هل يصبح السودان مركزا لانطلاق تهديدات إرهابية ؟
الثلاثاء 25/أبريل/2023 - 02:34 م
طباعة
حسام الحداد
لا شك أن ما يحدث في السودان الأن بعد اندلاع قتالٍ مفتوح في شوارع العاصمة الخرطوم بين فصيلين من المجلس العسكري الذي تولى السلطة، جعل عدد كبير من الخبراء الأمنيين والباحثين في حقل الجماعات الإرهابية والمتطرفة يفكرون في أثر ما يحدث على نمو الحركات الإرهابية والمتطرفة في الداخل السوداني واعادة هيكلة هذه الحركات من جديد، متخذة من السودان نقطة انطلاق للقارة الأفريقية وربما للعالم، فلا شك أن ما يحدث سوف يؤثر بشكل كبير على الحالة الأمنية في السودان وخصوصا على الحدود الكبيرة بينها وبين جارتها مما يجعلها منطقة جذب لعدد كبير من العناصر الارهابية والمتطرفة، خصوصا وأن للسودان سجل طويل كمركز للنشاط الإرهابي يعود إلى ثلاثة عقود.
وفي الوقت الذي شهدت فيه السنوات الأخيرة تراجعًا بصورةٍ ما في النشاطات الإرهابية في السودان، فإن الوضع الحالي الذي قد يُنذر بحربٍ أهلية، يمكن أن يوجد ظروفًا تعيد السودان ليشكِّل مركزًا لانطلاق تهديداتٍ إرهابية سواء له أو لجيرانه.
مخاوف دولية
لهذا فان الصراع الدائر في السودان يثير قلق الدول المجاورة والولايات المتحدة وبلدان أخرى لأسباب تمتد من القلق في شأن مياه النيل المشتركة وخطوط أنابيب النفط إلى شكل الحكومة الجديدة وأزمة إنسانية جديدة تلوح في الأفق.
والصراعات ليست وافداً جديداً على السودان الذي يعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، لكن القتال هذه المرة يمزق عاصمة الدولة الواقعة في منطقة غير مستقرة على تخوم البحر الأحمر ومنطقتي الساحل والقرن الأفريقي.
وشهدت خمس من سبع دول مجاورة للسودان، وهي إثيوبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا وجنوب السودان، اضطرابات سياسية أو صراعات في السنوات القليلة الماضية.
وأدى القتال الذي اندلع في الخرطوم بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في 15 أبريل إلى تقويض خطة مدعومة دولياً للانتقال إلى الحكم المدني بعد إطاحة الرئيس عمر البشير في عام 2019، والذي تولى السلطة في انقلاب عام 1989.
وتشعر مصر والسودان اللتان تعتمدان على نهر النيل كمصدر للمياه العذبة، بالقلق من التهديدات التي تتعرض لها إمداداتهما من مشروع سد النهضة الإثيوبي عند منبع النهر على النيل الأزرق. وتدفع الدولتان باتجاه تنظيم عمل السد الإثيوبي، وأي توتر في العلاقات بين الخرطوم والقاهرة قد يعرقل جهودهما للتوصل إلى اتفاق في شأن السد.
وعلى الجانب الليبي فقد لعب المرتزقة ومسلحو الميليشيات السودانيون دوراً نشطاً مع طرفي الصراع الداخلي الذي قسم ليبيا بعد عام 2011. وعاد كثيرون منهم إلى السودان في السنوات الأخيرة، مما أسهم في تأجيج التوترات في إقليم دارفور بغرب البلاد، حيث احتدم صراع آخر منذ سنوات، واستمر القتال حتى بعد التوصل إلى اتفاق مع بعض الجماعات المتمردة في عام 2020.
وأصبح السودان نقطة انطلاق وطريق عبور للمهاجرين الذين يسعون للتوجه إلى أوروبا عبر ليبيا، حيث استغل المهربون الصراع والاضطرابات السياسية لمصلحتهم.
وتشعر تشاد بالقلق من امتداد الأزمة عبر الحدود إلى المناطق التي تستضيف فيها اللاجئين، ومعظمهم من دارفور. وأثناء الصراع في دارفور، تعرضت تشاد لغارات عبر الحدود من الميليشيات العربية في السودان التي تعرف باسم "الجنجويد"، والتي أصبحت قوات الدعم السريع. وهاجم أفراد هذه الميليشيات اللاجئين من دارفور والقرويين التشاديين واستولوا على الماشية وقتلوا من قاومهم.
وقالت الحكومة التشادية إنها نزعت سلاح كتيبة قوامها 320 جندياً تابعة للقوات شبه العسكرية كانت قد دخلت أراضيها يوم الإثنين 23 أبريل الجاري.
