نظرة تحليلية لمكافحة التطرف العنيف في بلجيكا

الأحد 11/سبتمبر/2022 - 12:21 ص
طباعة نظرة تحليلية لمكافحة حسام الحداد
 
دراسة مهمة لسيجريد رايتس: باحثة دكتوراه في معهد البحوث الدولية للسياسة الجنائية، في جامعة جينت، بلجيكا، نشرت باللغتين العربية والانجليزية على موقع "عين أوروبية على التطرف"، حيث تُعتبر بلجيكا واحدة من الدول الأوروبية العديدة التي انضمت بسهولة إلى جهود مكافحة التطرف العنيف. ومع ذلك، وعلى الرغم من الارتفاع الكبير في شعبية نموذجها في هذا الصدد، تشير الأبحاث الحالية إلى الحاجة الملحّة إلى فهم أفضل لمحتوى عمليات مكافحة التطرف العنيف وتنفيذها.
فحسب مقدمة الباحثة شهد العقد الماضي تموضع الجهود المبذولة لمكافحة التطرف العنيف في مكانةٍ عالمية. وعلى عكس سياسات مكافحة الإرهاب التقليدية، تجسّد مكافحة التطرف العنيف نهجًا غير قمعي لمنع ومواجهة التطرف العنيف، في معناه الأوسع والأشمل من مكافحة الإرهاب. وبعيدًا عن هذا الوصف العام، يمكن أن تختلف مبادرات مكافحة التطرف العنيف اختلافًا كبيرًا جدًا من دولةٍ أو منطقةٍ إلى أخرى. بالإضافة إلى ذلك، فهناك تباين كبير في تبني سياسات مكافحة التطرف العنيف وتنفيذها، سواء بين الدول المختلفة أو داخلها. وتعد بلجيكا واحدة من الدول البارزة في مجال تبني سياسة مكافحة التطرف العنيف1. واللافت أن اهتمام الدولة البلجيكية بهذه الجهود لمكافحة التطرف العنيف لم يبدأ عمليا سوى في عام 2015.
وحسب الباحثة تنطوي معظم خطط التدخل لمكافحة التطرف العنيف على عددٍ من العناصر المشتركة. مجالات التدخل المشتركة؛ هي:
(1) التعليم والعمل، تشمل الفرص التعليمية، والتوجيه المهني، والمساعدة في البحث عن عمل؛
(2) أسلوب الحياة والترفيه، تغطي الرياضة أو الهوايات أو الأنشطة الإبداعية أو الثقافية؛
(3) الدعم النفسي، الذي يمكن تقديمه في حالة المرض العقلي أو الصدمة أو الصعوبات في التعامل مع عملية فك الارتباط؛
(4) الدعم الاجتماعي، الذي يهدف عادة إلى استعادة الروابط مع الأسرة أو الأصدقاء أو غيرهم من الأشخاص المهمين، ولكنه قد يشمل أيضًا إسداء المشورة لأفراد الأسرة أنفسهم؛
(5) الدعم غير الرسمي، الذي ينطوي على الاستماع باهتمام إلى مخاوف ومشكلات وتطلعات المستفيدين الأفراد، فضلًا على مساعدتهم في قضايا عملية للغاية مثل ملء الأوراق؛
(6) الدين والأيديولوجية، اللذان يشملان أي شكل من أشكال التدخل المتعلق بالمعتقدات. من بين هذه التدخلات، يبدو الدعم غير الرسمي أحد أكثر أشكال المساعدة المقدمة. من ناحيةٍ أخرى، تُعتبر التدخلات الخاصة بالمعتقدات الاستثناء لا القاعدة.
وتنتهي الباحثة إلى أنه بشكلٍ عام، اتخذت بلجيكا خطواتٍ مهمة لمواجهة ظاهرة التطرف العنيف، وتعزيز فك الارتباط الفردي عنها. ومن أبرز سمات جهود مكافحة التطرف العنيف -في السياق البلجيكي- التنوع الغني للجهات الفاعلة المعنية، وفي كثيرٍ من الحالات المهنيون ذوو الخبرة العملية ذات الصلة. غير أنهم في كثيرٍ من الأحيان لا يتلقون تدريباتٍ خاصة على أعمال مكافحة التطرف العنيف. وثمة أمر آخر هو النطاق الواسع للمبادرات والتدخلات المنفذة. ومع ذلك، ونظرًا للافتقار العام إلى معايير الجودة أو استراتيجية محددة، فإن هذا التنوع لا يخلو من مخاطر.
رغم أن بلجيكا تبذل بالتأكيد جهودًا كبيرة لمكافحة التطرف العنيف، فمن غير الواضح ما إذا كانت تفعل الأشياء الصحيحة. وفي حين أن حتمية “القيام بشيء ما” لمساعدة الأشخاص على فك الارتباط بالتطرف العنيف أصبحت أكثر وضوحًا من أي وقت مضى، فإنها بحاجة إلى أن تستند إلى أدلة سليمة وقوية.
إن طبيعة التجربة والخطأ لجهود مكافحة التطرف العنيف في بلجيكا تعني أنه على الرغم من أننا راكمنا بعض الخبرة في هذا المجال، فإنه لا يوجد سوى عدد قليل جدًا، إنْ وُجد، من الممارسات الفضلى الراسخة. والأهم من ذلك، أننا ما زلنا نفتقر إلى الأدوات المناسبة لتقييم أثر وفعالية تدخلات مكافحة التطرف العنيف، والعديد من هذه الجهود الجارية لم تخضع بعد لتقييم مستقل.
وإجمالًا، تشير التناقضات، والشكوك، والأسئلة، التي لا تزال قيد البحث حاليًا، بشأن تنفيذ استراتيجية مكافحة التطرف العنيف، إلى الحاجة الماسّة إلى مزيدٍ من الاحتراف وتوحيد المعايير.

شارك