رغم محفظة حماس المالية... تلوث المياه وانهيار البنية التحتية يهددان صحة سكان غزة
مع دخول فصل الصيف، تتصاعد أزمة مياه الشرب في قطاع غزة التي يسكنها اكثر من مليوني نسمة، حيث بات خطر الأمراض المعدية وسوء التغذية يخيم على القطاع في ظل فاقم أزمة تلوث المياه، وغياب حركة حماس عن تقديم حلول حقيقة لأزمة المياه وانشغالها بصفقاتها الخاصة واستثماراتها في الخارج.
وتشير التقديرات إلى أن قطاع غزة يعاني من كارثة بيئية نتيجة تلوث مياه الشرب التي يصل إلى 90 % بسبب التراجع السريع في مخزون المياه الجوفية في ظل غياب إدارة بيئية لمياه الشرب وانعدام الأساليب والطرق لمعالجة مياه الصرف الصحي.
وحمل النشطاء حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، منذ انقلاب 2007 مسؤولية تردي اوضاع البنية التحتية في قطاع مياه الشرب والصرف الصحي رغم ما تملكه حماس من اموال التي تصل قيمة محفظتها الاستثمارية إلى أكثر من 500 مليون دولار، ولكن لا توجه هذه الأموال إلى أي مشاريع لتنمية قطاع غزة بل هي تستخدم القطاع كجزء من الابتزاز السياسي لدعم مساريعها ومخططاتها.
الممثلة الخاصة لليونيسف في فلسطين جون كنوغي عبرت عن قلقها إزاء مشاكل المياه في القطاع قائلة إن "قضية المياه الصالحة للشرب مصدر قلق كبير للمجتمع الدولي وللفلسطينيين وأن الكثير من الأطفال يعانون من الطفيليات والديدان والإسهال وسوء التغذية، ويملك 10% فقط من سكان غزة إمكانية الوصول إلى مياه آمنة".
وقالت أم إياد،"المياه التي تصل إلينا من البلدية مالحة، ولا تصلح للشرب، وبالتالي ليس أمامنا إلا شراء مياه محلاة أو التعبئة من هذه المحطة التي تعمل بواقع ساعتين كسبيل يوميا، بغية توفير الحد الأدنى من احتياجاتنا".
ووفق مصلحة مياه بلديات الساحل، فإن 97% من مياه قطاع غزة غير صالحة للاستخدام المنزلي، وهو الأمر الذي يدفع الفلسطينيين إلى البحث عن بدائل عبر الشراء أو النقل من المحطات السبيل التي توفر كميات محدودة.
ويعد الخزان الجوفي في القطاع المصدر الرئيسي لتلبية الاحتياجات المائية المختلفة للمواطنين، حيث تقدر طاقته بحوالي (50-60) مليون متر مكعب في السنة، ومصدرها الرئيس مياه الأمطار والانسياب الطبيعي والعائد من الاستخدام الزراعي.
وتمثل هذه الكمية نحو 25% من الاحتياج السنوي المائي في القطاع الذي يقدر بنحو 200 مليون متر مكعب في السنة.
وبحسب بيانات سلطة المياه لعام 2019، فإن غزة تحتاج لأكثر من 300 مليون متر مكعب سنويا، ويتوفر منها 200 مليون فقط، لكن هذا العام قد لا يتوفر منها 150 مليون متر مكعب سيتم استخراجها من الآبار الجوفية إلى جانب محطات التحلية. ويرجع غنيم السبب إلى سحب كميات كبيرة من المياه الجوفية "إضافة لتعنت إسرائيل في السماح للفلسطينيين بشراء كمية احتياجاتهم".
وتوقع تقرير صادر عن الأمم المتحدة في 2012 أن تصبح مشكلة تلوث المياه في غزة غير قابلة للإصلاح وأرضها غير صالحة للسكن خلال 10 سنوات.
ويعاني نصف أطفال غزة من أمراض تنقلها المياه، وفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية. فيما تشير إحدى المنظمات الحقوقية إلى أن ربع الأمراض المنتشرة في القطاع ناتجة عن تلوث المياه، و12 في المئة من وفيات الأطفال الصغار مرتبطة بالتهابات معوية على صلة بالمياه الملوثة.
كما حذر عبد الله القيشاوي رئيس قسم الكلي في مستشفى الشفاء في غزة من أن هناك زيادة في عدد مرضى الفشل الكلوي "ناتجة عن تلوث المياه خاصة في ظل ظروف الحصار الحالي". وأوضح أن مياه القطاع تحتوي على "نسبة مرتفعة من النيترات والكلورايد وبعض المعادن الثقيلة".
وتوجد عدة مصادر لتلوث المياه في قطاع غزة، أهمها الصرف الصحي غير المعالج، ومنصرفات الأراضي الزراعية التي تحمل الأسمدة والمبيدات الكيميائية، والرشح من مكبات النفايات العشوائية، والمنصرفات الصناعية.
وتغطي شبكات الصرف الصحي في قطاع غزة 78 % من المساكن، في حين تستخدم المساكن المتبقية خزانات صرف أو حفرا تعفنية بسيطة ترشح منها المياه العادمة إلى المياه الجوفية.
وفيما تبلغ كمية المياه العادمة الناتجة عن قطاع غزة نحو 100 ألف متر مكعب يوميا، يشير مركز المعلومات الوطني الفلسطيني إلى أن نسبة المياه العادمة التي تصب في البحر تشكل 80 % من مجمل المنصرفات، مجملها غير معالج أو معالج جزئيا. وتتسرب باقي المياه العادمة إلى الخزان الجوفي ملوثة المياه والتربة.
وتشير دراسة نوعية المياه الجوفية في قطاع غزة إلى ارتفاع نسبة كلوريد الصوديوم والنترات بنسب تفوق المعدلات المسموح بها عالميا.
كما تسجل المياه الجوفية في أغلب مناطق القطاع، ولا سيما في محافظات خان يونس ودير البلح ورفح وغزة، بينما تتجاوز توصيات منظمة الصحة العالمية في ما يخص مؤشرات الأجسام الصلبة غير المنحلة والناقلية الكهربائية والنترات والصوديوم والقساوة وغيرها.