وتشعر تشاد بالقلق من احتمال أن يجد المتمردون التشاديون الذين يهددون حكومة نجامينا دعماً من مجموعة "فاجنر" العسكرية الروسية الخاصة الموجودة في جمهورية أفريقيا الوسطى المجاورة، والتي يعتقد أن علاقتها وطيدة بقوات الدعم السريع. غير أن "فاجنر" تنفي أي تورط في السودان.
فيما تسعى السعودية والإمارات منذ فترة طويلة إلى تشكيل الأحداث في السودان، واعتبرتا الانتقال من حكم البشير سبيلاً لدحر نفوذ الإسلاميين وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
وأبرم مستثمرون من البلدين صفقات للاستثمار في مجموعة من المشروعات في مجالات تمتد من مشروعات الزراعة التي يتمتع فيها السودان بقدرات كامنة هائلة تعتمد على مساحات كبيرة من أراضي الري، إلى مجال مشروعات الطيران والموانئ الاستراتيجية على ساحل البحر الأحمر.
أما جنوب السودان التي انفصلت عن السودان في عام 2011 بعد حرب أهلية استمرت عقوداً، وتصدر إنتاجها النفطي البالغ 170 ألف برميل يومياً عبر خط أنابيب يمر عبر جارتها الشمالية. فيقول محللون إنه ليس من مصلحة أي من طرفي الصراع في السودان تعطيل تلك التدفقات، لكن حكومة جنوب السودان قالت هذا الأسبوع إن القتال أعاق بالفعل الروابط اللوجيستية والنقل بين حقول النفط وبورسودان.
ويستضيف السودان 800 ألف لاجئ من جنوب السودان. وأي عودة جماعية قد تفاقم الضغوط على الجهود المبذولة لتوفير المساعدات الأساسية لأكثر من مليوني نازح في جنوب السودان ممن فروا من ديارهم داخل البلاد بسبب الحرب الأهلية.
وعلى الصعيد الأثيوبي تندلع دورياً مناوشات على طول المناطق الحدودية المتنازع عليها بين السودان وإثيوبيا. ويقول محللون إن أياً من الجانبين ربما يستغل الاضطرابات في السودان للضغط من أجل تحقيق هدفه.
فبعد اندلاع الحرب في منطقة تيغراي بشمال إثيوبيا عام 2020، ثارت توترات في شأن منطقة الفشقة الخصبة المتنازع عليها على الحدود ودفعت أكثر من 50 ألف لاجئ إثيوبي إلى مناطق فقيرة بالفعل في شرق السودان.
وستراقب إثيوبيا أيضاً التطورات في ظل التوترات في شأن سد النهضة الذي تبلغ كلفته أربعة مليارات دولار ويقول السودان إنه قد يمثل تهديداً لسدوده القائمة على النيل.
ويستضيف السودان أكثر من 134 ألف لاجئ وطالب لجوء من إريتريا، وهو السبيل الرئيس للإريتريين الفارين من التجنيد الإجباري الذي يفرضه نظام حكم أسمرة القمعي.
وفر كثير من اللاجئين الإريتريين في شمال إثيوبيا من مخيماتهم أثناء القتال في تيغراي بين عامي 2020 و2022. وقد يتعرض اللاجئون الإريتريون في السودان لمحنة مماثلة إذا تفاقم أي صراع خارج الخرطوم.
من جهته، حذر المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية من تبعات الحرب في السودان على الجنوب الليبي في ورقة بحثية، وتضمنت سيناريوهات عدة، جاء في مقدمتها سيناريو انهيار قوات الدعم السريع أمام ضربات الجيش السوداني بدعم أميركي - مصري، ستكون له انعكاسات على مناطق الجنوب الليبي، حيث سترتفع احتمالية انتشار قوات "الجنجويد" خارج السودان، وخصوصاً على الجانب الليبي الذي ما زالت تغلب على أحواله الهشاشة الأمنية، مع وجود دوائر ارتباطات "الجنجويد" السابقة قبلياً وعسكرياً، مع رغبة الأطراف المحلية والدولية بالاستقواء بالمرتزقة.
وأشار المركز إلى أن البيئة الأمنية والعسكرية الليبية رخوة ومعروفة لديهم، أي (الجنجويد)، مما سيؤثر سلباً في أداء مهام نشر القوات العسكرية المشتركة الموحدة للجيش الليبي في الجنوب، والتي تتمثل مهمتها في القضاء على المجموعات المسلحة، والحد من انتشار السلاح خارج سيطرة الدولة، وتنظيم استخدامه، وبسط سيطرة الجيش على كامل الجنوب الليبي وتأمين الحدود بما فيها الحدود السودانية والتشادية والنيجيرية.
وتابع المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية أن "ما يجري حالياً في السودان قد يسهم في إعادة انتشار (الجنجويد) من جديد في الجنوب الليبي، وعليه فإن اشتعال الأحداث في السودان يحتم على الدولة الليبية المسارعة في ترتيب تأمين حدودها الجنوبية لمنع احتمالية تأثير هذه الأحداث فيها".
