حافة الانفجار.. تصعيد التوترات بين إيران وإسرائيل وتداعياته الإقليمية

السبت 26/أكتوبر/2024 - 01:36 م
طباعة حافة الانفجار.. أميرة الشريف
 
في ظل التوترات المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، أصبحت الأحداث الأخيرة، خاصة الضربات الإسرائيلية على المنشآت العسكرية الإيرانية، نقطة انطلاق لسيناريوهات متعددة قد تؤثر على الاستقرار الإقليمي.
الضربات التي استهدفت منشآت تصنيع الصواريخ ومنصات الدفاع الجوي جاءت في سياق تأزم العلاقات بين الجانبين، مما يجعل من الصعب التنبؤ بكيفية رد إيران، التي تواجه خيارًا حرجًا بين التصعيد العسكري أو التهدئة.
هذا وقد أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، رسميا بدء شن هجمات على إيران، وقالت وكالة أنباء فارس إنه تم استهداف قواعد عسكرية جنوب غرب طهران، وأهدافا أخرى في شيراز ومشهد، وفي وقت لاحق قالت القناة 12 الإسرائيلية إن هناك موجة ثانية من الهجمات وسمعت دوي انفجارات في مدينة شيراز.
وقال جيش الاحتلال في بيان إنه "يهاجم في هذه الأثناء بشكل موجه بدقة أهدافا عسكرية في إيران، ردا على الهجمات المتواصلة ضد إسرائيل على مدار الأشهر الأخيرة".
وأضاف البيان: "جيش (الاحتلال) على أهبة الاستعداد هجوميا ودفاعيا، حيث نتابع التطورات من إيران ووكلائها". وتابع: "يجري الجيش (الإسرائيلي) تقييما متواصلا للوضع، وفي هذه المرحلة لم يطرأ أي تغيير على تعليمات الجبهة الداخلية".
وختم البيان: "يجب مواصلة توخي اليقظة والانصياع إلى تعليمات الجبهة الداخلية لنطلع الجمهور عن أي جديد بشكل فوري".
وكانت وسائل إعلام إيرانية رسمية أكدت سماع دوي انفجارات عدة في العاصمة طهران ومدينة كرج المجاورة لها، في الساعات الأولى من صباح السبت 26 أكتوبر 2024.
الردود الدولية
وأعلنت بريطانيا، عبر رئيس وزرائها كير ستارمر، عن دعمها لإسرائيل في حقها للدفاع عن النفس، ولكنها دعت في الوقت ذاته إلى ضبط النفس من قِبل جميع الأطراف. هذا التحذير يعكس قلقًا أوروبيًا متزايدًا من إمكانية تحول الصراع إلى مواجهة واسعة النطاق.
 الموقف البريطاني يشير إلى أهمية الحفاظ على استقرار المنطقة في ظل التوترات المتزايدة، وهو ما يتطلب جهودًا دبلوماسية منسقة للحد من التصعيد.
من جهتها، أكدت الولايات المتحدة أنها ليست طرفًا في الهجوم، لكن وجود القوات الأمريكية في المنطقة وخصوصًا نظام الدفاع الجوي "ثاد" في إسرائيل قد يجعل واشنطن متورطة بشكل غير مباشر في أي تصعيد لاحق.
 كما أن الوجود العسكري الأمريكي في الخليج يشير إلى حساسية الوضع، حيث أن حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، مثل دول الخليج، لديهم مخاوف حقيقية من تداعيات الصراع.

