تحذيرات الأمن البريطاني: هل يواجه العالم موجة جديدة من الإرهاب؟
الجمعة 11/أكتوبر/2024 - 01:02 ص
طباعة
حسام الحداد
الخطاب الذي ألقاه كين مكالوم، المدير العام لجهاز الأمن الداخلي البريطاني (MI5)، يكشف عن استمرار تهديد الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة للمملكة المتحدة، خاصة في ظل التغيرات العالمية الراهنة. هذا التحذير يعيد إلى الواجهة تحديات الأمن القومي التي تواجهها بريطانيا، خاصة مع زيادة الاعتماد على الإنترنت في تجنيد القُصّر وتحفيزهم على القيام بأعمال إرهابية.
فقد حذر رئيس جهاز الأمن الداخلي البريطاني في مداخلة عامة نادرة، الثلاثاء 8 اكتوبر 2024، من أن تنظيمي داعش والقاعدة يشكلان تهديدًا "متجددًا" للمملكة المتحدة، حيث أوضح مشهدًا متغيرًا للإرهاب يعتمد بشكل متزايد على الأطفال والإنترنت.
وقال كين مكالوم المدير العام لجهاز الأمن الداخلي البريطاني، في خطاب ألقاه في لندن، إن أكثر من ثلث التحقيقات ذات الأولوية التي أجراها جهاز الأمن الداخلي البريطاني (MI5) مؤخرًا شملت روابط بجماعات إرهابية في الخارج، حيث استأنف تنظيم داعش على وجه الخصوص "جهود تصدير الإرهاب".
وقال مكالوم إن أكثر من واحد من كل ثمانية أشخاص يحقق معهم الجهاز بتهمة التورط في الإرهاب هم قاصرون، بزيادة ثلاثة أضعاف منذ عام 2021.
يأتي خطاب مكالوم وسط سلسلة من التحذيرات الغربية بشأن الخطر المتزايد للتخريب الذي ترعاه الدول، بما في ذلك روسيا وإيران، وفي الوقت الذي تهز فيه الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط الأمن العالمي.
وبشكل عام، منعت وكالة الأمن الداخلي البريطاني 43 مخططًا لهجوم إرهابي في مرحلة متأخرة منذ مارس 2017 ــ وكان المنظمون غالبًا "في الأيام الأخيرة من التخطيط للقتل الجماعي" ــ حسبما قال مكالوم للصحفيين.
وقال مكالوم إن نحو ثلاثة أرباع عمل الوكالة يتناول التطرف الإسلامي، في حين يتعلق الربع بالجماعات اليمينية المتطرفة. وقال: "نحن ندرك بقوة الخطر المتمثل في أن تؤدي الأحداث في الشرق الأوسط إلى إثارة عمل إرهابي في المملكة المتحدة بشكل مباشر. ولكن في حين حدث ارتفاع في الفوضى العامة وجرائم الكراهية، فإنه لم يترجم بعد إلى نشاط إرهابي".
ومع ذلك، فإن داعش مرة أخرى قيد ملاحقة الوكالة. فبعد خمس سنوات من سقوط الخلافة التي أعلنها داعش في العراق وسوريا، تحولت المجموعة إلى شبكة إرهابية مع انتشار الخلايا في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا.
وقال: "بعد بضع سنوات من كبح جماحهم، استأنفوا جهودهم لتصدير الإرهاب. وقد سعت القاعدة إلى الاستفادة من الصراع في الشرق الأوسط، داعية إلى القيام بأعمال عنف".
وفي قراءة سريعة للخطاب الذي ألقاه كين مكالوم، المدير العام لجهاز الأمن الداخلي البريطاني (MI5)، يمكن أن نركز على عدة جوانب مهمة رئيسية تحمل دلالات الخطاب والتخوفات من الإرهاب:
الإرهاب العابر للحدود والتهديد المتجدد
التحذيرات المتكررة بشأن داعش والقاعدة قد تعطي الانطباع بأن هذه الجماعات الإرهابية لا تزال قادرة على التأقلم مع الهزائم العسكرية. بعد سقوط "الخلافة" المزعومة لداعش في العراق وسوريا، يبدو أن التنظيم قد تحول إلى هيكل شبكي مرن، قادر على التكيف مع الظروف المحلية والدولية، مما يجعله أكثر تعقيدًا في مواجهة الأجهزة الأمنية. الانتشار الجغرافي للخلايا الإرهابية في مناطق مثل إفريقيا وجنوب شرق آسيا يؤكد أن التهديد أصبح عالميًا ومتجددًا، ما يعكس الحاجة إلى تنسيق دولي متقدم لمكافحة هذه الجماعات.
