صراع على السلطة في طالبان: سيناريوهات الصدام بين سراج الدين حقاني والملا هيبة الله
الثلاثاء 18/مارس/2025 - 09:49 م
طباعة

تتواصل الأزمات داخل حركة طالبان مع تصاعد الخلافات بين سراج الدين حقاني، زعيم شبكة حقاني، والملا هيبة الله أخوندزاده، زعيم حركة طالبان. وتتناول التقارير الأفغانية المعارضة هذه التوترات باعتبارها نقطة تحول في معركة السلطة داخل الحركة. يواجه سراج الدين حقاني الآن قرارا مصيريا قد يكون له تأثير عميق على مستقبله داخل طالبان وعلى مستوى السلطة بين فصائلها المتنافسة.
الخلافات الأساسية: سراج الدين حقاني، الذي كان يطمح دائما إلى قيادة حركة طالبان، يواجه تحديا كبيرا يتمثل في قبول أو رفض أمر زعيم طالبان الملا هيبة الله أخوندزاده بالتنحي عن منصب وزير الداخلية، وهو أحد المناصب الرئيسية التي يتولاها في الحكومة الحالية. يشكل هذا الأمر أزمة داخلية كبيرة في الحركة، حيث إن العصيان على هذا الطلب قد يؤدي إلى تقليص سلطة الملا هيبة الله وتحويله من "الزعيم العام" إلى مجرد "أحد الزعماء"، بينما قبول الطلب يعني تقييد نفوذ شبكة حقاني في الحكومة.
الموقف العسكري والسياسي: شبكة حقاني كانت تلعب دورا محوريا في العمليات التفجيرية والانتحارية أثناء فترة الحكم الجمهوري، ويمثل تراجع دورها في الحكومة ضربة لها. وقد يخدم هذا القرار استراتيجية الملا هيبة الله للحد من نفوذ شبكة حقاني، لكن هذا التحرك يمكن أن يؤدي أيضا إلى تعزيز الصراع الداخلي بين فصائل طالبان.
في الوقت نفسه، تزايدت التكهنات حول استقالة سراج الدين حقاني، حيث اختفى عن الأنظار لمدة شهرين ولم يذهب إلى مكتبه في وزارة الداخلية. هذا الغياب الطويل أثار الشكوك حول وضعه داخل طالبان، وهو ما دفع إلى نشر صور له في منطقة نادر شاه كوت في ولاية خوست، والتي فهمت على أنها رسالة تحد إلى زعيم طالبان.
التحركات السرية والتصعيد الداخلي: في حين كان سراج الدين حقاني غائبا عن أفغانستان، انتشرت أخبار تفيد بأنه سافر إلى الإمارات العربية المتحدة، حيث التقى بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ثم سافر إلى السعودية. خلال غيابه، قامت شبكة حقاني بتكثيف تحركاتها السرية لتعزيز قوتها، بما في ذلك تحركات أمراء الحرب. كما أن مقتل خليل الرحمن حقاني، أحد أبرز قادة الشبكة، قد زاد من توتر الوضع ودفع البعض داخل الشبكة إلى اتخاذ مواقف أكثر تصعيدا.
الصراع بين فصيل قندهار وفصيل حقاني: الخلاف بين فصيل قندهار الذي يقوده الملا هيبة الله، وفصيل حقاني الذي يقوده سراج الدين، أخذ أبعادا جديدة. رفض سراج الدين حقاني استقالته أو مغادرته منصبه، بينما فصيل قندهار لم يتوان عن ممارسة الضغط عليه، متهما إياه بعدم الامتثال لقرارات القيادة. كما أن التقارير تشير إلى تدخلات فصيل قندهار في شؤون وزارة الداخلية، مما زاد من تدهور العلاقات بين حقاني وفصيل قندهار.
إجراءات أمنية واحتقان داخلي: في ظل تزايد الخلافات، شهدت قندهار، معقل الملا هيبة الله، تشديد الإجراءات الأمنية بشكل ملحوظ. في هذا السياق، كان سراج الدين حقاني يفضل مواصلة المفاوضات في باكتيا، محاولا السيطرة على الوضع الأمني هناك. في الوقت نفسه، عزز فصيل قندهار سلطته عبر تحركات داخلية تستهدف تطهير البلاد من قوات طالبان ومكافحة المخدرات.
استراتيجيات الصراع: يسعى الملا هيبة الله أخوندزاده، من خلال سلسلة من التغييرات في هيكل القيادة، إلى تعزيز سلطته داخليا في الحركة. وقد شهدت هذه التغييرات فصل العديد من القادة البارزين، وهو ما يعتبر تحركا لاختبار ولاء كبار المسؤولين في طالبان. في هذا السياق، يبدو أن الملا هيبة الله يهدف إلى القضاء تدريجيا على منافسيه، وأحد هؤلاء المنافسين هو سراج الدين حقاني.
الآراء المتباينة بين طالبان: يوجد اختلاف في التوجهات السياسية بين الملا هيبة الله وسراج الدين حقاني. ففي حين يتمسك الملا هيبة الله بتطبيق سياسة انغلاق داخلي صارمة والابتعاد عن التفاعل مع القوى السياسية الدولية، يظهر سراج الدين حقاني مرونة أكبر واستعدادا للانفتاح على المجتمع الدولي. هذا التباين في السياسات يعكس الصراع الأيديولوجي والسياسي بين فصيل قندهار وفصيل حقاني داخل حركة طالبان.
