داعش في موسم الرياض.. من يسيطر على العقل السعودي؟
الجمعة 22/نوفمبر/2024 - 02:15 ص
طباعة
حسام الحداد
افتتاحية العدد الأخير من صحيفة "النبأ"، التي يصدرها تنظيم داعش، والصادر في الساعات الأولى ليوم الجمعة 22 نوفمبر 2024، تأتي لتُعيد التأكيد على الاستراتيجية الخطابية للجماعة الإرهابية. المقال يحاول ربط الأحداث السياسية والاجتماعية في السعودية، خصوصًا تلك المتعلقة بمواسم "هيئة الترفيه"، بالسياق الأوسع لمشروع التنظيم الذي يسعى لفرض نفسه كوصي على الدين الإسلامي. تعتمد الافتتاحية على خطاب تعبوي مليء بالمغالطات، التأويلات الأيديولوجية، وتحريف النصوص الشرعية، ما يجعلها نموذجًا واضحًا لتحليل الخطاب المتطرف.
خطاب الشرعية الدينية وتحريف النصوص
تستخدم الافتتاحية النصوص الدينية كمصدر شرعية، متخذةً من الآيات القرآنية أداةً لتعزيز موقفها. فعلى سبيل المثال، يتم اقتباس الآية: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله" لتوجيه اتهامات مبطنة لسياسات الترفيه السعودية. هذه الاستراتيجية تهدف إلى تصوير الخصوم كأعداء للدين، وهو أمر يتنافى مع سياق الآية التي جاءت لتناول ظاهرة عامة تتعلق باللهو عن ذكر الله. هذا الاستغلال للنصوص يعكس انتقائية واضحة وتحيزًا أيديولوجيًا.
كما تعتمد الافتتاحية على انتقائية صارخة في اختيار النصوص القرآنية، متجاهلة السياق الشامل للآيات والأحكام الإسلامية. فعلى سبيل المثال، تجاهلت النصوص التي تدعو إلى الاعتدال في الأحكام والابتعاد عن الغلو، مثل قوله تعالى: "وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ". هذه الانتقائية لا تهدف فقط إلى استثارة المشاعر الدينية، بل تسعى أيضًا إلى توجيه المتلقي نحو قبول رؤية متشددة أحادية الجانب للعالم الإسلامي وقضاياه. كما أن تكرار النصوص التي تركز على الفساد في الأرض والفسق تأتي بشكل مبالغ فيه لإثارة الغضب الجماعي، بدلًا من تقديم حلول أو رؤية متوازنة.
إلى جانب الانتقائية، تتجاهل الافتتاحية النصوص الدينية التي تدعو إلى الوحدة، التسامح، والرحمة، وهي أساس في الشريعة الإسلامية. فآيات مثل: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا" و "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ" مغيبة تمامًا، على الرغم من كونها محورية في مواجهة الانقسامات داخل الأمة الإسلامية. هذه التجاهل المتعمد يعكس رغبة التنظيم في تكريس خطاب الانقسام والكراهية الذي يتناسب مع أهدافه الاستقطابية، بدلًا من التركيز على الحلول التي تعزز السلم الاجتماعي والديني.
بناء العدو: آل سعود كرمز للكفر
تُظهر الافتتاحية النظام السعودي كرمز للطغيان والفساد الذي لا يمكن مواجهته إلا من خلال الجهاد. هذه الصورة تحاول تجريد السلطة السعودية من أي شرعية دينية أو سياسية، وتصويرها كعدو وجودي للإسلام. هذا النهج يُبرز الحاجة إلى خطاب أكثر عقلانية في الرد على هذه الادعاءات عبر تقديم سردية متوازنة تظهر إنجازات الحكومة السعودية في حماية المقدسات الإسلامية.
