دلالات الهجوم الانتحاري على أبواب وزارة في كابول

الخميس 13/فبراير/2025 - 03:32 م
طباعة دلالات  الهجوم الانتحاري حسام الحداد
 
قال متحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية إن انتحاريا قتل شخصا وأصاب ثلاثة آخرين خارج وزارة في كابول اليوم الخميس 13 فبراير بعد شهرين من مقتل وزير اللاجئين في هجوم مماثل .
وقال عبد المتين قاني لوكالة فرانس برس إن "انتحاريا حاول الدخول إلى وزارة التنمية الحضرية لكن مقاتلا من قوات الأمن قتله، ما أدى إلى وقوع انفجار أدى إلى مقتل شخص قريب وإصابة ثلاثة آخرين". وقال طبيب لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته، إنه "تم نقل ما بين خمسة إلى ستة جرحى إلى المستشفى".
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم حتى هذه المرحلة.
ويأتي الهجوم الانتحاري الذي وقع خارج وزارة التنمية الحضرية في كابول يوم 13 فبراير في سياق أمني وسياسي شديد التعقيد تعيشه أفغانستان تحت حكم حركة طالبان. فمنذ سيطرتها على السلطة في أغسطس 2021، واجهت طالبان تحديات أمنية متزايدة، أبرزها الهجمات التي يشنها تنظيم "الدولة الإسلامية – ولاية خراسان"، والذي يعتبر العدو الجهادي الأول للحركة. ومع ذلك، يبقى الغموض قائماً بشأن هوية منفذ الهجوم الأخير، إذ لم تعلن أي جهة مسؤوليتها حتى الآن، وهو ما يفتح باب التساؤلات حول طبيعة الصراع الداخلي وتوازنات القوى في البلاد.

تصاعد العنف واستهداف الحكومة
يشير هذا الهجوم إلى استمرار التهديدات الأمنية التي تواجهها حكومة طالبان، خاصة مع استهداف مؤسساتها الرسمية ورموزها السياسية. فمنذ ديسمبر الماضي، شهدت البلاد سلسلة من الهجمات المشابهة، كان أبرزها اغتيال وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، وهو شخصية بارزة ضمن الحركة. وتؤكد هذه العمليات أن الجهات المعادية لطالبان لا تقتصر على المعارضة السياسية التقليدية، بل تشمل أيضاً فصائل جهادية ترى في الحركة خصماً أيديولوجياً ومنافساً على النفوذ.
كما أن اختيار موقع الهجوم – بالقرب من وزارة التنمية الحضرية – يكشف عن نمط واضح في استهداف المؤسسات الحكومية، وهو مؤشر على رغبة المنفذين في ضرب بنية الدولة وإظهار عجزها عن تأمين حتى مراكزها الحيوية. وبالنظر إلى تصريحات المتحدث باسم الداخلية الأفغانية، يبدو أن محاولة الانتحاري دخول الوزارة قوبلت باستجابة سريعة من قوات الأمن، مما قلل من حجم الخسائر البشرية. ومع ذلك، فإن وقوع قتلى وجرحى يسلط الضوء على استمرار الثغرات الأمنية في قلب العاصمة.

رسائل إلى الداخل والخارج
يحمل الهجوم عدة رسائل سياسية وأمنية، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي:
    رسالة إلى طالبان: إذا كان تنظيم "داعش – خراسان" هو المسؤول عن الهجوم، فإن ذلك يعكس استمرار استراتيجية التنظيم في استنزاف طالبان وإثبات قدرتها على اختراق الأمن حتى في كابول. كما أن عدم تبني الهجوم فوراً قد يكون جزءاً من تكتيك دعائي لتصعيد التوترات لاحقاً.
    إظهار هشاشة الوضع الأمني: رغم إعلان طالبان أنها أحكمت السيطرة على البلاد، فإن هذه الهجمات تؤكد استمرار التهديدات، مما يضعف مزاعم الحركة بأنها استعادت الأمن بعد انسحاب القوات الغربية.
    تأثير على المشهد الدولي: من خلال استهداف مؤسسات حكومية، قد يكون المنفذون يسعون لإضعاف الثقة الدولية في قدرة طالبان على الحكم. وهذا قد ينعكس سلباً على جهود الحركة في كسب اعتراف دبلوماسي أوسع، خاصة من الدول التي تتردد في التعامل معها بسبب مخاوف أمنية.
    احتمالية صراع داخلي: رغم أن أصابع الاتهام تتجه عادةً إلى "داعش – خراسان"، إلا أن الهجوم قد يكون جزءاً من صراع داخلي بين أجنحة طالبان نفسها، خاصة بين المعتدلين والمتشددين أو بين قادة الفصائل المختلفة داخل الحركة.

استمرار الأزمة الأمنية في أفغانستان
يبقى الهجوم الأخير دليلاً جديداً على أن أفغانستان لا تزال بعيدة عن تحقيق استقرار حقيقي، وأن حكومة طالبان تواجه تحديات أمنية خطيرة تهدد قدرتها على بسط سيطرتها. ومع تصاعد الهجمات، يبدو أن البلاد تتجه نحو مزيد من العنف الذي قد يعيد إنتاج الصراعات السابقة بشكل جديد، مع تغير الفاعلين ولكن استمرار الديناميات نفسها: صراع على السلطة، وهشاشة الدولة، وتنافس بين التنظيمات الجهادية.
في ظل هذه التطورات، تبقى الأسئلة مفتوحة: هل تستطيع طالبان تحجيم خطر "داعش – خراسان"؟ وهل ستشهد أفغانستان موجة جديدة من العنف الجهادي الداخلي؟ الأكيد أن المشهد الأفغاني لا يزال مرشحاً لمزيد من التعقيد.

شارك