كيف تحولت موانئ الحديدة إلى شريان اقتصادي يغذي آلة الحوثيين العسكرية؟

الثلاثاء 25/مارس/2025 - 10:25 ص
طباعة كيف تحولت موانئ الحديدة فاطمة عبدالغني – أميرة الشريف
 
في ظل استمرار الأزمة اليمنية، تبرز موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى كمحاور رئيسية لاستغلال مليشيات الحوثي للإيرادات الاقتصادية في تمويل حربها ضد الشعب اليمني، فعلى الرغم من الأوضاع الإنسانية المتدهورة التي يعيشها ملايين اليمنيين، حولت الجماعة هذه الموانئ إلى مصادر دخل ضخمة، تُستخدم لتمويل عملياتها العسكرية وشراء الأسلحة، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن التي تحظر تمويل الجماعات الإرهابية.
ورغم المطالبات الدولية بوقف هذا الاستغلال، تستمر الميليشيات في فرض الضرائب والرسوم الباهظة على الواردات، مستغلة سيطرتها على هذه الموانئ الاستراتيجية لتمويل أنشطتها العدائية، مما يزيد من معاناة المدنيين، ويفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد.
وفي هذا السياق، كشف تقرير صادر عن مبادرة "استعادة الأموال المنهوبة – ريغن يمن" بعنوان "موانئ الحرب.. كيف تمول موانئ الحديدة حرب الحوثيين؟" عن استغلال مليشيات الحوثي للموانئ اليمنية، خاصة موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، في تحصيل إيرادات ضخمة تُستخدم في تمويل عملياتها العسكرية، في انتهاك واضح للقوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن.
ووفقًا للتقرير، جمعت المليشيات 789.9 مليون دولار من الرسوم الجمركية والضرائب المفروضة على الواردات عبر هذه الموانئ خلال الفترة من مايو 2023 حتى يونيو 2024، في وقت يواجه فيه ملايين اليمنيين أوضاعًا إنسانية متدهورة بسبب ارتفاع الأسعار ونقص المواد الأساسية.
وأشار التقرير إلى أن الحوثيين يفرضون رسوما جمركية مرتفعة على المشتقات النفطية، حيث بلغت الإيرادات المحصلة على استيراد البنزين وحده 332.6 مليون دولار، فيما تم تحصيل 173.9 مليون دولار من ضرائب الديزل، أما الغاز فقد شكل مصدر دخل ضخم، حيث فرضت عليه المليشيات رسوما بقيمة 95.7 مليون دولار، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف النقل والطاقة، وتفاقم الأزمة المعيشية في البلاد.
وأكد التقرير أن الميليشيات تستخدم هذه الأموال في تمويل عملياتها العسكرية وشراء الأسلحة المهربة عبر البحر الأحمر، بدلًا من تحسين الخدمات الأساسية أو دعم الاقتصاد المحلي، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 40%، وإغلاق العديد من المصانع والمتاجر، وزيادة معدلات البطالة، وتفاقم أزمة الكهرباء.
ودعا التقرير إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف استغلال الموانئ في تمويل الحوثيين، مشددًا على ضرورة إغلاق موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى أمام حركة الاستيراد، وتحويل العمليات التجارية إلى موانئ عدن والمكلا، لضمان عدم استفادة الحوثيين من الإيرادات الضريبية.
كما طالب التقرير بضرورة فرض رقابة مشددة على الشحنات القادمة إلى اليمن عبر التحالف العربي، لضمان عدم تهريب الوقود والسلع إلى المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات، وفرض عقوبات على الشركات والموردين الدوليين المتورطين في تسهيل استيراد البضائع عبر موانئ الحوثيين، مع مطالبة البنوك العالمية بفرض قيود على التحويلات المالية المرتبطة بهذه العمليات.