وأشار المركز إلى سيناريو آخر بتقدم قوات الدعم السريع في المعارك واستيلائها على مقاليد الحكم، مما سيربك المشهد الليبي ويجعل من دائرة الصراع الروسي - الأميركي مفتوحة الأبواب، ويكون تراكم النقاط لصالح روسيا أمراً غير إيجابي لواشنطن، مما يفتح باباً آخر لحسابات الدولة التشادية، منوهاً بأنه "لن يكون سهلاً على مكون (الزغاوة) التسليم للمكون العربي (الجنجويد)، وقد يكون تحالف قبيلة القرعان مع عرب تشاد إيذاناً بفتح الجبهة على مصراعيها، وسيكون تأثيرها الأمني والعسكري والاقتصادي سلباً في الحدود الجنوبية الليبية".
وتابع المركز أنه في حال تواصلت الحرب بين طرفي النزاع، فإن الأوضاع المعيشية للشعب السوداني ستتدهور، مما سيتسبب في موجة هجرة ونزوح كبيرة تستهدف دول الجوار، وستتحمل ليبيا العبء الأكبر في ذلك، نظراً إلى تأخرها في تأمين حدودها مقارنة بمصر أو تشاد.
الصعيد العالمي:
أكد عدد من الدبلوماسيين الغربيين في الخرطوم عام 2022، إن مجموعة "فاجنر" الروسية متورطة في أنشطة غير قانونية لتعدين الذهب في السودان كما أنها تنشر معلومات مضللة. وقبل ذلك بعامين، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركتين تعملان في السودان قالت إنهما على صلة برئيس المجموعة يفجيني بريغوجن.
ونفت "فاجنر" في بيان يوم 19 أبريل أي عمل لها في السودان، وقالت إن موظفيها لم يوجدوا هناك منذ أكثر من عامين، وإنه ليس لها دور في أحدث نوبات القتال. وذكرت أنها ترد على استفسارات وسائل الإعلام الأجنبية التي كان "معظمها مستفزاً".
وفي فبراير 2023، اجتمع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مع مسؤولين في السودان خلال جولة أفريقية أراد خلالها توسيع نفوذ موسكو في وقت حاولت فيه الدول الغربية عزل موسكو عن طريق فرض عقوبات عليها بسبب هجومها على أوكرانيا.
أما الولايات المتحدة، فقد شعرت مثل القوى الغربية الأخرى، بسعادة نتيجة التخلص من البشير الذي تتهمه المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب أثناء الصراع في دارفور، لكن منتقدين يقولون إن واشنطن تلكأت في دعم الانتقال نحو إجراء انتخابات. وخابت آمال السودانيين في تحقيق الديمقراطية حين قام البرهان وحميدتي بانقلاب في عام 2021.
ومن المتوقع أن تعرقل الأحداث الحالية أي عودة سريعة للحكم المدني مع غياب إبداء أي من الخصمين في الخرطوم أي استعداد للتسوية.
بداية من سقوط البشير
بدأ البشير في إعادة توجيه بقايا السودان في عام 2015، وقطع العلاقات مع إيران والانضمام إلى التحالف الذي تقوده السعودية في محاولة لوقف تمدد الحوثيين الإيرانيين في اليمن. في أبريل 2019، بعد ثلاثين عامًا تقريبًا من تولي البشير السلطة، سقط بالطريقة التي صعد بها، من خلال انقلاب عسكري.
على إثر ذلك، شُكِّل مجلس سيادة مؤقت، من الناحية النظرية هو مزيج من المدنيين والضباط العسكريين، يهدف اسميًا إلى الانتقال إلى الديمقراطية. في عام 2020، أيّدت الولايات المتحدة التوجهات الديموقراطية للسودان من خلال إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
سيْطَر على المجلس الانتقالي الجنرال عبد الفتاح البرهان، الذي أمر بقتل المتظاهرين في الخرطوم في يونيو 2019. وعلى نحوٍ حاسم، نُفذت أوامر البرهان من قبل الجنجويد، والتي كان اسمها قد تحوَّل إلى “قوات الدعم السريع” في عام 2013 بقيادة محمد دقلو، المعروف باسم “حميدتي”، الذي ساعد البرهان في الإطاحة بالبشير. وفي أكتوبر 2021، عندما توقف البرهان عن التظاهر بتقاسم السلطة مع المدنيين، وشنَّ انقلابًا ثانيًا لتطهير مجلس السيادة، ساعده حميدتي أيضًا مرة أخرى.
خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية كان الوضع كالتالي: يرأس البرهان رسميًا مجلس السيادة، مع حميدتي نائبًا له. ورغم أن خطوط السلطة الدقيقة بين الرجلين تبدو غير واضحة للمراقبين، لكنها كانت واضحة للبرهان الذي رأى بوضوح حميدتي كأحد الضباط تحت قيادته. هذا الاتفاق غير المستقر هو ما انهار الآن، حيث سعى البرهان إلى وضع قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي رسميًا تحت سيطرته كجزء من الجيش “النظامي”. اتهم البرهان حميدتي بمحاولة القيام بانقلابٍ ضده. ولا يزال من غير الواضح من أطلق النار أولًا.
منذ بدء القتال في 15 أبريل، أثبت حميدتي (أو أي شخص يدير حسابه على تويتر) مهارة كبيرة في الدعاية، وسعى إلى تصوير القتال في الخرطوم على أنه بينه، أي هو الذي يدعم الديمقراطية من جهة، وبين “الكيزان” (“الدولة العميقة” أو فلول نظام البشير)، باعتبارهم عصابة من الضباط “الإسلامويين المتطرفين”.
تجدر الإشارة إلى أنه حتى الآن، قُتل نحو 200 شخص وجرح 800 آخرون في الصراع. وقد تعرّض منزل سفير الاتحاد الأوروبي للهجوم وأُطلق النار على موكب دبلوماسي أمريكي في الخرطوم، في حين أفادت منظمة الصحة العالمية أن العنف ينتشر بسرعة خارج العاصمة.
وانتهك الطرفان وقف إطلاق النار المقترح لمدة أربع وعشرين ساعة، الذي كان من المقرر أن يبدأ في الساعة 18:00 من يوم 18 أبريل.
التهديدات الإرهابية المحتملة
في جميع أنحاء السودان، هناك ارهابون مستعدون لاستغلال الموقف إذا تدهور الوضع. الجدير بالذكر أن أقوى “فرع” لتنظيم القاعدة، حركة الشباب في الصومال، يستطيع شن هجمات على إثيوبيا، على الحدود الجنوبية الشرقية للسودان. لا يمكن استبعاد إمكانية التسلّل من هذا الجانب. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن الصومال في حدِّ ذاته هو حالة ماثلة لما يمكن أن يحدث لبلد ينزلق إلى حربٍ أهلية شاملة، فمنذ انهيار الحكومة الصومالية في عام 1991، كانت هناك حرب مستمرة، وتفتت الدولة، واستولى الجهاديون المتورطون في الإرهاب الدولي على مساحاتٍ كبيرة من الأراضي.
من الواضح أن تنظيم القاعدة لا يزال لديه مصلحة في العمل داخل السودان. قبل أكثر من ستة أشهر بقليل، أصدرت دار نشر متشددة يُعتقد أنها مرتبطة بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ومقرها اليمن، كتابًا يتألف من كتابات أبو حذيفة السوداني، مُنظِّر ارهابي، “يوفر مُبررًا أيديولوجيًّا لشن عمليات عسكرية ضد الدولة السودانية، فضلًا عن المبادئ التوجيهية والقواعد التي يجب على الارهابيين المحتملين اتباعها عند تشكيل كيان [موحد] جديد [لمثل هذه الحرب]”.
قد يبدو تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بعيدًا بعض الشيء، لكن شبكات تنظيم القاعدة في اليمن وإفريقيا تنسّق وتتقاسم الموارد بشكلٍ وثيق، وإلى الغرب من السودان، في منطقة الساحل، كما ناقش موقع “عين أوروبية على التطرف” ذلك، في ندوة عبر الإنترنت عقدت مؤخرًا، فإن تنظيم القاعدة نشط للغاية.
يوجد لدى السودان الآن منطقة عازلة تتمثل في جنوب السودان، تفصل بينه وبين جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث يوجد فرع قوي على نحوٍ متنام لتنظيم داعش، ولكن مع عدم الاستقرار ونقص قدرة الدولة في جنوب السودان، فإن هذه الحماية لا يمكن عصمها إذا جُذب الارهابيون إلى السودان بسبب الفراغات الأمنية.
ومرة أخرى، يُشكّل داعش تهديدًا على الجزء الغربي من القارة. إذ يقع مقر أقوى فرع لداعش في إفريقيا، تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا، في نيجيريا، التي تبعد بعض الشيء عن السودان، لكن داعش متكامل بشكلٍ جيد مع وحدات داعش الإفريقية الأخرى، مثل تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، ومقره الساحل. وكما تطرقنا إليه في ندوتنا الأخيرة عبر الإنترنت، يبدو أن شبكات داعش هذه لديها مخالب في السودان بالفعل.
خلاصة القول ستكون النتيجة المثالية المرجوة للوضع الحالي هي أن يُوضع حدٌّ سريع للعنف بين البرهان وحميدتي، ومشاركة دولية من النوع الذي لم يحدث بشكلٍ واضح قبل عام 2021 للضغط على القادة الحاليين لاستئناف عملية تصل بالسودان إلى شكلٍ أكثر تمثيلًا ومسؤولية من الحكم، بما يحقِّق الاستقرار في الدولة.
