من الفقر إلى الإرهاب: استراتيجيات التجنيد لدى الجماعات المتطرفة
الخميس 29/أغسطس/2024 - 02:43 م
طباعة
حسام الحداد
في عالمٍ يتسع فيه الفقر والتهميش على نطاق واسع، تصبح الجماعات المتطرفة قادرة على استغلال هذا الواقع المأساوي لتحويل اليأس والإحباط إلى أداة قوية لتجنيد العناصر الجديدة. ونناقش في هذه الورقة تلك العلاقة المعقدة بين الظروف الاقتصادية الصعبة ونمو التطرف العنيف. في العديد من المناطق الفقيرة حول العالم، تنجح هذه الجماعات في تقديم نفسها كملاذٍ للأفراد الذين يعانون من البطالة، وانعدام الفرص، والشعور بالظلم الاجتماعي. من خلال وعودٍ زائفة بحياة أفضل ومستقبلٍ آمن، يستخدم المتطرفون استراتيجيات ذكية للتأثير على الفقراء، وتحويلهم من ضحايا للفقر إلى أدوات لتحقيق أجنداتهم العنيفة. هذه المقدمة تسلط الضوء على التحدي الكبير الذي يشكله الفقر في مكافحة الإرهاب، وكيف أصبح التجنيد بين الفقراء أحد الأسلحة الرئيسية للجماعات المتطرفة في تنامي الإرهاب عالمياً.
الفقر هو أحد العوامل الرئيسة التي تساهم في صناعة التطرف، حيث يلعب دورًا محوريًا في جذب الأفراد إلى الجماعات المتطرفة. في ظل ظروف اقتصادية قاسية، يصبح الأفراد أكثر عرضة للبحث عن حلول جذرية لتغيير واقعهم، وهو ما تستغله الجماعات المتطرفة بمهارة.
دور الفقر في صناعة التطرف
الفقر يخلق بيئة من الإحباط واليأس، حيث يجد الأفراد أنفسهم عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الأساسية، مما يجعلهم أكثر عرضة للتأثر بالأفكار المتطرفة. في غياب فرص العمل والتعليم الجيد، يشعر الفقراء بالتهميش الاجتماعي والاقتصادي، مما يدفعهم نحو البحث عن هوية وانتماء جديدين. في كثير من الأحيان، يجد هؤلاء الأفراد في الجماعات المتطرفة ملاذًا يوفر لهم الانتماء والأمل في تحسين أوضاعهم.
استغلال الجماعات المتطرفة للحالة الاقتصادية
الجماعات المتطرفة تستغل الفقر والحالة الاقتصادية السيئة في عمليات التجنيد عبر عدة طرق:
الدعم المالي والعيني:
تقدم الجماعات المتطرفة دعمًا ماليًا وعينيًا للمحتاجين، مما يخلق شعورًا بالولاء والانتماء لدى الأفراد المستفيدين. في مناطق مثل العراق وسوريا، قدم تنظيم داعش رواتب ثابتة للمقاتلين وأسرهم، مما جذب العديد من الفقراء والمحرومين إلى صفوفه.
و هناك العديد من الأمثلة التي توضح كيف تقدم الجماعات المتطرفة دعمًا ماليًا وعينيًا لاستقطاب الأفراد وتجنيدهم:
داعش في سوريا والعراق: خلال فترة سيطرته على مناطق واسعة في سوريا والعراق، كان تنظيم داعش يقدم رواتب شهرية لمقاتليه وأسرهم. هذه الرواتب كانت تتراوح بين 400 و1000 دولار شهريًا، بالإضافة إلى توفير سكن مجاني ومواد غذائية. هذا الدعم المالي كان أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت العديد من الأفراد، خاصة من الفقراء والمحرومين، إلى الانضمام للتنظيم.
حزب الله في لبنان: يعتمد حزب الله بشكل كبير على تقديم الدعم المالي والعيني لأعضائه ومؤيديه. ويقدم الحزب رواتب ثابتة للمقاتلين وعائلاتهم، بالإضافة إلى توفير الخدمات الصحية والتعليمية المجانية. كما يوفر السلع الأساسية مثل الطعام والوقود في المناطق التي يسيطر عليها. هذا الدعم يساعد في كسب ولاء السكان المحليين ويجعلهم يعتمدون بشكل كبير على الحزب.
