هجمات متزايدة في خيبر بختونخوا وبلوشستان.. الأسباب والانعكاسات

الجمعة 28/مارس/2025 - 05:56 ص
طباعة هجمات متزايدة في محمد شعت
 
تشهد باكستان تصاعدًا ملحوظا في تنفيذ العمليات الإرهابية، وذلك على الرغم من العمليات الأمنية والاستخبارايتة المتكررة ضد الكيانات والخلايا الإرهابية، وهو مايشير إلى أن الظاهرة باتت أكبر من قدرات باكستان الأمنية.
وترجع تقارير أمنية باكستانية أسباب تصاعد العمليات الإرهابية ضد قوات الأمن، إلى أغسطس من عام 2021 منذ عودة طالبان إلى الحكم في أفغانستان،  وكانت مقاطعتي خيبر بختونخوا وبلوشستان الأكثر تضرراً من هذه الاعتداءات.
ومؤخرا أعلنت إدارة العلاقات العامة في الجيش الباكستاني، اليوم الخميس، أن قوات الأمن تمكنت من القضاء على 11 إرهابياً على الأقل خلال أربع مواجهات منفصلة في إقليم خيبر بختونخوا، وذلك يومي 26 و27 مارس.
وأفاد البيان العسكري بأن القوات نفذت عملية استخباراتية في منطقة مير علي شمال وزيرستان، حيث اشتبكت مع مجموعة من المسلحين، مما أسفر عن مقتل خمسة منهم. وفي عملية ثانية في المنطقة ذاتها، تمكنت القوات من تحييد ثلاثة مسلحين آخرين.
كما شهدت منطقة ميران شاه في شمال وزيرستان مواجهة أخرى، أسفرت عن تصفية إرهابيين اثنين. أما العملية الرابعة، التي نُفذت في منطقة دارابان بمقاطعة ديرا إسماعيل خان، فقد أدت إلى مقتل إرهابي واحد.
وذكرت إدارة العلاقات العامة للجيش أن الأسلحة والذخائر التي كانت بحوزة المسلحين القتلى تم ضبطها، مؤكدةً أن الإرهابيين كانوا متورطين في عمليات عدائية مختلفة. كما أشار البيان إلى أن عمليات التطهير مستمرة في المناطق المستهدفة، في إطار التزام القوات الباكستانية بالقضاء على الإرهاب.
في سياق متصل، نفذت قوات الأمن الأسبوع الماضي عملية نوعية، أسفرت عن مقتل 16 إرهابياً أثناء محاولتهم التسلل إلى الأراضي الباكستانية من أفغانستان عبر منطقة غلام خان كالاي في شمال وزيرستان.
وفقاً لمعهد باكستان لدراسات الصراع والأمن (PICSS)، شهد يناير 2025 زيادة بنسبة 42% في الهجمات الإرهابية مقارنةً بالشهر السابق، حيث تم تسجيل 74 هجوماً، أسفرت عن مقتل 91 شخصاً، بينهم 35 من أفراد الأمن، و20 مدنياً، و36 مسلحاً، إلى جانب إصابة 117 آخرين.

وتعكس التطورات الأخيرة في المشهد الأمني الباكستاني تصاعد العمليات الإرهابية بشكل متزايد، مما يثير تساؤلات حول الأسباب والتداعيات الأمنية والسياسية لهذا التفاقم. يمكن تحليل هذا التصعيد من خلال عدة محاور:

عوامل جيوسياسية

تعتبر تقارير باكستانية تتضمن تصريحات لمسؤولين حكوميين أنه منذ وصول حركة طالبان على الحكم في أفغانستان عام 2021، ازدادت الهجمات الإرهابية داخل باكستان، خاصةً من قبل الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيمات متطرفة مثل حركة طالبان باكستان (TTP). يُعتقد أن بعض الفصائل الإرهابية تستخدم الأراضي الأفغانية كملاذ آمن، ما يعقّد جهود باكستان في احتواء التهديدات الأمنية.

طبيعة جغرافية

تشهد مقاطعتي خيبر بختونخوا وبلوشستان تصاعدا للنشاط المسلح، حيث تعرضت هاتين المقاطعتين لأكبر عدد من الهجمات الإرهابية بسبب الطبيعة الجغرافية الوعرة، والتي تتيح للإرهابيين تنفيذ عملياتهم والانسحاب إلى مناطق يصعب الوصول إليها. كما أن الوجود القَبَلي القوي والحدود الطويلة مع أفغانستان يجعلان هذه المناطق بيئة خصبة لنشاط الجماعات المسلحة.
ويعكس  ارتفاع عدد الهجمات التي تستهدف القوات العسكرية والأمنية يعكس استراتيجية واضحة للجماعات الإرهابية، تهدف إلى إضعاف هيبة الدولة وزعزعة الاستقرار الداخلي. وفقاً للإحصائيات الأخيرة، فإن نسبة كبيرة من القتلى هم من أفراد الأمن، ما يشير إلى محاولات الإرهابيين لإضعاف القدرات الدفاعية للحكومة الباكستانية.

التحديات الأمنية والاقتصادية

   على الرغم من الجهود العسكرية المكثفة التي تبذلها الحكومة، لا تزال الجماعات الإرهابية قادرة على تنفيذ هجمات نوعية. هذا يثير تساؤلات حول مدى كفاءة الاستراتيجيات الأمنية المتبعة، خاصة في ظل التحديات المتمثلة في الطبيعة الجغرافية الصعبة، وعدم التعاون الكافي من الجانب الأفغاني.
كما   يُعد تدهور الأوضاع الاقتصادية في باكستان عاملاً محفزاً لتصاعد العنف، حيث يوفر الفقر والبطالة بيئة خصبة لتجنيد الشباب في الجماعات الإرهابية. كما أن عدم الاستقرار السياسي يساهم في تفاقم الأزمة، ما يعزز من قدرة الجماعات المسلحة على استغلال الفراغ الأمني.

ضرورة التعاون الإقليمي

تشير الأحداث الأخيرة إلى أن باكستان تواجه تحدياً أمنياً متزايداً، يتطلب استجابة شاملة تشمل الجانب العسكري، والدبلوماسي، والاقتصادي،  ورغم نجاح القوات الأمنية في تنفيذ عمليات استباقية، إلا أن استمرار الهجمات يشير إلى ضرورة تعزيز التعاون الإقليمي، خاصة مع أفغانستان، لمكافحة التهديدات الإرهابية بشكل أكثر فاعلية.، حيث إن القضاء على الإرهاب في باكستان يتطلب استراتيجية متكاملة تجمع بين الحلول الأمنية والتنموية لضمان الاستقرار على المدى الطويل.

شارك