قمع المجتمع المدني وتهديد المساعدات الإنسانية بين الحوثيين والهجمات الإسرائيلية
الأحد 19/يناير/2025 - 11:49 ص
طباعة

منظمة حقوقية دولية بارزة اتهمت الجماعة الحوثية بقمع المجتمع المدني وتعريض المساعدات الإنسانية للخطر، مع استمرار احتجاز وإخفاء موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية.
التقرير العالمي لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" لعام 2025 أشار إلى أن الأطراف المتحاربة في اليمن، ولا سيما الحوثيين، زادت من قمع المجتمع المدني وعرقلت تقديم المساعدات الإنسانية خلال عام 2024. كما وثّق التقرير احتجاز الحوثيين وإخفاء عشرات الموظفين العاملين في الأمم المتحدة والمجتمع المدني تعسفياً.
الباحثة في شؤون اليمن والبحرين بالمنظمة، نيكو جعفرنيا، اعتبرت أن الحوثيين يظهرون تناقضاً كبيراً، إذ يدّعون دعمهم للفلسطينيين ضد القمع الإسرائيلي بينما يمارسون القمع ذاته ضد اليمنيين، وطالبت الحكومات والأمم المتحدة بالضغط على الحوثيين للإفراج عن جميع المحتجزين تعسفياً، مع إدانة جميع الأطراف التي تهدد المساعدات الإنسانية والمجتمع المدني في اليمن، بما في ذلك إسرائيل.
تقرير المنظمة كشف أنه منذ مايو 2024، قام الحوثيون باعتقال وإخفاء عشرات الأشخاص، بينهم 17 موظفاً في وكالات الأمم المتحدة وعدد من موظفي المنظمات غير الحكومية، كما أن القيود الحوثية على العمليات الإنسانية والمعلومات داخل مناطق سيطرتهم فاقمت من تفشي الكوليرا، الذي تسبب في وفاة 258 شخصاً من بين 95,000 حالة مشتبها بها، وفيما يتعلق بالقيود الاجتماعية اتهمت المنظمة جميع الأطراف اليمنية بفرض قيود مشددة على حرية حركة النساء، حيث أُجبرن على مرافقة أحد الأقارب الذكور في السفر.
المنظمة أكدت أيضًا أن الهجمات الإسرائيلية على ميناء الحديدة، نقطة دخول رئيسية للمساعدات الإنسانية، تُهدد توفير الإغاثة وقد ترقى إلى جرائم حرب، من جهة أخرى، رأت أن الهجمات العشوائية للحوثيين التي استهدفت سفناً مدنية وأهدافاً في إسرائيل قد تُعتبر أيضاً جرائم حرب محتملة.
المنظمة الدولية انتقدت قصف الجيش الإسرائيلي ميناءي رأس عيسى والحديدة ومحطة توليد كهرباء حزيز في صنعاء، التي تُعتبر موانئ حيوية لنقل الغذاء والمساعدات، وقد وصفت هذه الهجمات بأنها استهداف متعمد لأعيان مدنية لا غنى عنها للبقاء على قيد الحياة، ما يجعلها جرائم حرب، ومن يوليو 2024 استهدفت إسرائيل مراراً موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف، ما أسفر عن مقتل مدنيين وإصابة آخرين.
كما وثّقت المنظمة حادثة استيلاء الحوثيين على السفينة التجارية "جالكسي ليدر" واحتجاز طاقمها المكون من 25 شخصاً بشكل تعسفي. إضافة إلى ذلك، أشارت إلى هجمات الحوثيين على السفن التجارية وإطلاق صواريخ على إسرائيل.
"هيومن رايتس ووتش" شددت على أن هجمات الحوثيين بالطائرات المُسيّرة والصواريخ على إسرائيل، إذا استهدفت مدنيين أو أعياناً مدنية بشكل متعمد أو عشوائي، قد ترقى أيضاً إلى جرائم حرب. وطالبت السلطات الإسرائيلية والحوثية بإنهاء جميع الهجمات غير القانونية فوراً، بما يشمل تلك التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية المدنية.
ويرى المراقبون أن التقرير الصادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" يلقي الضوء على التدهور المستمر في الأوضاع الإنسانية والحقوقية في اليمن، ويكشف النقاب عن انتهاكات متزايدة ترتكبها مختلف الأطراف المتحاربة، وخاصة الحوثيين. ويعتبر المراقبون أن هذه الانتهاكات ليست جديدة، بل تأتي في سياق طويل من القمع والاعتداءات التي تسببت في معاناة واسعة النطاق للشعب اليمني.
ويشير الخبراء إلى أن احتجاز الحوثيين لموظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية، بالإضافة إلى القيود المفروضة على العمل الإنساني، يعكس استغلال الجماعة لنفوذها في مناطق سيطرتها لخدمة أجنداتها السياسية، دون اعتبار للعواقب الكارثية على السكان المدنيين. كما أن تفاقم الكوليرا وانهيار النظام الصحي يعكس مدى تأثير هذه الممارسات على الوضع الإنساني.
وينظر المراقبون بعين القلق إلى استمرار الهجمات العشوائية التي تستهدف المدنيين، سواء من قبل الحوثيين أو من الجيش الإسرائيلي، ويؤكدون أن هذه الأفعال قد ترقى إلى جرائم حرب وفق القانون الدولي. ويرون أن استهداف البنية التحتية الحيوية، مثل الموانئ ومحطات الكهرباء، يعمّق الأزمة الإنسانية ويهدد بإغلاق شريان الحياة لملايين الأشخاص الذين يعتمدون على المساعدات والإمدادات الأساسية.
ويعتقد المحللون أن استخدام النساء كوسيلة لفرض السيطرة الاجتماعية يشير إلى انتهاك خطير لحقوق الإنسان، حيث أصبحت القيود المفروضة على حركتهن جزءاً من قمع أوسع للحريات الأساسية. وفي الوقت ذاته، تعتبر الهجمات الحوثية على السفن التجارية وإطلاق الصواريخ على إسرائيل تصعيداً خطيراً يزيد من تعقيد المشهد ويزيد من احتمالات التوتر الإقليمي.
يشدد المراقبون على أن المجتمع الدولي بحاجة إلى اتخاذ خطوات جادة وعملية للضغط على الأطراف المتورطة في النزاع لوقف الانتهاكات وضمان حماية المدنيين. ويعتقدون أن استمرار صمت الدول الفاعلة قد يشجع هذه الأطراف على التمادي في انتهاكاتها، مما يجعل الأزمة الإنسانية في اليمن أكثر تعقيداً وصعوبة.