرهاب منذ عقدين.

تحذيرات ومواد صارمة
حذرت وزيرة الداخلية البريطانية المتطرفين أيضًا، قائلة: «من يسعى لمهاجمة الشعب الإنجليزي أو إحداث أي ضرر لمقدراته سيلقى عقوبة شديدة، فالقانون المنتظر إقراره لا يحمل جملًا فضفاضة أو بنودًا يمكن الالتفاف عليها وإنما مواد محكمة بعقوبات مغلظة».
وتبرز أهم بنود القانون المقترح في عدم منح الإرهابيين الحاصلين على أحكام طويلة ومصنفين بعناصر خطيرة إطلاق مبكر من السجون، إلى جانب سجن المتورطين في التخطيط لهجمات إرهابية لمدة 14 عامًا كحد أدني عكس ما هو مفعل حتى الآن بالحبس 3 سنوات فقط، ومن المقرر استخدام أجهزة كشف الكذب مع المدانين فى قضايا إرهاب للتأكد من تخلصهم من نزعة العنف قبل الإفراج عنهم.

إشكاليات أمنية واجهت بريطانيا
قد ينظر البعض إلى التعديلات الأخيرة كإجراء نمطي داخلي لصراعات حزبية تصبغ نفسها بمعايير الأفضل لضمان أي انتخابات مقبلة، ولكن الوضع البريطاني مختلف إذ واجهت المملكة على مدار الأعوام السابقة العديد من الإشكاليات الخاصة بالقانون الفضفاض لمكافحة الإرهاب وبنوده حول الإفراج عن المتطرفين والعقوبات الهذيلة لمرتكبي الهجمات.

نموذج البيتلز
ومن أبرز هذه الإشكاليات كانت أزمة ما عرفت بـ«خلية البيتلز»، وهي مجموعة من البريطانيين الدواعش هاجروا إلى سوريا في ظل سطوة تنظيم «داعش» وكان يقودهم محمد إموازي الشهير بالجهادي جون، وكانت الخلية مسؤولة عن ذبح الأجانب الأسرى لدى التنظيم.
ومن ضحايا «البيتلز» كان الصحفي الأمريكي جيمس فولي والياباني كينجي جوتو، ففي يوليو 2018 عثرت الصحافة البريطانية على وثائق سرية تفيد بموافقة وزير الداخلية آنذاك «ساجد جافيد» على تسليم «اليكساندا كوتي» و«شافعي الشيخ» عنصري «داعش» المقبوض عليهما إلى الولايات المتحدة الأمريكية لسجنهما فى معتقل «جوانتاناموا» وإعدامهما مع ضمانات بعدم مطالبة المملكة المتحدة فيما بعد بأي حقوق تجاه هذا الأمر.
وبررت وزارة الداخلية البريطانية موقفها حينئذ بإشكاليات الأمن القومي لأن القانون البريطاني لا يمنح للمملكة حق إعدام المتورطين في قضايا القتل، ومع ذلك فالحكومة تعتبر عنصري «داعش» من العناصر الخطيرة وقدومهما لبريطانيا يعني محاكمتهما بقوانين هزيلة قد تؤدي فيما بعد لخروجهما من السجن وتجديد أعمالهما الإرهابية، خصوصًا مع استمرار تعبيرهما عن التعاطف مع الجهادي جون.

نموذج تشودري
ومن النماذج الأخرى التي أحدثت ضجة في المجتمع البريطاني كان «أنجم تشودري» المعروف بـ«خطيب الكراهية»، ففي سبتمبر 2018 واجهت الحكومة معضلة قانونية في التعامل معه، فهو لا يزال من وجهة نظر الحكومة يعتنق الأفكار الإرهابية، لكن قانون الإفراج عن المسجونين يتيح له إمكانية التحرر من السجن في منتصف المدة وهو ما لم تستطع الحكومة مخالفته، إذ اضطرت للإفراج عنه وفقًا لمواد القانون والدستور رغم علمها بخطورته.
ولتجاوز الأزمة قررت الحكومة تطبيق برنامج نفسي واجتماعي يعرف اختصارًا بـ«DB» لمحاولة معالجة «أنجم تشودري» من أفكار التطرف وفرضت عليه حظر تجوال ليلي.
وطبقًا لوزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتل فإن المعلومات الأمنية الواردة تؤكد أن أغلب مرتكبي الحوادث الإرهابية بالبلاد مؤخرًا، هم ممن أفرج عنهم من السجون بموجب قوانين ضعيفة لا تضمن حماية المجتمع البريطاني من مخاطر الإرهاب المتزايدة بأشكالها كافة.

شارك