الميليشيات والطائفية.. الوجه القاتم لصراعات الشرق الأوسط
الثلاثاء 05/نوفمبر/2024 - 01:12 م
طباعة
حسام الحداد
الصراع الطائفي المتجدد في الشرق الأوسط يشكل تهديدًا كبيرًا للاستقرار، ويشير إلى تصاعد خطير للتوترات بين المجتمعات السنية والشيعية، لا سيما في سوريا والعراق ولبنان. التقرير الذي يتناول استهداف المدنيين السنة من قبل ميليشيات شيعية مدعومة من إيران يعكس مستوىً من القسوة والصراع الطائفي المتعمق، ويعكس انعدام الأمن المتزايد في هذه المناطق.
في خضم الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس من جهة وبين إسرائيل وحزب الله من جهة ثانية، تبرز تقارير مقلقة عن تنامي استهداف المليشيات الشيعية التابعة لإيران للمدنيين السنة في كل من سوريا ولبنان.
ويقول مسؤول الأمن في إحدى سفارات الغرب بالعراق إن الأحداث التي يتم التبليغ عنها في الآونة الأخيرة كثيرة وغالبيتها ترتبط بالتنكيل بمواطنين سنة على يد أفراد مليشيات شيعية تابعة لايران.
وقد تم نشر الكثير من الفيديوهات الجديدة التي تظهر قتل أطفال أو نساء أو رجال سنة، فقط لأنهم ينتمون إلى الطائفة السنية، وليس لأي ذنب أو جرم اقترفوه بحسب المسؤول.
ويشير المسؤول الأمني لـ"إيلاف" إلى تزايد حالات الاعتداء في سوريا، حيث يواجه المدنيون السنة تصعيداً لهذه الأحداث.
من جهة أخرى، يقول المسؤول العربي إن الحكومتين السورية والعراقية تكادان لا تقومان بأي شيء من شأنه الحد من الظاهرة، أولاً لأنهما لا تستطيعان السيطرة على تلك الميليشيات، وثانياً لأنهما لا ترغبان في الدفاع عن المواطنين السنّة، لتجنب هجمات انتقامية قد تشنها تلك الميليشيات ضد الحكومتين بطريقة أو بأخرى.
وتشير المعلومات إلى أن بعض المناطق تشهد قيام مجموعات من السكان السنّة بتنظيم أنفسهم في جماعات مسلحة للانتقام من هذه الميليشيات وأيضاً للدفاع عن النفس، مما قد يؤدي إلى اندلاع حرب أهلية جديدة. فبينما لم تتعافَ سوريا بعد من حربها الداخلية، يشهد العراق بوادر ظهور لتنظيم داعش وحركات أصولية متطرفة، في ظل عجز الدولة عن الدفاع عن مواطنيها.
تحليل الظاهرة وخطورتها:
في قلب هذا الصراع، توجد قوى إقليمية تستخدم هذه الانقسامات الطائفية لتعزيز نفوذها على حساب الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والأمني للمنطقة. تدخل إيران من خلال دعمها لميليشيات شيعية محلية في كل من سوريا ولبنان قد ساهم في تعزيز التوترات الطائفية، حيث تُعتبر هذه الميليشيات أدوات عسكرية وسياسية بيد إيران، مما يعمق الشقاق بين السنة والشيعة ويزيد من معاناة المدنيين.
مخاطر التصعيد الطائفي:
إذكاء روح الانتقام والانتقام المتبادل: من الواضح أن الاعتداءات الطائفية من قِبل مجموعات مسلحة على المدنيين من الطرف الآخر تثير روح الانتقام وتشجع تشكيل جماعات مسلحة سنية دفاعية. هذا يعزز دوامة العنف الطائفي، ويخلق ظروفًا قد تؤدي إلى نشوب حرب أهلية جديدة لا تبقي ولا تذر، إذ تُخلِّف عواقب وخيمة على الصعيدين الإنساني والأمني.