كما تعتمد الافتتاحية على تضخيم صورة آل سعود كعدو أيديولوجي مطلق، مستخدمة خطابًا يحمل طابعًا عاطفيًا يهدف إلى استثارة المشاعر الدينية لدى الجمهور. من خلال التركيز على سياسات الترفيه والإصلاحات الاجتماعية، يتم تصوير هذه التحركات كخروج صريح عن تعاليم الإسلام، متجاهلين الجوانب الإيجابية لهذه الإصلاحات مثل تعزيز الاستقرار الاجتماعي وتطوير البنية التحتية للمجتمع. هذه المبالغة في رسم صورة العدو تساهم في تعقيد أي محاولات للنقاش أو الحوار، وتغذي الانقسام بين مختلف الأطراف الإسلامية.
ويتجاهل هذا الخطاب بشكل متعمد جهود المملكة العربية السعودية في خدمة الإسلام والمسلمين عالميًا، مثل تنظيم الحج والعمرة واستضافة ملايين المسلمين سنويًا، بالإضافة إلى دعم المؤسسات الإسلامية والمشاريع الإنسانية. هذه الإنجازات تُعتبر جزءًا من التزامات المملكة تجاه العالم الإسلامي، ومع ذلك، يتم إسقاطها من السردية لتحل محلها صورة مشوهة تهدف إلى تشويه سمعة النظام بالكامل. إن تقديم هذه الجهود بشكل محايد ومتوازن يمكن أن يحد من تأثير هذه الخطابات المتطرفة، ويبرز واقعًا مغايرًا لما يتم تصويره في هذه الافتتاحيات.
المبالغة في تصوير التهديد
المقال يصور فعاليات الترفيه كأزمة وجودية تهدد الهوية الإسلامية، بل ويذهب إلى القول بأن هذه الفعاليات "هدف في حد ذاتها" وليست مجرد سياسة محلية. هذا التهويل يخدم أهداف التنظيم في تعبئة أنصاره واستغلال المشاعر الدينية لتحفيز الأفراد على الانخراط في مشروعه. ومع ذلك، فإن هذا الطرح يتجاهل التعقيدات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تُشكل سياسات أي دولة حديثة.
تتجاهل الافتتاحية السياق الفعلي الذي تنطلق منه فعاليات الترفيه، والتي تُعد جزءًا من رؤية السعودية 2030، وهي استراتيجية شاملة تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز جودة الحياة للمواطنين والمقيمين. تصوير هذه الفعاليات على أنها تهديد وجودي يعكس افتقارًا للموضوعية ويهدف إلى تسطيح النقاش حول قضايا مجتمعية معقدة. مثل هذا التشويه يتعمد تغافل المنافع الاقتصادية والاجتماعية التي تحققها هذه الفعاليات، مثل توفير فرص العمل وجذب السياح، مما يسهم في دعم استقرار المملكة وتحقيق أهدافها التنموية.
المبالغة في تصوير فعاليات الترفيه كتهديد للهوية الإسلامية لا تخدم إلا أجندة التنظيمات التي تعتمد على خطاب الكراهية والاستقطاب. هذا الخطاب يعمل على تحويل سياسات الدولة إلى أدوات لإثارة الانقسامات وتغذية مشاعر الغضب بين الجماهير، متجاهلاً أن هذه السياسات تأتي في سياق تحديث شامل يوازن بين الحفاظ على الهوية الدينية والانفتاح الثقافي. الرد على هذا النوع من الطروحات يتطلب توضيح الجهود المبذولة لضمان احترام القيم الإسلامية مع المضي قدمًا نحو تحقيق التنمية والازدهار.
استخدام الحنين إلى الماضي
تُكرر الافتتاحية إشارات إلى العهد النبوي والخلافة الراشدة كمثال للمجتمع المثالي، وتُقارن بين هذا الماضي "المجيد" والحاضر "المنحرف". هذه المقارنة تهدف إلى تعزيز شعور بالذنب والانحراف لدى المسلمين المعاصرين، ما يُساهم في تأجيج الرغبة في العودة إلى "الأصول". هذه الاستراتيجية الخطابية تُهمّش التطور التاريخي للإسلام وتُروج لفهم محدود وغير واقعي.
