الاستراتيجيات الرقمي.. كيف تستغل حركة الشباب شبكات التواصل الاجتماعي لتعزيز سيطرتها وتعميق الانقسامات في الصومال؟
كشفت تقارير حديثة أن حركة الشباب، الجماعة الإرهابية الإسلامية السنية، قد طورت استراتيجيات متقدمة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز نفوذها وتعميق الانقسامات داخل المجتمع الصومالي. منذ إعلان ولائها لتنظيم القاعدة في عام 2012، سعت حركة الشباب للإطاحة بالحكومة الفيدرالية الصومالية وطرد القوات الأجنبية من البلاد، وإقامة دولة إسلامية أصولية.
منذ عام 2014، قتلت حركة الشباب عددًا من المواطنين الأميركيين يفوق عدد ضحايا أي جماعة تابعة لتنظيم القاعدة، وأصبحت أغنى مكوناتها اعتبارًا من عام 2022. تستهدف الحركة القوات العسكرية الأمريكية والأجنبية الأخرى، بالإضافة إلى قوات الحكومة الصومالية والأمن، فضلاً عن الأهداف المدنية مثل الفنادق ومراكز التسوق والجامعات والتقاطعات المزدحمة.
وقد نفذت الجماعة عمليات أسفرت عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في كينيا والصومال وأوغندا، لكنها لم تنفذ أي هجوم خارج شرق أفريقيا. تتضمن هجمات الشباب عادة تفجير عبوات ناسفة أو سيارات مفخخة، تليها عملية إطلاق نار من أسلحة صغيرة، إلى جانب الكمائن والعمليات العسكرية والاختطافات والاغتيالات.
تعززت قدرة حركة الشباب على الصمود بفضل بنيتها التحتية المتطورة في مجال الاتصالات. يتمكنون من إيصال دعاية متقنة ومدروسة إلى جماهير متنوعة، من المناطق الريفية في الصومال إلى شوارع لندن. تساهم هذه البنية التحتية وحملات الاتصال المستمرة في الحفاظ على نفوذ الحركة من خلال تعزيز علامتها التجارية، مما يعزز الرواية التي تروج بأن حركة الشباب تقدم بديلاً موثوقًا للحكومة الحالية، عبر تقديم أخبار "مشروعة" وفي الوقت المناسب للصوماليين في الداخل والخارج.
أفاد تقرير "المنشر الإخباري" أن حركة الشباب تبنت استراتيجية تكتيكية لبناء حضورها على الإنترنت والسيطرة على السرد. تشمل هذه الاستراتيجية إنشاء قنوات وحسابات جديدة على منصات مثل تيليجرام وفيسبوك، لتبادل المعلومات المؤيدة لحماس باللغة الصومالية. تم إنشاء هذه القنوات بشكل سريع بعد هجوم حماس بهدف ربط المتعاطفين مع حركة الشباب وأعضائها بتحديثات من غزة. ويشير ذلك إلى تكيف الحركة مع التطورات التكنولوجية من خلال استخدام نماذج اللغة الكبيرة والذكاء الاصطناعي لتحسين استراتيجياتها الدعائية.
كتائب حركة الشباب الاعلامية
في ظل البنية التحتية المتقدمة للاتصالات التي تمتلكها حركة الشباب، تعتمد الجماعة على استراتيجية متعمدة لوسائل التواصل الاجتماعي تعد ذات أهمية قصوى بالنسبة لها، رغم أنها لا تحظى بالاعتراف الكافي من الجهود المضادة. تشير التحليلات الدقيقة لسلوك حركة الشباب على الإنترنت من يناير إلى ديسمبر 2023 إلى أن المجموعة تتبنى نهجًا تكتيكيًا لبناء شبكتها الإلكترونية والسيطرة على السرد، وتكييف استراتيجياتها استجابةً للتغيرات السريعة في بيئة وسائل التواصل الاجتماعي. تعكس هذه الاستراتيجية المتكاملة والمرنة كيف أن الوجود الرقمي لحركة الشباب يعتمد على هيكل مركزي مدعوم بحلول تكنولوجية متطورة لإدارة وتنسيق نشاطها على الإنترنت بشكل فعال. في ظل الثورة التكنولوجية الحالية، من المتوقع أن تولي حركة الشباب أهمية متزايدة لتطوير مهاراتها التقنية واستغلال التقنيات الناشئة مثل نماذج اللغة الكبيرة والذكاء الاصطناعي، مما سيحدث تغييرًا جذريًا في طرق خوض الصراعات، وفقًا لمركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت الأمريكية.