مستقبل الصراع بين سراج الدين حقاني والملا هيبة الله أخوندزاده:
تتواصل الأزمات والصراعات داخل حركة طالبان على خلفية الخلافات المتصاعدة بين سراج الدين حقاني، زعيم شبكة حقاني، والملا هيبة الله أخوندزاده، زعيم حركة طالبان. هذا الصراع لا يعكس مجرد خلافات شخصية بين قادة الحركة، بل يعكس أبعادا سياسية وعسكرية وأيديولوجية عميقة قد تؤثر بشكل كبير على مستقبل أفغانستان وعلى هيكل السلطة داخل الحركة.
1. تناقض الأيديولوجيات والسياسات:
من الواضح أن هناك تباينا كبيرا في الأيديولوجيات والسياسات بين سراج الدين حقاني والملا هيبة الله أخوندزاده. حيث يتبنى سراج الدين حقاني سياسة أكثر مرونة تجاه العالم الخارجي، ويسعى إلى تعزيز العلاقات الدولية والانفتاح على القوى الإقليمية والدولية، وهو ما يختلف بشكل كبير عن سياسة الملا هيبة الله، الذي يفضل عزل أفغانستان عن العالم الخارجي والتمسك بتفسير ضيق للشريعة الإسلامية.
الملا هيبة الله يسعى إلى تعزيز سلطته من خلال تطبيق سياسات متشددة، مثل فرض القيود على النساء، بينما سراج الدين حقاني يظهر استعدادا للتفاوض والانفتاح على القوى السياسية والدولية، وهو ما قد يخلق فصلا بين الفصيلين داخل طالبان.
2. الصراع على السلطة داخل الحركة:
تتمحور الخلافات بين سراج الدين حقاني والملا هيبة الله حول مسألة السلطة والنفوذ داخل حركة طالبان. فشبكة حقاني كانت واحدة من أكثر القوى العسكرية تأثيرا خلال فترة الحرب ضد الحكومة السابقة، ولها قاعدة دعم قوية في مناطق مثل خوست، وهي تمثل ذراعا عسكريا مهما لطالبان. من جانب آخر، يسعى الملا هيبة الله إلى تعزيز سلطته مركزيا في قندهار، مما يعكس رغبة في تقليص دور شبكة حقاني وتحدي نفوذها.
إذا استمر هذا الصراع بين الفصيلين، قد يؤدي ذلك إلى إعادة توزيع السلطة داخل الحركة، بحيث يتحول بعض القادة من خارج قندهار إلى قيادة حركة طالبان بشكل أكبر، مما قد يؤدي إلى تصعيد العنف والصراعات الداخلية.
3. التهديدات الأمنية والتحركات العسكرية:
في سياق التوترات المتزايدة، من المحتمل أن نشهد تصعيدا في التحركات العسكرية داخل أفغانستان. شبكة حقاني تعتبر واحدة من القوى العسكرية الكبرى في طالبان، ولديها القدرة على تنفيذ عمليات متفجرة وانتحارية. إذا استمرت محاولات قادة طالبان في تقليص دور شبكة حقاني، قد يكون رد فعل حقاني تصعيدا عسكريا في مناطق حيوية مثل كابول أو قندهار، ما يهدد استقرار البلاد.
4. إضعاف وحدة طالبان:
تواجه حركة طالبان تحديات كبيرة في الحفاظ على وحدتها الداخلية في ظل هذا الصراع. في حين أن الملا هيبة الله يسعى لزيادة السيطرة على الحركة، يسعى سراج الدين حقاني، المدعوم من شبكة حقاني، إلى مقاومة هذه المحاولات. إذا استمرت هذه الخلافات، قد تنقسم الحركة إلى فصائل متناحرة، مما يضعف موقف طالبان داخليا وخارجيا.
5. الانعكاسات الإقليمية والدولية:
سيؤثر الصراع بين سراج الدين حقاني والملا هيبة الله أخوندزاده على علاقات طالبان مع الدول المجاورة والمجتمع الدولي. فإذا أصبح التوتر الداخلي داخل طالبان واضحا للجميع، فقد تزداد العزلة الدولية لأفغانستان، خاصة إذا استمر الموقف المتشدد للملا هيبة الله في توجيه سياسة طالبان.
من جهة أخرى، إذا نجح سراج الدين حقاني في فرض سيطرته على القيادة أو نجح في الحفاظ على نفوذه في الحكومة، فقد يكون لهذا انعكاسات على سياسة طالبان تجاه جيران أفغانستان والدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا.
6. السيناريوهات المستقبلية:
السيناريو الأول: استمرار التوتر والتصعيد العسكري
إذا استمر الصراع بين سراج الدين حقاني والملا هيبة الله أخوندزاده، فإننا قد نشهد تصعيدا في الأعمال العسكرية داخل أفغانستان. قد يؤدي هذا إلى تدخل أوسع من قبل القوى الأجنبية أو تعزيز تواجد المنظمات الإرهابية في المنطقة، مما يعمق الأزمة الأفغانية.
السيناريو الثاني: التهدئة والمصالحة
على الرغم من التوترات الحالية، قد تسعى أطراف داخل طالبان إلى التوصل إلى تفاهمات في المستقبل بهدف الحفاظ على الوحدة الداخلية. قد يتم الوصول إلى توافقات بين سراج الدين حقاني والملا هيبة الله أخوندزاده من خلال الوساطات أو التنازلات، مما يساهم في تهدئة الوضع.
السيناريو الثالث: تقسيم طالبان إلى فصائل متناحرة
إذا فشلت محاولات المصالحة، يمكن أن يحدث انقسام داخل طالبان، حيث يصبح سراج الدين حقاني وحلفاؤه فصيلا متمردا داخل الحركة، في مقابل فصيل قندهار بقيادة الملا هيبة الله. هذا السيناريو قد يقود إلى صراعات داخلية مستمرة ويعزز من تحديات استقرار أفغانستان.