تصاعد العنف في أفغانستان.. "داعش" يستهدف "طالبان" في هجوم دموي بقندوز
الخميس 13/فبراير/2025 - 01:19 م
طباعة

في تصعيد جديد للعنف الذي يهدد استقرار أفغانستان، تبنّى تنظيم "داعش" هجوماً انتحارياً دامياً استهدف تجمعاً لمقاتلي حركة "طالبان" أمام أحد المصارف في مدينة قندوز شمال البلاد، ما أسفر عن مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين، وفقاً لبيان رسمي صادر عن وزارة الداخلية التابعة لحكومة "طالبان".
وقع الهجوم 11 فبراير الجاري عندما فجّر انتحاري سترته الناسفة وسط حشد من عناصر "طالبان" والمدنيين الذين كانوا يصطفون أمام المصرف لتسلُّم رواتبهم.
وبعد تضارب التقارير الأولية حول عدد الضحايا، أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية، عبد المتين قاني، ارتفاع الحصيلة إلى 8 قتلى، بينهم 3 توفوا متأثرين بجراحهم.
وسرعان ما تبنّى تنظيم "داعش" الهجوم عبر منصاته الدعائية، مؤكداً أن منفذه استهدف "عناصر من ميليشيا طالبان"، في استمرار للصراع بين التنظيم المتشدد وحركة "طالبان" التي سيطرت على أفغانستان منذ أغسطس 2021.
أدان مجلس الأمن الدولي الهجوم بشدة، واصفاً إياه بأنه "عمل إرهابي شنيع"، مشدداً على أن الإرهاب بأشكاله كافة يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، مجددًا دعوته لكافة الأطراف الأفغانية لضمان أمن المدنيين ومنع تصاعد العنف.
منذ عودة "طالبان" إلى الحكم، انخفضت وتيرة الهجمات في البلاد مقارنةً بالسنوات السابقة، حيث شهدت أفغانستان فترة من الهدوء النسبي، إلا أن تنظيم "داعش" - فرع خراسان، يواصل شن عمليات دموية تستهدف مواقع حساسة، خاصة في العاصمة كابل ومدن رئيسية أخرى.
في مارس 2024 ، قُتل 3 أشخاص في هجوم مشابه وقع خارج مصرف في قندهار، كما اغتيل وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني في ديسمبر داخل مقر وزارته في كابل، في عملية تبناها التنظيم.
ورغم جهود "طالبان" في قمع نشاط التنظيم عبر حملات أمنية مكثفة، لا تزال "داعش" تشكل تهديداً مستمراً، إذ تبنّت العشرات من العمليات الإرهابية خلال العامين الماضيين، مستهدفة مسؤولين حكوميين ومساجد وأماكن تجمعات عامة.
ويعود التوتر بين "طالبان" و"داعش" إلى السنوات الأولى من ظهور الأخير في المنطقة، حيث تأسس فرع التنظيم في خراسان عام 2015، مستقطباً مقاتلين منشقين عن "طالبان"، بالإضافة إلى عناصر متشددة من دول مجاورة.
وبينما تروج "طالبان" لنفسها على أنها سلطة شرعية تحكم أفغانستان، يرفض تنظيم "داعش" هذا الطرح، ويعتبر الحركة "مرتدة" بسبب مفاوضاتها السابقة مع الولايات المتحدة وحلفائها.
وشهدت الفترة الأخيرة تصعيداً لافتاً في الهجمات التي يشنها التنظيم ضد "طالبان"، مما يعكس صراعاً على النفوذ داخل البلاد، في ظل محاولات المجتمع الدولي دفع كابل نحو الاستقرار وتخفيف الأزمات الاقتصادية والإنسانية.
يثير تزايد وتيرة العنف تساؤلات حول قدرة "طالبان" على فرض الأمن في ظل التحديات الأمنية والسياسية التي تواجهها.
ومع استمرار الاستهداف المتكرر من قبل "داعش"، تبقى أفغانستان ساحة لصراع مفتوح، ما يضعف محاولات إعادة البناء والتنمية في بلد عانى لعقود من الحروب وعدم الاستقرار.
ورغم تعهدات "طالبان" بالقضاء على التنظيمات المتشددة، إلا أن نجاحها في هذه المهمة لا يزال محل شك، خاصة مع استمرار تدفق المقاتلين والأسلحة عبر الحدود. فهل تتمكن "طالبان" من إحكام سيطرتها الكاملة على المشهد الأمني، أم أن أفغانستان ستظل ساحة حرب خفية بين الجماعات المسلحة؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة على هذا السؤال.
وكان أول تقرير عن انتشار تنظيم داعش الإرهابي في أفغانستان، قد نُشر عام 2014، وبعده تصاعد القلق وازدادت التقارير بهذا الشأن.
ومنذ عام 2017 فصاعدا، تزايدت الهجمات الدامية لتنظيم داعش الإرهابي في أفغانستان، بحيث أن هذا التنظيم تبنى مسؤولية الكثير منها.
ونُفذت معظم هجمات هذه المجموعة الإرهابية ضد الشيعة في أفغانستان؛ بما فيها مهاجمة المساجد ومراسم العزاء ومراكز التعليم وحفلات الزفاف والمرضى والنساء في مستشفيات التوليد والأطفال حديثي الولادة وعشرات الهجمات الأخرى وهي مثال على جرائم ضد الشيعة الأفغان والتي تبنتها هذه المجموعة الإرهابية.
وأثار تصاعد الهجمات التي تستهدف الشيعة خلال هذه السنوات، تكهنات من أن داعش يمثل مشروعا أمنيا، ومجموعة داخل نظام حكم أفغانستان تعمل كـ "طابور خامس" لخدمة مجموعة طالبان.
وبعد إعادة هيمنتها على أفغانستان، زعمت طالبان أن “الحرب قد انتهت وتم إرساء الأمن الشامل، لكن الأمر لم يدم طويلا حتى استأنف داعش هجماته الدامية ضد الشيعة الأفغان، ومن ثم تحولت سلطات وأعضاء طالبان إلى هدف لهجمات داعش.
وخلال هذه الفترة، ورغم المواجهات التي خاضتها طالبان مع أفراد داعش حتى في العاصمة الأفغانية، لكنها أنكرت في بياناتها الرسمية، وجود هذا التنظيم واعتبرت أن قدراته قد تضاءلت.
ويرى متخصصو الشأن الأفغاني أن طالبان لا تريد من خلال تأكيد وجود داعش في أفغانستان، إلقاء ظلال من الشك على مزاعمها القائلة بانتهاء الحرب واستتباب الأمن الشامل في البلاد.
ويقول هؤلاء الخبراء أن مجمل مكاسب طالبان خلال السنوات العشرين من الحرب ضد القوات الأجنبية وقوات أمن الحكومة الأفغانية السابقة، تُختزل في هذين الادعائين، وإن تم التشكيك بهما، فان شرعية طالبان ستتلاشى حتى في أذهان مناصريها.