حركة الشباب في الصومال: توفر حركة الشباب رواتب ثابتة للمقاتلين، بالإضافة إلى تقديم مساعدات غذائية وعينية للأسر المحتاجة في المناطق التي تسيطر عليها. في بيئة تعاني من الفقر والجوع، يكون هذا الدعم حافزًا قويًا للانضمام إلى الجماعة.
جماعة بوكو حرام في نيجيريا: تعتمد بوكو حرام على تقديم الدعم العيني مثل الغذاء والملابس للأسر الفقيرة في المناطق الريفية التي تسيطر عليها. كما تقدم رواتب صغيرة للشباب الذين ينضمون إلى صفوفها، مما يجذب الفقراء والعاطلين عن العمل.
هذه الأمثلة توضح كيف تستغل الجماعات المتطرفة الظروف الاقتصادية الصعبة لتجنيد الأفراد من خلال تقديم دعم مالي وعيني يحسن من أوضاعهم المعيشية.
الوعود بالمستقبل الأفضل:
تعد الجماعات المتطرفة الأفراد بحياة أفضل إذا ما انضموا إليها. تقدم هذه الجماعات وعودًا بإنهاء الظلم الاجتماعي وإقامة دولة عادلة تضمن للجميع فرصًا متساوية. في الواقع، كثير من الفقراء يجدون في هذه الوعود بديلاً لليأس الذي يعيشونه.
وعلى سبيل مثال نجد أن جماعة الإخوان المسلمين استخدمت الوعود بمستقبل أفضل كجزء من استراتيجيتها لاستقطاب الأفراد وكسب تأييدهم في عدة بلدان. إليك بعض الأمثلة:
مصر: بعد ثورة 25 يناير 2011 وسقوط نظام حسني مبارك، وعد الإخوان المسلمون ببناء دولة ديمقراطية عادلة تحترم حقوق الإنسان وتحقق العدالة الاجتماعية. ركزت حملاتهم الانتخابية على تحسين الأوضاع الاقتصادية وتوفير فرص عمل وتحقيق العدالة الاجتماعية للفقراء والمهمشين. هذه الوعود كانت أحد الأسباب التي ساهمت في فوزهم في الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
تونس: حركة النهضة، وهي الفرع التونسي لجماعة الإخوان المسلمين، قدمت وعودًا مشابهة بعد الثورة التونسية في 2011. ركزت على بناء دولة ديمقراطية تعزز من العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية. كما وعدت بتحقيق التنمية في المناطق الفقيرة والمهمشة، وهو ما جذب العديد من الناخبين الذين كانوا يعانون من التهميش في ظل النظام السابق.
الأردن: في الأردن، استخدم الإخوان المسلمون وعودًا بالإصلاح السياسي والاقتصادي لكسب تأييد الشعب. وعدوا بتحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد وتحسين أوضاع الفقراء. هذه الوعود ساعدتهم في كسب تأييد قطاعات واسعة من المجتمع الأردني، خاصة في الأوساط الفقيرة.
السودان: خلال فترات نفوذهم في السودان، وعد الإخوان بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتطبيق الشريعة الإسلامية بشكل يحقق العدالة والتنمية. ركزوا على تحسين الأوضاع في المناطق الريفية والمهمشة، ما جذب العديد من الفقراء والمحرومين.
اليمن: حزب الإصلاح اليمني، وهو فرع من جماعة الإخوان المسلمين، وعد بتحقيق الاستقرار والتنمية في اليمن بعد الثورة اليمنية في 2011. ركز الحزب على وعود بتحسين الأوضاع الاقتصادية وتوفير فرص العمل وتحقيق العدالة الاجتماعية، ما جعله يحظى بدعم شعبي في بعض المناطق.
ورغم أن هذه الوعود بمستقبل أفضل كانت عاملاً رئيسياً في كسب التأييد الشعبي، إلا أن قدرة الجماعة على تحقيق هذه الوعود كانت محدودة بسبب التحديات الداخلية والخارجية، ما أدى إلى تراجع شعبيتها في بعض المناطق. في مصر على سبيل المثال، أدى عدم تحقيق التوقعات الاقتصادية والاجتماعية إلى انقلاب شعبي ضد حكم الإخوان، مما مهد الطريق لعزل الرئيس محمد مرسي في 2013.
