تقرير امريكي يرصد تراجع العمليات الارهابية في دول شمال افريقيا
الثلاثاء 13/يونيو/2023 - 07:09 م
طباعة
روبير الفارس
اكد تقرير صادر عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الادني تراجع العمليات الارهابية في شمال افريقيا وقال التقرير لم يعد لتنظيم "القاعدة" وجودًا نشطًا في شمال أفريقيا . صحيح أن قادة الجماعة يواصلون إطلاق الدعاية، ولا سيما في محاولة للاستفادة من الحراك في الجزائر في السنوات الأخيرة، لكن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" لم يعلن مسؤوليته عن أي هجوم في الجزائر منذ فبراير 2018. وعلى نحو مماثل، لم تعلن "كتيبة عقبة بن نافع" التابعة لفرع تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في تونس مسؤوليتها عن أي هجوم منذ أبريل 2019، كما تعثرت أنشطة داعش في المنطقة ككل. وبصرف النظر عن الهجمات القليلة البارزة والحملة الإرهابية المنخفضة المستوى في الجزائر بين عامَي 2014 و2020، فإن الصورة قاتمة أيضًا في ليبيا وتونس اللتين كانتا ذات يوم معقلين موثوقين للحركة. وقدم التقرير تحليلا بالارقام حول تراجع العمليات الارهابية حيث اكد علي انه عقب التفكك الإقليمي لتنظيم "داعش في ليبيا" في ديسمبر 2016، لجأ التنظيم إلى العمل السري، وبقي خامدًا نسبيًا في عام 2017، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت معسكراته خارج سرت. ففي ذلك العام أعلن تنظيم "داعش في ليبيا" مسؤوليته عن أربع هجمات فقط: اثنان في سرت، وواحد في كل من مصراتة وأجدابيا. وكانت على الأرجح هذه الهجمات مرتجلة ولم تندرج ضمن حملة منسقة. ولكن وتيرة الهجمات بدأت تزداد في فبراير 2018، عندما قرر التنظيم، على ما يبدو، أن الوقت قد حان للخروج من الظل وتجديد تمرده. وفي ديسمبر من ذلك العام نفذت الجماعة هجمات في كثير من المناطق: أربعة في أجدابيا، وثلاثة في طرابلس، واثنان في الجفرة، وهجوم واحد في كل من سرت وأوجلة والعقيلة والفقهاء ووادي كعام وتازيربو. بعد ذلك، أصبح تنظيم "داعش في ليبيا" واثقًا جدًا من نفسه لدرجة أنه بدأ في أغسطس 2018 بإقامة نقاط التفتيش على الطريق بين أجدابيا وجالو. وبعد شهرين، زعم التنظيم أنه استولى على بلدة الفقهاء لبضع ساعات.
وتوقف هذا الزخم في ديسمبر 2018، عندما اكتشف "الجيش الوطني الليبي" قاعدة لتنظيم "داعش في ليبيا" بالقرب من واحة غدوه. بعدئذ، انتقل التنظيم إلى حقل الهروج البركاني وبدأ العمل مرة أخرى في أبريل 2019، ونفذ 11 هجومًا في الأسابيع التالية: اثنان في سبها، واثنان في تمسة، وواحد في كل من الفقهاء، وهي بلدة زعم التنظيم مرة أخرى أنه سيطر عليها لفترة وجيزة، وغدوه، وزيلة، ودرنة، وسامنو، والهروج، ونقطة التفتيش 400 الواقعة بين سبها والجفرة. لكن هذه الهجمات انتهت عندما عثر "الجيش الوطني الليبي" على أحدث قاعدة لعمليات تنظيم "داعش في ليبيا" في منتصف يونيو 2019. ومنذ ذلك الحين، أصبح نشاط التنظيم محدودًا للغاية واقتصر على ترويج الحياة الصحراوية في الدعاية فضلًا عن الكثير من عهود البيعة. لكن العمليات العسكرية الفعلية بين عامي 2020 و2022 كانت ضئيلة وعديمة الأهمية. وكانت جميع هذه الهجمات ذات تأثير منخفض نسبيًا، ولم تندرج ضمن حملة أوسع، بل شكلت محاولات متفرقة لإثبات وجود التنظيم. لقد مرَّ الآن أكثر من عام على الهجوم الأخير لتنظيم "داعش في ليبيا".