إضعاف الدولة وتعزيز دور الميليشيات: من الملاحظ أن الدول المعنية، مثل سوريا والعراق، لا تملك القدرة أو الإرادة الكافية للحد من هذا العنف، ما يشير إلى ضعف الدولة وهيمنة الميليشيات التي تعمل بشكل مستقل أو بأجندات خارجية. عدم السيطرة على الميليشيات يجعلها تتصرف كدولة موازية، مما يقوض شرعية الحكومات ويهدد سيادة القانون.
ظهور وتنامي الحركات المتطرفة: التاريخ يُظهر أن الفوضى وغياب الحماية للمواطنين، وخاصة للطوائف المستهدفة، تُعد أرضًا خصبة لظهور الجماعات الأصولية والمتطرفة التي تزعم الدفاع عن هذه المجتمعات. تنظيم "داعش" وغيره من التنظيمات المتطرفة قد يجدون فرصة جديدة للعودة في ظل هذه الفوضى، مستغلين المظلومية الطائفية لتحفيز المزيد من الشباب للانضمام إلى صفوفهم.
تأثير ذلك على الصعيد الإقليمي: هذا الصراع ليس معزولاً بل يمتد تأثيره ليشمل منطقة الشرق الأوسط بأسرها، خاصة في ظل الأحداث الجارية بين إسرائيل وحماس وحزب الله. تلك الحروب الإقليمية تزيد من تعقيد الموقف، وتضع العديد من الدول العربية في موقف صعب، حيث تخشى أن تمتد الاضطرابات الطائفية إليها وتؤدي إلى تشرذم مجتمعاتها.
تأثير التفاعل السني-الشيعي في ظل الحرب الإسرائيلية:
الحرب الدائرة بين إسرائيل وحزب الله تؤدي إلى مواقف متباينة لدى الطائفتين السنية والشيعية في المنطقة. التوترات الطائفية تتزايد بسبب ما يصفه البعض بالشماتة السنية في معاناة حزب الله، بينما تنعكس هذه المشاعر على الميدان كتصعيد مباشر من قبل حزب الله والميليشيات الشيعية ضد المجتمعات السنية في المناطق التي يسيطرون عليها.
هذا التفاعل الطائفي، إذا لم يتم احتواؤه، قد يؤدي إلى نتائج وخيمة. فبدلًا من أن تنتهي التوترات بتحقيق الاستقرار، قد تستمر حتى بعد انتهاء النزاع مع إسرائيل، مما يعزز حالة عدم الاستقرار في سوريا والعراق ولبنان.
الحلول الممكنة وتوصيات:
لحل هذا النزاع ومنع اندلاع حرب أهلية جديدة، يجب اتباع عدة خطوات:
دعم الحلول الدبلوماسية والإصلاحات: يجب أن تدفع الدول الكبرى والمنظمات الدولية باتجاه حلول سياسية تعزز سيادة القانون في سوريا والعراق ولبنان، وتشجع على استقرار المجتمعات المحلية وتحقيق الأمن.
تعزيز سيادة الدولة: لا يمكن القضاء على هذه الميليشيات أو الحد من نفوذها إلا من خلال تقوية الدولة. وهذا يتطلب دعم المؤسسات الأمنية وضمان حقوق الأقليات والطوائف.
التركيز على خطاب التسامح: يتطلب الوضع الحالي تبني خطاب تسامح ونبذ العنف الطائفي، ويجب على رجال الدين وقادة المجتمع المدني في المنطقة أن يعملوا على تعزيز التعايش السلمي ونبذ الخطاب الطائفي.
إطلاق مبادرات تنموية: إن معالجة الفقر والبطالة، خاصة في المناطق التي تكثر فيها النزاعات الطائفية، سيكون له تأثير إيجابي في تقليص جاذبية الفكر المتطرف. فالشباب العاطلون هم الأكثر عرضة للانخراط في صفوف الجماعات المتطرفة.
