حركة الشباب تستهدف موكب الرئيس الصومالي: دلالات الهجوم

الأربعاء 19/مارس/2025 - 06:59 م
طباعة حركة الشباب تستهدف علي رجب
 

نجا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود من محاولة اغتيال نفذتها حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، يوم الثلاثاء 18 مارس 2025، عندما استهدف مسلحو الحركة موكبه في العاصمة مقديشو. وقع الهجوم بواسطة عبوة ناسفة بالقرب من القصر الرئاسي وأسفر عن مقتل أربعة أشخاص.

 يعكس هذا الهجوم، الذي هو الأول من نوعه منذ سنوات يستهدف الرئيس مباشرة، تطورًا خطيرًا في استراتيجية حركة الشباب، ويحمل دلالات عميقة على المشهد الأمني والسياسي في الصومال، خاصة مع تزامنه مع معارك شرسة تدور في وسط البلاد بين الجيش الصومالي ومقاتلي الحركة.

تفاصيل الهجوم والظروف المحيطة به

استهدف مسلحون من حركة الشباب الصومالية موكب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بهجوم بالقنابل عند مروره بالعاصمة مقديشو صباح يوم الثلاثاء، أثناء توجهه للانضمام إلى قوات الخطوط الأمامية في ولاية هرشبيلي لتناول إفطار رمضان مع الجنود.

 وقع الانفجار في حوالي الساعة 10:32 صباحًا (07:32 بتوقيت غرينتش) عند تقاطع عيل جابتا في حي حمر ججب بالقرب من القصر الرئاسي، مما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص على الأقل من بينهم صحفي.

ورغم عنف الانفجار، أكدت الحكومة الصومالية أن "الهجوم فشل تمامًا، وواصل الرئيس طريقه دون أي عائق"، وقال مسؤولان كبيران حكومي وعسكري إن محمود بأمان في أعقاب الهجوم، فيما كتب المستشار الرئاسي زكريا حسين في منشور على منصة "إكس" أن الرئيس "جيد وبخير وفي طريقه إلى الخطوط الأمامية".

الإعلان عن المسؤولية وظهور الرئيس

سارعت حركة الشباب إلى إعلان مسؤوليتها عن الهجوم، حيث قالت في بيان نُشر على قناة تيليغرام التابعة لها: "استهدف مقاتلونا موكبًا من المركبات يقل حسن شيخ محمود خلال مغادرته القصر الرئاسي متجهًا إلى المطار". وبعد ساعات من الهجوم، عرضت وسائل الإعلام الرسمية صورًا للرئيس في منطقة عدن يابال في شبيلي الوسطى، حيث تحاول القوات الحكومية صد هجوم مستمر منذ ثلاثة أسابيع شنته حركة الشباب.

هذا التصرف من قبل الرئيس الصومالي يمثل رسالة سياسية واضحة مفادها أن محاولات حركة الشباب لن تثنيه عن مواصلة الحرب ضدها، وأن الحكومة مصممة على مواجهة الإرهاب بكافة الوسائل المتاحة.

أول استهداف مباشر للرئيس منذ سنوات

يعد هجوم الثلاثاء هو الأول الذي يستهدف الرئيس محمود بشكل مباشر منذ عام 2014، خلال فترة ولايته الأولى، عندما قصفت الحركة فندقًا كان يتحدث فيه.

هذا التطور يشير إلى تحول في استراتيجية حركة الشباب، التي طالما ركزت هجماتها على أهداف أمنية وعسكرية، لتشمل الآن استهداف الرموز السياسية العليا في البلاد.

محاولة لإثبات القوة وتحسين معنويات المقاتلين

يرى محللون أن تصاعد العمليات التي تقودها حركة الشباب في الصومال هو محاولة للإيحاء بأنها ما تزال قوية ميدانيًا وأن الحملة التي تخوضها السلطات الصومالية لا تأتي أكلها.

 كما يشير المحللون إلى أن استهداف حركة الشباب للرئيس شيخ محمود هو في جانب منه رفع لمعنويات مقاتليها على جبهات القتال حيث يتعرضون لانتكاسات في أكثر من جبهة أمام الجيش الصومالي.

توقيت الهجوم والسياق الأمني

يأتي هذا الهجوم بعد تحذيرات أصدرتها الولايات المتحدة قبل أيام، حذرت فيها من استعدادات لعمليات إرهابية تستهدف مؤسسات حكومية ومطارات وموانئ في الصومال. كما يتزامن مع تصاعد المواجهات بين القوات الحكومية ومسلحي حركة الشباب في المناطق الوسطى من البلاد.