البديل، الذي يبدو للأسف أكثر احتمالًا في هذه المرحلة، هو استمرار دوامة العنف التي توجد بيئة -مع مساحات غير خاضعة للحكم، وحوافز رهيبة للفصائل المتحاربة للتعاون مع أي شخص يمكنه تقديم المساعدة- ما يتيح للإرهابيين استغلالها. وهذا أمرٌ خطير للغاية.
وفي الوقت الذي شهدت فيه السنوات الأخيرة تراجعًا بصورةٍ ما في النشاطات الإرهابية في السودان، فإن الوضع الحالي الذي قد يُنذر بحربٍ أهلية، يمكن أن يوجد ظروفًا تعيد السودان ليشكِّل مركزًا لانطلاق تهديداتٍ إرهابية سواء له أو لجيرانه.
مخاوف دولية
لهذا فان الصراع الدائر في السودان يثير قلق الدول المجاورة والولايات المتحدة وبلدان أخرى لأسباب تمتد من القلق في شأن مياه النيل المشتركة وخطوط أنابيب النفط إلى شكل الحكومة الجديدة وأزمة إنسانية جديدة تلوح في الأفق.
والصراعات ليست وافداً جديداً على السودان الذي يعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، لكن القتال هذه المرة يمزق عاصمة الدولة الواقعة في منطقة غير مستقرة على تخوم البحر الأحمر ومنطقتي الساحل والقرن الأفريقي.
وشهدت خمس من سبع دول مجاورة للسودان، وهي إثيوبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا وجنوب السودان، اضطرابات سياسية أو صراعات في السنوات القليلة الماضية.
وأدى القتال الذي اندلع في الخرطوم بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في 15 أبريل إلى تقويض خطة مدعومة دولياً للانتقال إلى الحكم المدني بعد إطاحة الرئيس عمر البشير في عام 2019، والذي تولى السلطة في انقلاب عام 1989.
وتشعر مصر والسودان اللتان تعتمدان على نهر النيل كمصدر للمياه العذبة، بالقلق من التهديدات التي تتعرض لها إمداداتهما من مشروع سد النهضة الإثيوبي عند منبع النهر على النيل الأزرق. وتدفع الدولتان باتجاه تنظيم عمل السد الإثيوبي، وأي توتر في العلاقات بين الخرطوم والقاهرة قد يعرقل جهودهما للتوصل إلى اتفاق في شأن السد.
وعلى الجانب الليبي فقد لعب المرتزقة ومسلحو الميليشيات السودانيون دوراً نشطاً مع طرفي الصراع الداخلي الذي قسم ليبيا بعد عام 2011. وعاد كثيرون منهم إلى السودان في السنوات الأخيرة، مما أسهم في تأجيج التوترات في إقليم دارفور بغرب البلاد، حيث احتدم صراع آخر منذ سنوات، واستمر القتال حتى بعد التوصل إلى اتفاق مع بعض الجماعات المتمردة في عام 2020.
وأصبح السودان نقطة انطلاق وطريق عبور للمهاجرين الذين يسعون للتوجه إلى أوروبا عبر ليبيا، حيث استغل المهربون الصراع والاضطرابات السياسية لمصلحتهم.
وتشعر تشاد بالقلق من امتداد الأزمة عبر الحدود إلى المناطق التي تستضيف فيها اللاجئين، ومعظمهم من دارفور. وأثناء الصراع في دارفور، تعرضت تشاد لغارات عبر الحدود من الميليشيات العربية في السودان التي تعرف باسم "الجنجويد"، والتي أصبحت قوات الدعم السريع. وهاجم أفراد هذه الميليشيات اللاجئين من دارفور والقرويين التشاديين واستولوا على الماشية وقتلوا من قاومهم.
وقالت الحكومة التشادية إنها نزعت سلاح كتيبة قوامها 320 جندياً تابعة للقوات شبه العسكرية كانت قد دخلت أراضيها يوم الإثنين 23 أبريل الجاري.
وتشعر تشاد بالقلق من احتمال أن يجد المتمردون التشاديون الذين يهددون حكومة نجامينا دعماً من مجموعة "فاجنر" العسكرية الروسية الخاصة الموجودة في جمهورية أفريقيا الوسطى المجاورة، والتي يعتقد أن علاقتها وطيدة بقوات الدعم السريع. غير أن "فاجنر" تنفي أي تورط في السودان.