خلاصة
الصراع الطائفي في الشرق الأوسط هو إحدى الأدوات الخطيرة التي تستخدمها قوى إقليمية ودولية لتحقيق أهدافها على حساب استقرار المجتمعات المحلية. الحل ليس بسيطًا، لكنه ضروري ويتطلب تضافر الجهود السياسية والاجتماعية لمعالجة جذور هذا الصراع ومنع انزلاق المنطقة إلى مزيد من الفوضى والعنف.
في خضم الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس من جهة وبين إسرائيل وحزب الله من جهة ثانية، تبرز تقارير مقلقة عن تنامي استهداف المليشيات الشيعية التابعة لإيران للمدنيين السنة في كل من سوريا ولبنان.
ويقول مسؤول الأمن في إحدى سفارات الغرب بالعراق إن الأحداث التي يتم التبليغ عنها في الآونة الأخيرة كثيرة وغالبيتها ترتبط بالتنكيل بمواطنين سنة على يد أفراد مليشيات شيعية تابعة لايران.
وقد تم نشر الكثير من الفيديوهات الجديدة التي تظهر قتل أطفال أو نساء أو رجال سنة، فقط لأنهم ينتمون إلى الطائفة السنية، وليس لأي ذنب أو جرم اقترفوه بحسب المسؤول.
ويشير المسؤول الأمني لـ"إيلاف" إلى تزايد حالات الاعتداء في سوريا، حيث يواجه المدنيون السنة تصعيداً لهذه الأحداث.
من جهة أخرى، يقول المسؤول العربي إن الحكومتين السورية والعراقية تكادان لا تقومان بأي شيء من شأنه الحد من الظاهرة، أولاً لأنهما لا تستطيعان السيطرة على تلك الميليشيات، وثانياً لأنهما لا ترغبان في الدفاع عن المواطنين السنّة، لتجنب هجمات انتقامية قد تشنها تلك الميليشيات ضد الحكومتين بطريقة أو بأخرى.
وتشير المعلومات إلى أن بعض المناطق تشهد قيام مجموعات من السكان السنّة بتنظيم أنفسهم في جماعات مسلحة للانتقام من هذه الميليشيات وأيضاً للدفاع عن النفس، مما قد يؤدي إلى اندلاع حرب أهلية جديدة. فبينما لم تتعافَ سوريا بعد من حربها الداخلية، يشهد العراق بوادر ظهور لتنظيم داعش وحركات أصولية متطرفة، في ظل عجز الدولة عن الدفاع عن مواطنيها.
تحليل الظاهرة وخطورتها:
في قلب هذا الصراع، توجد قوى إقليمية تستخدم هذه الانقسامات الطائفية لتعزيز نفوذها على حساب الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والأمني للمنطقة. تدخل إيران من خلال دعمها لميليشيات شيعية محلية في كل من سوريا ولبنان قد ساهم في تعزيز التوترات الطائفية، حيث تُعتبر هذه الميليشيات أدوات عسكرية وسياسية بيد إيران، مما يعمق الشقاق بين السنة والشيعة ويزيد من معاناة المدنيين.
مخاطر التصعيد الطائفي:
إذكاء روح الانتقام والانتقام المتبادل: من الواضح أن الاعتداءات الطائفية من قِبل مجموعات مسلحة على المدنيين من الطرف الآخر تثير روح الانتقام وتشجع تشكيل جماعات مسلحة سنية دفاعية. هذا يعزز دوامة العنف الطائفي، ويخلق ظروفًا قد تؤدي إلى نشوب حرب أهلية جديدة لا تبقي ولا تذر، إذ تُخلِّف عواقب وخيمة على الصعيدين الإنساني والأمني.
إضعاف الدولة وتعزيز دور الميليشيات: من الملاحظ أن الدول المعنية، مثل سوريا والعراق، لا تملك القدرة أو الإرادة الكافية للحد من هذا العنف، ما يشير إلى ضعف الدولة وهيمنة الميليشيات التي تعمل بشكل مستقل أو بأجندات خارجية. عدم السيطرة على الميليشيات يجعلها تتصرف كدولة موازية، مما يقوض شرعية الحكومات ويهدد سيادة القانون.
