انقلاب على اتفاقيات التبادل.. الحوثيون يواصلون محاكمة الصحفيين المحررين

السبت 03/أغسطس/2024 - 01:58 م
طباعة انقلاب على اتفاقيات فاطمة عبدالغني
 
في تعدٍ واضح على مبادئ العدالة واستخفاف بمواثيق حقوق الإنسان، استنكرت الحكومة اليمنية استمرار مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، في إجراء محاكمات صورية للصحفيين المحررين من معتقلاتها ضمن صفقة التبادل التي رعتها الامم المتحدة في ابريل 2023، واعتبرت ذلك بمثابة انقلاب فاضح على نص وروح الاتفاق، ومحاولة لافشال اي تقدم في ملف الأسرى والمختطفين، وتأكيد جديد ان المليشيا لا عهد لها ولا ميثاق ولا ذمة، جاء ذلك على لسان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني.
وقال الإرياني في تغريدة له على منصة إكس "اختطفت مليشيا الحوثي الصحفيين (عبدالخالق عمران، توفيق المنصوري، حارث حميد، أكرم الوليدي) من مقر عملهم في يونيو 2015، ومارست بحقهم صنوف التعذيب النفسي والجسدي، وسوء المعاملة، واخضعتهم للمحاكمة بتهم ملفقة، وإصدرت أوامر باعدامهم في ابريل 2020، قبل أن يتم تحريرهم في صفقة لتبادل الأسرى والمختطفين"
واعتبر الإرياني هذه الممارسات الاجرامية تندرج ضمن مساعي المليشيا الحوثية لارهاب السياسيين والصحفيين والنشطاء والمواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وإصرارها على المضي في نهج التصعيد، ووضع المزيد من العراقيل أمام الجهود الصادقة التي تبذلها الدول الشقيقة والصديقة للتهدئة واحلال السلام في اليمن
وطالب الإرياني المجتمع الدولي والامم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن بممارسة ضغط حقيقي على مليشيا الحوثي الإرهابية، لاحترام اتفاقيات التبادل، وايقاف محاكمة كافة المختطفين والمحتجزين قسرا المحررين من معتقلاتها غير القانونية، وعدم استخدام القضاء كأداة لقمع وتصفية مناهضيها وارهاب المجتمع، والشروع الفوري في تصنيفها "منظمة إرهابية عالمية".
يشار إلى أن جماعة الحوثي أفرجت عن الصحفيين (عبدالخالق عمران، توفيق المنصوري، الحارث حميد، أكرم الوليدي)، في أواخر رمضان المنصرم، 16 أبريل 2023، ضمن صفقة تبادل رعتها الأمم المتحدة بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وجماعة الحوثي بعد ثمان سنوات من الاختطاف والاعتقال التعسفي.
لكن مصادر حقوقية، ذكرت الخميس 1 أغسطس، أن الجماعة تواصل محاكمة الصحفيين الأربعة المفرج عنهم في خرق واضح للاتفاقات التي أفرج بموجبها عن المحتجزين، الأمر الذي من شأنه عرقلة جهود السلام وإضعاف الثقة في عمليات الوساطة.
وفي هذا السياق اعتبر رئيس منظمة (دي يمنت) للحقوق والتنمية فهد الوصابي "هذه الأحكام جريمة مستمرة بحق المختطفين المفرج عنهم، تضعهم تحت سيف المجرم الحوثي حتى وقد خرجوا من سجونه".
 وقال الوصابي أن "هذه المحاكمات تعد إخلالاً وإهداراً وتحايلاً على اتفاقيات تبادل الأسرى، أفرغت الاتفاقيات من مضمونها حتى تلك المبرمة برعاية الأمم المتحدة، تخيل أنه مختطف يفرج عنه بتبادل وتستمر محاكمته ويحكم عليه بالإعدام!".

وأضاف الوصابي في تصريح صحفي له إن "هذا ليس عملاً عفوياً من الحوثي، وإنما جريمة تتم بسوء نية وقصد، أن يُبقي هؤلاء المختطفين المفرج عنهم تحت سيف البطش، ويضمن بهذه الأحكام أن لا يقفوا ضده، كما يضع أموالهم وأقاربهم وممتلكاتهم تحت رحمته"، وتابع: "أنت تعلم أنهم أحالوا ناس للمحاكم بهدف نهب الأموال".
وأكد الوصابي: "نحن نعلم أن هذه الأحكام منعدمة، لا قيمة قانونية لها، لأنها صادرة عن محكمة منعدمة الولاية القضائية، فهي والعدم سواء، لكن نحن نتكلم عن جماعة إجرامية لا يهمها مشروعية الأحكام وإنما تبحث عن مبررات لجرائمها".
