مؤتمر "المفوضية العليا الشيعية" يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقة مع طالبان
الإثنين 03/مارس/2025 - 11:18 م
طباعة

عقدت "المفوضية العليا الشيعية في أفغانستان" يوم الخميس 27 فبراير 2025، مؤتمرا كبيرا في العاصمة كابول، تناول فيه القضايا المتعلقة بالوحدة الوطنية والوضع الراهن في أفغانستان.
الحدث، الذي شهد حضور عدد من كبار المسؤولين في حكومة طالبان، أثار ردود فعل متباينة من قبل الشيعة في البلاد، حيث رأى البعض في هذا التجمع دعما لموقف طالبان كنظام حاكم في أفغانستان، في حين شكك آخرون في دوافع الاجتماع.
تفاصيل المؤتمر والمواقف الشيعية
شهد المؤتمر تجمعا ضم خمسة آلاف شخص من المجتمعات الشيعية، وبالأخص من الهزارة، في قاعة اللويا جيرغا. وبالرغم من أن التجمع عقد تحت ضغط من حركة طالبان، إلا أن بعض الحضور من كبار الشخصيات الشيعية قد أبدوا دعمهم للحكومة المؤقتة، مؤكدين على ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية في أفغانستان والتصدي لمحاولات تفريق الشعب.
ومن أبرز المتحدثين في المؤتمر كان نائب رئيس مجلس علماء الشيعة في أفغانستان، محمد أكبري، الذي شدد على أهمية الهوية الإسلامية والوحدة الوطنية كقيم أساسية للحفاظ على استقلال البلاد. أكبري أكد على أن جميع محاولات الإيقاع بين الشيعة والسنة ليست إلا مؤامرات من "الأعداء"، ووجه دعوة إلى الشعب الأفغاني للوقوف صفا واحدا في مواجهة هذه المحاولات.
مواقف الحكومة المؤقتة: دعم للوحدة والأمن
من جهة أخرى، دعا نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية في طالبان، خلال اللقاء مع "المفوضية العليا الشيعية"، إلى تعزيز الوحدة الوطنية في البلاد، مشيرا إلى أن "الأعداء يسعون إلى خلق الفرقة بين الشيعة والسنة" في أفغانستان.
كما أشار إلى أن الحكومة المؤقتة وفرت الأمن في أنحاء البلاد، وهو ما يسمح للناس بممارسة حياتهم بشكل طبيعي دون أي مشاكل.
محمد أكبري، نائب رئيس مجلس علماء الشيعة، شدد أيضا على أن الوضع الأمني تحسن بشكل كبير تحت حكم طالبان، مشيرا إلى الإجراءات الحكومية الحاسمة في مكافحة المخدرات، وأثنى على الإجراءات التي أدت إلى القبض على مدمني المخدرات وتدمير شبكات التجارة غير المشروعة.
التساؤلات حول غياب لقاءات مع الشيعة
ورغم هذه التصريحات المطمئنة، يظل السؤال المطروح من قبل الطائفة الشيعية في أفغانستان هو: لماذا لا يظهر زعيم طالبان، الملا هيبة الله، علنيا أو يلتقي بممثلي المجتمع الشيعي؟ خلال أكثر من ثلاث سنوات ونصف منذ استعادة طالبان السيطرة على البلاد، لم يظهر زعيم الحركة في أي اجتماع علني، ولا يزال يرسل رسائل صوتية دون ظهور صورته، مما أثار الكثير من التساؤلات حول حرص طالبان على تلبية احتياجات المجتمع الشيعي بشكل كامل.
وفي حين أن طالبان تتهم بعض القوى الدولية بمحاولة التأثير على الشأن الداخلي الأفغاني، فإن عدم إجراء لقاءات مباشرة مع الشيعة يظل نقطة مثيرة للجدل. وقد أكد بعض مسؤولي الشيعة على ضرورة الحوار المباشر مع طالبان لتوضيح المواقف وتقديم مطالبهم.
دعم ومواقف متباينة
على الرغم من التباين في الآراء، فإن هناك تأكيدا من بعض الشخصيات الشيعية، مثل محمد علي أخلاقي، رئيس المفوضية العليا للشيعة في أفغانستان، على ضرورة تكاتف الشيعة والسنة ضد الفتن التي يروجها "الأعداء".
وأشار أخلاقي إلى أن الحكومة المؤقتة لطالبان تمكنت من تقديم الدعم لجميع شرائح المجتمع الأفغاني، بما في ذلك الشيعة، وأن على المهاجرين الشيعة العودة إلى بلادهم للمشاركة في بناء مستقبلها.
من جهته، أبدى بعض الشيعة في البلاد قلقهم من تأثر هذا الدعم بالعوامل الخارجية. وأشاروا إلى أن بعض القوى الغربية تعمل على دفع الشيعة نحو معارضة حكومة طالبان، في الوقت الذي يدعو فيه آخرون إلى التكاتف الداخلي.
يمثل هذا المؤتمر خطوة مهمة في تعزيز الوحدة الوطنية في أفغانستان، خصوصا في ظل حكومة طالبان، التي لا تزال تواجه تحديات داخلية وخارجية. من جهة، يبدو أن هناك بعض التأييد من بعض الشرائح الشيعية، لكن في المقابل، لا تزال هناك مخاوف كبيرة بشأن غياب التواصل المباشر مع طالبان. ومن غير الواضح كيف ستتطور العلاقة بين الحكومة المؤقتة والحركة الشيعية في المستقبل، في ظل هذا الجو من التحفظ والشكوك المتبادلة.