حماس على مفترق طرق.. اتجاه لتعيين خالد مشعل رئيسًا بعد اغتيال هنية

الجمعة 02/أغسطس/2024 - 01:17 م
طباعة حماس على مفترق طرق.. أميرة الشريف
 
تُعتبر حركة حماس من أبرز الفصائل الفلسطينية التي لعبت دورًا محوريًا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقد شهدت خلال السنوات الأخيرة تحولًا كبيرًا في قياداتها واستراتيجياتها.
و مع وفاة إسماعيل هنية، الأمين العام الحالي لحركة حماس، تطرح العديد من الأسئلة حول مصير الحركة مستقبلاً وما قد تؤول إليه أوضاعها في المرحلة المقبلة.
إسماعيل هنية، الذي قاد حركة حماس في فترة مليئة بالتحديات والضغوطات، سيتعين على الحركة الآن مواجهة مرحلة جديدة من القيادة.
و يتوقع المراقبون أن تتسارع عمليات الاختيار لزعيم جديد، وهو ما قد يكون له تأثير كبير على الاستراتيجية السياسية والعسكرية للحركة. 
وفي حال تولى قياديون جدد مسؤولياتهم، قد يحدث تغيير في طريقة تعامل الحركة مع قضايا مثل المصالحة الوطنية، العلاقات مع القوى الإقليمية، واستراتيجيات التفاوض مع إسرائيل.
وتتسارع التحضيرات داخل الحركة حماس عقب اغتيال إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران فجر يوم الأربعاء الماضي، حيث أفادت تقارير إعلامية فلسطينية بأن الحركة تقترب من إعلان خالد مشعل، رئيس حركة حماس في الخارج، رئيسًا مؤقتًا للمكتب السياسي للحركة خلفًا لهنية.
من المقرر أن تعقد قيادة حماس اجتماعًا طارئًا في العاصمة القطرية الدوحة، عقب مراسم تشييع هنية  الجمعة، حيث ستتم خلاله إجراءات تعيين مشعل في منصب رئيس المكتب السياسي.
 وأشارت التقارير إلى أن هناك توافقًا شبه كامل بين قيادات الحركة على هذا القرار، ويأتي هذا التحرك السريع استجابة للملفات الحساسة التي تواجهها الحركة، خاصة ملف إنهاء الحرب المدمرة على قطاع غزة.
بحسب التقارير، فإن اتخاذ قرار تعيين مشعل يأتي ضمن عملية شورى متفق عليها بين قيادة الحركة في قطاع غزة ومكتبها السياسي.
 ويُعتبر خليل الحية، عضو المكتب السياسي لحركة حماس في قطر، أحد أبرز الشخصيات التي تسهم في هذا القرار، حيث يمثل الجناح العسكري للحركة في غزة، والتي يشرف عليها يحيى السنوار.
خالد مشعل، الذي يشغل حاليًا منصب رئيس حركة حماس في الخارج، هو أحد الشخصيات البارزة في تاريخ الحركة، وكان ثاني رئيس لمكتبها السياسي. 
تتميز فترة مشعل بعلاقات واسعة مع دول عديدة، لكن علاقته بإيران، الحليف التقليدي لحركة حماس، تظل معقدة. 
مشعل ارتبط اسمه بمحاولات للابتعاد عن التحالف مع إيران، مما أثر على مكانته داخل الحركة التي تعتمد بشكل كبير على الدعم الإيراني.
في الوقت الذي يواجه فيه مشعل تحديات سياسية كبيرة، يبرز سؤال حول مدى قدرته على التعامل مع الوضع العسكري الميداني للحركة، نظرًا لابتعاده عن غزة وتواجده خارج القطاع. 
القيادة العسكرية للحركة، التي تتمركز في غزة، قد تكون بعيدة عن متناول مشعل، مما قد يؤثر على تنسيق الاستراتيجيات بين الجناحين السياسي والعسكري.
في سياق متصل، استقبل مشعل في الدوحة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الذي قدم تعازيه في اغتيال هنية، في حضور عدد من قيادات المكتب السياسي للحركة.
 يُنتظر أن تساهم هذه اللقاءات في تعزيز موقف مشعل ودعمه خلال المرحلة المقبلة.
إن المرحلة القادمة ستشهد إعادة تشكيل القيادة داخل حركة حماس، وستكون اختبارًا كبيرًا لقدرة الحركة على التكيف مع التحولات الجديدة، واستمراريتها في مواجهة التحديات الكبيرة التي تعترض طريقها.
ومن المؤكد أن الحركة ستسعى للحفاظ على استمرارية استراتيجياتها الأساسية ولكن، التغيرات في القيادة قد تؤدي إلى تحولات في الطريقة التي تدير بها الصراع مع إسرائيل، أو في كيفية تعاملها مع التحديات الداخلية والخارجية، قد يظهر بعض التباين بين الأجيال المختلفة من القادة في مساعيهم لتحقيق أهداف الحركة.
سيكون للتغيير في القيادة تأثير كبير على الساحة الفلسطينية بشكل عام، حيث ستسعى حركة حماس إلى التأكيد على قوتها ومكانتها كقوة رئيسية في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية. ولكن، قد تواجه الحركة أيضًا تحديات تتعلق بتعزيز الدعم الشعبي والتعامل مع الضغوط السياسية والاقتصادية.
العلاقات الإقليمية والدولية لحركة حماس قد تشهد تغييرات أيضًا فقد يكون للزعيم الجديد دور كبير في إعادة تشكيل العلاقات مع الدول العربية والعالمية، بما في ذلك محاولة تحسين العلاقات مع دول كانت لها تحفظات على سياسات الحركة السابقة.
كما تتسم الفترة المقبلة بعد وفاة إسماعيل هنية بكونها فترة غير واضحة المعالم بالنسبة لحركة حماس، حيث سيتم اختبار قدرة الحركة على التكيف مع التغيرات الجديدة وإثبات قدرتها على الحفاظ على استقرارها ونفوذها في سياق متغير ومعقد. 
وسيظل مستقبل حركة حماس معتمدًا على كيفية إدارتها لهذه المرحلة الانتقالية وتكيفها مع التحديات القادمة.

