في ذكرى مقتل مؤسس «الإخوان».. أحفاد «البنا» يستهدفون أوروبا

الأربعاء 12/فبراير/2020 - 08:15 م
طباعة في ذكرى مقتل مؤسس دعاء إمام
 
في الثاني عشر من فبراير 1949، اُغتِيل حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان سنة 1928 والمرشد الأول لها، أمام مقر جمعية الشبان المسلمين في شارع رمسيس«الملكة نازلي سابقًا» بالقاهرة، بسبع رصاصات استقرت في جسده؛ ليترك إرثًا ثقيلًا من فكر العنف، لا يزال يؤرق العالم حتى الآن.
ربما أثبتت العقود الماضية زيف أكذوبة الجماعة الدعوية التي لا تسعى للسلطة؛ إذ شهد تاريخها مدى البرجماتية الشديدة، في التحالفات مع أي جهة تساعدها في الوصول إلى السلطة، الأمر الذي حدث في مصر عقب ثورة 25 يناير 2011، وتكرره الجماعة حاليًا في الغرب؛ عن طريق المساجد والمراكز الدعوية والجمعيات الخيرية.

في الغرب، تقدم الإخوان نفسها باعتبارها الصوت المعبر والحقيقي الذي من الممكن أن ينقل الإسلام إلى جوهر كل منحى من مناحي الحياة؛ فيما لا تزال النزعات المتشددة داخل جماعة موجودة دون أي تغيير يذكر، فبدلًا من أن تتبني منهجية مد جسور التواصل مع الآخر التي يتبناها «التيار الإصلاحي»، استمرت في إعطاء الأولوية للجانب التنظيمي المتمثل في توطيد السلطة.

وبحسب تقرير سابق لصحيفة «ذا ناشيونال» الإماراتية، اعتبر نواب برلمانيون في بريطانيا الإخوان  جماعة إرهابية، مطالبين بتصنيفها على قوائم الإرهاب من قبل المملكة المتحدة، إذ قال إيان بيزلي، من الحزب الاتحادي الديمقراطي في أيرلندا الشمالية، للبرلمان إن «الإخوان» يشجعون الكراهية والهجمات على المسيحيين.

ولفتت الصحيفة إلى أن الجماعة منذ تأسيسها في عام 1928، لم تتوقف عن الاستيلاء على السلطة وتأسيس ثيوقراطية إسلامية متعصبة في بلدها الأم مصر، إذ تستهدف الجماعة بانتظام الكنائس القبطية والسياح والجيش، فضلًا عن أن الجماعة مسؤولة عن العديد من الهجمات الدموية، ومحاولات الانقلابات.

في كتاب بعنوان «الإخوان المسلمين.. من المعارضة إلى السلطة»، عرضت الباحثة أليسون بارجتر الفرق بين ما يخرج عن «الإخوان» من تأكيدات نبيلة وبين ما يقومون به من تصرفات عدائية؛ ففي معرض حديثها عن التاريخ المبكر لـ«الإخوان» في مصر، قالت إن الجماعة ترسخ قاعدتها من خلال نهج أكثر تشددًا في التعامل مع الآخر.

وأرجعت هذا النهج إلى العقود الأولى من نشأة «الإخوان»، فوفقًا لما ذكرته بارجتر، فإن المرشد العام الأول _مؤسس الجماعة_ سعى للتوازن بين الانخراط مع المؤسسة الحاكمة وإرضاء تابعيه.  

وفي هذا السياق، فإن التنازلات العديدة التي قدمها «البنا» للسلطات مثل دعمه المعاهدة البريطانية المصرية عام 1936 التي أعطت شرعية للوجود البريطاني في مصر قد أدت إلى استياء كبير بين عدد من عناصر «الإخوان»؛ ولترويضهم سمح «البنا» بإنشاء تنظيم داخلي شبه عسكري عرف باسم «التنظيم السري» الذي عبر عن التزام المنظمة بالجهاد وشارك في العديد من أعمال العنف السياسي.