التعليم والدعاية:
تستغل الجماعات المتطرفة ضعف التعليم في المناطق الفقيرة لنشر أفكارها المتطرفة. ويتم تجنيد الشباب من خلال المدارس الدينية أو المساجد التي تروج لأفكار متطرفة، حيث يُقدم الفقر كدليل على فساد النظام القائم وحاجة المجتمع إلى تغيير جذري.
وتستخدم العديد من الجماعات المتطرفة التعليم والدعاية كوسائل رئيسية لنشر أفكارها وتجنيد الأفراد، وغالبًا ما تركز هذه الجهود على الشباب والفئات الأكثر هشاشة. وهنا عدد من الأمثلة على كيفية استخدام التعليم والدعاية من قبل جماعات مختلفة في بلدان متعددة:
1. حركة طالبان - أفغانستان وباكستان
تستخدم طالبان المدارس الدينية (المدارس) لنشر أيديولوجيتها المتطرفة. في هذه المدارس، يتم تلقين الطلاب تعاليم صارمة للشريعة، ويتم تلقينهم أفكارًا متشددة تدعو إلى الجهاد ضد الأعداء. هذه المدارس غالبًا ما تكون في المناطق الريفية والفقيرة حيث يكون الوصول إلى التعليم الرسمي محدودًا.
كما تعتمد طالبان على نشر أفلام وفيديوهات دعائية تظهر فيها أنشطتها العسكرية والانتصارات المزعومة. تُستخدم هذه المواد لتحفيز الشباب على الانضمام إلى صفوفها واعتبار الجهاد واجبًا دينيًا.
2. بوكو حرام - نيجيريا
تهاجم جماعة بوكو حرام التعليم الرسمي في نيجيريا، حيث تعتبره تعليمًا غربيًا يجب محاربته. تقوم الجماعة بإغلاق المدارس وقتل المعلمين والطلاب الذين يرفضون الانضمام إليها. وفي المقابل، تروج لتعليم ديني متشدد في المناطق التي تسيطر عليها.
كما تستخدم بوكو حرام التسجيلات الصوتية والفيديوهات لنشر رسائلها عبر الإنترنت ووسائل الإعلام المحلية. تركز الدعاية على التأكيد على الظلم الذي يعاني منه المسلمون في نيجيريا وحول العالم، وتدعو للانضمام إلى القتال من أجل إقامة دولة إسلامية.
3. داعش - سوريا والعراق
سيطر تنظيم داعش على المدارس في المناطق التي احتلها، وأعاد صياغة المناهج الدراسية لتتوافق مع أيديولوجيته المتطرفة. ألغى المواد التي تتعارض مع رؤيته، مثل الفنون والموسيقى والعلوم الحديثة، وركز على التعليم الديني والجهاد.
كما استخدم داعش وسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعال لنشر دعايته. أصدر مجلات إلكترونية مثل "دابق" و"رومية" بلغات مختلفة، ونشر فيديوهات عالية الجودة تصور المعارك وعمليات الإعدام العلنية. هذه المواد كانت تهدف إلى بث الرعب بين أعدائه وجذب المجندين الجدد من جميع أنحاء العالم.
4. حزب الله - لبنان
يدير حزب الله شبكة من المدارس التي تعلم الأيديولوجيا الشيعية مع تركيز قوي على المقاومة ضد إسرائيل والغرب. هذه المدارس تلقن الأطفال والشباب أهمية الجهاد ضد "الأعداء" وتغرس فيهم الولاء للحزب.
كما يعتمد حزب الله على وسائل الإعلام الخاصة به، مثل قناة "المنار"، لبث رسائله السياسية والعسكرية. كما يستخدم خطب زعمائه للتأثير على جمهوره، خاصة من خلال تمجيد الشهداء وتبرير الهجمات العسكرية.
5. جماعة الإخوان المسلمين - مصر
جماعة الإخوان المسلمين في مصر ركزت على إنشاء شبكة من المدارس الخاصة والجمعيات الخيرية التي تقدم التعليم الديني بالإضافة إلى المواد التقليدية. في هذه المدارس، يتم تلقين الطلاب أفكارًا إسلامية محافظة تشدد على أهمية تطبيق الشريعة.
كما اعتمد الإخوان على وسائل الإعلام التقليدية والجديدة لنشر أفكارهم. أنشأوا صحفًا وقنوات تلفزيونية، واستخدموا وسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعال للتواصل مع الجماهير وترويج برامجهم السياسية والدينية.