أما بالنسبة إلى تونس- فقد جاء في التقرير ان الحكومة التونسية فككت ببطء قدرات الجماعة في أعقاب محاولة تنظيم "داعش" الفاشلة للاستيلاء على مدينة بنقردان بالقرب من الحدود مع ليبيا في مارس 2016. ولم يتبنَّ تنظيم "داعش" أي هجوم في تونس منذ فبراير 2021. وبشكل عام، بلغ عدد الهجمات الإرهابية، سواء تلك التي شنتها "كتيبة عقبة بن نافع" أو تنظيم "داعش" أو جهات فاعلة منفردة، ذروته في تونس في عام 2017 47 هجومًا قبل أن ينخفض إلى أربع هجمات في عام 2022. ولم تُنسَب أي من هذه الهجمات الأربعة إلى أي جماعة، ويدل ذلك على مدى ضآلة المشكلة التي أصبحت عليها الحملة الجهادية اليوم، مقارنة بالحملة الأكثر حدة في فترة 2012-2019. ومع استمرار المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والصحية والمناخية وغيرها، يمكن أن يبشّر بجهد متجدد من قبل العناصر الجهادية داخل تونس لتصبح أكثر فعالية.
واكد الباحث المتخصص في الجماعات الجهادية في شمال أفريقيا "هارون ي. زيلين" انه على الرغم من أن حدّة الجهادية قد تراجعت بشكل علني، فقد تعود في ظل الظروف المناسبة. وبما أن حكومات الجزائر والمغرب وتونس تعلن عادة عن أي اعتقالات تتعلق بالإرهاب أو الجهادية، فمن الممكن تتبع النطاق الأوسع لمجموعة المشاكل التي تتجاوز الهجمات الفردية. ويوضح التحليل الكمي للبيانات أن الأفراد ما زالوا مهتمين بالتخطيط لهجمات محلية ومحاولة الانضمام إلى منظمات إرهابية أجنبية في الخارج، حتى لو كانت هذه الجهود لا تشكل نوعًا من الحملة المنسقة التي شوهدت في الأعوام السابقة. على سبيل المثال، ابتداءً من 22 مايو 2023، نفذت الجزائر 25 حالة اعتقال تتعلق بالإرهاب حتى الآن، بينما نفذ المغرب 7 اعتقالات وتونس 56 اعتقالًا. وتطغى أيضًا القضية المستمرة المتعلقة بالمحتجزين بسبب ارتباطهم بتنظيم "داعش"، إذ يُحتجَز حاليًا مئات من الرجال والنساء والأطفال من دول شمال أفريقيا من الذين انتموا سابقًا إلى التنظيم، طوعًا أو قسريًا، سواء في السجون أو مخيمات النازحين داخليًا في شمال شرق سوريا. ومن دون آليات مناسبة لإعادتهم إلى أوطانهم وإعادة تأهيلهم وإعادة إدماجهم في المجتمع في المستقبل، يمكن أن يشكل هؤلاء المحتجزين معضلات أمنية جديدة وتهديدات لدول شمال أفريقيا. لذلك، حتى لو كانت الجهادية في شمال أفريقيا قد وصلت على الأرجح إلى أدنى مستوى لها من النشاط منذ بعض الوقت، من الضروري إبقاء التركيز على هذه القضية لأن أي ديناميات متغيرة يمكن أن تغير مستوى التهديد الذي تشكله على المنطقة ككل وعلى السكان المحليين أيضًا.