باكستان تشهد تصعيدًا أمنيًا.. مقتل 3 جنود وتدمير أوكار إرهابية في عمليات حاسمة

الخميس 09/يناير/2025 - 01:31 م
طباعة باكستان تشهد تصعيدًا أميرة الشريف
 
في تطور ميداني خطير، لقي ثلاثة من رجال الأمن الباكستاني حتفهم، بينما تم القضاء على 19 من العناصر الإرهابية في سلسلة من الاشتباكات المسلحة والعمليات الأمنية التي استهدفت مناطق مختلفة في شمال باكستان. 
جاءت هذه الحوادث لتسجل تصعيداً خطيراً في العمليات الإرهابية على الحدود الباكستانية-الأفغانية، حيث تواصل باكستان تكثيف جهودها لمكافحة العناصر المتطرفة التي تسعى لزعزعة الاستقرار في المنطقة.
وفي بيان رسمي صادر عن الجيش الباكستاني، أكد المتحدث العسكري أن قوات الأمن نفذت سلسلة من العمليات الأمنية الواسعة في مناطق مختلفة من إقليم خيبر بختونخواه، وذلك في إطار جهود مكافحة الإرهاب.
وأسفرت العملية الأولى التي جرت في مدينة بيشاور، عاصمة إقليم خيبر بختونخواه، عن مقتل ثلاثة جنود من قوات الأمن الباكستانية أثناء اشتباكهم مع العناصر الإرهابية.
أفاد البيان بأن قوات الأمن تمكنت من القضاء على ثمانية من الإرهابيين في هذه العملية، مما يسلط الضوء على حجم العنف الذي شهدته المدينة في الأيام الأخيرة.
بيشاور، التي تعد إحدى أكبر مدن باكستان وأكثرها عرضة للهجمات الإرهابية، شهدت تصعيداً في أنشطة الجماعات المتطرفة التي تستهدف القوات الباكستانية وأماكن حيوية في المدينة.
ويعتبر الهجوم الأخير على القوات الأمنية في المدينة دليلاً على التصعيد الكبير في العمليات الإرهابية التي تستهدف القوات الحكومية الباكستانية بشكل خاص، وهي تهديدات تستمر في التأثير على استقرار الوضع الأمني في المنطقة.
بعد هذا الهجوم، استمرت العمليات الأمنية في مناطق أخرى من إقليم خيبر بختونخواه، حيث تم استهداف الخلايا الإرهابية المنتشرة في مناطق كرك ومهمند.
 في مقاطعة مهمند، التي تشهد توترات أمنية مستمرة، تمكنت قوات الأمن من القضاء على ثمانية من الإرهابيين بعد سلسلة من الاشتباكات العنيفة. 
كما شهدت منطقة كرك عملية أمنية منفصلة أسفرت عن مقتل ثلاثة إرهابيين آخرين، وتظهر هذه العمليات تصعيداً في المواجهات بين القوات الباكستانية والعناصر المتطرفة التي تحاول استغلال الفراغ الأمني في بعض المناطق النائية بالمنطقة الحدودية، في حين تكثف الحكومة الباكستانية جهودها لإعادة فرض الأمن والاستقرار في تلك المناطق.
ولم تقتصر التحركات العسكرية الباكستانية على العمليات البرية فقط، بل شملت أيضاً ضربات جوية مركزة داخل الأراضي الأفغانية.
ووفقاً لمصدر أمني باكستاني رفيع المستوى، فقد نفذت القوات الجوية الباكستانية غارات جوية ضد أوكار الإرهابيين داخل أفغانستان في وقت متأخر من الليل. 
واستهدفت الهجمات الجوية التي شملت استخدام طائرات حربية وطائرات مسيرة، مخابئ الإرهابيين قرب الحدود بين باكستان وأفغانستان.
مصدر عسكري بارز كشف لـ "وكالة الصحافة الفرنسية" أن الضربات الجوية كانت جزءاً من استراتيجية باكستان للحد من تهديد الجماعات المتطرفة التي تعبر من أفغانستان إلى الأراضي الباكستانية.
 ووفقاً للمصدر، فإن عمليات القصف كانت تهدف إلى تدمير مراكز تجمع الإرهابيين التي تستخدمها تلك الجماعات لتنفيذ عمليات إرهابية في باكستان، إضافة إلى الإضرار بالبنية التحتية العسكرية لتلك الجماعات التي تعمل من داخل الأراضي الأفغانية.