وأخيرا فإن الفقر ليس العامل الوحيد في صناعة التطرف، ولكنه بلا شك أحد العوامل الأكثر تأثيرًا. تستغل الجماعات المتطرفة الفقر والحالة الاقتصادية المتدهورة بشكل ممنهج لزيادة قاعدتها الشعبية والتجنيد. الحلول الفعالة لمكافحة التطرف لا بد أن تشمل تحسين الظروف الاقتصادية وتوفير فرص عمل وتعليم أفضل، مما يقلل من قدرة هذه الجماعات على استغلال الأوضاع المعيشية السيئة.
الفقر هو أحد العوامل الرئيسة التي تساهم في صناعة التطرف، حيث يلعب دورًا محوريًا في جذب الأفراد إلى الجماعات المتطرفة. في ظل ظروف اقتصادية قاسية، يصبح الأفراد أكثر عرضة للبحث عن حلول جذرية لتغيير واقعهم، وهو ما تستغله الجماعات المتطرفة بمهارة.
دور الفقر في صناعة التطرف
الفقر يخلق بيئة من الإحباط واليأس، حيث يجد الأفراد أنفسهم عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الأساسية، مما يجعلهم أكثر عرضة للتأثر بالأفكار المتطرفة. في غياب فرص العمل والتعليم الجيد، يشعر الفقراء بالتهميش الاجتماعي والاقتصادي، مما يدفعهم نحو البحث عن هوية وانتماء جديدين. في كثير من الأحيان، يجد هؤلاء الأفراد في الجماعات المتطرفة ملاذًا يوفر لهم الانتماء والأمل في تحسين أوضاعهم.
استغلال الجماعات المتطرفة للحالة الاقتصادية
الجماعات المتطرفة تستغل الفقر والحالة الاقتصادية السيئة في عمليات التجنيد عبر عدة طرق:
الدعم المالي والعيني:
تقدم الجماعات المتطرفة دعمًا ماليًا وعينيًا للمحتاجين، مما يخلق شعورًا بالولاء والانتماء لدى الأفراد المستفيدين. في مناطق مثل العراق وسوريا، قدم تنظيم داعش رواتب ثابتة للمقاتلين وأسرهم، مما جذب العديد من الفقراء والمحرومين إلى صفوفه.
و هناك العديد من الأمثلة التي توضح كيف تقدم الجماعات المتطرفة دعمًا ماليًا وعينيًا لاستقطاب الأفراد وتجنيدهم:
داعش في سوريا والعراق: خلال فترة سيطرته على مناطق واسعة في سوريا والعراق، كان تنظيم داعش يقدم رواتب شهرية لمقاتليه وأسرهم. هذه الرواتب كانت تتراوح بين 400 و1000 دولار شهريًا، بالإضافة إلى توفير سكن مجاني ومواد غذائية. هذا الدعم المالي كان أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت العديد من الأفراد، خاصة من الفقراء والمحرومين، إلى الانضمام للتنظيم.
حزب الله في لبنان: يعتمد حزب الله بشكل كبير على تقديم الدعم المالي والعيني لأعضائه ومؤيديه. ويقدم الحزب رواتب ثابتة للمقاتلين وعائلاتهم، بالإضافة إلى توفير الخدمات الصحية والتعليمية المجانية. كما يوفر السلع الأساسية مثل الطعام والوقود في المناطق التي يسيطر عليها. هذا الدعم يساعد في كسب ولاء السكان المحليين ويجعلهم يعتمدون بشكل كبير على الحزب.
حركة الشباب في الصومال: توفر حركة الشباب رواتب ثابتة للمقاتلين، بالإضافة إلى تقديم مساعدات غذائية وعينية للأسر المحتاجة في المناطق التي تسيطر عليها. في بيئة تعاني من الفقر والجوع، يكون هذا الدعم حافزًا قويًا للانضمام إلى الجماعة.
جماعة بوكو حرام في نيجيريا: تعتمد بوكو حرام على تقديم الدعم العيني مثل الغذاء والملابس للأسر الفقيرة في المناطق الريفية التي تسيطر عليها. كما تقدم رواتب صغيرة للشباب الذين ينضمون إلى صفوفها، مما يجذب الفقراء والعاطلين عن العمل.
