غزة بين الحروب والاحتجاجات.. دعوات لوقف الحرب وإبعاد حماس وسط تصاعد المعاناة

الأربعاء 26/مارس/2025 - 05:20 ص
طباعة غزة بين الحروب والاحتجاجات.. أميرة الشريف
 
شهدت بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة تطوراً لافتاً في المشهد الفلسطيني، حيث خرج المئات من السكان في مسيرات احتجاجية حاشدة يوم أمس، للتنديد بحركة حماس، مطالبة بوقف الحرب ورفع شعار "الشعب يريد إبعاد حماس" وسط ترديد هتافات مناهضة لها، منها "حماس برا برا". 
وقد جاءت هذه المظاهرات في وقت حساس للغاية، حيث صدرت أوامر إخلاء إسرائيلية للسكان في بلدة بيت لاهيا، وهي الإجراءات التي أثارت استياءً واسعاً بين المواطنين الذين حمّلوا حركة حماس المسؤولية الكاملة عن هذه الأوامر، معتبرين أن تصرفات الحركة العسكرية تسببت في المعاناة المستمرة للمدنيين، خاصة في ظل إطلاق الصواريخ من مناطق قريبة من بلدة بيت لاهيا باتجاه المستوطنات الإسرائيلية.
المسيرات كانت بمثابة صوت احتجاجي ضد ما وصفه المتظاهرون بالدمار الشامل الذي خلفته الحرب المستمرة، حيث ردد المشاركون في المسيرات شعارات تطالب بوقف القتال وعودة الأمن والاستقرار للقطاع. 
رفع المتظاهرون لافتات كُتب عليها "دماء أطفالنا ليست رخيصة"، و"بدنا نعيش بسلام وأمان"، بالإضافة إلى شعارات أخرى تدعو إلى وقف شلال الدماء الذي يطال المدنيين جراء التصعيد العسكري المستمر.
 وهذا التصعيد العسكري يشهد قصفاً مكثفاً من قبل الطائرات الإسرائيلية التي تواصل استهداف المواقع العسكرية التابعة لحركة حماس في مختلف أنحاء القطاع.
التصعيد الأخير الذي بدأ قبل نحو أسبوع، خلف وراءه مئات الضحايا من المدنيين، حيث أفادت آخر الإحصائيات الرسمية أن أكثر من 792 شخصاً قتلوا، فيما وصل عدد الجرحى إلى أكثر من 1663 جريحاً، بينهم العديد من الحالات الخطيرة. 
لكن الصدمة الأكبر كانت في ارتفاع عدد الأطفال الذين لقوا حتفهم نتيجة الغارات الجوية، حيث أكدت هيئة إنقاذ الطفولة أن أكثر من 270 طفلاً قتلوا في هذا التصعيد الأخير فقط، ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها القطاع في ظل استمرار العمليات العسكرية.
المسيرات التي خرجت في بيت لاهيا لا تعتبر الحدث الوحيد، بل هي امتداد لحالة غضب شعبية متزايدة في مناطق مختلفة من القطاع ضد سياسة حركة حماس وقيادتها في ظل الحرب المستمرة.
 فلطالما كانت حماس، التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007، محور النقاشات والانتقادات المحلية والدولية. ورغم أن الحركة تمتلك قاعدة شعبية كبيرة داخل غزة، فإن العديد من الفلسطينيين بدأوا يشعرون بأن سياسات حماس قد أضرت بمصالحهم، وزادت من معاناتهم في ظل الحصار الإسرائيلي والضغوط الاقتصادية.
الحديث عن هدنة لمدة 10 سنوات، الذي يطرح بين الحين والآخر، يشير إلى رغبة في الوصول إلى حل طويل الأمد ينهي دائرة العنف المستمر في المنطقة. 
هذا الطرح يتطلب توافقات بين كافة الأطراف، بما في ذلك حماس، السلطة الفلسطينية، وإسرائيل، وهو أمر يبدو بعيد المنال في الوقت الراهن بالنظر إلى التعقيدات السياسية والعسكرية. 
غير أن الوضع الحالي قد يفرض على جميع الأطراف إعادة النظر في سياساتهم وتوجهاتهم، خاصة بعد تزايد الضغوط الشعبية على حركة حماس من داخل غزة نفسها.
المطالب الشعبية بوقف الحرب وبحث سبل العيش بسلام وأمان تتزايد بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة. فالشعب الفلسطيني في قطاع غزة يعاني من تبعات هذه الحروب المستمرة، حيث أصبح الوضع الأمني والمعيشي على حافة الانهيار. 
فالعديد من المنازل دُمرت، واشتدت معاناة المدنيين جراء الاستهداف المتواصل للأبرياء، ما جعل الحياة اليومية أكثر صعوبة من أي وقت مضى.
من جهة أخرى، فإن تحركات حماس في مواجهة هذه الاحتجاجات قد تؤدي إلى تعقيد الأمور أكثر، فمن المعروف أن الحركة لا تتقبل أي انتقادات علنية، خاصة عندما يتعلق الأمر بمسائل تتعلق بسمعتها أو سيطرتها على القطاع. 
وقد تؤدي هذه الاحتجاجات إلى توتر أكبر بين المواطنين والحركة، ما يضع السلطة في غزة في موقف صعب للغاية، حيث تتعرض لضغوط ليس فقط من قبل الاحتلال الإسرائيلي، بل أيضاً من الشعب نفسه الذي يطالب بالتغيير.
الحديث عن هدنة دائمة في ظل هذه الظروف يتطلب تسوية سياسية شاملة قد تضم خطوات عدة، مثل وقف إطلاق النار المتبادل، وتخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة، بالإضافة إلى ضمانات دولية لمراقبة تنفيذ الاتفاقات.
 ولكن، في ظل الانقسام الداخلي الفلسطيني والخلافات بين حماس والسلطة الفلسطينية، تبدو مثل هذه الحلول بعيدة المنال.
وتبقى صورة قطاع غزة في حالة من الفوضى والمأساة الإنسانية التي تزداد تعقيداً مع مرور الوقت. والآمال في تحقيق السلام في غزة تتطلب جهوداً من جميع الأطراف المعنية للوصول إلى تسوية سياسية تضمن حقوق الفلسطينيين وتوقف دوامة العنف المستمر.

شارك