مؤتمر نواكشوط.. البحث عن حلول لمواجهة التطرف في أفريقيا
السبت 25/يناير/2020 - 02:06 م
طباعة
محمد يسري
وسط تزايد أعمال العنف في منطقة الساحل الأفريقي، وتوقعات بهجمات أشد خلال الفترة المقبلة من قبل الجماعات الإرهابية، ظهرت الكثير من الدعوات التي تحذر من المخاطر المتوقعة لهذه الجماعات، وتدعو للبحث عن طرق جديدة لمواجهتها، ومنها تحذير وزارة الدفاع الألمانية في تقرير لها نهاية 2019، من تنامي نفوذ جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي تم تشكيلها عن طريق اندماج 4 جماعات أخرى في مارس 2017، بجانب أذرع تنظيم داعش في الصحراء الكبرى.
دفع ذلك كله إلى البحث عن حلول محلية بديلة لسبل مواجهة العنف والتطرف إلى جانب المواجهات الأمنية والأممية، تستلهم التجارب المحلية كالتجربة الموريتانية في المناصحة التي اعتمدت على المواجهة الفكرية للمتطرفين.
وقد شهدت العاصمة الموريتانية نواكشوط مؤتمرًا لعلماء أفريقيا في 21 يناير الجاري، واستمر لمدة 3 أيام، بحضور أكثر من 500 عالم إسلامي من جميع أنحاء القارة الأفريقية، وبشراكة بين الحكومة الموريتانية ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، في أبوظبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة.
رصد الدوافع
ركز المؤتمر على رصد الدوافع الفكرية التي ينطلق منها التطرف، كمنطلق رئيسي نحو القضاء على العنف والإرهاب في القارة الأفريقية.
وأكد المؤتمر أن الخطاب الأيديولوجي الذي تستمد منه جماعات العنف شرعيتها يعتمد على ما توظفه من مناهج خاطئة في الاستدلال، ومفاهيم مغلوطة في مجالي الدين والسياسة، وتنزيل خاطئ للنصوص الشرعية على غير محلها، وعدم مراعاة العلاقة بين خطاب الوضع وخطاب التكليف.
التركيز على الجانب التنموي والاجتماعي
ودعا المؤتمر في هذا الإطار إلى «إعداد خطة متكاملة فاعلة ومندمجة ومستوعبة للتراث الإنساني الأفريقي للتصدي للتطرف والاحتراب والجريمة العابرة للحدود».
كما نادى باستلهام التقاليد والممارسات الاجتماعية التي يزخر بها التراث الثقافي والفني الأفريقي في مجال تعزيز قيم السلم والتسامح والتعايش، وفض النزاعات بطرق سلمية.
وأكد أن هذه الخطة تعتمد على عدد من الوسائل حددها في بيانه الختامي، مشيرًا إلى أنه تتمثل في «بلورة مشاريع محلية لا مركزية وإقليمية اقتصادية للتنمية الشاملة، ومعالجة الهشاشة والفقر والبطالة، ومختلف عوامل البيئة الحاضنة للتطرف، وإنشاء مجلس للوساطات والمساعي الحميدة في مختلف الدول الأفريقية، يضم النخبة الدينية والفكرية وأعيان المجتمع».
ومن بين الوسائل أيضًا دعوة المنظمات الإقليمية إلى ضرورة العناية الخاصة بالجانب الفكري والديني في استراتيجياتها المعتمدة؛ خاصة الاتحاد الأفريقي، وتجمع دول الساحل الخمس، ودعوة المنظمات الحكومية وغير الحكومية إلى الشراكة والتّنسيق مع العلماء والقيادات الدينية؛ للوقوف أمام مخاطر التطرف وتحدياته.
ونص البيان الختامي على إنشاء قوافل أفريقية للسلام وتقريب وتجسير العلاقات بين أتباع الأديان في أفريقيا، وتطوير آليات تصون التنوع الحضاري والديني والثقافي باعتباره ثراء وانسجامًا وليس ذريعة للصدام، وتبرئة كل الديانات من وصمة الإرهاب وفي طليعتها الدين الإسلامي.
ودعا لإنشاء قوافل أفريقية للسلام، وتقريب وتجسير العلاقات بين أتباع الأديان في أفريقيا، وتجديد المناهج التعليمية وتبسيطها على مستوى النظم والمؤسسات التاريخية المحلية، لكي تواكب القضايا الفكرية والفلسفية والاجتماعية المستجدة بمراعاة «كلّي الزمان»، إذ لكل زمان حكمه ورسمه.
وأكد البيان ضرورة إصدار قوانين تجرم ازدراء الأديان والمقدسات، وتجريم الأفعال والأقوال التي تؤدي إلى الفتن والاحتراب.
وتضمن توجيه نداء للشباب الأفريقي الذي انخرط أو في سبيله للانخراط في جماعات الفتنة أن يتوقفوا، وأن يراجعوا أنفسهم ويعدلوا عن هذا السبيل، ويعتمدوا الوسائل الشرعية لصيانة الأوطان والأديان.
وشدد على تكوين وإعداد بعض العلماء المؤهلين لمناصحة ومحاورة المغرّر بهم، بشكل دائم، وانتقاء نخبة من الشباب المتخصصين الخبراء لمحاصرة ومحاورة الفكر المتطرف في العالم الافتراضي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مختلف الوسائط الإلكترونية.