أبو محمد المصري... الرجل الثاني في تنظيم "القاعدة"
الأحد 15/نوفمبر/2020 - 12:38 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
الرجل الثاني في تنظيم القاعدة اغتيل سرًا في طهران، هذا ما عنونته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، وبحسب الصحيفة الأمريكية فإن عبدالله أحمد عبدالله، المدرج على لائحة الإرهابيين المطلوبين لدى الشرطة الفيدرالية "FPI" والمتهم بشن هجمات على سفارات أمريكية بكينيا وتنزانيا عام 1998، تم اغتياله سرًا في العاصمة طهران في 7 أغسطس الماضي بعد إطلاق شخصين كانا على دراجتين ناريتين الرصاص عليه.
ولم تتسبب الحادثة في مقتله فحسب، فوقفا للصحيفة الأمريكية قتل خلال العملية ابنته ميريام أرملة أحد أبناء أسامة بن لادن.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن واشنطن كانت تتعقب المصري، وعمره حوالي 58 عاما، ونشطاء آخرين من القاعدة في إيران منذ سنوات.
وقالت الصحيفة أن المصري كان يعد خليفة محتملا لزعيم تنظيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري الذي تواترت أمس أنباء عن وفاته في مقر إقامته بالعاصمة القطرية الدوحة.
ونقلت الصحيفة عن وثائق لمركز مكافحة الإرهاب الأمريكي تعود للعام 2008، أن هذا الرجل المعروف باسمه الحركي "أبو محمد المصري" اعتبر الأكثر خبرة وقدرة على تنظيم عمليات استراتيجية من بين مجموع الإرهابيين غير المعتقلين لدى واشنطن أو أحد حلفائها، ولذا فقد كان الـ"FPI" قد عرض مكافئة قدرها 10 ملايين دولار لقاء أي معلومات تؤدي للقبض على أبو محمد المصري.
أما إيران التي وقعت الحادثة على أراضيها فنفت وقوعها، كما نفت وجود أي عناصر من التنظيم المتطرف لديها، علمًا بان الكثير من التقارير الدولية تؤكد احتضان طهران للكثير من قيادات القاعدة الملاحقين دوليًا.
من هو أبو محمد المصري؟
ولد أبو محمد المصري في حي الربيعة (شمال مصر) عام 1963. وفي شبابه، وفقاً لإفادات خطية وردت في دعاوى قضائية في الولايات المتحدة، كان لاعباً محترفاً في كرة القدم في أكبر الجامعات المصرية. وبعد الغزو السوفياتي لأفغانستان في عام 1979، انضم إلى الحركة "الجهادية" التي احتشدت لمساعدة القوات الأفغانية.
وعقب انسحاب السوفيات بعد عشرة أعوام من ذلك التاريخ، رفضت مصر السماح للمصري بالعودة، فبقي في أفغانستان، حيث انضم في النهاية إلى بن لادن في الجماعة التي أصبحت فيما بعد النواة المؤسسة لتنظيم القاعدة، وأدرجته الجماعة بصفته سابع مؤسس للتنظيم الذي يضم 170 قيادياً.
وفي أوائل التسعينيات، سافر مع بن لادن إلى الخرطوم، حيث بدأ في تشكيل خلايا عسكرية. كما ذهب إلى الصومال لمساعدة الميليشيات الموالية لزعيم الحرب الصومالي محمد فرح عيديد. وهناك قام بتدريب المقاتلين الصوماليين على استخدام قاذفات صواريخ محمولة على الكتف ضدّ المروحيّات، حيث تدربوا على استخدامها في معركة مقديشو عام 1993 لإسقاط مروحيّات أمريكيّة، فيما يعرف الآن بـ"هجوم بلاك هوك داون".
