مجزرة دجوجو.. تصعيد دموي جديد يعمّق أزمة الكونغو
الجمعة 14/فبراير/2025 - 01:36 م
طباعة

في تصعيد دموي جديد يعكس تعقيدات الصراع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، شهدت منطقة دجوجو في إقليم إيتوري مجزرة مروعة راح ضحيتها أكثر من 80 مدنياً على أيدي مسلحي جماعة "كوديكو"، وذلك خلال هجوم وحشي استهدف مجموعة من القرى في وقت سابق من الأسبوع الجاري.
ووفقاً لما أعلنته بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو (مونوسكو)، فإن عدد القتلى تجاوز التقديرات الأولية التي أعلنتها السلطات المحلية، والتي أشارت في البداية إلى مقتل 51 شخصاً على الأقل فور وقوع الهجوم مساء الاثنين.
ولم يقتصر الأمر على سقوط الضحايا، بل أدى الهجوم أيضاً إلى نزوح جماعي للسكان خوفاً من استمرار العنف.
وبحسب بيان "مونوسكو"، فقد سارعت قوات حفظ السلام إلى التحرك لاحتواء الموقف، إلا أن استجابتها واجهت تحديات كبيرة، حيث أوضحت البعثة أن المهاجمين استخدموا أسلحة بيضاء بدلاً من الأسلحة النارية، مما صعّب عملية رصدهم والتعامل معهم في الوقت المناسب.
وتعكس هذه الحادثة مجدداً هشاشة الوضع الأمني في المنطقة، التي تشهد مواجهات دامية بين الجماعات المسلحة المختلفة.
وتُعد جماعة "كوديكو" واحدة من أخطر الميليشيات النشطة في شرق الكونغو، حيث تخوض صراعاً مستمراً على الأراضي والموارد.
وتستهدف الجماعة في الغالب مخيمات النازحين، الذين تضاعفت أعدادهم في الفترة الأخيرة نتيجة التصعيد العسكري من قبل حركة "إم23"، التي تدعمها رواندا.
جماعة "كوديكو" (CODECO) هي اختصار لـ"التعاونية من أجل تنمية الكونغو" (Cooperative for the Development of the Congo)، وهي مجموعة مسلحة تتألف من عدة ميليشيات تنتمي إلى عرقية الليندو الزراعية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
تأسست الجماعة في السبعينيات كمنظمة تعاونية زراعية، لكنها تحولت لاحقًا إلى حركة تمرد مسلحة.
وتنشط "كوديكو" بشكل أساسي في إقليم إيتوري شمال شرق البلاد، حيث تتنافس مع جماعات مسلحة أخرى على الأراضي والموارد.
تُتهم الجماعة بارتكاب العديد من المجازر والانتهاكات ضد المدنيين، بما في ذلك الهجمات على مخيمات النازحين.
في فبراير 2025، أفادت بعثة الأمم المتحدة في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو) بمقتل أكثر من 80 مدنيًا في هجوم شنته "كوديكو" على مجموعة من القرى في منطقة دجوجو بإقليم إيتوري.
تتألف "كوديكو" من عدة فصائل وميليشيات، مما يجعل هيكليتها التنظيمية غير مركزية، تستند بعض فصائلها إلى مزيج من المعتقدات الدينية والطقوس الروحية، مما دفع البعض إلى وصفها بـ"الطائفة" أو "الديانة".
على الرغم من إعلان الجماعة عن وقف إطلاق النار من جانب واحد في أغسطس 2020، إلا أن الهجمات المنسوبة إليها استمرت في السنوات اللاحقة، مما أدى إلى تفاقم الوضع الأمني والإنساني في المنطقة.
تُعزى دوافع "كوديكو" إلى الدفاع عن مصالح مجتمع الليندو الزراعي في مواجهة جماعات أخرى، مثل الهيما، الذين يُعتبرون من الرعاة. يُذكر أن النزاع في إقليم إيتوري أدى منذ عام 2017 إلى مقتل آلاف المدنيين ونزوح أعداد كبيرة من السكان.
ووفقاً لمراقبين، فإن استهداف "كوديكو" لهذه القرى قد يكون مرتبطاً بمحاولة السيطرة على مناطق جديدة، في ظل اشتداد النزاع بين مختلف الأطراف المسلحة.
وتأتي هذه المذبحة في سياق تصعيد أوسع تشهده المنطقة، حيث استأنفت حركة "إم23" تقدمها نحو الجنوب بعد نجاحها في الاستيلاء على مدينة جوما، أكبر مدن شرق الكونغو، في نهاية الشهر الماضي.
وأسفرت الاشتباكات التي سبقت السيطرة على المدينة عن مقتل قرابة 3000 شخص، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، مما يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية والأمنية في البلاد.
ويواجه شرق الكونغو الديمقراطية تحديات متزايدة مع استمرار أنشطة المجموعات المسلحة، وسط اتهامات متبادلة بين كينشاسا وكيغالي بشأن دعم هذه الجماعات. ففي حين تتهم الكونغو رواندا بدعم "إم23"، تنفي كيغالي هذه الادعاءات وتقول إن الكونغو فشلت في معالجة أسباب الصراع الداخلي.
ويخشى المراقبون من أن تؤدي هذه الهجمات المتكررة إلى مزيد من التوترات العرقية والانتقام المتبادل بين المكونات المحلية، مما قد يغرق المنطقة في دوامة عنف جديدة.
وبينما تسعى الحكومة الكونغولية وقوات الأمم المتحدة لاحتواء الوضع، لا تزال الحلول الجذرية غائبة في ظل استمرار الصراع على النفوذ والثروات في هذه المنطقة المضطربة.
ويثير التصعيد الأخير تساؤلات جدية حول فاعلية الجهود الدولية في حفظ الأمن وحماية المدنيين، حيث يعاني السكان من تكرار الهجمات المسلحة دون وجود استراتيجية واضحة للقضاء على هذه التهديدات.
ومع استمرار الأزمة، يبقى أهالي إيتوري ودجوجو عالقين بين نيران الجماعات المسلحة، في انتظار تدخل أكثر حزمًا يعيد لهم الأمان المفقود.