فيما تسعى السعودية والإمارات منذ فترة طويلة إلى تشكيل الأحداث في السودان، واعتبرتا الانتقال من حكم البشير سبيلاً لدحر نفوذ الإسلاميين وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
وأبرم مستثمرون من البلدين صفقات للاستثمار في مجموعة من المشروعات في مجالات تمتد من مشروعات الزراعة التي يتمتع فيها السودان بقدرات كامنة هائلة تعتمد على مساحات كبيرة من أراضي الري، إلى مجال مشروعات الطيران والموانئ الاستراتيجية على ساحل البحر الأحمر.
أما جنوب السودان التي انفصلت عن السودان في عام 2011 بعد حرب أهلية استمرت عقوداً، وتصدر إنتاجها النفطي البالغ 170 ألف برميل يومياً عبر خط أنابيب يمر عبر جارتها الشمالية. فيقول محللون إنه ليس من مصلحة أي من طرفي الصراع في السودان تعطيل تلك التدفقات، لكن حكومة جنوب السودان قالت هذا الأسبوع إن القتال أعاق بالفعل الروابط اللوجيستية والنقل بين حقول النفط وبورسودان.
ويستضيف السودان 800 ألف لاجئ من جنوب السودان. وأي عودة جماعية قد تفاقم الضغوط على الجهود المبذولة لتوفير المساعدات الأساسية لأكثر من مليوني نازح في جنوب السودان ممن فروا من ديارهم داخل البلاد بسبب الحرب الأهلية.
وعلى الصعيد الأثيوبي تندلع دورياً مناوشات على طول المناطق الحدودية المتنازع عليها بين السودان وإثيوبيا. ويقول محللون إن أياً من الجانبين ربما يستغل الاضطرابات في السودان للضغط من أجل تحقيق هدفه.
فبعد اندلاع الحرب في منطقة تيغراي بشمال إثيوبيا عام 2020، ثارت توترات في شأن منطقة الفشقة الخصبة المتنازع عليها على الحدود ودفعت أكثر من 50 ألف لاجئ إثيوبي إلى مناطق فقيرة بالفعل في شرق السودان.
وستراقب إثيوبيا أيضاً التطورات في ظل التوترات في شأن سد النهضة الذي تبلغ كلفته أربعة مليارات دولار ويقول السودان إنه قد يمثل تهديداً لسدوده القائمة على النيل.
ويستضيف السودان أكثر من 134 ألف لاجئ وطالب لجوء من إريتريا، وهو السبيل الرئيس للإريتريين الفارين من التجنيد الإجباري الذي يفرضه نظام حكم أسمرة القمعي.
وفر كثير من اللاجئين الإريتريين في شمال إثيوبيا من مخيماتهم أثناء القتال في تيغراي بين عامي 2020 و2022. وقد يتعرض اللاجئون الإريتريون في السودان لمحنة مماثلة إذا تفاقم أي صراع خارج الخرطوم.
من جهته، حذر المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية من تبعات الحرب في السودان على الجنوب الليبي في ورقة بحثية، وتضمنت سيناريوهات عدة، جاء في مقدمتها سيناريو انهيار قوات الدعم السريع أمام ضربات الجيش السوداني بدعم أميركي - مصري، ستكون له انعكاسات على مناطق الجنوب الليبي، حيث سترتفع احتمالية انتشار قوات "الجنجويد" خارج السودان، وخصوصاً على الجانب الليبي الذي ما زالت تغلب على أحواله الهشاشة الأمنية، مع وجود دوائر ارتباطات "الجنجويد" السابقة قبلياً وعسكرياً، مع رغبة الأطراف المحلية والدولية بالاستقواء بالمرتزقة.
وأشار المركز إلى أن البيئة الأمنية والعسكرية الليبية رخوة ومعروفة لديهم، أي (الجنجويد)، مما سيؤثر سلباً في أداء مهام نشر القوات العسكرية المشتركة الموحدة للجيش الليبي في الجنوب، والتي تتمثل مهمتها في القضاء على المجموعات المسلحة، والحد من انتشار السلاح خارج سيطرة الدولة، وتنظيم استخدامه، وبسط سيطرة الجيش على كامل الجنوب الليبي وتأمين الحدود بما فيها الحدود السودانية والتشادية والنيجيرية.
وتابع المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية أن "ما يجري حالياً في السودان قد يسهم في إعادة انتشار (الجنجويد) من جديد في الجنوب الليبي، وعليه فإن اشتعال الأحداث في السودان يحتم على الدولة الليبية المسارعة في ترتيب تأمين حدودها الجنوبية لمنع احتمالية تأثير هذه الأحداث فيها".
وأشار المركز إلى سيناريو آخر بتقدم قوات الدعم السريع في المعارك واستيلائها على مقاليد الحكم، مما سيربك المشهد الليبي ويجعل من دائرة الصراع الروسي - الأميركي مفتوحة الأبواب، ويكون تراكم النقاط لصالح روسيا أمراً غير إيجابي لواشنطن، مما يفتح باباً آخر لحسابات الدولة التشادية، منوهاً بأنه "لن يكون سهلاً على مكون (الزغاوة) التسليم للمكون العربي (الجنجويد)، وقد يكون تحالف قبيلة القرعان مع عرب تشاد إيذاناً بفتح الجبهة على مصراعيها، وسيكون تأثيرها الأمني والعسكري والاقتصادي سلباً في الحدود الجنوبية الليبية".