ودعا التقرير إلى تفعيل قرارات مجلس الأمن وتوسيع العقوبات الدولية على الحوثيين، بما يشمل منعهم من استغلال النظام المصرفي الدولي لإدارة عائداتهم غير المشروعة.
كما شدد التقرير على أهمية تعزيز التعاون بين الولايات المتحدة والتحالف العربي لمراقبة حركة السفن في البحر الأحمر، ومنع أي محاولات لتمويل الميليشيات تحت غطاء التجارة الإنسانية.
وأكد التقرير أن موانئ الحديدة لا تزال أحد الشرايين الاقتصادية الرئيسية التي تغذي آلة الحوثيين العسكرية، محذرًا من أن استمرار استغلالها في تمويل الحرب يشكل تهديدًا مباشرًا للاستقرار في اليمن والمنطقة، ودعا المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل لضمان استخدام عائدات هذه الموانئ في تحسين الأوضاع الإنسانية، بدلًا من توظيفها في تأجيج الصراع.
من ناحية أخرى، يرى المراقبون أن الأرقام الواردة في تقرير مبادرة "استعادة الأموال المنهوبة – ريغن يمن" تكشف بوضوح كيف تحولت موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى إلى شرايين اقتصادية تغذي آلة الحرب الحوثية، بدلًا من أن تكون منفذًا لتخفيف معاناة الشعب اليمني. وأكدوا أن هذه الإيرادات الضخمة، التي تجاوزت 789 مليون دولار خلال عام واحد فقط، لم تُستخدم في تحسين الخدمات الأساسية أو دعم الاقتصاد، بل ذهبت إلى تمويل التصعيد العسكري وشراء الأسلحة المهربة، مما يشكل تهديدًا مباشرًا للاستقرار في اليمن والمنطقة.
وأكد المراقبون على خطورة استمرار استغلال مليشيات الحوثي للموانئ اليمنية في تمويل عملياتها العسكرية، معتبرين ذلك أحد أبرز العوامل التي تُطيل أمد الصراع وتُفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.
ودعا المراقبون إلى ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة للحد من استغلال الحوثيين لهذه الموانئ، مشددين على أهمية فرض رقابة صارمة على الواردات، وتحويل حركة التجارة إلى الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، مثل موانئ عدن والمكلا، كما طالبوا المجتمع الدولي بتشديد العقوبات على الأطراف المتورطة في تمويل الحوثيين، وفرض قيود على التحويلات المالية التي تساعد في استمرار تدفق الإيرادات إلى خزائن الجماعة.
وأكد خبراء اقتصاديون أن استمرار سيطرة الحوثيين على موانئ الحديدة يُسهم في تفاقم الأزمة المعيشية، حيث يؤدي فرض الضرائب المرتفعة على الوقود والسلع الأساسية إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 40%، مما يفاقم معاناة المواطنين ويؤدي إلى تدهور الوضع الاقتصادي بشكل غير مسبوق.
وفي السياق ذاته، شدد محللون سياسيون على أن التهاون في التعامل مع هذا الملف قد يمنح الحوثيين مزيدًا من النفوذ المالي والعسكري، مما يُعقّد جهود السلام ويؤدي إلى استمرار دوامة العنف، وطالبوا بتفعيل قرارات مجلس الأمن المتعلقة بمنع تمويل الجماعات الإرهابية، وتوسيع العقوبات الدولية ضد القيادات الحوثية المتورطة في إدارة هذه الإيرادات غير المشروعة.
ويؤكد المراقبون أن تقرير "موانئ الحرب" يُشكل جرس إنذار للمجتمع الدولي، ويجب أن يكون نقطة انطلاق لاتخاذ تدابير عاجلة تمنع الحوثيين من الاستمرار في استغلال الموارد الاقتصادية لتمويل حربهم، وتحويل هذه الإيرادات إلى مسارها الطبيعي في تحسين معيشة اليمنيين وإنقاذهم من شبح المجاعة والانهيار الاقتصادي.

شارك