داعش في سوريا والعراق بين الهروب من السجون والفوضى الداخلية

الجمعة 20/ديسمبر/2024 - 01:51 ص
طباعة داعش في سوريا والعراق حسام الحداد
 
في تصريحاتٍ حديثة، أشار وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، إلى تصاعد تهديدات تنظيم "داعش" في المنطقة، مؤكداً أن التنظيم الإرهابي يعيد تنظيم صفوفه بعد استيلائه على كميات من الأسلحة التي تركها الجيش السوري بسبب انهيار عملياته العسكرية. هذه التصريحات تثير العديد من الأسئلة حول التداعيات الإقليمية والمحلية للأزمة السورية على الأمن العراقي، وكذلك على الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.
تزايد تهديدات داعش
فيما أكد حسين أن داعش قد استولى على أسلحة ضخمة من مخازن الجيش السوري، يطرح هذا الادعاء تساؤلات بشأن حجم النفوذ العسكري للتنظيم في مناطق كانت تعدّ في وقتٍ ما مناطق تحت سيطرة الحكومة السورية. هذا يشير إلى ضعف الجيش السوري في العديد من النقاط الاستراتيجية، خاصة في المناطق التي تشهد توترات بين الفصائل المسلحة المتناحرة. ولكن، لا يمكن للمرء أن يتجاهل أن المعلومات التي تتحدث عن استيلاء داعش على الأسلحة قد تكون مغلوطة أو مبالغًا فيها، إذ تعكس هذه التصريحات القلق من عودة التنظيم بشكلٍ أوسع، بينما يظل الواقع العسكري في سوريا معقدًا ويتداخل مع مصالح وأهداف عدة أطراف دولية وإقليمية.
بين الهروب من السجون والفوضى الداخلية
تحذير وزير الخارجية العراقي من هروب عناصر داعش من السجون وأثر ذلك على الأمن في العراق وسوريا يعدّ نقطة مهمة في هذا البيان. مع انتشار السجون التي تحتجز المئات من عناصر التنظيم في شمال سوريا، يشكل الهروب تهديداً محتملاً سواء للسكان المحليين أو للجهات الأمنية. ما يزيد من تعقيد هذا الوضع هو معسكر الهول الذي يُعدّ بمثابة بؤرة لتجنيد العناصر الجديدة من العائلات التي كانت تابعة للتنظيم. الحذر من انفلات الوضع داخل هذه المعسكرات يشير إلى احتمال تجدد العمليات الإرهابية، خصوصًا في العراق الذي يعاني من عدم استقرار أمني في بعض مناطقه.
من جهة أخرى، تحذر تصريحات حسين من التصادمات المحتملة بين بعض الفصائل المسلحة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وهو أمر من شأنه أن يزيد الوضع تعقيدًا. هذا التصادم لن يؤدي فقط إلى تدهور الأوضاع الأمنية في شمال سوريا، بل قد يفتح جبهات جديدة للتنظيمات الإرهابية التي تستغل أي فوضى لتوسيع نفوذها.
دور العملية السياسية السورية في استقرار المنطقة
أكد حسين على أهمية بناء عملية سياسية سورية شاملة تستند إلى مشاركة جميع المكونات السورية. هذه الدعوة تمثل جانبًا رئيسيًا في مقاربة العراق للأزمة السورية. فالتوترات الطائفية والعرقية، التي تصاعدت بفعل الحرب الأهلية السورية، تواصل تقويض أي جهود نحو التسوية السياسية. رغم ذلك، يبقى التحدي الأكبر في تحقيق توافق بين القوى الإقليمية والدولية المتداخلة في النزاع السوري، من إيران إلى الولايات المتحدة إلى تركيا، حيث تظل هذه الأطراف تسعى لتحقيق مصالحها على حساب وحدة سوريا.
الموقف البريطاني
من جانب آخر، أبدى الوزير البريطاني، هاميش فالكونر، قلقه من التصعيد المحتمل بين الفصائل المسلحة وقسد. وهذا يشير إلى تداخل الأبعاد الإقليمية مع الوضع الداخلي السوري، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري. تبقى سياسة بريطانيا في دعم المبادرات متعددة الأطراف في سوريا محطّ تساؤلات. رغم الإشادة بنتائج اجتماعات "العقبة"، يبقى السؤال: هل هي مجرد اجتماعات استعراضية أم أنها ستفضي إلى حلول ملموسة تتناول جذور الأزمة وتحدياتها؟
أفق ضبابي لأمن المنطقة
من خلال قراءة التصريحات والتحليل، نجد أن الوضع في سوريا والعراق يتجه نحو مزيد من التوترات. تهديدات داعش لا تزال قائمة، ومعركة التصدي لها تتداخل مع تعقيدات الوضع السياسي والعسكري في المنطقة. إن نجاح أو فشل المجتمع الدولي في معالجة هذه الأزمات سيكون له تأثير كبير على الاستقرار الإقليمي. لكن حتى الآن، تظل الحلول السياسية الهشة والمبادرات الدبلوماسية غير كافية لضمان العودة إلى الاستقرار الفعلي في المنطقة.

شارك