وتابع المركز أنه في حال تواصلت الحرب بين طرفي النزاع، فإن الأوضاع المعيشية للشعب السوداني ستتدهور، مما سيتسبب في موجة هجرة ونزوح كبيرة تستهدف دول الجوار، وستتحمل ليبيا العبء الأكبر في ذلك، نظراً إلى تأخرها في تأمين حدودها مقارنة بمصر أو تشاد.
الصعيد العالمي:
أكد عدد من الدبلوماسيين الغربيين في الخرطوم عام 2022، إن مجموعة "فاجنر" الروسية متورطة في أنشطة غير قانونية لتعدين الذهب في السودان كما أنها تنشر معلومات مضللة. وقبل ذلك بعامين، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركتين تعملان في السودان قالت إنهما على صلة برئيس المجموعة يفجيني بريغوجن.
ونفت "فاجنر" في بيان يوم 19 أبريل أي عمل لها في السودان، وقالت إن موظفيها لم يوجدوا هناك منذ أكثر من عامين، وإنه ليس لها دور في أحدث نوبات القتال. وذكرت أنها ترد على استفسارات وسائل الإعلام الأجنبية التي كان "معظمها مستفزاً".
وفي فبراير 2023، اجتمع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مع مسؤولين في السودان خلال جولة أفريقية أراد خلالها توسيع نفوذ موسكو في وقت حاولت فيه الدول الغربية عزل موسكو عن طريق فرض عقوبات عليها بسبب هجومها على أوكرانيا.
أما الولايات المتحدة، فقد شعرت مثل القوى الغربية الأخرى، بسعادة نتيجة التخلص من البشير الذي تتهمه المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب أثناء الصراع في دارفور، لكن منتقدين يقولون إن واشنطن تلكأت في دعم الانتقال نحو إجراء انتخابات. وخابت آمال السودانيين في تحقيق الديمقراطية حين قام البرهان وحميدتي بانقلاب في عام 2021.
ومن المتوقع أن تعرقل الأحداث الحالية أي عودة سريعة للحكم المدني مع غياب إبداء أي من الخصمين في الخرطوم أي استعداد للتسوية.
بداية من سقوط البشير
بدأ البشير في إعادة توجيه بقايا السودان في عام 2015، وقطع العلاقات مع إيران والانضمام إلى التحالف الذي تقوده السعودية في محاولة لوقف تمدد الحوثيين الإيرانيين في اليمن. في أبريل 2019، بعد ثلاثين عامًا تقريبًا من تولي البشير السلطة، سقط بالطريقة التي صعد بها، من خلال انقلاب عسكري.
على إثر ذلك، شُكِّل مجلس سيادة مؤقت، من الناحية النظرية هو مزيج من المدنيين والضباط العسكريين، يهدف اسميًا إلى الانتقال إلى الديمقراطية. في عام 2020، أيّدت الولايات المتحدة التوجهات الديموقراطية للسودان من خلال إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
سيْطَر على المجلس الانتقالي الجنرال عبد الفتاح البرهان، الذي أمر بقتل المتظاهرين في الخرطوم في يونيو 2019. وعلى نحوٍ حاسم، نُفذت أوامر البرهان من قبل الجنجويد، والتي كان اسمها قد تحوَّل إلى “قوات الدعم السريع” في عام 2013 بقيادة محمد دقلو، المعروف باسم “حميدتي”، الذي ساعد البرهان في الإطاحة بالبشير. وفي أكتوبر 2021، عندما توقف البرهان عن التظاهر بتقاسم السلطة مع المدنيين، وشنَّ انقلابًا ثانيًا لتطهير مجلس السيادة، ساعده حميدتي أيضًا مرة أخرى.
خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية كان الوضع كالتالي: يرأس البرهان رسميًا مجلس السيادة، مع حميدتي نائبًا له. ورغم أن خطوط السلطة الدقيقة بين الرجلين تبدو غير واضحة للمراقبين، لكنها كانت واضحة للبرهان الذي رأى بوضوح حميدتي كأحد الضباط تحت قيادته. هذا الاتفاق غير المستقر هو ما انهار الآن، حيث سعى البرهان إلى وضع قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي رسميًا تحت سيطرته كجزء من الجيش “النظامي”. اتهم البرهان حميدتي بمحاولة القيام بانقلابٍ ضده. ولا يزال من غير الواضح من أطلق النار أولًا.