تتألف البنية الاتصالية لحركة الشباب من أربعة مكونات رئيسية:
1. مؤسسة الكتائب الإعلامية: تقوم بإنتاج محتوى سمعي بصري رسمي يتم توزيعه عبر مواقع الأخبار الإلكترونية وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالحركة.
2. محطات الراديو: تستهدف الجماهير الصومالية في المناطق الريفية التي قد تفتقر إلى الوصول إلى الإنترنت، مثل إذاعة الفرقان وإذاعة الأندلس.
3. مصادر الأخبار على الإنترنت: تتنكر في هيئة منافذ إخبارية شرعية مثل Shahada News وSomalimemo، حيث تنشر مقالات وتقارير مؤيدة للمتمردين.
4. شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة: تشمل منصات مثل تيليجرام وفيسبوك، بالإضافة إلى شبكات أخرى مثل OK.ru وTikTok وX.
تستغل حركة الشباب أيضًا الأزمات والوسائط الرقمية لتحقيق أهدافها. على سبيل المثال، في حادثة حديثة بمدينة كابودواك، حيث تم نهب مركبة تحمل أسلحة من الحدود الإثيوبية، استخدمت الحركة صورًا مزيفة لترويج أكاذيب مفادها أن الحكومتين الإثيوبية والصومالية تتبادلان الأسلحة، مما أثار استجابة من المواطنين الصوماليين عبر منصات مثل فيسبوك وتويتر.
تركز الحركة أيضًا على استخدام الإنترنت للتواصل مع الشباب وتجنيدهم خارج نطاقها المباشر. تُعرف مجموعة الإعلام الخاصة بها باسم "مؤسسة الكتائب"، وتستخدم حساب تويتر @HSMPress لنقل رواية الحركة للأحداث، وتحفيز المجندين، وإنشاء سرد بديل. من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، نجحت الحركة في الوصول إلى جمهور أوسع وتجنيد أعضاء جدد. ومع ذلك، فإن هذه النشاطات الرقمية سهلت أيضًا للسلطات تتبع ومراقبة أنشطة الحركة. كما تبرز المجلة الإلكترونية "ملة إبراهيم" كأداة لنشر أيديولوجية التوحيد والجهاد، من خلال نشر الخطب الجهادية والصور ومقاطع الفيديو للهجمات. نجحت حركة الشباب في تجنيد مئات المقاتلين الأجانب من دول مختلفة مثل السويد وأستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وجنوب آسيا والشرق الأوسط عبر هذه الوسائل الرقمية.
أثر وسائل التواصل الاجتماعي على الانقسامات القبلية:
تستغل وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز المصالح القبلية، مما يؤدي إلى تعميق الانقسامات داخل المجتمع الصومالي. يُتيح هذا الانقسام لحركة الشباب نشر الأكاذيب والمعلومات المضللة، مما يفاقم الصراعات القبلية ويزيد من تعقيد الوضع الأمني في البلاد.
التداعيات:
توضح هذه الديناميات كيف يمكن أن تؤدي الانقسامات القبلية والتضليل الإعلامي إلى تعزيز الصراعات الداخلية في الصومال. يتطلب الأمر من المجتمع الدولي والمراقبين أن يكونوا على وعي بهذه التحديات، وأن يعملوا على دعم الجهود المبذولة لوقف استغلال وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الكراهية والتضليل.
تواصل حركة الشباب استغلال الظروف لتحقيق أهدافها، بينما يواجه الشعب الصومالي تحديات متزايدة في سعيه لتحقيق الاستقرار والوحدة الوطنية.