إردوغان يواجه احتجاجات "إرهاب الشارع" بعد توقيف إمام أوغلو.. تفاصيل التصريحات والتداعيات
الجمعة 21/مارس/2025 - 05:45 م
طباعة

في خطابٍ ناري ألقاه الجمعة 21 مارس، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن أنقرة لن ترضخ لما وصفه بـ "إرهاب الشارع"، في تعليقٍ مثير يأتي بعد أيام من اندلاع الاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد على خلفية توقيف أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول المعارض، إثر تهم فساد.
التصريحات التي أدلى بها إردوغان جاءت في وقتٍ حساس بعد أن دعا حزب الشعب الجمهوري المعارض إلى تنظيم احتجاجات واسعة في شوارع المدن التركية، احتجاجًا على اعتقال إمام أوغلو، وهو منافس سياسي قوي له.
خلفية الأزمة: توقيف أكرم إمام أوغلو
أكرم إمام أوغلو، الذي يشغل منصب رئيس بلدية إسطنبول عن حزب الشعب الجمهوري، يعتبر من أبرز الوجوه المعارضة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
وكان إمام أوغلو قد فاز في الانتخابات المحلية الماضية في إسطنبول، وهو ما شكل ضربة قوية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بقيادة إردوغان.
وتعكس سيرة إمام أوغلو السياسية تصاعدًا مستمرًا في شعبيته، خاصة مع اتهام بعض استطلاعات الرأي له بتفوقه على إردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
لكن مع بداية هذا الأسبوع، شهدت تركيا تطورًا دراميًا في الساحة السياسية عندما تم توقيف إمام أوغلو يوم الأربعاء بتهم الفساد والتعاون مع جماعة إرهابية.
هذه التهم تثير تساؤلات حول دوافع اعتقاله، حيث اعتبرها كثيرون جزءًا من الحملة السياسية الرامية إلى إسكات المعارضة وتقويض سلطتها.
الحزب المعارض، حزب الشعب الجمهوري، رد على هذه الاعتقالات عبر اعتبارها دافعًا سياسيًا واضحًا، مؤكدًا أنها خطوة تهدف إلى تحجيم القوى المعارضة.
الاحتجاجات في الشوارع: رد فعل الحكومة التركية
مباشرة بعد اعتقال إمام أوغلو، اندلعت سلسلة من الاحتجاجات في مدن تركية عدة، من بينها إسطنبول، أنقرة، وإزمير. وتراوحت هذه الاحتجاجات بين مظاهرات سلمية وأخرى شهدت اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الشرطة.
وقد بدأ الحراك الاحتجاجي في الجامعات التركية، ثم امتد ليشمل مقار بلديات وميادين عامة في مختلف أنحاء البلاد.
وفي مواجهة هذه الاحتجاجات، خرج الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في خطابه ليؤكد أن الحكومة التركية لن تسمح بما وصفه بـ "إرهاب الشارع"، واصفًا الاحتجاجات بأنها تهديد للنظام العام.
وقال إردوغان: "تركيا لن ترضخ لإرهاب الشارع"، وأضاف أن الحكومة ستقف بحزم ضد أي أعمال تخريب أو عنف، وأنه لن يكون هناك تسامح مع من يسعى للإخلال بالنظام العام. كما أكد أن أي تهديد للنظام الداخلي في البلاد سيواجه بالصرامة.
الحكومة التركية: مواقف وتصريحات
من جهة أخرى، أعربت الحكومة التركية عن رفضها التام لما وصفته بـ "الدعوات غير القانونية" التي أطلقها حزب الشعب الجمهوري لتنظيم احتجاجات في الشوارع.
وفي هذا السياق، صرح وزير الداخلية التركي، علي يرلي قايا، بأن 53 شخصًا تم اعتقالهم على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها البلاد، مشيرًا إلى إصابة 16 شرطيًا في المواجهات التي وقعت بين الشرطة والمتظاهرين.
وأضاف يرلي قايا أن الاحتجاجات، التي انطلقت من الجامعات ومقر بلدية إسطنبول، شهدت اشتباكات متفرقة وأعمال عنف في بعض المدن.
وأكد أن السلطات ستواصل التصدي لأي محاولات لإثارة الفوضى في الشوارع، مشيرًا إلى أن الأمن العام هو خط أحمر لن تسمح الحكومة بتجاوزه.
كما صرح وزير العدل التركي، يلماز تونج، بأن دعوات زعيم حزب الشعب الجمهوري، أوزجور أوزيل، للتظاهر كانت "غير مسؤولة"، خاصة في ظل الحظر المفروض على التجمعات العامة لمدة أربعة أيام.
وفي هذا السياق، أكد أن الحكومة ملتزمة بتطبيق القانون بكل حزم في مواجهة أي تحركات تهدد الاستقرار الداخلي.
الانتقادات الخارجية والقلق الأوروبي
إلى جانب ردود الفعل المحلية، أثار توقيف إمام أوغلو والاحتجاجات التي تلت ذلك ردود فعل غاضبة من بعض القوى الدولية.
فقد وصف العديد من القادة الأوروبيين اعتقال إمام أوغلو بأنه "تراجع عن الديمقراطية" في تركيا، وانتقدت بعض الأحزاب والمنظمات الحقوقية الدولية ما اعتبرته خطوة نحو تشديد القمع على المعارضة التركية، مما يزيد من المخاوف بشأن تراجع الحريات الديمقراطية في البلاد.
في هذا الإطار، يرى البعض أن هذه الاحتجاجات ليست فقط نتيجة لتوقيف إمام أوغلو، بل هي انعكاس لصراع أوسع بين الحكومة التركية والمعارضة حول الحريات السياسية في البلاد.
بعض المراقبين يرون أن الحكومة التركية تحاول استخدام الإجراءات القمعية ضد المعارضة في إطار جهودها لتثبيت السلطة السياسية في ظل الاستعدادات للانتخابات الرئاسية المقبلة.
مواجهة التصعيد وتحديات المستقبل
تواجه تركيا في هذه الفترة مرحلة حساسة للغاية، حيث يسعى الرئيس إردوغان وحكومته للتصدي للمظاهرات والاحتجاجات التي تشهدها المدن التركية.
من جهة أخرى، تواصل المعارضة، وخاصة حزب الشعب الجمهوري، حشد الدعم الشعبي للوقوف في وجه ما يعتبرونه تراجعًا عن الديمقراطية وحريات التعبير.
في النهاية، يظل السؤال الأبرز، هل ستستمر الاحتجاجات في التصاعد، أم ستتمكن الحكومة التركية من إعادة ضبط الأوضاع؟ ويبدو أن الساحة السياسية في تركيا ستشهد المزيد من التوترات في الأيام القادمة مع استمرار الضغط على المعارضة والتحذيرات من مزيد من القمع في الشوارع.