إلغاء مفاجئ: وزير الدفاع الأمريكي يتراجع عن اتفاق مع خالد شيخ محمد كان سيخفف عقوبة الإعدام

السبت 03/أغسطس/2024 - 02:23 م
طباعة إلغاء مفاجئ: وزير علي رجب
 

أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن يوم الجمعة إلغاء اتفاق الإقرار بالذنب الذي تم التوصل إليه مع خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر2001 ، وذلك بعد يومين فقط من الكشف عن الاتفاق الذي كان من شأنه إزالة عقوبة الإعدام عن الطاولة.

اولت واشنطن مرارًا وتكرارًا إغلاق ملف السجن وإدانة شيخ محمد عبر محاكمته، لكن لم يتحقق أي من هذين الهدفين. ومع ذلك، توصلت وزارة الدفاع الأمريكية أخيرًا، بعد فترة طويلة من الانتظار والمفاوضات، إلى اتفاق مع شيخ محمد، بالإضافة إلى اثنين من المتهمين الآخرين، وهما وليد عطاش ومصطفى الهوساوي.

التفاصيل التي ظهرت يوم الأربعاء بشأن الاتفاقات المبرمة مع محمد واثنين من شركائه المزعومين كانت تشير إلى احتمال حل القضايا العالقة منذ فترة طويلة، ولكنها أثارت غضب بعض أقارب ضحايا الهجمات وواجهت انتقادات من سياسيين جمهوريين بارزين.

في مذكرة وجهها أوستن إلى سوزان إسكالييه، المشرفة على القضية، قال: "قررت أن مسؤولية اتخاذ قرار بشأن اتفاقيات ما قبل المحاكمة يجب أن تقع على عاتقي نظرًا لأهمية هذه القرارات".

وأضاف في المذكرة: "أعلن انسحابي من الاتفاقيات الثلاثة التي قمت بتوقيعها في 31 يوليو 2024".

ظل المتهمون في هجمات 11 سبتمبر، بمن فيهم خالد شيخ محمد، عالقين في مرحلة المناورات التمهيدية قبل المحاكمة لسنوات، بينما ظلوا محتجزين في قاعدة جوانتانامو العسكرية في كوبا.

 

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز هذا الأسبوع أن محمد ووليد بن عطاش ومصطفى الهوساوي وافقوا على الاعتراف بالذنب في تهم التآمر مقابل أحكام بالسجن مدى الحياة، بدلاً من مواجهة محاكمة قد تؤدي إلى الإعدام.

 وقد ركز الجدل القانوني المحيط بالقضايا على إمكانية محاكمة المتهمين بشكل عادل بعد تعرضهم للتعذيب على يد وكالة المخابرات المركزية في السنوات التي تلت هجمات 11 سبتمبر.

وكانت الاتفاقيات المبرمة تهدف إلى تجنب هذه القضية الشائكة، لكنها قوبلت بانتقادات حادة من معارضي إدارة الرئيس جو بايدن. وصف النائب الجمهوري مايك روجرز الاتفاقيات بأنها "غير عادلة"، وقال رئيس مجلس النواب مايك جونسون إنها كانت "صفعة على الوجه" لعائلات حوالي ثلاثة آلاف شخص قُتلوا في الهجمات.

كما وصف جيه دي فانس، المرشح الرئاسي الجمهوري، الاتفاقيات بأنها "صفقة لطيفة مع إرهابيي 11 سبتمبر"، مؤكدًا أن الولايات المتحدة بحاجة إلى رئيس يتخذ إجراءات ضد الإرهابيين بدلاً من التفاوض معهم.

يُذكر أن محمد كان يعتبر من أبرز مساعدي زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وتم القبض عليه في مارس 2003 في باكستان، حيث أمضى ثلاث سنوات في سجون سرية تابعة لوكالة المخابرات المركزية قبل نقله إلى جوانتانامو في عام 2006. وقد قاد سلسلة من المؤامرات الكبرى ضد الولايات المتحدة.

أما بن عطاش، وهو سعودي من أصل يمني، فقد درب اثنين من الخاطفين الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر، واعتُبر مسؤولاً عن شراء المتفجرات وتجنيد أعضاء الفريق الذي نفذ الهجوم على المدمرة الأمريكية كول. تم القبض عليه في باكستان بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001، واحتُجز في سجون سرية قبل نقله إلى جوانتانامو.

يُعتقد أن الهوساوي كان مسؤولاً عن إدارة تمويل هجمات 11 سبتمبر، واحتُجز في سجون سرية قبل نقله إلى جوانتانامو في عام 2006.

تستخدم الولايات المتحدة معتقل حوانتانامو، وهو قاعدة بحرية معزولة، لاحتجاز المتشددين الموقوفين خلال "الحرب على الإرهاب" التي تلت هجمات 11 سبتمبر، في محاولة لمنع المتهمين من التذرع بحقوقهم بموجب القانون الأمريكي.

 كان المعتقل يضم نحو 800 سجين في ذروته، ولكن العدد تقلص ببطء منذ ذلك الحين. وقد تعهد بايدن، قبل انتخابه، بمحاولة إغلاق المعتقل، لكنه لا يزال مفتوحًا حتى الآن.

تم القبض على خالد شيخ محمد في مدينة راولبندي بباكستان عام 2003، وذلك نتيجة عملية استخباراتية مشتركة بين الولايات المتحدة وباكستان. وقد اتهمته واشنطن بكونه عضوًا بارزًا في تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن، واعتبرته العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر.

 

نشأ شيخ محمد في الكويت بعد أن هاجر والده الباكستاني من إقليم بلوشستان إلى هناك. وبعد اعتقاله، نُقل شيخ محمد إلى سجون في دول مختلفة للتحقيق معه، قبل أن يُستقر في جوانتانامو. وقد أثيرت الكثير من الأقاويل حول تعرضه للتعذيب بهدف انتزاع اعترافات منه.

 

في عام 2014، كشف تقرير لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي أن شيخ محمد تعرض للتعذيب بأسلوب الإغراق بالماء حوالي 183 مرة. ويمثل هذا التناقض بين تعهد النظام القانوني الأمريكي بالالتزام بمعايير حقوق الإنسان والتعرض للتعذيب مشكلة كبيرة في التعامل مع قضايا المتهمين في هجمات سبتمبر. فقد أعاق استخدام التعذيب تقدم القضية قانونياً، حيث كانت وزارة الدفاع تخشى من أن يُلغي القضاة القضية إذا اعتبروا أن الأدلة انتزعت قسريًا.

 

لكن التطورات الأخيرة، والتي تشمل اعتراف خالد شيخ محمد بالتهم الموجهة إليه، تمثل نهاية طالما سعى الادعاء العام لتحقيقها، مما يسمح بطي صفحة مهمة في التعامل القانوني مع القضية.

من جهة أخرى، تعتبر فكرة تقديم تنازلات للمتهمين مسألة حساسة سياسيًا، ولذلك تملص البيت الأبيض من أي ارتباط بالاتفاق. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي إن "إدارة الرئيس جو بايدن علمت بالاتفاق الذي أبرمه المدعون العامون في وزارة الدفاع، لكن الرئيس والبيت الأبيض ليس لهما أي دور في العملية".

شارك