تشهد المناطق الوسطى في الصومال منذ أواخر فبراير/شباط 2025 هجمات عنيفة تشنها حركة الشباب على مدن استراتيجية بهدف استعادة السيطرة عليها، وفي المقابل يشن الجيش الصومالي برفقة مسلحي العشائر حملة عسكرية لمواجهة هجمات الحركة

تراجع نفوذ حركة الشباب وتأثير العمليات العسكرية

وفقًا لتقرير "مؤشر الإرهاب العالمي 2025"، حققت العمليات العسكرية التي تقودها الحكومة الصومالية نتائج إيجابية، حيث انخفضت وتيرة هجمات حركة الشباب بنسبة 25% على مستوى البلاد. هذا المؤشر يدعم الرواية الحكومية التي ترى في هجوم الثلاثاء "عملاً يائسًا" يعكس تراجع قدرات الإرهابيين.

تصريحات الحكومة الصومالية

تؤكد الحكومة الصومالية أن "هذا العمل اليائس، الذي أسفر بشكل مأساوي عن سقوط ضحايا مدنيين، يُبرز تراجع قدرات الإرهابيين في ظل الهزائم المتتالية التي يتكبدونها على يد الجيش الوطني الصومالي". هذا الخطاب يهدف إلى تقويض أهداف الحركة المتمثلة في إثارة الرعب وإظهار قوتها، من خلال تصوير الهجوم كدليل على ضعفها وليس قوتها.

الدلالات السياسية والأمنية للهجوم

يمثل استهداف الرئيس الصومالي اختبارًا حقيقيًا لقدرة الأجهزة الأمنية على حماية الشخصيات والمؤسسات السيادية في البلاد. ورغم نجاة الرئيس من الهجوم، فإن مجرد وقوعه يثير تساؤلات حول الثغرات الأمنية والإجراءات المتبعة لحماية الشخصيات السياسية المهمة.

تثير الهجمات ضد العلويين تساؤلات حول قدرة الرئيس المؤقت أحمد الشرع على الوفاء بوعده بضمان حماية الأقليات، ومنع أي فصائل متمردة من أن تُشكل تهديداً خطيراً لآفاق السلام في البلاد.

تمثل حركة الشباب المتطرفة أكبر تحد أمني للصومال الذي لا يزال يتلمس طريقه للاستقرار بعد حرب امتدت على نحو ربع قرن. وتواصل الحركة جهودها لتقويض مساعي الحكومة لتحقيق الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة، من خلال استهداف الرموز السياسية والمؤسسات الحكومية.

أكد مستشار الأمن القومي للرئيس الصومالي حسين شيخ علي أن الرئيس بخير و"موجود في الخطوط الأمامية للقتال ضد التنظيمات الإرهابية"4. هذا الموقف يعكس تصميم الحكومة الصومالية على مواصلة جهودها لمكافحة الإرهاب وعدم الرضوخ للضغوط التي تمارسها حركة الشباب.

استراتيجية حركة الشباب وتحدياتها المستقبلية

تنفذ حركة الشباب تفجيرات وهجمات مسلحة متكررة في الصومال ضمن مسعاها للإطاحة بالحكومة، وإقامة نظام حكمها الخاص على أساس متشدد. ورغم طردها من المدن الرئيسية في الفترة بين 2011 – 2012، لا تزال حركة الشباب ناشطة في المناطق الريفية الشاسعة في وسط البلاد وجنوبها، حيث تشنّ هجمات ضد أهداف أمنية وسياسية ومدنية.

مع استمرار العمليات العسكرية التي تقودها الحكومة الصومالية بدعم من القوات الأفريقية والدولية، تواجه حركة الشباب ضغوطاً متزايدة على الأرض. ويرى المحللون أن الهجوم الأخير قد يكون محاولة من الحركة لإثبات قوتها الميدانية، وتحدي الرواية الحكومية التي تؤكد تراجع نفوذها.

محاولة اغتيال الرئيس الصومالي تمثل تطوراً خطيراً في مسار الصراع بين الحكومة وحركة الشباب، وتعكس استراتيجية جديدة للحركة تستهدف رموز الدولة مباشرة في محاولة لإحداث اضطراب سياسي وأمني. إلا أن نجاة الرئيس وظهوره في الخطوط الأمامية بعد ساعات من الهجوم يمثل رسالة قوية بأن الحكومة الصومالية مصممة على مواصلة حربها ضد الإرهاب.

وعلى الرغم من استمرار تهديد حركة الشباب، تشير المؤشرات إلى تراجع نفوذها وقدراتها التشغيلية بفضل الضربات العسكرية المتواصلة. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر أمام الحكومة الصومالية هو تعزيز الاستقرار الأمني والسياسي، وبناء مؤسسات الدولة القادرة على مواجهة التهديدات الإرهابية بشكل فعال ومستدام.

شارك