ظهور وتنامي الحركات المتطرفة: التاريخ يُظهر أن الفوضى وغياب الحماية للمواطنين، وخاصة للطوائف المستهدفة، تُعد أرضًا خصبة لظهور الجماعات الأصولية والمتطرفة التي تزعم الدفاع عن هذه المجتمعات. تنظيم "داعش" وغيره من التنظيمات المتطرفة قد يجدون فرصة جديدة للعودة في ظل هذه الفوضى، مستغلين المظلومية الطائفية لتحفيز المزيد من الشباب للانضمام إلى صفوفهم.
تأثير ذلك على الصعيد الإقليمي: هذا الصراع ليس معزولاً بل يمتد تأثيره ليشمل منطقة الشرق الأوسط بأسرها، خاصة في ظل الأحداث الجارية بين إسرائيل وحماس وحزب الله. تلك الحروب الإقليمية تزيد من تعقيد الموقف، وتضع العديد من الدول العربية في موقف صعب، حيث تخشى أن تمتد الاضطرابات الطائفية إليها وتؤدي إلى تشرذم مجتمعاتها.
تأثير التفاعل السني-الشيعي في ظل الحرب الإسرائيلية:
الحرب الدائرة بين إسرائيل وحزب الله تؤدي إلى مواقف متباينة لدى الطائفتين السنية والشيعية في المنطقة. التوترات الطائفية تتزايد بسبب ما يصفه البعض بالشماتة السنية في معاناة حزب الله، بينما تنعكس هذه المشاعر على الميدان كتصعيد مباشر من قبل حزب الله والميليشيات الشيعية ضد المجتمعات السنية في المناطق التي يسيطرون عليها.
هذا التفاعل الطائفي، إذا لم يتم احتواؤه، قد يؤدي إلى نتائج وخيمة. فبدلًا من أن تنتهي التوترات بتحقيق الاستقرار، قد تستمر حتى بعد انتهاء النزاع مع إسرائيل، مما يعزز حالة عدم الاستقرار في سوريا والعراق ولبنان.
الحلول الممكنة وتوصيات:
لحل هذا النزاع ومنع اندلاع حرب أهلية جديدة، يجب اتباع عدة خطوات:
دعم الحلول الدبلوماسية والإصلاحات: يجب أن تدفع الدول الكبرى والمنظمات الدولية باتجاه حلول سياسية تعزز سيادة القانون في سوريا والعراق ولبنان، وتشجع على استقرار المجتمعات المحلية وتحقيق الأمن.
تعزيز سيادة الدولة: لا يمكن القضاء على هذه الميليشيات أو الحد من نفوذها إلا من خلال تقوية الدولة. وهذا يتطلب دعم المؤسسات الأمنية وضمان حقوق الأقليات والطوائف.
التركيز على خطاب التسامح: يتطلب الوضع الحالي تبني خطاب تسامح ونبذ العنف الطائفي، ويجب على رجال الدين وقادة المجتمع المدني في المنطقة أن يعملوا على تعزيز التعايش السلمي ونبذ الخطاب الطائفي.
إطلاق مبادرات تنموية: إن معالجة الفقر والبطالة، خاصة في المناطق التي تكثر فيها النزاعات الطائفية، سيكون له تأثير إيجابي في تقليص جاذبية الفكر المتطرف. فالشباب العاطلون هم الأكثر عرضة للانخراط في صفوف الجماعات المتطرفة.
خلاصة
الصراع الطائفي في الشرق الأوسط هو إحدى الأدوات الخطيرة التي تستخدمها قوى إقليمية ودولية لتحقيق أهدافها على حساب استقرار المجتمعات المحلية. الحل ليس بسيطًا، لكنه ضروري ويتطلب تضافر الجهود السياسية والاجتماعية لمعالجة جذور هذا الصراع ومنع انزلاق المنطقة إلى مزيد من الفوضى والعنف.