الفلاني والإرهاب: صراع الهوية والاتهامات في مالي

الإثنين 23/سبتمبر/2024 - 04:27 م
طباعة الفلاني والإرهاب: علي رجب
 
شهدت العاصمة المالية باماكو ومدن أخرى في البلاد حملة اعتقالات وتنكيل واسعة ضد أبناء عرقية الفلاني، عقب الهجوم الذي نفذته "كتيبة ماسينا"، المنضوية تحت تحالف جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، المرتبطة بتنظيم القاعدة، على مطار موديبو كيتا سينو الدولي العسكري ومدرسة الدرك.

وأكدت مصادر محلية أن القوات الأمنية المالية قامت بحملة اعتقالات طالت أبناء الفلاني، حيث وُجهت إليهم اتهامات بدعم التنظيم الإرهابي بعد الهجوم الذي وقع يوم الثلاثاء الماضي. وقد انتشرت فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي توثق هذه الانتهاكات، مما أثار ردود فعل غاضبة من نشطاء ومنظمات حقوق الإنسان.

ووفقًا للمصادر، فإن المجلس العسكري في باماكو ينظر إلى عرقية الفلاني كتهديد محتمل، مما أسفر عن تصاعد عمليات الاعتقال والتهميش.

ويعتبر الباحث في الشؤون الإفريقية بجامعة باماكو محمد أغ إسماعيل أن أبناء الفلاني يعانون من تبعات الصراع المعقد في مالي، حيث يتداخل التاريخ الطويل للصراعات العرقية مع صعود الجماعات الجهادية. منذ عام 2015، أصبحت المنطقة مسرحًا لهجمات "كتيبة ماسينا"، التي يقودها أمادو كوفا من عرقية الفلاني، رغم أن الكتيبة تضم أفرادًا من عرقيات أخرى.

ويشير أغ إسماعيل إلى أن خطاب أمادو كوفا ازدهر في المناطق التي تعيش فيها الفلاني، بسبب إحباط المجتمع من غياب الدولة وعدم تلبيتها للاحتياجات الأساسية، بالإضافة إلى الصراع على الموارد ومناطق الري مع عرقيات أخرى، مثل الدوغون.

ومع تزايد عمليات "كتيبة ماسينا" الإرهابية في مالي وبوركينا فاسو، أصبح يُنظر إلى كل فلاني كإرهابي، رغم أن هذا الربط غير دقيق، إذ تضم الجماعات الإرهابية أفرادًا من عرقيات متعددة. وقد ساهمت الضغوط الاجتماعية والاقتصادية في نشر دعوات الكراهية، خاصة مع تصاعد الأعمال الجهادية في المنطقة.

 

تشير التقديرات إلى أن 120 من أصل 136 جهاديًا مطلوبًا في بوركينا فاسو هم من عرقية الفلاني، مما يعكس القلق المتزايد من ارتباط الفلاني بالعنف الجهادي. ويؤكد أغ إسماعيل أن المشكلة في مالي ليست مجرد صراع عرقي، بل هي نتاج عوامل اجتماعية وسياسية معقدة تتطلب معالجة شاملة.

من جهته، يعتبر المحلل السياسي محمد مادي غاباكتي أن الانتهاكات التي تتعرض لها عرقية الفلاني تمثل جزءًا من سياسة قمع مستمرة تستهدف المدنيين، كاستجابة من قادة  المجلس العسكري في باماكو لتصاعد نشاط الجماعات المسلحة.

يعاني أبناء الفلاني من التهميش والاتهامات غير المبررة، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني والإنساني. ويعيش هؤلاء في بيئة متوترة تعاني من نقص الموارد، حيث يؤدي الصراع على المياه إلى تفاقم التوترات.

تشير التقديرات إلى وجود بين 25 و65 مليون شخص من عرقية الفلاني في حوالي 15 دولة بمنطقة الساحل وغرب إفريقيا. رغم أن الفلاني يشكلون 15% فقط من سكان مالي، إلا أنهم يمثلون أكثر من نصف المدنيين الذين قُتلوا على يد الجيش والميليشيات في السنوات الأخيرة.

تتزايد دعوات الكراهية ضد الفلاني، مما حذر منه ألفا باري، وزير الخارجية الأسبق في بوركينا فاسو، من أن الربط المتزايد بينهم والإرهابيين قد يؤدي إلى "حرب أهلية". يعيش أكثر من مليون فلاني في بوركينا فاسو، حيث تتعلق التوترات تاريخيًا بالوصول إلى الموارد والأراضي.

تتطلب هذه الوضعية المعقدة استجابة عاجلة للتخفيف من معاناة الفلاني وتحسين الوضع الأمني والإنساني في المنطقة. وفي حادثة مؤلمة، قُتل 160 شخصًا على الأقل في قرية أوغوساغو بوسط مالي عام 2019، حيث استهدف القتل مجتمع الفلاني. تلت تلك الحادثة عمليات قتل أخرى، مما أدى إلى استقالة رئيس الوزراء المالي آنذاك.

شارك