من هو خالد مشعل..

خالد مشعل كان شخصية محورية في حركة حماس منذ أواخر التسعينيات، فقد عاش معظم حياته خارج الأراضي الفلسطينية، حيث وُلد عام 1956 في بلدة سلواد قرب رام الله، وانتقل مع عائلته إلى الكويت في صغره.
 انضم في سن الخامسة عشرة إلى جماعة "الإخوان المسلمين" التي لعبت دورًا كبيرًا في تشكيل حركة حماس خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى.
عمل مشعل مدرسًا قبل أن يتجه إلى حشد التأييد لحماس من الخارج على مدى سنوات في الوقت الذي كان قادة آخرون من الحركة قابعين في السجون الإسرائيلية منذ فترات طويلة وكان مسؤولاً عن جمع التبرعات الدولية في الأردن.
في عام 1999، انتقل مشعل إلى قطر، ثم إلى سوريا في 2001 وكان يدير حركة حماس من دمشق منذ عام 2004، بعد اغتيال الشيخ أحمد ياسين وخلفه عبد العزيز الرنتيسي، وبقي في دمشق حتى يناير 2012. 
غادر العاصمة السورية بسبب تأييده الصريح للمعارضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، وانتقل إلى الدوحة حينها، ثم إلى القاهرة، وبات يتنقل بين العاصمتين.
أثرت مغادرته المفاجئة من سوريا على علاقاته مع إيران، المصدر الرئيسي لتمويل حماس، مما أضعف موقفه داخل الحركة لصالح منافسين في غزة.
في ديسمبر 2012، قام مشعل بأول زيارة إلى قطاع غزة، وألقى خطابًا رئيسيًا في احتفال حماس بالذكرى الخامسة والعشرين لتأسيسها، حيث لم يزر الأراضي الفلسطينية منذ مغادرته الضفة الغربية في سن الحادية عشرة.
 ظهرت خلافات بينه وبين قادة حماس في غزة بسبب محاولاته لتحقيق المصالحة مع عباس، مما دفعه إلى إعلان رغبته في التنحي عن منصبه، وفي عام 2017 خلفه إسماعيل هنية، الذي يعمل من الخارج أيضًا.
في عام 2021، انتُخب مشعل رئيسًا لمكتب حماس السياسي في الخارج لكن التطورات اللاحقة واغتيال هنية في طهران في 30 يوليو 2024، تضع خالد مشعل في موقع القيادة المحتملة لحركة حماس، ومواجهة التحديات القادمة وسط مشهد سياسي متوتر للغاية.

شارك