كما يعتمد خطاب الحنين إلى الماضي على استحضار صورة مثالية وغير واقعية للمجتمعات الإسلامية الأولى، متجاهلًا التعقيدات والصراعات التي شهدتها تلك الفترات. هذا التلاعب بالذاكرة الجماعية يُوظف كأداة لتأجيج الشعور بالذنب والاستياء من الحاضر، مما يدفع الأفراد نحو الانغلاق على رؤية تاريخية أحادية ومثالية. ومع ذلك، فإن هذا الخطاب يتجاهل حقيقة أن الإسلام كدين وحضارة تطور عبر قرون من التفاعل مع مختلف الثقافات والمجتمعات، وهو ما يُثبت قدرة المسلمين على التكيف والابتكار في مواجهة التحديات الجديدة.
الحنين إلى الماضي كما يُطرح في هذا السياق يتجاهل السياق العالمي المعاصر والتحديات التي تواجه المجتمعات الإسلامية، من الاقتصاد إلى التعليم والتكنولوجيا. بدلاً من التركيز على تقديم حلول واقعية وقابلة للتطبيق، يعتمد هذا الخطاب على استنزاف الطاقة الجماعية في السعي وراء نموذج مثالي قد لا يكون ممكنًا أو مناسبًا للعصر الحالي. الرد على هذه الأطروحات يتطلب تعزيز خطاب إسلامي مستنير يوازن بين القيم الدينية والثوابت وبين متطلبات العصر الحديث، مع التركيز على الإنجازات التي يمكن تحقيقها في ظل الظروف الراهنة.
الإسقاط السياسي على الدين
تحاول الافتتاحية ربط الأحداث المحلية في السعودية بمشروع عالمي لتنظيم داعش. استخدام مصطلحات مثل "علمنة الجزيرة" و"إفساد أهلها" يعكس منظورًا يُفسر كل تغيير اجتماعي أو ثقافي كجزء من مؤامرة ضد الإسلام. هذه الاستراتيجية تهدف إلى توسيع نطاق الصراع ليشمل جميع المسلمين، ما يمنح التنظيم مبررًا للاستمرار في نهجه العنيف.
ويلعب الإسقاط السياسي على الدين دورًا محوريًا في بناء سردية المؤامرة، حيث يتم تصوير كل تغيير اجتماعي أو ثقافي على أنه جزء من مخطط عالمي يستهدف الإسلام والمسلمين. هذه الاستراتيجية تُستخدم لتبرير العنف الذي يتبناه التنظيم، إذ يتم تصوير أفعاله كرد فعل ضروري للدفاع عن الهوية الإسلامية المهددة. مثل هذا الخطاب يُعفي التنظيم من مساءلة أفعاله ويُصوّر أي انتقاد له على أنه اصطفاف مع "المؤامرة"، ما يُعمّق حالة الاستقطاب ويُعزز شعور الانتماء لدى أنصاره.
ومن خلال الإسقاط السياسي على الدين، يُغيب هذا الخطاب التعددية الفكرية والاجتماعية داخل المجتمعات الإسلامية، حيث يتم اختزال هذه المجتمعات في نموذج واحد يُعتبر "صحيحًا". هذا التجاهل للتنوع يُسهم في قمع الأصوات المعتدلة والمناهضة للعنف، كما يضعف قدرة المجتمعات الإسلامية على مواجهة التحديات المعاصرة بطرق سلمية وبناءة. التصدي لهذا الخطاب يتطلب إبراز أصوات تدعو إلى فهم أعمق وأكثر شمولًا للتغيرات الاجتماعية، مع التركيز على الحلول المستمدة من القيم الإسلامية التي تُشجع على الحوار والتعايش.
استغلال مفهوم الجهاد
تطرح الافتتاحية مفهوم الجهاد كحل وحيد لمواجهة ما تعتبره "منكرات" في الجزيرة العربية. يُصور الجهاد هنا ليس كأداة للدفاع عن الدين، بل كوسيلة لتغيير الأنظمة السياسية وإسقاط الحكومات. هذه النظرة تتعارض مع السياق الإسلامي الأوسع لمفهوم الجهاد، الذي يتطلب شروطًا محددة ويتجنب إلحاق الضرر بالمجتمعات.