ومع ذلك، ينبغي التساؤل عن مدى دقة هذا التهديد المتجدد في ظل تغير طبيعة الإرهاب ذاته. الاعتماد على التقنيات الحديثة مثل الإنترنت لتجنيد القُصّر ونشر التطرف يمثل تحديًا مختلفًا عن الإرهاب التقليدي. هنا يجب أن نطرح السؤال: هل تعكس هذه التحذيرات ضرورة حقيقية لتعزيز الأمن القومي، أم أنها قد تحمل بعض المبالغة للحفاظ على مستوى معين من الرقابة الأمنية؟
الأطفال والإنترنت كساحة جديدة للتجنيد
إحدى النقاط الأكثر إثارة في خطاب مكالوم هي الإشارة إلى زيادة تورط القُصّر في الأنشطة الإرهابية. ذكر أن واحدًا من كل ثمانية أشخاص يحقق معهم جهاز الأمن الداخلي هم قُصّر، وهي نسبة شهدت ارتفاعًا بثلاثة أضعاف منذ عام 2021. هذا التوجه يشير إلى تحولات في استراتيجيات الجماعات الإرهابية التي أصبحت تعتمد بشكل أكبر على الأطفال والشباب، حيث تستغلهم عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.
التحول إلى تجنيد الأطفال يمثل تحديًا أخلاقيًا وأمنيًا خطيرًا، حيث يتم استغلال الفئات الضعيفة نفسيًا واجتماعيًا لتكون أدوات في تحقيق أهداف إرهابية. ينبغي أن يكون التعامل مع هذا الاتجاه بطرق تتجاوز الحلول الأمنية التقليدية، مثل تعزيز التعليم والتوعية الرقمية، وبناء مجتمعات مقاومة للتطرف.
العلاقة بين الحروب الجيوسياسية والإرهاب
تحدث مكالوم عن تأثير الصراعات الجارية في الشرق الأوسط، مثل الحرب في أوكرانيا والتوترات مع إيران وروسيا، على زيادة التهديدات الإرهابية. هذا الربط بين الأزمات الجيوسياسية والإرهاب يشير إلى أن هناك تداخلًا بين السياسة الخارجية والداخلية. الحروب والصراعات غالبًا ما تشكل بيئة خصبة للتطرف والعنف، حيث تستغل الجماعات الإرهابية هذه الفوضى لتوسيع نشاطها وتحقيق أهدافها.
ولكن هنا يظهر تساؤل: إلى أي مدى يمكن أن تستفيد الجماعات الإرهابية بالفعل من هذه الأزمات، وهل هناك مبالغة في تقدير هذا التهديد؟ رغم أن الصراعات تزيد من احتمالية انتشار التطرف، فإن الانتقال الفعلي للإرهاب إلى الأراضي البريطانية قد يكون أقل احتمالية مما تصور الأجهزة الأمنية.
التحدي الداخلي: التطرف اليميني
رغم التركيز الكبير على الإسلاميين المتطرفين، يشير مكالوم إلى أن ربع التحقيقات المتعلقة بالإرهاب تشمل جماعات يمينية متطرفة. هذه النقطة مهمة لأنها تعكس تنامي التهديدات الداخلية المرتبطة بالأيديولوجيات العنصرية والقومية المتطرفة. في الوقت الذي تركز فيه الأجهزة الأمنية على التهديدات الخارجية، يجب أن لا تغفل التهديدات الداخلية التي قد تكون أخطر، خاصة مع تصاعد الإسلاموفوبيا وخطاب الكراهية.
هذا يطرح سؤالًا مهمًا: هل يتم توزيع الموارد بشكل عادل بين مكافحة الإرهاب الخارجي والداخلي؟ وهل يمكن أن يؤدي التركيز الكبير على الجماعات الإسلامية المتطرفة إلى تقليل الاهتمام بالجماعات اليمينية المتطرفة التي تساهم في زعزعة الاستقرار الاجتماعي؟
الخاتمة
في النهاية، يجدد خطاب رئيس جهاز الأمن الداخلي البريطاني التحذيرات من الإرهاب، سواء كان من الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل داعش والقاعدة، أو من الجماعات اليمينية المتطرفة. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية معالجة هذا التهديد بطريقة لا تؤدي إلى زيادة الرقابة على الحريات الشخصية ولا تنغمس في الهوس الأمني الذي قد يتجاوز التهديد الفعلي. يتطلب الأمر استراتيجيات متوازنة تتعامل مع التهديدات الإرهابية من مختلف الاتجاهات مع تعزيز الحلول الوقائية القائمة على التعليم والتوعية المجتمعية والسياسات الخارجية المسؤولة.