منذ بدء القتال في 15 أبريل، أثبت حميدتي (أو أي شخص يدير حسابه على تويتر) مهارة كبيرة في الدعاية، وسعى إلى تصوير القتال في الخرطوم على أنه بينه، أي هو الذي يدعم الديمقراطية من جهة، وبين “الكيزان” (“الدولة العميقة” أو فلول نظام البشير)، باعتبارهم عصابة من الضباط “الإسلامويين المتطرفين”.
تجدر الإشارة إلى أنه حتى الآن، قُتل نحو 200 شخص وجرح 800 آخرون في الصراع. وقد تعرّض منزل سفير الاتحاد الأوروبي للهجوم وأُطلق النار على موكب دبلوماسي أمريكي في الخرطوم، في حين أفادت منظمة الصحة العالمية أن العنف ينتشر بسرعة خارج العاصمة.
وانتهك الطرفان وقف إطلاق النار المقترح لمدة أربع وعشرين ساعة، الذي كان من المقرر أن يبدأ في الساعة 18:00 من يوم 18 أبريل.
التهديدات الإرهابية المحتملة
في جميع أنحاء السودان، هناك ارهابون مستعدون لاستغلال الموقف إذا تدهور الوضع. الجدير بالذكر أن أقوى “فرع” لتنظيم القاعدة، حركة الشباب في الصومال، يستطيع شن هجمات على إثيوبيا، على الحدود الجنوبية الشرقية للسودان. لا يمكن استبعاد إمكانية التسلّل من هذا الجانب. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن الصومال في حدِّ ذاته هو حالة ماثلة لما يمكن أن يحدث لبلد ينزلق إلى حربٍ أهلية شاملة، فمنذ انهيار الحكومة الصومالية في عام 1991، كانت هناك حرب مستمرة، وتفتت الدولة، واستولى الجهاديون المتورطون في الإرهاب الدولي على مساحاتٍ كبيرة من الأراضي.
من الواضح أن تنظيم القاعدة لا يزال لديه مصلحة في العمل داخل السودان. قبل أكثر من ستة أشهر بقليل، أصدرت دار نشر متشددة يُعتقد أنها مرتبطة بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ومقرها اليمن، كتابًا يتألف من كتابات أبو حذيفة السوداني، مُنظِّر ارهابي، “يوفر مُبررًا أيديولوجيًّا لشن عمليات عسكرية ضد الدولة السودانية، فضلًا عن المبادئ التوجيهية والقواعد التي يجب على الارهابيين المحتملين اتباعها عند تشكيل كيان [موحد] جديد [لمثل هذه الحرب]”.
قد يبدو تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بعيدًا بعض الشيء، لكن شبكات تنظيم القاعدة في اليمن وإفريقيا تنسّق وتتقاسم الموارد بشكلٍ وثيق، وإلى الغرب من السودان، في منطقة الساحل، كما ناقش موقع “عين أوروبية على التطرف” ذلك، في ندوة عبر الإنترنت عقدت مؤخرًا، فإن تنظيم القاعدة نشط للغاية.
يوجد لدى السودان الآن منطقة عازلة تتمثل في جنوب السودان، تفصل بينه وبين جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث يوجد فرع قوي على نحوٍ متنام لتنظيم داعش، ولكن مع عدم الاستقرار ونقص قدرة الدولة في جنوب السودان، فإن هذه الحماية لا يمكن عصمها إذا جُذب الارهابيون إلى السودان بسبب الفراغات الأمنية.
ومرة أخرى، يُشكّل داعش تهديدًا على الجزء الغربي من القارة. إذ يقع مقر أقوى فرع لداعش في إفريقيا، تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا، في نيجيريا، التي تبعد بعض الشيء عن السودان، لكن داعش متكامل بشكلٍ جيد مع وحدات داعش الإفريقية الأخرى، مثل تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، ومقره الساحل. وكما تطرقنا إليه في ندوتنا الأخيرة عبر الإنترنت، يبدو أن شبكات داعش هذه لديها مخالب في السودان بالفعل.
خلاصة القول ستكون النتيجة المثالية المرجوة للوضع الحالي هي أن يُوضع حدٌّ سريع للعنف بين البرهان وحميدتي، ومشاركة دولية من النوع الذي لم يحدث بشكلٍ واضح قبل عام 2021 للضغط على القادة الحاليين لاستئناف عملية تصل بالسودان إلى شكلٍ أكثر تمثيلًا ومسؤولية من الحكم، بما يحقِّق الاستقرار في الدولة.
البديل، الذي يبدو للأسف أكثر احتمالًا في هذه المرحلة، هو استمرار دوامة العنف التي توجد بيئة -مع مساحات غير خاضعة للحكم، وحوافز رهيبة للفصائل المتحاربة للتعاون مع أي شخص يمكنه تقديم المساعدة- ما يتيح للإرهابيين استغلالها. وهذا أمرٌ خطير للغاية.