عودة "داعش".. شبح الإرهاب يلوح في أفق سوريا والمنطقة
الجمعة 20/ديسمبر/2024 - 02:28 م
طباعة

بعد سنوات من تراجع تنظيم "داعش" على الأرض وفقدانه السيطرة على معظم المناطق التي أعلن فيها "دولته" في سوريا والعراق، تجددت المخاوف من عودة التنظيم إلى الواجهة.
فمع تصاعد التوترات في المنطقة واستمرار الأزمة السورية، يبقى شبح "داعش" حاضرًا في الأذهان، مما يثير تساؤلات حول قدرة التنظيم على استعادة نفوذه.
وتزايدت المخاوف بين المسؤولين الأمريكيين حيال إمكانية حدوث هروب جماعي لعناصر تنظيم داعش من السجون التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرق سوريا، حيث تضم هذه السجون آلاف العناصر من التنظيم.
في هذا السياق، عبر عدد من الخبراء والمحللين عن قلقهم من تداعيات هذا الهروب على الأمن الإقليمي والدولي.
وقد أعلن وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، أن تنظيم "داعش" يعيد تنظيم صفوفه بعدما استولى على كميات من الأسلحة نتيجة انهيار الجيش السوري وتركه لمخازن أسلحته، مما أتاح للتنظيم توسيع سيطرته على مناطق إضافية.
في الوقت نفسه، حذر الوزير العراقي من خطورة هروب عناصر "داعش" من السجون، ومن انفلات الوضع في معسكر الهول شمالي سوريا، الذي يضم العشرات من عائلات التنظيم.
وأكد أن ذلك سينعكس بشكل مباشر على الأمن في سوريا والعراق، مشددًا على ضرورة بناء العملية السياسية السورية على أساس مشاركة جميع المكونات، وأهمية تقديم المساعدات الدولية المستدامة للشعب السوري.
على الرغم من الضربات العسكرية التي أنهكت قدرات التنظيم، فإن خلاياه النائمة ما زالت تنشط في عدة مناطق، خصوصًا في البادية السورية التي تُعتبر معقلًا تقليديًا له.
ويري مراقبون أن عمليات اغتيال واستهداف القوات المحلية والدولية تعكس استمرار قدرة التنظيم على تنفيذ عمليات نوعية، مما يؤكد أنه لم يُهزم تمامًا. الفوضى وانعدام الاستقرار في سوريا يُشكلان تربة خصبة لعودة التنظيم، فعلي سبيل المثال مناطق مثل دير الزور والرقة لا تزال تعاني من فراغ أمني وضعف في الخدمات الأساسية، مما يُسهل للتنظيم إيجاد حواضن محلية.
من جانب آخر، تُعقد الصراعات بين القوى الدولية والإقليمية الوضع في سوريا. لا تزال البلاد ساحة لتنافس المصالح بين روسيا، الولايات المتحدة، وإيران.
هذا التنافس يعطل الجهود الرامية إلى القضاء على جذور التطرف، كما أن معسكرات اللاجئين والنازحين في شمال شرق سوريا تُعتبر تحديًا أمنيًا كبيرًا. مخيم الهول، الذي يضم عشرات الآلاف من أفراد عائلات مقاتلي التنظيم، يُعد بيئة مثالية لنشر الفكر المتطرف وتجنيد الجيل القادم من الإرهابيين.
هذا وقد حذرت تقارير دولية من أن هذه المخيمات قد تتحول إلى "جامعات إرهابية" تُعيد إنتاج التنظيم، فالدور الدولي في منع عودة "داعش" لا يزال محدودًا ومجزأً.
ويواصل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة تنفيذ عمليات ضد خلايا التنظيم، لكن التحديات اللوجستية والسياسية تُضعف من فعالية هذه الجهود، و في الوقت نفسه، تركيز روسيا وإيران على تعزيز نفوذهما في سوريا بدلاً من القضاء على جذور التطرف يثير القلق بشأن إمكانية احتواء التنظيم.
ويري مراقبون أن لمواجهة خطر عودة "داعش"، هناك حاجة إلى استراتيجية شاملة تجمع بين الحلول الأمنية والتنموية، في القضاء على الأسباب الجذرية للتطرف، مثل الفقر والتهميش وانعدام التعليم، يجب أن يكون أولوية. كما أن دعم الاستقرار السياسي في سوريا والعمل على تسوية سلمية للصراع يمكن أن يُقلل من قدرة التنظيم على استغلال الفوضى.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تعزيز التعاون بين القوى الدولية والإقليمية لتنسيق الجهود ضد التنظيم ومنع استخدام الأراضي السورية كملاذ آمن له.
ورغم الانتصارات العسكرية التي حققتها القوى المحلية والدولية ضد "داعش"، فإن خطر عودة التنظيم لا يزال قائمًا.
ويؤكد خبراء أن الفوضى المستمرة في سوريا تُوفر بيئة خصبة لانتعاشه، مما يتطلب جهودًا دولية ومحلية مشتركة لضمان عدم تكرار سيناريوهات الماضي، فالتحدي الآن هو التحرك بسرعة وفعالية لمنع شبح "داعش" من العودة ليخيم على مستقبل سوريا والمنطقة."
يُذكر أن انهيار نظام الأسد في سوريا أثار مخاوف بشأن مصير نحو 50 ألفاً من مقاتلي داعش السابقين المحتجَزين في مخيمات شمال البلاد، خاصة مع انتشار الفوضى في المنطقة والقلق المتزايد بشأن فتح مراكز الاحتجاز تلك، ما ينذر بعودة داعش الإرهابي في المنطقة.