خطف واعتقال.. حماس تسعى لإسكات الأصوات المعارضة رغم ويلات الحرب
شهد قطاع غزة في الآونة الأخيرة تصاعدا في القمع والتهديدات التي تستهدف الأصوات المعارضة لحركة "حماس"، حيث بدأت الحركة في تكثيف جهودها للتصدي للأصوات التي تنتقد سياستها وتعرضها لانتقادات شديدة على خلفية الحرب المستمرة وتداعياتها الكارثية على سكان القطاع.
وتشير المصادر المحلية إلى أن الحركة، التي تسيطر على القطاع منذ سنوات، تستخدم وسائل عدة لمواجهة المعارضين، بما في ذلك جهاز أمن سري تحت مسمى "الأمن العام"، الذي يقوم بمراقبة الفلسطينيين في غزة والتشهير بهم.
وفقا للوثائق التي تسربت من داخل الحركة، يكلف جهاز الأمن العام بشن حملات إعلامية هجومية ودفاعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي بهدف إرباك خصوم الحركة والتأثير عليهم من خلال نشر معلومات خاصة وحصرية.
كما يلاحظ وجود جهازين آخرين، هما جهاز الأمن الداخلي والاستخبارات العسكرية، الذين يركزون في عملهم على القضايا المتعلقة بالصراع مع إسرائيل.
واحدة من أبرز الحالات التي سلطت الضوء على القمع السياسي في غزة هي قضية الناشط أمين عابد، الذي تم استهدافه مؤخرا من قبل عناصر حماس بسبب انتقاداته لحركة حماس والحرب التي تسبب في تدمير القطاع. تم الاعتداء عليه بالضرب ما أدى إلى إصابته بعدة كسور، وهو ما أثار موجة من الغضب والاستنكار على مواقع التواصل الاجتماعي، وأدى إلى حملة تضامن واسعة بعنوان "كلنا أمين عابد".
العديد من الفلسطينيين عبروا عن استيائهم مما وصفوه بالقمع المتزايد من قبل حماس ضد أي صوت معارض لها.
كما أصدر العالم الإسلامي البارز في غزة، الدكتور سلمان الدايه، فتوى نادرة وقوية تنتقد الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. الدايه، الذي يعد من أبرز العلماء في القطاع وله تأثير كبير بين السكان، اعتبر أن حماس قد انتهكت المبادئ الإسلامية التي تحكم الجهاد.
وقال في فتواه إن الهجوم على إسرائيل لم تتوافر له الأركان الشرعية للجهاد، مؤكدا على ضرورة تجنب الهجمات التي تؤدي إلى إزهاق أرواح المدنيين الفلسطينيين وتدمير حياتهم.
وتعد هذه الفتوى ضربة لحركة حماس، خاصة وأن الجماعة غالبا ما تبرر هجماتها على إسرائيل باستخدام المبررات الدينية لتأليب الرأي العام في العالم العربي والإسلامي ضد ما تصفه "بالعدوان الإسرائيلي".
ولكن من الواضح أن هناك تزايدا في المعارضة داخل غزة، حيث يشعر العديد من الفلسطينيين بأن الحركة قد كلفت القطاع ثمنا باهظا من الأرواح والممتلكات بسبب مغامراتها السياسية والعسكرية، التي تسببت في دمار شامل للقطاع.
في ظل هذه الظروف، أفاد بعض المعارضين لحركة حماس أنهم تعرضوا للتهديدات والاعتقال، معتبرين أن النظام القمعي لحماس لا يسمح بأي مساحة للمعارضة السياسية أو حرية التعبير.
في هذا السياق، قال المحلل السياسي الفلسطيني زيد الإيوبي في تصريحات خاصة: "حركة حماس تحمل الشعب الفلسطيني في قطاع غزة مغامراتها السياسية، وتفرض على الناس قبول الوضع الحالي وعدم معارضته، بينما هم يعانون من ويلات الحرب والمجاعة في ظل سيطرة الحركة".
وأضاف الإيوبي أن حماس قد استخدمت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لتهديد أي شخص يعارض سياستها، مما ساهم في إسكات العديد من الأصوات المعارضة التي كانت تنادي بوقف الحرب ووقف معاناة الشعب الفلسطيني. وأكد الإيوبي أن الوضع في غزة أصبح أكثر تعقيدا في ظل القمع الذي يتعرض له المعارضون داخليا من قبل حماس، فضلا عن الاضطهاد الإسرائيلي المتواصل.
حركة حماس باتت تواجه ضغوطا متزايدة داخل قطاع غزة من قبل العديد من الأصوات المعارضة التي ترى أن الحركة تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية عن المعاناة المستمرة في القطاع. وبينما تتواصل الحرب والتدمير، يطالب الفلسطينيون بمزيد من الحريات السياسية والإصلاحات التي تضمن تحقيق مصالح الشعب وتخفيف معاناته.