في هذا السياق، يتم استغلال مفهوم الجهاد لتحفيز الأنصار على المشاركة في أعمال عنف تحت مسمى "الواجب الديني"، مما يُغفل المفهوم الحقيقي للجهاد الذي يرتكز على الدفاع عن الدين وحماية المجتمعات. هذا التفسير يشوّه الفهم الإسلامي لمفهوم الجهاد، حيث يُستخدم لتبرير الأعمال العدائية ضد الأنظمة الحاكمة، دون مراعاة الشروط الشرعية التي تحكم هذا المفهوم. وهذا التلاعب بالكلمات يعزز حالة من الغموض الديني الذي يمكن أن يُسهم في تشويه فكر الشباب المسلم وتوجيههم نحو الفكر التكفيري.
من خلال ربط الجهاد بأهداف سياسية خاصة، يحاول هذا الخطاب تحريف مفهوم الجهاد وتقديمه كأداة للاحتجاج السياسي أو إسقاط الأنظمة الحاكمة، وهو أمر يتعارض تمامًا مع المبادئ الإسلامية التي تضع ضوابط صارمة للجهاد. هذا النوع من التفسير يساهم في ترويج لفكرة أن التغيير السياسي يتطلب العنف أو القوة المسلحة، متجاهلاً بذلك آليات التغيير السلمي والشرعي. وبهذا، يتم تصوير الدين كمحفز لأعمال العنف بدلاً من كونه دعوة للتسامح والمصالحة بين المسلمين.
تكمن المشكلة في أن هذه التفسيرات المبتسرة والمضللة لمفهوم الجهاد قد تؤدي إلى استقطاب المجتمعات الإسلامية وجعلها أكثر انقسامًا، مما يساهم في تعزيز الصراعات الداخلية بدلاً من حلها. في حين أن الإسلام يحث على حماية المجتمع وتوجيه الأفراد نحو بناء السلام والتعاون، فإن هذه الرؤية القاصرة للجهاد تهدم مبادئ الأخوة والتعايش السلمي. من الضروري العودة إلى الفهم الصحيح للجهاد كما ورد في النصوص الدينية، والتركيز على دوره في حماية الأمة ودفع الظلم وليس إشعال الصراعات.
التناقضات الداخلية في الخطاب
في حين يدعي المقال الدفاع عن التوحيد ومنهج السلف، فإنه يهاجم كل من يخالف رؤيته الضيقة. هذه التناقضات تظهر في مهاجمة علماء الدين الذين لم يتبنوا مواقف متطرفة، وتصويرهم كـ"غطاء شرعي للطغاة". هذا التناقض يُبرز أزمة داخلية في خطاب التنظيم، حيث لا يتسامح مع أي رأي مخالف، حتى لو كان ضمن الإطار الإسلامي.
يتسم الخطاب بالتصعيد ضد أي خلاف فكري، حتى وإن كان ضمن السياق الإسلامي الأوسع. رغم ادعاء المقال الدفاع عن التوحيد ومنهج السلف، إلا أنه يُظهر عدم التسامح مع التنوع الفقهي والعلمي الذي يمثل جزءًا أساسيًا من تاريخ الأمة الإسلامية. فبدلاً من الدعوة إلى الحوار الفكري البناء، يتم تصوير العلماء الذين يختلفون في آرائهم على أنهم أدوات تُستخدم لتغطية فساد الأنظمة، مما يعكس غياب القدرة على قبول النقد أو تبني أي وجهة نظر مغايرة، حتى لو كانت تنتمي إلى نفس الدائرة الإسلامية.