وتشير بارجتر، إلى أن هذا القرار يطعن في وجهة النظر الشائعة بأن «البنا» يعتبر «منارة الاعتدال» ذلك لـرغبته المستمرة في ضم المزيد من العناصر المقاتلة في داخل حركته، مشيرة إلى أن فكرة تفوق متطرفي الجماعة على مفكريها الإصلاحيين يكرر نفسه بصورة دائمة وإن كان في صور مختلفة.

وتستند الباحثة إلى وقائع حدثت في خمسينيات القرن العشرين، حين نجح أعضاء من «التنظيم السري» في إحباط محاولة «المرشد العام» الثاني حسن الهضيبي بحل الجهاز شبه العسكري، وفي النهاية أسفر موقف «الإخوان» المواجه لنظام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والذي كان يعارض ما جُبل عليه «الهضيبي» من نزعات أكثر تصالحية، عن اتخاذ إجراءات صارمة بشكل واسع طالت العديد من قادة التنظيم سواء كان ذلك بالحبس أو النفي.

وبحسب تأريخ «بارجتر» لبرجماتية «الإخوان»، شهدت حقبة الثمانينيات من القرن الماضي، موافقة «المرشد العام» عمر التلمساني على طلب الإصلاحيين للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، وخرجت عن المألوف وذلك من خلال تحالفها وتنسيقها مع أحزاب غير إسلامية خلال المعترك الانتخابي عامي 1984 و1987.

ومع هذا، فكلما أجبرت الظروف «الإخوان» على توضيح مواقف معينة، فإنهم عادة ما تبنوا مواقف متشددة تمامًا، وتعتقد أن الشريعة ينبغي أن تسبق الحريات الفردية وتروج لعدم التسامح مع غير المسلمين بالإضافة إلى الشيعة.

وبعبارة أخرى، فإن المحتوى الأيديولوجي لـ جماعة «الإخوان» بقدر ما هو معروف الآن عبارة عن سلسلة من الأفعال التلقائية المحرضة للجماهير، لا ترقى إلى كونها إطارًا فكريًّا يتناول هدفها المعلن المتمثل في «تطبيق الشريعة»، ناهيك عن بيان تفاصيله.

سياسة أقل الشرين
بدوره، قال الكاتب الفرنسي مايكل برزان، صاحب كتاب «الإخوان آخر الأنظمة الشمولية في العالم»، إن الغرب يتعامل بسياسة أقل الشرين، وهو في نظر الغرب جماعة الإخوان، مشددًا على أن هناك صفقة ما عمادها نصيحة الإخوان أنهم لو تنكروا للإرهاب ونأوا بأنفسهم عنه فلن يزعجهم الغرب كثيرًا.

ولفت «برزان» في حوار صحفي، إلى أن هناك هزة داخل الحكومات الغربية في فترة ما بعد الثورات العربية واندلاع الحرب السورية حول "ماهية" جماعة الإخوان وعرف وقتها أن الجماعة ما هي إلا مصفوفة أيديولوجية للإرهاب في العالم، ولذلك فقد تم وضعها تحت المراقبة في مختلف بلدان العالم وهو الشيء نفسه الذي يطبق الآن في الولايات المتحدة.

وتساءل عما إذا كانت مثل هذه التحذيرات البرلمانية ستغير المشهد جذريًّا في بريطانيا؟ وهل ستنهار هذ الشبكات الخيرية التابعة للجماعة نتيجة هذه القرارات، وأشار إلى مواقف جديدة في فرنسا، إذ توقف المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية عن دعوة دعاة الفتنة مثل «يوسف القرضاوي» للمؤتمر السنوي لمسلمي فرنسا، بعد أن كانت باريس تسمح لهم بالدخول كل عام دون أي اعتراض، وكان معظمهم يأتون من مصر وقطر وكانوا يحضون على قتل الأبرياء والعداء لمن يعيش المسلمون معهم في الغرب.

شارك