موقف دول الخليج

الحلفاء العرب، وخاصة دول الخليج، يشعرون بالقلق من تصعيد التوترات، فقد أدانت السعودية،الضربات الإسرائيلية على إيران واعتبرتها انتهاكًا للسيادة، محذرةً من العواقب الوخيمة التي قد تنجم عن استمرار النزاع. هذا الموقف يعكس رغبة الرياض في الحفاظ على استقرارها الداخلي وتجنب الصراعات العسكرية التي قد تؤدي إلى تداعيات سلبية على أمنها القومي.
إن تجربة السعودية مع الهجمات السابقة، مثل الهجوم الذي تعرضت له منشآتها البترولية من قِبل ميليشيات مدعومة من إيران، تبرز المخاطر المحيطة بالتصعيد العسكري. هذه الخلفية التاريخية تجعل دول الخليج أكثر حذرًا في التعامل مع أي تصعيد عسكري.
وأعربت دولة قطر عن إدانتها واستنكارها الشديدين لاستهداف إسرائيل للجمهورية الإسلامية الإيرانية، واعتبرت هذا العمل انتهاكا صارخا لسيادة إيران وخرقا واضحا لمبادئ القانون الدولي.
وعبرت وزارة الخارجية، في بيان اليوم، عن قلق دولة قطر البالغ إزاء التداعيات الخطيرة التي قد تترتب على هذا التصعيد، وحثت جميع الأطراف المعنية على التحلي بضبط النفس وحل الخلافات بالحوار والطرق السلمية، وتجنب كل ما من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.
وجددت الوزارة دعوة دولة قطر للمجتمع الدولي لتكثيف الجهود الرامية إلى التهدئة وخفض التصعيد وإنهاء معاناة شعوب المنطقة، لاسيما في غزة ولبنان.
أدانت دولة الإمارات بشدة، الاستهداف العسكري الذي تعرضت له الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأعربت عن قلقها العميق إزاء استمرار التصعيد وتداعياته على الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأكدت وزارة الخارجية، في بيان لها، أهمية ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والحكمة لتجنب المخاطر، وتوسيع رقعة الصراع.
وجددت الوزارة التأكيد على إيمان دولة الإمارات، بأن تعزيز الحوار والالتزام بالقوانين الدولية، واحترام سيادة الدول، هي الأسس المثلى لحل الأزمات الراهنة.
وفي هذا السياق، تشدد دولة الإمارات على ضرورة حل الخلافات عبر الوسائل الدبلوماسية بعيدًا عن لغة المواجهة والتصعيد.
 دانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين القصف الجوي الذي شنته إسرائيل على أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، خرقاً للقانون الدولي وانتهاكاً لسيادتها وتصعيداً خطيراً يدفع باتجاه المزيد من التوتر في المنطقة.
وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير الدكتور سفيان القضاة، رفض المملكة المطلق للتصعيد الخطير في المنطقة وانتهاكات القانون الدولي، محذراً من الانزلاق إلى صراعٍ يهدد استقرار المنطقة والأمن الدولي.
وطالب القضاة، المجتمع الدولي بضرورة تحمل مسؤولياته واتخاذ إجراءات فورية تفرض وقف العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية ولبنان خطوة أولى نحو خفض التصعيد، ووقف الخروقات الإسرائيلية للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وحماية أمن المنطقة واستقرارها من التبعات الكارثية لاستمرار الاعتداءات الإسرائيلية.
خيارات إيران
تواجه إيران خيارات صعبة بعد الضربات الإسرائيلية، رغم إعلاناتها عن تصدي نظام الدفاع الجوي للهجمات، إلا أن تقييم الضرر قد يكون له تأثير على قرارها بشأن الرد. 
يمكن أن تختار إيران مسارًا تصعيديًا من خلال تنفيذ هجمات غير مباشرة أو عبر دعم الميليشيات في العراق وسوريا ولبنان، مما يزيد من احتمالية المواجهة المباشرة مع إسرائيل.
كما قد تكون هناك خيارات دبلوماسية، حيث يمكن لإيران الاستفادة من الضغوط الدولية لإعادة النظر في استراتيجياتها.
 من المهم أن تدرك إيران أن أي رد فعل متسرع قد يؤدي إلى تصعيد لا تستطيع تحمله، خصوصًا في ظل الضغوط الاقتصادية التي تعاني منها.

دور القوى الكبرى
الولايات المتحدة، رغم موقفها المعلن بعدم التدخل، قد تجد نفسها مضطرة لتوسيع دورها في المنطقة إذا تصاعدت الأحداث.
 الرئيس بايدن قد حذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية الإيرانية أو البنية التحتية النفطية، مشيرًا إلى أن أي هجوم من هذا القبيل قد يؤدي إلى تصعيد آخر، فهذا التحذير يعكس القلق الأمريكي من نتائج أي تصعيد عسكري قد يؤثر على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

السيناريوهات المستقبلية
بالنظر إلى المعطيات الحالية، تظل السيناريوهات متعددة. من الممكن أن تختار إيران مسار التهدئة من خلال تقليل التصعيد العسكري، خصوصًا إذا اعتبرت أن الضغوط الدولية تتزايد.
 في المقابل، إذا رأت إيران أن الرد العسكري ضروري للحفاظ على هيبتها، فقد تنفذ عمليات انتقامية محدودة قد تكون غير متوقعة.
بشكل عام، فإن الوضع يتطلب يقظة سياسية ودبلوماسية من جميع الأطراف المعنية، فأي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي، مما يستدعي الحاجة إلى حوار وتفاهمات قائمة على تخفيف التوترات.

الخلاصة
تظل التوترات بين إيران وإسرائيل على حافة الانفجار، مع وجود احتمال كبير لتصعيد الأحداث في ظل الضغوط العسكرية والسياسية.
ويجب أن تُوجه الرسالة إلى جميع الأطراف هي ضرورة ضبط النفس وتجنب أي خطوات قد تؤدي إلى اندلاع نزاع أوسع. 
ولا يزال المستقبل غامضًا، لكن استراتيجيات التعامل مع الأزمات القائمة ستلعب دورًا حاسمًا في تحديد شكل المنطقة في السنوات المقبلة.

شارك