فقد حذر رئيس جهاز الأمن الداخلي البريطاني في مداخلة عامة نادرة، الثلاثاء 8 اكتوبر 2024، من أن تنظيمي داعش والقاعدة يشكلان تهديدًا "متجددًا" للمملكة المتحدة، حيث أوضح مشهدًا متغيرًا للإرهاب يعتمد بشكل متزايد على الأطفال والإنترنت.
وقال كين مكالوم المدير العام لجهاز الأمن الداخلي البريطاني، في خطاب ألقاه في لندن، إن أكثر من ثلث التحقيقات ذات الأولوية التي أجراها جهاز الأمن الداخلي البريطاني (MI5) مؤخرًا شملت روابط بجماعات إرهابية في الخارج، حيث استأنف تنظيم داعش على وجه الخصوص "جهود تصدير الإرهاب".
وقال مكالوم إن أكثر من واحد من كل ثمانية أشخاص يحقق معهم الجهاز بتهمة التورط في الإرهاب هم قاصرون، بزيادة ثلاثة أضعاف منذ عام 2021.
يأتي خطاب مكالوم وسط سلسلة من التحذيرات الغربية بشأن الخطر المتزايد للتخريب الذي ترعاه الدول، بما في ذلك روسيا وإيران، وفي الوقت الذي تهز فيه الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط الأمن العالمي.
وبشكل عام، منعت وكالة الأمن الداخلي البريطاني 43 مخططًا لهجوم إرهابي في مرحلة متأخرة منذ مارس 2017 ــ وكان المنظمون غالبًا "في الأيام الأخيرة من التخطيط للقتل الجماعي" ــ حسبما قال مكالوم للصحفيين.
وقال مكالوم إن نحو ثلاثة أرباع عمل الوكالة يتناول التطرف الإسلامي، في حين يتعلق الربع بالجماعات اليمينية المتطرفة. وقال: "نحن ندرك بقوة الخطر المتمثل في أن تؤدي الأحداث في الشرق الأوسط إلى إثارة عمل إرهابي في المملكة المتحدة بشكل مباشر. ولكن في حين حدث ارتفاع في الفوضى العامة وجرائم الكراهية، فإنه لم يترجم بعد إلى نشاط إرهابي".
ومع ذلك، فإن داعش مرة أخرى قيد ملاحقة الوكالة. فبعد خمس سنوات من سقوط الخلافة التي أعلنها داعش في العراق وسوريا، تحولت المجموعة إلى شبكة إرهابية مع انتشار الخلايا في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا.
وقال: "بعد بضع سنوات من كبح جماحهم، استأنفوا جهودهم لتصدير الإرهاب. وقد سعت القاعدة إلى الاستفادة من الصراع في الشرق الأوسط، داعية إلى القيام بأعمال عنف".
وفي قراءة سريعة للخطاب الذي ألقاه كين مكالوم، المدير العام لجهاز الأمن الداخلي البريطاني (MI5)، يمكن أن نركز على عدة جوانب مهمة رئيسية تحمل دلالات الخطاب والتخوفات من الإرهاب:
الإرهاب العابر للحدود والتهديد المتجدد
التحذيرات المتكررة بشأن داعش والقاعدة قد تعطي الانطباع بأن هذه الجماعات الإرهابية لا تزال قادرة على التأقلم مع الهزائم العسكرية. بعد سقوط "الخلافة" المزعومة لداعش في العراق وسوريا، يبدو أن التنظيم قد تحول إلى هيكل شبكي مرن، قادر على التكيف مع الظروف المحلية والدولية، مما يجعله أكثر تعقيدًا في مواجهة الأجهزة الأمنية. الانتشار الجغرافي للخلايا الإرهابية في مناطق مثل إفريقيا وجنوب شرق آسيا يؤكد أن التهديد أصبح عالميًا ومتجددًا، ما يعكس الحاجة إلى تنسيق دولي متقدم لمكافحة هذه الجماعات.