هذه الأمثلة توضح كيف تستغل الجماعات المتطرفة الظروف الاقتصادية الصعبة لتجنيد الأفراد من خلال تقديم دعم مالي وعيني يحسن من أوضاعهم المعيشية.
الوعود بالمستقبل الأفضل:
تعد الجماعات المتطرفة الأفراد بحياة أفضل إذا ما انضموا إليها. تقدم هذه الجماعات وعودًا بإنهاء الظلم الاجتماعي وإقامة دولة عادلة تضمن للجميع فرصًا متساوية. في الواقع، كثير من الفقراء يجدون في هذه الوعود بديلاً لليأس الذي يعيشونه.
وعلى سبيل مثال نجد أن جماعة الإخوان المسلمين استخدمت الوعود بمستقبل أفضل كجزء من استراتيجيتها لاستقطاب الأفراد وكسب تأييدهم في عدة بلدان. إليك بعض الأمثلة:
مصر: بعد ثورة 25 يناير 2011 وسقوط نظام حسني مبارك، وعد الإخوان المسلمون ببناء دولة ديمقراطية عادلة تحترم حقوق الإنسان وتحقق العدالة الاجتماعية. ركزت حملاتهم الانتخابية على تحسين الأوضاع الاقتصادية وتوفير فرص عمل وتحقيق العدالة الاجتماعية للفقراء والمهمشين. هذه الوعود كانت أحد الأسباب التي ساهمت في فوزهم في الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
تونس: حركة النهضة، وهي الفرع التونسي لجماعة الإخوان المسلمين، قدمت وعودًا مشابهة بعد الثورة التونسية في 2011. ركزت على بناء دولة ديمقراطية تعزز من العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية. كما وعدت بتحقيق التنمية في المناطق الفقيرة والمهمشة، وهو ما جذب العديد من الناخبين الذين كانوا يعانون من التهميش في ظل النظام السابق.
الأردن: في الأردن، استخدم الإخوان المسلمون وعودًا بالإصلاح السياسي والاقتصادي لكسب تأييد الشعب. وعدوا بتحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد وتحسين أوضاع الفقراء. هذه الوعود ساعدتهم في كسب تأييد قطاعات واسعة من المجتمع الأردني، خاصة في الأوساط الفقيرة.
السودان: خلال فترات نفوذهم في السودان، وعد الإخوان بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتطبيق الشريعة الإسلامية بشكل يحقق العدالة والتنمية. ركزوا على تحسين الأوضاع في المناطق الريفية والمهمشة، ما جذب العديد من الفقراء والمحرومين.
اليمن: حزب الإصلاح اليمني، وهو فرع من جماعة الإخوان المسلمين، وعد بتحقيق الاستقرار والتنمية في اليمن بعد الثورة اليمنية في 2011. ركز الحزب على وعود بتحسين الأوضاع الاقتصادية وتوفير فرص العمل وتحقيق العدالة الاجتماعية، ما جعله يحظى بدعم شعبي في بعض المناطق.
ورغم أن هذه الوعود بمستقبل أفضل كانت عاملاً رئيسياً في كسب التأييد الشعبي، إلا أن قدرة الجماعة على تحقيق هذه الوعود كانت محدودة بسبب التحديات الداخلية والخارجية، ما أدى إلى تراجع شعبيتها في بعض المناطق. في مصر على سبيل المثال، أدى عدم تحقيق التوقعات الاقتصادية والاجتماعية إلى انقلاب شعبي ضد حكم الإخوان، مما مهد الطريق لعزل الرئيس محمد مرسي في 2013.
التعليم والدعاية:
تستغل الجماعات المتطرفة ضعف التعليم في المناطق الفقيرة لنشر أفكارها المتطرفة. ويتم تجنيد الشباب من خلال المدارس الدينية أو المساجد التي تروج لأفكار متطرفة، حيث يُقدم الفقر كدليل على فساد النظام القائم وحاجة المجتمع إلى تغيير جذري.
