التمييز العنصري والمحكمة الجزائية واحكام الإعدام.. الحوثيون يعيدون إنتاج الطبقية بممارسات قمعية
الإثنين 23/ديسمبر/2024 - 12:49 م
طباعة

تشكل الانتهاكات الإنسانية إحدى التحديات الكبرى التي تواجه المجتمعات في أوقات الصراع والحروب، وفي ظل الصراعات المستمرة في اليمن نظمت منظمة إرادة لمناهضة التعذيب والإخفاء القسري فعالية دولية في مدينة لاهاي بمملكة هولندا، بحضور ناشطين وحقوقيين وإعلاميين من مختلف الدول، سلطت الفعالية الضوء على الانتهاكات المستمرة في اليمن، حيث أصدرت المنظمة تقريرين حقوقيين تناولا قضايا التمييز العنصري والمحكمة الجزائية وأحكام الإعدام.
وقدم رئيس المنظمة، المعروف بلقب "عميد المختطفين والأسرى اليمنيين في سجون الحوثيين"، تفاصيل دقيقة عن معاناة اليمنيين، مشيراً إلى أن الصراع في البلاد، الذي تفاقم منذ انقلاب الحوثيين في عام 2014، أدى إلى دمار واسع النطاق في مؤسسات الدولة وارتكاب جرائم مروعة بحق المدنيين.
وتحدث التقرير عن التمييز العنصري الممنهج الذي تمارسه جماعة الحوثي، والذي يشمل الفصل بين المواطنين العاديين و"السلالة الحوثية"، حيث مارس الحوثيون فيه سياسات الفصل العنصري والطبقية بين المواطنين، كما مارسه أباءهم من قبل مما عزز هيمنة الحوثيين وعمّق الانقسامات بين أبناء المجتمع، واستغلال الفئات المهمشة مثل ذوي البشرة السمراء (المهمشين)، وقاموا باستغلالهم في القتال عبر الخداع أو الإكراه وقام الحوثيون بإخضاعهم لدورات طائفية قبل إرسالهم إلى جبهات القتال واسترخصوا أرواحهم وزج الحوثيون بالآلاف منهم، بمن فيهم الأطفال، في معارك خطرة، كما أبرز التقرير الانتهاكات المرتكبة ضد المهاجرين الأفارقة، بما في ذلك الاحتجاز القسري، التعذيب، والقتل الجماعي، ومن أبرزها محرقة المهاجرين بصنعاء في مارس 2021، كما قام الحوثيون بإجبار الرافضين للتجنيد على الخضوع لدورات طائفية تمهيداً لتجنيدهم . اما من يرفض الدورات الطائفية والتجنيد فمصيرهم مراكز احتجاز يتعرضون فيها لانتهاكات جسدية ونفسية جسيمة . وتحتجز الميليشيات الحوثية عشرات الآلاف من المهاجرين الافارقة معظمهم من النساء والأطفال، وتفرض إتاوات مالية لعبورهم الحدود . ويتم استغلال الشباب الغير قادرين على دفع الإتاوات لنقل المخدرات والأسلحة عبر طرق التهريب الوعرة الى داخل الأراضي السعودية ، مما يؤدي إلى موت العديد منهم بسبب الجوع أو المرض ويقوم الحوثيون في بعض الأوقات بعمليات القتل للحفاظ على سرية عمليات التهريب .
وفي تقرير بعنوان "المحكمة الجزائية المتخصصة بصنعاء.. مقصلة حوثية بثياب العدالة"، كشفت منظمة إرادة عن إصدار المحكمة أكثر من 600 حكم إعدام وأحكام بالسجن تتراوح بين 5 سنوات و25 عامًا.
وأشار التقرير إلى أن المحكمة، التي تم إلغاؤها بقرار من مجلس القضاء الأعلى الشرعي، تُستخدم من قبل جماعة الحوثي كأداة لتبرير جرائم التعذيب داخل معتقلاتها، حيث يتم تلفيق التهم للمعتقلين وعرضهم عبر وسائل الإعلام التابعة للحوثيين كمجرمين، بهدف تضليل الرأي العام.
وأكد التقرير أن القضاء الحوثي أصدر أحكامًا جائرة شملت حتى الأطفال، بهدف الضغط على أسرهم. كما أوضح أن جميع الذين أصدرت المحكمة بحقهم أحكامًا كانوا من المختطفين والمخفيين قسرًا، وقد تعرضوا لتعذيب شديد لانتزاع اعترافات قسرية.
وتطرّق التقرير إلى أحكام إعدام أصدرتها المحكمة ضد موظفي منظمات إنسانية تعمل في اليمن، في تصعيد خطير لاستهداف العاملين في المجال الإنساني.
كما أورد التقرير أسماء 10 قضاة في المحكمة الجزائية المتخصصة، مشيرًا إلى أن أغلبهم من خريجي المعهد العالي للقضاء، الذي يُعرف بتوجهه الطائفي واعتماده على الفكر الإيراني الداعم للعنصرية والطائفية.
وجددت منظمة إرادة مطالبتها للمجتمع الدولي بمحاسبة الحوثيين على جرائمهم التي ترقى لجرائم ضد الإنسانية، بقيادة عبد الملك الحوثي وقادته العسكريين. واوردت في التقرير توصيات طالبت فيها المجتمع الدولي بإرسال فريق لتقصي الحقائق في مناطق الحوثيين ومحاسبة المسؤولين عن قتل وتهجير المهاجرين الأفارقة، والتحقيق في جرائم التهجير القسري ، كما طالبت الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان فتح تحقيقات في هذه الجرائم التي ترتكبها مليشيات الحوثي وتمارس فيها سياسة التعتيم .
وطالبت المنظمة السلطات الإثيوبية بمحاسبة الحوثيين على انتهاكاتهم ضد مواطنيها والتعاون مع السعوديين لتنظيم عودة المهاجرين الإثيوبيين المحتجزين .
كما طالبت المنظمة بضرورة التصدي لأحكام الإعدام غير القانونية التي تصدرها المحكمة الجزائية التابعة للحوثيين، ومحاسبة الأذرع القضائية للمليشيات على مسؤوليتها الكاملة عن حياة المختطفين.
ويرى المراقبون أن تقرير منظمة إرادة خطوة هامة نحو كشف انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، وأنه يعزز الجهود الدولية لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم الإنسانية، فهو بمثابة دعوة صريحة لتحرك دولي عاجل يضع حداً لمعاناة الضحايا.