تنظيم داعش في الصومال: التوسع والقدرات

الإثنين 23/ديسمبر/2024 - 07:16 م
طباعة تنظيم داعش في الصومال: علي رجب
 
حذرت "مجموعة الأزمات الدولية" من تصاعد تهديد تنظيم داعش في الصومال، الذي كان يشكل سابقا تهديدا منخفض المستوى لكنه بدأ في التحول إلى جزء مهم من شبكة الجماعة الجهادية العالمية.
ويعد زعيم داعش في الصومال، عبد القادر مؤمن، شخصية محورية في القيادة العالمية لتنظيم الدولة الإسلامية، ما يعكس تنامي تأثير التنظيم في المنطقة.

تنظيم داعش في الصومال: التوسع والقدرات
فرع تنظيم داعش في الصومال، الذي يتمركز في بونتلاند، منطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي في شمال شرق البلاد، نجح في الحفاظ على نفسه رغم محاولات حركة الشباب، أكبر وأقوى جماعة جهادية في الصومال، القضاء عليه.
ورغم أن التنظيم لا يشكل تهديدا مباشرا للأمن في الصومال مقارنة بحركة الشباب، إلا أن داعش في الصومال أظهر قدرة على جمع عائدات كبيرة من خلال الابتزاز والتهديدات، وهو ما يعزز قدراته العملياتية. من الممكن أن تشجع هذه القوة الاقتصادية والاجتماعية تنظيم داعش في الصومال على توسيع نفوذه في المنطقة والعالم.
مع تراجع حظوظ تنظيم داعش في سوريا والعراق، بدأ التنظيم في بناء فروع له في أفريقيا، وهو ما يعكس استراتيجية التوسع العالمية. زعيم داعش في الصومال، عبد القادر مؤمن، أصبح أحد أبرز الشخصيات القيادية في الشبكة العالمية للتنظيم، مما يعكس تزايد أهمية الصومال كمركز لوجستي ومالي لتنظيم الدولة الإسلامية على المستوى الإقليمي والدولي. هذا التوسع في القيادة يفتح الأفق أمام داعش الصومال للمشاركة في العمليات الجهادية خارج وطنه، مع تهديدات مباشرة قد تمس مناطق أخرى في أفريقيا.

التحولات في بيئة التجنيد والقدرة على التوسع
ساهمت الجغرافيا الوعرة لمنطقة بونتلاند، التي تفتقر إلى وجود حكومي قوي، في تعزيز قدرة تنظيم داعش على الاستمرار. كما أن الروابط العشائرية، خاصة تلك المرتبطة بعشيرة علي ساليبان، ساعدت التنظيم على تجنيد الدعم المحلي وتأسيس موطئ قدم في المنطقة. ورغم بعض التوترات الداخلية، لا يزال داعش يعتمد على هذه الروابط لتوسيع نفوذه.

وبالرغم من أن تنظيم داعش في الصومال يعاني من قدرة محدودة على التوسع خارج مناطق جبال كال ميسكاات في بونتلاند، إلا أن التنظيم يسعى للتمدد في مناطق جديدة، بما في ذلك محاولة التسلل إلى مقديشو. يعتمد التنظيم بشكل أساسي على عمليات التجنيد، التي تشمل أفرادا من مناطق متعددة مثل إثيوبيا وكينيا وتنزانيا بالإضافة إلى دول عربية مثل اليمن. رغم محدودية التدفق، إلا أن التنظيم لا يزال يجذب مقاتلين أجانب، ما يعزز قدراته البشرية.

في النصف الأول من عام 2020، أعاد تنظيم داعش هيكلة عملياته في إفريقيا، حيث وضع فروعه في موزمبيق وجمهورية الكونغو تحت إشراف مكتب الكرار في بونتلاند. الكرار، الذي يعتبر المركز المالي لإدارة فروع داعش في إفريقيا، يواصل التنسيق بين الأنشطة المحلية في الصومال وتحركات التنظيم خارج الصومال، كما يتولى مسؤولية جمع التمويلات.

يعد جمع الأموال أحد أبرز أنشطة تنظيم داعش في الصومال. في بونتلاند، يفرض التنظيم ضرائب على الشركات في مدينة بوساسو الساحلية ويشرف على تصدير الذهب المستخرج من مناطق مثل باري. وفقا لتقارير الأمم المتحدة والحكومة الأمريكية، يقدر إجمالي الأموال التي جمعها التنظيم منذ عام 2022 بـ 6 ملايين دولار. يتم تحويل هذه الأموال بين خلايا داعش في مختلف أنحاء إفريقيا، بما في ذلك ولاية خراسان في أفغانستان.