وتابع: "الأمم المتحدة تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم، هؤلاء لم يخرجوا بعفو من الحوثي، وإنما أطلق سراحهم بمقابل مقاتلين حوثيين"، داعياً الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن، إلى إلزام الميليشيا بتنفيذ اتفاقية التبادل فكراً ومضموناً وعدم التحايل عليها والتهرب من استحقاقاتها، وإلغاء هذه الأحكام التعسفية والتي تعد بمثابة جرائم خطيرة بحق المختطفين المفرج عنهم.
ومن جانبه اعتبر الصحفي أكرم الوليدي- أحد الصحفيين المفرج عنهم ضمن صفقة التبادل، وعاودت جماعة الحوثي محاكمتهم-، هذه الخطوة "ضرباً في صميم العدالة، واستخفافاً بمواثيق حقوق الإنسان".
 وقال الوليدي في تصريح صحفي له: "نشعر بمرارة الألم ووقع الظلم ونحن نراقب الإجراءات الجائرة التي اتخذتها ميليشيا الحوثي بإعادة محاكمتنا بعد أن حصلنا على حريتنا بموجب صفقة تبادل الأسرى التي رعتها الأمم المتحدة."
وتحدث الوليدي عن تلقيه وزملائه نبأ استمرار الإجراءات الحوثية قائلاً: "جاءنا خبر استمرار هذه الإجراءات كالصاعقة. بعد أن تنفسنا نسيم الحرية واستبشرنا بنهاية الكابوس، وجدنا أنفسنا نعود إلى دوامة القهر والملاحقة." وأضاف: "هذه التصرفات تعكس سلوكاً دنيئاً يستغل البشر كأدوات لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة، متجاهلاً القيم الإنسانية والاتفاقات الدولية."
وأعرب الوليدي عن قلقه من أن "استمرار هذه المحاكمات الظالمة لا يعرضنا فقط لآلام نفسية وجسدية لا تُحتمل، بل يهدد بمستقبل غامض ومؤلم للمختطفين الآخرين الذين لا يزالون في قبضة هذه الميليشيا." واعتبر هذه الخطوة "صفعةً لكل الجهود النبيلة التي بذلتها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإرساء السلام وإعادة الحقوق لأصحابها."
ودعا الوليدي الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى "تحمل مسؤولياتهم التاريخية والأخلاقية والتحرك الفوري لوقف هذه المهزلة"، مطالباً بـ"حماية حقوقنا وضمان احترام كافة الاتفاقات المبرمة وتقديم الدعم النفسي والقانوني اللازم لنا ولأسرنا التي تعيش في حالة من الرعب والقلق لا تطاق."
واختتم الوليدي تصريحه قائلاً: "نؤمن بأن صوت الحق لا يضيع، وأن للعدالة يوماً ستتحقق فيه مهما طال الظلم. نأمل أن تجد أصواتنا صدىً لدى الضمائر الحية والجهات المعنية، كي تتحقق العدالة ويعود الأمان إلى حياتنا."
وعلى صعيد متصل، قال الصحفي المحرر عبدالخالق عمران إن "استمرار محاكمته وزملائه من الصحفيين يثبت ما نقوله دائمًا حول عدم جدية الحوثيين في السلام والمفاوضات، ويفضح أنهم ميليشيات لا تحترم العقود والمواثيق والاتفاقيات والجهود الدبلوماسية والسياسية الرامية إلى إحلال السلام. وأضاف عمران في تصريح له: "لقد أصدرت المحاكم الحوثية فتاوى دينية وأوامر قتل تحت مسمى 'أحكام إعدام' ضدنا في أبريل 2020، وكان خروجنا من سجون ميليشيات الحوثي وفق اتفاقية تبادل الأسرى والمختطفين التي رعتها الأمم المتحدة قد جمد وأوقف هذه الأحكام."
ومع ذلك، أشار عمران إلى أن عودة المحاكمات تمثل "رسالة واضحة بأننا، الصحفيين الأربعة المفرج عنهم، لا زلنا في دائرة الاستهداف ومهددين بالقتل والتصفية، خصوصاً وأن ما تسمى بأحكام الإعدام الحوثية هي فتاوى دينية مطلقة تستبيح أرواح الصحفيين وممتلكاتهم، ولا تقتصر على زمان أو مكان محددين."