الحدود بين باكستان وأفغانستان هي منطقة ذات صراع معقد، حيث تستخدم العديد من الجماعات الإرهابية هذه المنطقة كملاذ آمن للتخطيط وتنفيذ عملياتها العابرة للحدود.
 ومن بين أبرز الجماعات التي تُشتبه في وجودها في هذه المنطقة هي حركة "طالبان باكستان"، التي أعلنت مسؤوليتها عن العديد من الهجمات الإرهابية في باكستان في السنوات الأخيرة.
وتعتبر الضربات الجوية الباكستانية داخل أفغانستان خطوة حاسمة في استراتيجية باكستان لمكافحة الإرهاب، إلا أنها تثير أيضاً تساؤلات حول علاقة باكستان مع الحكومة الأفغانية الحالية، التي تسيطر عليها حركة طالبان. فالسلطات الأفغانية ترفض عادة التدخلات العسكرية في أراضيها، لكن تصاعد العمليات الإرهابية على الحدود يضع الحكومة الأفغانية في موقف صعب.
وتشهد باكستان تصعيداً كبيراً في الأنشطة الإرهابية في الآونة الأخيرة، وخاصة في المناطق الحدودية التي تُعتبر ممرات رئيسية للجماعات المسلحة. 
بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان في 2021، تزايدت الهجمات الإرهابية في المناطق الحدودية بين البلدين، حيث استفادت الجماعات المتطرفة من حالة الفوضى في أفغانستان وانتشار حركة طالبان في الأراضي الأفغانية.
وتواجه باكستان تحديات أمنية كبيرة بسبب نشاط الجماعات الإرهابية على طول حدودها الغربية. 
وتجد الجماعات مثل "طالبان باكستان" و"داعش" وغيرها من الجماعات المتطرفة، في الأراضي الأفغانية ملاذاً آمناً، مما يجعل من الصعب على القوات الباكستانية القضاء على هذه التهديدات، لكن الحكومة الباكستانية تواصل العمل على تكثيف العمليات العسكرية في محاولة للقضاء على هذه الخلايا.
وفي هذا السياق، أعلن الجيش الباكستاني عن تعزيز وجوده العسكري على الحدود مع أفغانستان، بهدف تقليل تدفق الإرهابيين عبر الحدود. 
كما تستمر العمليات الأمنية في الداخل الباكستاني، خاصة في المناطق التي تشهد اضطرابات شديدة مثل بيشاور ومناطق أخرى من إقليم خيبر بختونخواه.
في ظل التصعيد الأمني، يتأثر المدنيون في العديد من المناطق الباكستانية بشكل مباشر، ففي لاهور، على سبيل المثال، التي شهدت صباحاً ضبابياً في 9 يناير 2025، يعبر المواطنون حول الأسواق وعلى طول مسارات القطارات، في وقت يشهد فيه الشارع الباكستاني توتراً أمنياً غير مسبوق. 
المدنيون في هذه المناطق يعيشون تحت تهديد مستمر من الهجمات الإرهابية التي قد تستهدف أي لحظة، مما يزيد من حالة القلق في الأوساط الشعبية.
التأثير على الحياة اليومية للأشخاص في المناطق التي تشهد اشتباكات مسلحة يعد من أكبر التحديات التي تواجهها باكستان. 
ومن خلال التقارير الميدانية، يظهر أن الحياة الاقتصادية والاجتماعية في هذه المناطق تأثرت بشكل كبير نتيجة للتصعيد الأمني المتزايد، إذ أغلقت العديد من الأسواق، وتعطل العمل في بعض المؤسسات، بينما يظل العديد من السكان في حالة تأهب دائم.
مع استمرار تصاعد التوترات الأمنية على الحدود الباكستانية-الأفغانية، يبقى السؤال الأهم حول كيفية تعامل باكستان مع هذا الوضع المتدهور. 
ويشير المراقبون إلى أن الحلول الأمنية يجب أن تشمل التنسيق بين باكستان وأفغانستان لمكافحة الجماعات الإرهابية العابرة للحدود،  إلا أن العلاقات بين الحكومتين لا تزال غير مستقرة، مما قد يعوق التنسيق الفعال في مجال مكافحة الإرهاب.
وتظل باكستان أمام تحديات أمنية كبرى تتطلب استجابة شاملة ومتكاملة، تشمل العمليات العسكرية الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق الأمني مع أفغانستان.

شارك