التنظيم وأهدافه المستقبلية
يحاول تنظيم داعش في الصومال استهداف مناطق جديدة في الصومال وخارجها لتوسيع سلطته. ووفقا للتقارير، فإن مؤمن يطمح منذ فترة طويلة إلى لعب دور رئيسي في شبكة تنظيم الدولة الإسلامية في أفريقيا. يشير ذلك إلى رغبة التنظيم في تعزيز وجوده في القارة الأفريقية، ما قد يشكل تهديدا على المدى الطويل.

التنافس مع حركة الشباب
يواجه تنظيم داعش في الصومال تحديا كبيرا من حركة الشباب، التي تعتبر التنظيم منافسا رئيسيا لها في الساحة الجهادية. وعلى الرغم من الصراع بين الجماعتين، تمكن داعش من الاحتفاظ بأراض في باري بعد صراع طويل مع حركة الشباب، التي كان تركيزها على مناطق أخرى في الصومال. يتسم الصراع بين داعش وحركة الشباب بالتنافس على الموارد وعمليات الابتزاز، التي تشهد منافسة شديدة بين التنظيمين.

التهديد المحلي والدولي
على الرغم من الخطط والمبادرات لمكافحة التنظيم، يواجه التصدي لتنظيم داعش في الصومال صعوبات كبيرة بسبب الخلافات بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو وحكومة بونتلاند المحلية، حيث يتنازع الطرفان حول السلطة والموارد. هذه الخلافات تعرقل الجهود المشتركة لمكافحة التنظيم، مما يستدعي ضرورة التعاون الأمني وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين الجانبين.
 بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن الاعتماد فقط على الضربات الجوية الأمريكية ضد التنظيم، التي ثبت محدودية تأثيرها في إضعاف قدرات داعش في المنطقة.

في يناير 2023، نفذ الجيش الأمريكي غارة في بونتلاند استهدفت بلال السوداني، المسؤول عن مكتب الكرار، مما أسفر عن مقتله. ورغم هذه الضربة، تمكن التنظيم من إعادة بناء نفسه، واستمر في تحويل الأموال وتنفيذ الأنشطة المالية من خلال شبكاته.

بالرغم من الضغوط العسكرية، تمكن تنظيم داعش في الصومال من الحفاظ على وجوده، وأصبح لديه قادة مخضرمون من الخارج يساعدون في توجيه العمليات الميدانية. كما سعى التنظيم لتوسيع نفوذه في مقديشو من خلال عمليات صغيرة للابتزاز، على الرغم من أنها لم تحقق نجاحا كبير
يستمر تنظيم داعش في الاستفادة من الدعم المالي والمقاتلين الأجانب، الذين يلعبون دورا حاسما في تعزيز قدرة التنظيم على مواجهة خصومه. تشير الوثائق الداخلية للتنظيم إلى أن فروعه في إفريقيا قد تحصل على تمويلات من المركز الرئيسي في العراق وسوريا.

التحديات المستقبلية في مكافحة التنظيم
إن تنظيم داعش في الصومال يمثل تهديدا كبيرا للأمن المحلي والدولي رغم محدودية قدراته العملياتية على الأرض.

و مع تزايد نفوذه في شبكة التنظيم العالمية، يشكل فرع داعش في الصومال جزءا من تهديد طويل الأمد على المنطقة. يتطلب التصدي لهذا التنظيم التعاون المستمر بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو والسلطات المحلية في بونتلاند، بالإضافة إلى استراتيجية شاملة تستهدف تفكيك شبكات التمويل والابتزاز التي يعتمد عليها التنظيم.

ومن المهم أن تتعاون الحكومة الفيدرالية في الصومال وحكومة بونتلاند بشكل فعال للتصدي لتهديد تنظيم داعش.
يجب أن تشمل هذه الجهود تبادل المعلومات الاستخباراتية وتطوير استراتيجيات مشتركة لهزيمة شبكات الابتزاز التي يديرها التنظيم.
من الضروري أن تعمل السلطات المحلية على توفير طرق للمقاتلين الراغبين في مغادرة التنظيم، وفي نفس الوقت معالجة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية التي قد تسهم في دعم التشدد.

ويبقى تنظيم داعش في الصومال تهديدا مستمرا في المنطقة. على الرغم من محدودية عملياته العسكرية في الوقت الراهن، فإن قدرته على التكيف من خلال جمع الأموال، والتنسيق مع الشبكة الجهادية العالمية، قد تعزز من موقفه في المستقبل.

شارك