وتابع عمران: "استمرار المحاكمات يجعل الصحفيين تحت الخوف والترهيب والضغط النفسي، ويؤثر على شعورهم بالأمان والاستقرار، مما يعيقهم عن عيش حياة طبيعية هم وأسرهم، ويعرضهم للقتل والتصفية من قبل الميليشيات الحوثية الإجرامية. وهذا ما دفعنا إلى المطالبة بحماية دولية، لأننا نعرف جيداً سلوك جماعة الحوثي الإجرامي التي تواصل إلحاق الأضرار بالصحفيين في محاولة لتأبيد معاناتهم بعد أن عجزت عن قتلهم أو إبقائهم في المعتقلات."
ودعا عمران "الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى ممارسة الضغط على ميليشيات الحوثي لاحترام اتفاقيات التبادل وعدم الإخلال بها، ولمنع استخدام المحاكم في تصفية الخصوم، واستخدام الصحفيين كورقة ضغط وترهيبهم، وقمع حريتهم، والحد من حركتهم ونشاطهم وممارسة حقهم في الحياة."
وطالب عمران "الحكومة الشرعية بأن تجعل وقف محاكمات الأسرى والمختطفين والمحررين والمحاكمات السياسية من قبل الميليشيات الحوثية أحد البنود الرئيسية في أي جولات تفاوضية قادمة بينها وبين الميليشيات الحوثية، وأن تستخدم مركزها القانوني وشرعيتها الدولية في ملاحقة ومحاكمة الحوثيين المتورطين في الجرائم والانتهاكات، وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب.
وكانت منظمة "رايتس رادار" لحقوق الإنسان، ومقرها أمستردام، دعت جماعة الحوثي في اليمن إلى إلغاء كافة إجراءات المحاكمة، سواءً كانت حضورياً أو غيابياً، بحق مئات المدنيين في مناطق سيطرتها.
وأكدت المنظمة أن جميع لوائح الاتهام الموجهة لهؤلاء المدنيين تستند إلى أسباب غير قانونية وبدوافع سياسية واضحة.
وحذرت المنظمة من أن استمرار الحوثيين في إصدار مثل هذه الإحالات وما يترتب عليها من قرارات وأحكام يؤكد حقيقة استخدامهم لقطاع القضاء وأجهزة النيابة كأداة للتصفية السياسية والقمع المعنوي ضد خصومهم وكل من يرفض الانخراط في أنشطتهم السياسية والأيديولوجية الخاصة. وأضافت أن هذه الممارسات تعد إدانة لكل من يستخدم صفته القضائية أو الأمنية كأداة قمع لخصومه.
وأعربت "رايتس رادار" في بيانها عن إدانتهم لهذه الإجراءات القمعية وقلقهم من احتمال تكرارها ضد المدنيين الذين يعتبرون فعلياً في حكم الرهائن، حيث يفتقرون لوسائل الاحتجاج والدفاع عن أنفسهم لمواجهة التهم الخطيرة التي غالباً ما تؤدي إلى السجن أو الإعدام. وأكدت أن كل ما يصدر عن المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء تحت سيطرة الحوثيين لا يعد قانونياً، وذلك استناداً إلى قرار صدر في أبريل 2018 عن مجلس القضاء الأعلى في الحكومة المعترف بها دولياً، والذي قضى بإلغاء المحكمة الجزائية المتخصصة الخاضعة لسلطة الحوثيين ونقل المحكمة الابتدائية الجزائية المتخصصة والشعبة الاستئنافية المتخصصة من صنعاء إلى مأرب.
وحذرت المنظمة من أن صدور مثل هذه القرارات يشكل تهديداً حقيقياً على حياة وسلامة المختطفين والأسرى المحتجزين لدى جماعة الحوثي، خاصة وأن الجماعة تسيطر بالكامل على الجهاز القضائي، مما يجعل حياة المحتجزين في خطر شديد.
وأكدت "رايتس رادار" أن السلطات القضائية التابعة لجماعة الحوثي أصدرت منذ سيطرتها على صنعاء في سبتمبر 2014 حتى يوليو الجاري أكثر من 641 حكماً بالسجن والإعدام، شملت 630 رجلاً و10 نساء وطفلاً واحداً، حيث تم الحكم بالإعدام على 579 منهم، بينهم 6 نساء وطفل، بينما حكم بالحبس على 62 شخصاً بينهم 4 نساء.
ودعت المنظمة إلى استخدام النفوذ الأدبي والقانوني للمنظمات والهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان لإيقاف هذا الاستهداف المدني في مناطق سيطرة الحوثيين، وطالبت مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانز غروندبرغ، بالتدخل الفوري لتوفير الحماية لضحايا المحاكمات أمام المحاكم الحوثية، وإسقاط أحكام الإعدام التي تهدد حياة وسلامة الضحايا.

شارك