عودة لأخطاء الصعود الأول.. طالبان تواصل فرض القيود
الثلاثاء 05/مارس/2024 - 09:13 م
طباعة
محمد شعت
تتزايد القيود التي تفرضها حركة طالبان على جميع فئات الشعب الأفغاني، فبعد انتهاكات واسعة تشهدها حقوق المرأة الأفغانية شملت حرمانها من التعليم والعديد من الوظائف والمنع من ارتياد النوادي والصالات الرياضية، فرضت الحركة التي وصلت للسلطة للمرة الثانية في أغسطس 2021 - أو مايعرف بالصعود الثاني لطالبان – المزيد من القيود ضد المعارضة وعدم السماح بأي انتقادات لسياسات حكومة طالبان.
وتأتي هذه القيود التي تصل إلى حد الانتهاكات في الكثير من الملفات، على الرغم من خطابات الحركة التصالحية بعد وصولها للحكم، والتي وعدت خلالها بأنها لن تكرر أخطائها السابقة أثناء صعودها الأول في عام 1996 ، والذي فرضت خلاله قيودا صارمة.
قيود جديدة
مؤخرا حذر عبد الأحد مسعود مدير الدعوة والإرشاد فيما يعرف بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية والشهداء من أي انتقادات توجه للحركة، مشيرًا إلى أنه ليس من حق أي أحد توجيه انتقادت لسياسات الحكومة، لافتًا إلى أن الدين لايسمح بانتقاد زعيم الحركة وكبار مسؤوليها، وذلك في الوقت الذي قال فيه مولوي عبد الكبير زعيم رئيس وزراء طالبان إن حماية الإسلام والدين أمر متروك لهم" وأنظار العالم الإسلامي مسلطة عليهم.
ووفق تقارير أفغانية، فقد شدد مدير الدعوة والإرشاد على أنه ليس من المسموح لأحد بالتحدث إلى وسائل الإعلام وتوجيه انتقادات لقيادات الحركة، قائلا: " الإسلام يخبرنا أنه لا يُسمح لأحد بالذهاب إلى وسائل الإعلام أو التحدث ضد الإمارة "نظام طالبان" أو النظام الإسلامي، أو ضد أمير المؤمنين "زعيم طالبان" أو الوزراء والمحافظين، منتقدًا في الوقت نفسه "حلق اللحية"، وشبه من يحلقون لحاهم بـ"أعداء الله".قائلا: فلنترك اللحية. البريطانيون شعب بائس، وهم أعداء الله، ولا ينبغي لنا أن نجعل وجوهنا مثلهم، " بحسب تعبيره".
وتأتي القيود التي تفرضها حركة طالبان في الوقت الذي تتصاعد فيه الاتهامات ضد سيساسات الحركة والانتهاكات المتكررة في ملف حقوق الإنسان، فضلا عن اتهامات من جانب المعارضة المحلية للحركة بنشر التطرف والأصولية منذ وصولها للسلطة منذ قرابة عامين ونصف.
وسبق لمسؤولين كبار في حركة طالبان بتوجيه اتهامات بـ"الخيانة" للمعارضين، منها إصدار ندى محمد نديم وزير التعليم في وزارة طالبان– الذي لعب دورا في إغلاق الجامعات أمام الفتيات والمقرب من زعيم الحركة "هبة الله اخواند زاده" - - إصدار فتوى بقتل معارضي الحركة، معتبرا ان المعارضة أمر محظور.
انتقادات حقوقية
ووفقا لمنظمات حقوق الإنسان، فإن حركة طالبان خلقت جوا من الرعب والخوف في أفغانستان من خلال اعتقال النساء والفتيات بشكل تعسفي في الشوارع وقتل الجنود السابقين ومعارضيهم، وقال مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في أفغانستان، ريتشارد بينيت، إن نصف الأفغان محرومون من حقوقهم الأساسية، وقال إن وضع حقوق الإنسان في أفغانستان أصبح أسوأ، خاصة بالنسبة للفتيات والنساء.
واعتبر بينيت أن حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة، ومن ينتهك حقوق الإنسان يتحمل المسؤولية ويجب مساءلته، لافتًا إلى أن تقريره الأخير عن أفغانستان مسف حيث إن حالة حقوق الإنسان في أفغانستان تحت حكم طالبان مروعة، وأضاف بينيت: "لقد سجلنا عمليات إعدام علنية وعقوبات بدنية". "لقد تم قمع المعارضة السلمية، وذلك في الوقت الذي وصفت فيه الأمم المتحدة عقوبة الإعدام التي تطبقها حركة طالبان بأنها غير مقبولة، ودعت إلى الوقف الفوري لمثل هذه الأفعال.
وعلى مدار أكثر من عامين تكررت تهديدات حركة طالبان لمنتقديها ومعارضيها بالقتل ، كما قامت بإلغاء تراخيص جميع الأحزاب السياسية وحظرت أنشطتها، وهو الأمر الذي دعا حركات المعارضة إلى تأسيس أحزاب في الخارج، حيث يرى كبار مسؤولي طالبان مراراً وتكراراً إنه لا يمكن لأي عملية سياسية أن تقوم بأنشطة سياسية ومدنية معارضة لنظام طالبان. ويأتي هذا في الوقت الذي طلب فيه المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول التي تدعم طالبان، مراراً وتكراراً إنشاء هيكل سياسي وتشكيل حكومة شاملة وحماية حقوق الإنسان لجميع الأفغان، بما في ذلك الفتيات والنساء.
أزمة تعليم الفتيات
وتأتي القيود الجديدة بعد انتقادات عالمية ومحلية لمنع الفتيات من التعليم، حيث أقدمت حركة طالبان على منع النساء من الالتحاق بالجامعات، وذلك بعد خمسة عشر شهراً من استبعاد الفتيات من التعليم الثانوي، وهو مااعتبرته منظمات دولية يعتبر انتهاكاً للكرامة الإنسانية والحق الأساسي في التعليم.
وحذرت منظمات دولية بينها اليونسكو من هذه الخطوة سوف يترتب عليها عواقب وخيمة ولا رجعة فيها بالنسبة إلى التنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لأفغانستان. ولا يمكن لأفغانستان إحراز أي تقدم طالما أن نصف سكانها ممنوعون من مواصلة تعليمهم والمشاركة في الحياة العامة.
ووفق بيان "اليونسكو" فقد شهدت تقدماً كبيراً في مجال التعليم بين عامي 2001 و2018، بدعم من اليونسكو والمجتمع الدولي، وتضاعف عدد النساء في التعليم العالي عشرين مرة تقريباً، حيث كان 5,000 في عام 2001 وأصبح 90,000 في عام 2019. ووصلت النساء إلى مناصب المسؤولية في مجالات الطب والقانون والصحافة والسياسة، وكان لها دور مؤثر في إحداث تحول في البلد.