وتستخدم العديد من الجماعات المتطرفة التعليم والدعاية كوسائل رئيسية لنشر أفكارها وتجنيد الأفراد، وغالبًا ما تركز هذه الجهود على الشباب والفئات الأكثر هشاشة. وهنا عدد من الأمثلة على كيفية استخدام التعليم والدعاية من قبل جماعات مختلفة في بلدان متعددة:
1. حركة طالبان - أفغانستان وباكستان
تستخدم طالبان المدارس الدينية (المدارس) لنشر أيديولوجيتها المتطرفة. في هذه المدارس، يتم تلقين الطلاب تعاليم صارمة للشريعة، ويتم تلقينهم أفكارًا متشددة تدعو إلى الجهاد ضد الأعداء. هذه المدارس غالبًا ما تكون في المناطق الريفية والفقيرة حيث يكون الوصول إلى التعليم الرسمي محدودًا.
كما تعتمد طالبان على نشر أفلام وفيديوهات دعائية تظهر فيها أنشطتها العسكرية والانتصارات المزعومة. تُستخدم هذه المواد لتحفيز الشباب على الانضمام إلى صفوفها واعتبار الجهاد واجبًا دينيًا.
2. بوكو حرام - نيجيريا
تهاجم جماعة بوكو حرام التعليم الرسمي في نيجيريا، حيث تعتبره تعليمًا غربيًا يجب محاربته. تقوم الجماعة بإغلاق المدارس وقتل المعلمين والطلاب الذين يرفضون الانضمام إليها. وفي المقابل، تروج لتعليم ديني متشدد في المناطق التي تسيطر عليها.
كما تستخدم بوكو حرام التسجيلات الصوتية والفيديوهات لنشر رسائلها عبر الإنترنت ووسائل الإعلام المحلية. تركز الدعاية على التأكيد على الظلم الذي يعاني منه المسلمون في نيجيريا وحول العالم، وتدعو للانضمام إلى القتال من أجل إقامة دولة إسلامية.
3. داعش - سوريا والعراق
سيطر تنظيم داعش على المدارس في المناطق التي احتلها، وأعاد صياغة المناهج الدراسية لتتوافق مع أيديولوجيته المتطرفة. ألغى المواد التي تتعارض مع رؤيته، مثل الفنون والموسيقى والعلوم الحديثة، وركز على التعليم الديني والجهاد.
كما استخدم داعش وسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعال لنشر دعايته. أصدر مجلات إلكترونية مثل "دابق" و"رومية" بلغات مختلفة، ونشر فيديوهات عالية الجودة تصور المعارك وعمليات الإعدام العلنية. هذه المواد كانت تهدف إلى بث الرعب بين أعدائه وجذب المجندين الجدد من جميع أنحاء العالم.
4. حزب الله - لبنان
يدير حزب الله شبكة من المدارس التي تعلم الأيديولوجيا الشيعية مع تركيز قوي على المقاومة ضد إسرائيل والغرب. هذه المدارس تلقن الأطفال والشباب أهمية الجهاد ضد "الأعداء" وتغرس فيهم الولاء للحزب.
كما يعتمد حزب الله على وسائل الإعلام الخاصة به، مثل قناة "المنار"، لبث رسائله السياسية والعسكرية. كما يستخدم خطب زعمائه للتأثير على جمهوره، خاصة من خلال تمجيد الشهداء وتبرير الهجمات العسكرية.
5. جماعة الإخوان المسلمين - مصر
جماعة الإخوان المسلمين في مصر ركزت على إنشاء شبكة من المدارس الخاصة والجمعيات الخيرية التي تقدم التعليم الديني بالإضافة إلى المواد التقليدية. في هذه المدارس، يتم تلقين الطلاب أفكارًا إسلامية محافظة تشدد على أهمية تطبيق الشريعة.
كما اعتمد الإخوان على وسائل الإعلام التقليدية والجديدة لنشر أفكارهم. أنشأوا صحفًا وقنوات تلفزيونية، واستخدموا وسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعال للتواصل مع الجماهير وترويج برامجهم السياسية والدينية.
وأخيرا فإن الفقر ليس العامل الوحيد في صناعة التطرف، ولكنه بلا شك أحد العوامل الأكثر تأثيرًا. تستغل الجماعات المتطرفة الفقر والحالة الاقتصادية المتدهورة بشكل ممنهج لزيادة قاعدتها الشعبية والتجنيد. الحلول الفعالة لمكافحة التطرف لا بد أن تشمل تحسين الظروف الاقتصادية وتوفير فرص عمل وتعليم أفضل، مما يقلل من قدرة هذه الجماعات على استغلال الأوضاع المعيشية السيئة.