وفي هذا السياق، قال يورام شويتزر، رئيس مشروع مكافحة الإرهاب التابع لمعهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: "عندما بدأت القاعدة في تنفيذ أنشطة إرهابية في أواخر تسعينيات القرن الماضي، كان أبو محمد المصري واحداً من أقرب ثلاثة مساعدين لبن لادن، وكان رئيساً لقسم عمليات التنظيم، فقد جلب معه المعرفة والعزيمة. ومنذ ذلك الوقت، شارك في جانب كبير من عمليات التنظيم، مع التركيز على أفريقيا".
وبعد معركة مقديشو بقليل، عين بن لادن المصري مسؤولاً عن التخطيط للعمليّات ضدّ الأهداف الأمريكيّة في أفريقيا. ولأن التخطيط لعملية درامية طموحة على شاكلة اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر ستحظى باهتمام عالمي كبير، فقد قرر هؤلاء القادة مهاجمة هدفين يحظيان بحماية جيدة نسبياً في بلدان منفصلة في توقيت متزامن.
وبعد الساعة 10:30 صباحاً بقليل، في 7 أغسطس 1998، توجهت شاحنتان معبأتان بالمتفجرات إلى سّفارتي الولايات المتحدة في العاصمتين الكينية نيروبي والتنزانية دار السلام. وتسببت الانفجارات في حرق الأشخاص القريبين، وتفجّرت الجدران خارج المباني، وتحطم زجاج المباني القريبة.
وفي عام 2000، أصبح أبو محمد المصري واحداً من تسعة أعضاء في مجلس قيادة تنظيم القاعدة، وكان يترأس التدريب العسكري لأفراد التنظيم.
وواصل المصري الإشراف على عمليات أفريقيا، حسب مسؤول سابق في الاستخبارات الإسرائيلية، وأمر بالهجوم الذي وقع في مومباسا بكينيا عام 2002، وأسفر عن مقتل 13 كينياً و3 سياح إسرائيليين. وبحلول عام 2003، كان المصري من بين عدّة زعماء للقاعدة فروا إلى إيران التي بدت بعيدة عن متناول الأميركيين، رغم عدائها لتنظيم بن لادن.
ويضيف شويتزر: "اعتقدوا أن الولايات المتحدة ستجد صعوبة بالغة في التحرك ضدّهم هناك. ولأنهم كانوا يعتقدون أيضاً أن فرص النظام الإيراني في عقد صفقة تبادل مع الأمريكيين تتضمن رؤوسهم ضئيلة للغاية".
وكان المصري أحد الأعضاء القلائل من كبار قادة التنظيم الذين نجوا من عمليات البحث الأميركية عن مرتكبي هجمات الحادي عشر من سبتمبر وغيرها. وعندما فر هو وزعماء القاعدة الآخرين، إلى إيران، كانوا في البداية تحت الإقامة الجبرية.
وفي عام 2015، أعلنت إيران عن صفقة مع تنظيم القاعدة، أطلقت بمقتضاها سراح خمسة من قادة التنظيم، بما في ذلك المصري، في مقابل دبلوماسي إيراني كان قد اختطف في اليمن. ثم تلاشى المصري، ولكن طبقاً لأحد مسؤولي الاستخبارات استمر في الحياة في طهران تحت حماية "الحرس الثوري"، ثم وزارة الاستخبارات، والأمن في وقت لاحق. وسمح له بالسفر إلى الخارج، وكان ذلك في الأساس إلى أفغانستان وباكستان وسوريا.
وقال بعض المحللين الأمريكيين إن وفاة المصري من شأنها أن تقطع الروابط بين واحد من آخر زعماء القاعدة الأصليين والجيل الحالي من المقاتلين الذين ظهروا بعد وفاة بن لادن في عام 2011.
ويقول نيكولاس ج. راسموسين، المدير السابق للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب: "إذا كان ذلك صحيحاً، فإن هذا من شأنه أن يقطع الروابط بين القاعدة بمدرستها القديمة والجهاد الحديث"، وهو ما يساهم بشكل أكبر في تفتيت القاعدة، والقضاء على اللامركزية فيها.