في تصعيد عسكري جديد.. إيران تكشف عن مدينة صاروخية تحت الأرض

السبت 11/يناير/2025 - 12:33 م
طباعة في تصعيد عسكري جديد.. أميرة الشريف
 
في خطوة لافتة تحمل رسائل عسكرية وسياسية واضحة، كشفت وسائل إعلام مقربة من الحرس الثوري الإيراني عن مقطع فيديو يظهر "مدينة صاروخية تحت الأرض"، في مؤشر جديد على تصاعد القدرات العسكرية الإيرانية. 
ووفق وكالة أنباء "فارس نيوز" فإن  قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي، وقائد القوة الجوية للحرس العميد أمير علي حاجي زاده، قاما بجولة تفقدية في هذه المنشأة العسكرية التي لم يُكشف عن موقعها الجغرافي.
تضم هذه المدينة الصاروخية ترسانة ضخمة من الصواريخ الباليستية، التي أكدت الوكالة أنها جاهزة للاستخدام في أي لحظة لمواجهة التهديدات.
 وأشار مراسل هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني إلى أن المشاهد التي تم عرضها تمثل 10% فقط من حجم هذه المنشأة، والتي تحتوي على صواريخ متطورة مثل "قدر" و"قيام" و"عماد"، المعروفة بقدراتها التدميرية العالية ومدياتها البعيدة، مما يعزز من قدرة إيران على الردع الاستراتيجي.
يأتي هذا التطور بعد سلسلة من التوترات العسكرية بين إيران وإسرائيل، حيث أطلق الحرس الثوري خلال مناورات "الاقتدار" في أبريل الماضي صواريخ وطائرات مسيّرة باتجاه أهداف إسرائيلية، كما أطلق 181 صاروخًا باليستيًا مطلع أكتوبر. 
وردًا على هذه الهجمات، نفذت إسرائيل غارات جوية على مواقع عسكرية في إيران في 26 أكتوبر ، في تصعيد خطير ينذر بتوسع دائرة المواجهة.
ويحمل التوقيت الذي اختاره الحرس الثوري للكشف عن هذه المدينة الصاروخية دلالات سياسية، خصوصًا مع اقتراب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من العودة إلى البيت الأبيض، وسط توقعات بتبني إدارته المقبلة سياسة أكثر تشددًا تجاه طهران.
 وقد أشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن فريق ترامب يخطط لتشديد العقوبات على إيران، مع دراسة خيارات تشمل توجيه ضربات عسكرية.
استراتيجية الردع الإيرانية تقوم على مبدأ إظهار القوة العسكرية في مواجهة الضغوط الدولية والإقليمية، خاصة مع استمرار العقوبات الاقتصادية ومحاولات عزل طهران دبلوماسيًا.
 ويُعد الكشف عن هذه المدينة رسالة مزدوجة؛ فهي تهدف إلى طمأنة الداخل الإيراني بقدرة النظام على الدفاع عن البلاد، وتوجيه تحذير مباشر للخصوم الإقليميين والدوليين من مغبة أي تصعيد عسكري.
من الناحية التقنية، يعكس تطوير مثل هذه المنشآت العسكرية المتطورة استثمارًا كبيرًا في تحسين القدرات الدفاعية والهجومية الإيرانية، حيث تسعى إيران إلى تعزيز قدراتها في مجالات تصنيع وتخزين الصواريخ، وتطوير تقنيات الإطلاق السريع والدقيق، بما يعزز من جاهزيتها لأي مواجهة محتملة. 
كما أن استخدام أنظمة الإخفاء والتخزين تحت الأرض يساهم في تقليل فرص استهداف هذه المنشآت عبر الهجمات الجوية أو السيبرانية.
على المستوى الإقليمي، قد تؤدي هذه الخطوة إلى زيادة حدة سباق التسلح في منطقة الشرق الأوسط، خاصة مع القلق المتزايد لدى دول الخليج وإسرائيل من تنامي النفوذ العسكري الإيراني. 
كما قد تدفع هذه التطورات الدول الغربية إلى إعادة النظر في استراتيجياتها الأمنية في المنطقة، خصوصًا فيما يتعلق بملف الاتفاق النووي الإيراني والسياسات الدفاعية لدول الخليج.
في المقابل، يعكس هذا التصعيد رغبة إيران في تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية من خلال استعراض قوتها العسكرية، ما قد يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في المنطقة.
 ويبقى السؤال مطروحًا حول كيفية تفاعل القوى الدولية مع هذه التطورات، وهل ستلجأ إلى تصعيد الضغوط أم ستفتح قنوات جديدة للحوار؟
الرسائل التي تبعث بها طهران عبر هذا الكشف تتعدى الأبعاد العسكرية، فهي تحمل أيضًا أبعادًا نفسية وسياسية تهدف إلى تعزيز موقعها التفاوضي في أي محادثات مستقبلية، خاصة مع الغرب. 
كما أن هذا الكشف قد يكون بمثابة رد غير مباشر على محاولات الولايات المتحدة وحلفائها لاحتواء النفوذ الإيراني في المنطقة.
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على مرحلة جديدة من التوترات، مع تصاعد التنافس الإقليمي والدولي، وهو ما يستدعي قراءة دقيقة للمشهد واستعدادًا لمختلف السيناريوهات المحتملة.

شارك