إن الهجوم على العلماء الذين لا يتبنون مواقف متطرفة يُظهر تضاربًا داخليًا في الاستراتيجية الدعوية لهذا التنظيم. من المفترض أن تكون الدعوة إلى الإسلام شاملة لجميع أطياف الفكر والعلماء، لكن هذه الاتهامات تؤدي إلى تقويض مكانة العلماء المعتدلين، وبالتالي إلى تفكيك المجتمع الإسلامي بدلاً من توحيده. التناقض هنا يكمن في محاولة التنظيم تقوية خطابه من خلال رفض التنوع الفكري، وهو ما يعكس غياب التوازن في التعامل مع المذاهب الإسلامية المختلفة، ويؤدي إلى نشر الفكر الأحادي المتطرف الذي يُغفل التنوع في الساحة الدينية.
التأثير على الجمهور المستهدف
تسعى الافتتاحية إلى استمالة مشاعر الغضب والإحباط لدى شريحة من المجتمع، خاصة أولئك الذين يشعرون بالاغتراب بسبب التحولات الاجتماعية والثقافية في السعودية. هذا الاستهداف يعتمد على خطاب مليء بالعاطفة والمبالغة، ولكنه يُخفي وراءه غايات سياسية تهدف إلى جذب الأفراد للانضمام للتنظيم.
إن استخدام الافتتاحية لمشاعر الغضب والإحباط لدى الشريحة المستهدفة يعكس تكتيكًا هادفًا لتوظيف الأزمات الاجتماعية كأرض خصبة لجذب الدعم. فالفئات التي تشعر بالاغتراب نتيجة التغيرات الاجتماعية والثقافية في السعودية غالبًا ما تجد نفسها في حالة من التوتر النفسي، مما يجعلها أكثر عرضة للتأثيرات الخطابية التي تعزز من الشعور بعدم الانتماء والتباعد عن قيم "الأصالة" التي يُروج لها. هذه الاستراتيجية تستغل الضعف النفسي والاجتماعي للأفراد لتوجيههم نحو تبني أفكار متطرفة والتمسك بهوية دينية مشوهة.
وتتسم الافتتاحية باستخدام خطاب عاطفي قوي ومبالغ فيه، يتعمد استحضار مشاعر الغضب والخذلان تجاه التحولات الاجتماعية في المملكة. هذا الخطاب لا يقتصر على التشخيص العقلي للمشكلة الاجتماعية، بل يدمج العاطفة كأداة رئيسية في تحفيز ردود فعل سريعة وغير مدروسة. من خلال تصوير التغييرات الثقافية على أنها تهديد وجودي للإسلام، يُطلب من الجمهور اتخاذ موقف حاسم من خلال الانضمام إلى التنظيم، متجاهلين بذلك الأبعاد الإنسانية والمعقدة للمسائل الاجتماعية.
بينما يتم تقديم الخطاب على أنه دفاع عن الإسلام وحماية لثقافة الأمة، فإن الغايات السياسية التي تقف وراءه تُعد الأساس الفعلي للاستراتيجية. لا تقتصر الدعوة على محاربة التحولات الاجتماعية فقط، بل تهدف إلى خلق حالة من الاضطراب الذي يساهم في زيادة الانقسام داخل المجتمع. من خلال اللعب على مشاعر الغضب، يصبح الانضمام للتنظيم ليس مجرد موقف ديني بل موقف سياسي أيضًا، يعكس ولاءً لأجندات تروج للتغيير الثوري على الأنظمة القائمة.
خاتمة: نقد خطاب التحريض
تحليل هذه الافتتاحية يكشف عن الأساليب التي يعتمدها تنظيم داعش لاستغلال الدين كأداة سياسية. الخطاب موجه نحو تضخيم الأزمات المحلية وربطها بمشروع عالمي للتنظيم، مع تجاهل للواقع السياسي والاجتماعي المعقد. الرد على هذا الخطاب يتطلب مواجهة فكرية عميقة تُبرز تناقضاته وتُقدم بدائل عقلانية تتماشى مع فهم صحيح للإسلام. من المهم كذلك تعزيز الوعي بأدوات التحليل النقدي للخطاب بين عامة المسلمين لمواجهة مثل هذه الدعاوى المتطرفة.