اشتعال معركة الذهب.. بونتلاند تكثف جهودها ضد داعش وسط تصاعد التهديدات الإرهابية في منطقة باري
بعد أيام قليلة من تحقيق انتصار كبير ضد مسلحي تنظيم داعش، بدأت سلطات بونتلاند الصومالية في تعبئة المجتمع المحلي استعدادًا للعمليات العسكرية الكبرى ضد الجماعات المسلحة في منطقة باري الجبلية. تكثف السلطات التحقيقات حول استغلال تنظيم داعش لاحتياطيات الذهب في المنطقة، حيث يُعتقد أن الجماعة تستخدم عمليات التعدين لتمويل أنشطتها الإرهابية.
التركيز على الاقتصاد الإرهابي وتنظيم داعش
يأتي التركيز على الأنشطة الاقتصادية لتنظيم داعش بعد الهجوم الإرهابي الأخير يوم الاثنين الماضي، حيث قتل 12 مقاتلاً من داعش خلال تفجير سيارة مفخخة انتحارية، أعقبه هجوم مسلح على قاعدة للجيش في قرية دارجالي الواقعة في منطقة باري. تمكّنت قوات الأمن في بونتلاند من صد الهجوم بنجاح، واكتشفت لاحقًا جثث 12 مسلحًا، بينهم مقاتلون أجانب من دول مثل تنزانيا والمغرب وتونس وجزر القمر وإثيوبيا. وقد أكدت لقطات دعائية بثها تنظيم داعش هوياتهم.
مقاتلون أجانب واستخراج الذهب
أشار المسؤولون في استخبارات بونتلاند إلى أن مقاتلين أجانب يشكلون جزءًا كبيرًا من وجود داعش في المنطقة، ويُعتقد أن العديد منهم هم خبراء في مجال التعدين واستخراج المعادن. وتستفيد الجماعة من رواسب الذهب في منطقة باري الجبلية، حيث يُجبر العمال المحليون على العمل في عمليات التعدين، فيما يُستخدم الذهب المستخرج لتمويل الأنشطة الإرهابية. وفي بعض الأحيان، يُمارس داعش ابتزازًا ماليًا على السكان المحليين لتمويل عملياتها.
التحرك الأمني والجهود المجتمعية
قال عبد الرحمن محمد جامع، الضابط المسؤول عن العمليات الأمنية في شرطة بونتلاند البحرية، في اجتماع مع سكان قرية تيميرشي: "لقد غزوا بلادنا لاستغلال شعبنا وسرقة مواردنا". كما تعمل الشرطة البحرية، التي تلقت تدريبًا من الإمارات العربية المتحدة، جنبًا إلى جنب مع القوات المحلية لجمع المعلومات الاستخباراتية من القرويين المحليين، والتحذير من أي تعاون مع المسلحين.
وقال الضابط محمد سيلال عمر إن الحكومة ستوفر الأمان للمواطنين، مؤكدًا أن "أمنكم مضمون، ولن يؤذيكم أحد". وتواجه قوات الأمن تحديات كبيرة بسبب جغرافية منطقة باري، التي تضم بلدات نائية على طول الساحل، مما يسهل للمسلحين الوصول إلى البحر واستخدامه في تهريب الذهب والأسلحة.
إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية
أكد نائب رئيس بونتلاند، إلياس عثمان، أن 80% من مقاتلي داعش في المنطقة هم من الأجانب، حيث تسعى الجماعة للسيطرة على المناطق القريبة من الطريق البحري للبحر الأحمر، وهو ممر حيوي للتجارة العالمية. ويعتقد المسؤولون أن تنظيم داعش وحركة الشباب يحصلان على الأسلحة من ميليشيا الحوثي في اليمن، مما يزيد من المخاوف بشأن الحدود البحرية المسامية بين بونتلاند واليمن.
العمليات العسكرية وتعزيز الأمن المحلي
ردًا على هذه التهديدات، أطلقت بونتلاند عملية "هيلك"، حيث تم نشر آلاف الجنود في المناطق الجبلية النائية لتفكيك خلايا داعش. وأكد الرئيس سعيد عبد الله ديني أن الحد من مصادر تمويل داعش، بما في ذلك التعدين والابتزاز، يعد أمرًا بالغ الأهمية لاستعادة الاستقرار في المنطقة.
دور المجتمع المحلي
بدأ السكان المحليون في دعم قوات الأمن في جهودهم لمكافحة الإرهاب، حيث يعترف الكثيرون بتأثير وجود الجماعات المسلحة مثل داعش وحركة الشباب في القرى النائية على حياتهم اليومية. وقد أكد محمد باري، النائب الأول لرئيس مجلس النواب في بونتلاند، على أهمية مشاركة المجتمع في العمليات العسكرية لضمان القضاء على الجماعات الإرهابية.
الوضع السياسي والتحديات مع الحكومة الفيدرالية
تواجه بونتلاند تحديات كبيرة في التعامل مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، حيث تشكك السلطات المحلية في التزام مقديشو بمكافحة الإرهاب. يرى الرئيس سعيد عبد الله ديني أن الصراعات المستمرة بين الحكومة الفيدرالية والولايات الفيدرالية تقوض الجهود الوطنية لمكافحة الجماعات المتطرفة.
وفي وقت لم يعقب فيه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود على الهزيمة التي تعرض لها داعش في هجوم دارجالي، ظلت بونتلاند تواصل تصديها للتهديدات الإرهابية بمفردها، مما يعكس الحاجة الملحة لتوحيد الجهود بين مختلف الأطراف في محاربة التطرف والإرهاب في البلاد.