ومع ذلك، ينبغي التساؤل عن مدى دقة هذا التهديد المتجدد في ظل تغير طبيعة الإرهاب ذاته. الاعتماد على التقنيات الحديثة مثل الإنترنت لتجنيد القُصّر ونشر التطرف يمثل تحديًا مختلفًا عن الإرهاب التقليدي. هنا يجب أن نطرح السؤال: هل تعكس هذه التحذيرات ضرورة حقيقية لتعزيز الأمن القومي، أم أنها قد تحمل بعض المبالغة للحفاظ على مستوى معين من الرقابة الأمنية؟
الأطفال والإنترنت كساحة جديدة للتجنيد
إحدى النقاط الأكثر إثارة في خطاب مكالوم هي الإشارة إلى زيادة تورط القُصّر في الأنشطة الإرهابية. ذكر أن واحدًا من كل ثمانية أشخاص يحقق معهم جهاز الأمن الداخلي هم قُصّر، وهي نسبة شهدت ارتفاعًا بثلاثة أضعاف منذ عام 2021. هذا التوجه يشير إلى تحولات في استراتيجيات الجماعات الإرهابية التي أصبحت تعتمد بشكل أكبر على الأطفال والشباب، حيث تستغلهم عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.
التحول إلى تجنيد الأطفال يمثل تحديًا أخلاقيًا وأمنيًا خطيرًا، حيث يتم استغلال الفئات الضعيفة نفسيًا واجتماعيًا لتكون أدوات في تحقيق أهداف إرهابية. ينبغي أن يكون التعامل مع هذا الاتجاه بطرق تتجاوز الحلول الأمنية التقليدية، مثل تعزيز التعليم والتوعية الرقمية، وبناء مجتمعات مقاومة للتطرف.
العلاقة بين الحروب الجيوسياسية والإرهاب
تحدث مكالوم عن تأثير الصراعات الجارية في الشرق الأوسط، مثل الحرب في أوكرانيا والتوترات مع إيران وروسيا، على زيادة التهديدات الإرهابية. هذا الربط بين الأزمات الجيوسياسية والإرهاب يشير إلى أن هناك تداخلًا بين السياسة الخارجية والداخلية. الحروب والصراعات غالبًا ما تشكل بيئة خصبة للتطرف والعنف، حيث تستغل الجماعات الإرهابية هذه الفوضى لتوسيع نشاطها وتحقيق أهدافها.
ولكن هنا يظهر تساؤل: إلى أي مدى يمكن أن تستفيد الجماعات الإرهابية بالفعل من هذه الأزمات، وهل هناك مبالغة في تقدير هذا التهديد؟ رغم أن الصراعات تزيد من احتمالية انتشار التطرف، فإن الانتقال الفعلي للإرهاب إلى الأراضي البريطانية قد يكون أقل احتمالية مما تصور الأجهزة الأمنية.
التحدي الداخلي: التطرف اليميني
رغم التركيز الكبير على الإسلاميين المتطرفين، يشير مكالوم إلى أن ربع التحقيقات المتعلقة بالإرهاب تشمل جماعات يمينية متطرفة. هذه النقطة مهمة لأنها تعكس تنامي التهديدات الداخلية المرتبطة بالأيديولوجيات العنصرية والقومية المتطرفة. في الوقت الذي تركز فيه الأجهزة الأمنية على التهديدات الخارجية، يجب أن لا تغفل التهديدات الداخلية التي قد تكون أخطر، خاصة مع تصاعد الإسلاموفوبيا وخطاب الكراهية.
هذا يطرح سؤالًا مهمًا: هل يتم توزيع الموارد بشكل عادل بين مكافحة الإرهاب الخارجي والداخلي؟ وهل يمكن أن يؤدي التركيز الكبير على الجماعات الإسلامية المتطرفة إلى تقليل الاهتمام بالجماعات اليمينية المتطرفة التي تساهم في زعزعة الاستقرار الاجتماعي؟
الخاتمة
في النهاية، يجدد خطاب رئيس جهاز الأمن الداخلي البريطاني التحذيرات من الإرهاب، سواء كان من الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل داعش والقاعدة، أو من الجماعات اليمينية المتطرفة. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية معالجة هذا التهديد بطريقة لا تؤدي إلى زيادة الرقابة على الحريات الشخصية ولا تنغمس في الهوس الأمني الذي قد يتجاوز التهديد الفعلي. يتطلب الأمر استراتيجيات متوازنة تتعامل مع التهديدات الإرهابية من مختلف الاتجاهات مع تعزيز الحلول الوقائية القائمة على التعليم والتوعية المجتمعية والسياسات الخارجية المسؤولة.