اتهامات متبادلة بين الحكومة الباكستانية وحركة عمران خان بشأن تصاعد الإرهاب

السبت 29/مارس/2025 - 06:20 ص
طباعة  اتهامات متبادلة محمد شعت
 

شهدت باكستان في الأشهر الأخيرة تصاعدًا حادًا في العمليات الإرهابية، ما أدى إلى موجة من العنف وعدم الاستقرار، خاصة في مقاطعتي خيبر بختونخوا وبلوشستان. وقد تسببت هذه الأزمة في تبادل الاتهامات بين الحكومة الفيدرالية وحزب حركة الإنصاف الباكستانية، حيث حمل كل طرف الآخر مسؤولية الفشل في الحد من تهديد الإرهاب. 

تاريخيًا، عانت باكستان من موجات إرهابية متعددة، خاصة منذ بداية الألفية الجديدة، حيث واجهت البلاد تحديات أمنية خطيرة مرتبطة بنشاط الجماعات المسلحة مثل حركة طالبان باكستان، وتنظيم داعش-ولاية خراسان، وجماعات انفصالية في بلوشستان. تفاقمت هذه الأزمة بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان وعودة طالبان إلى السلطة في كابول عام 2021، مما خلق فراغًا أمنيًا استغلته التنظيمات الإرهابية في شن هجمات متزايدة على الأراضي الباكستانية. 

في الأشهر الأخيرة، شهدت البلاد العديد من الهجمات الإرهابية الكبرى، من بينها التفجير الذي استهدف مسجدًا في بيشاور في يناير 2025، وأسفر عن مقتل العشرات من المصلين، بالإضافة إلى استهداف قوافل عسكرية ونقاط تفتيش أمنية في خيبر بختونخوا وبلوشستان.
 كما استهدف تفجير انتحاري مبنىً حكوميًا في كويتا، وأسفر عن سقوط عدد من الضحايا من المدنيين ورجال الأمن. وفي تطور خطير، تعرض قطار جعفر إكسبريس لحادث اختطاف من قبل مجموعة مسلحة في إقليم بلوشستان، حيث احتجز المسلحون الركاب لساعات قبل تدخل القوات الأمنية لتحريرهم. كما شهدت مدينة كراتشي تفجيرًا كبيرًا استهدف موكبًا أمنيًا، وأدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، بينما شهدت منطقة شمال وزيرستان سلسلة من الهجمات على نقاط التفتيش الأمنية.

في رسالة مصورة، شن وزير الدولة للشؤون الداخلية، تالال شودري، هجومًا لاذعًا على حزب حركة الإنصاف، متهمًا إياه بتقديم تسهيلات للمسلحين خلال فترة حكمه، بل و"فرش السجادة الحمراء" لهم، على حد تعبيره، مما سمح لهم بالاستقرار داخل البلاد. 
وأضاف شودري أن حركة الإنصاف لم تتخذ موقفًا صارمًا ضد الإرهاب، معتبرًا أنها تغض الطرف عنه. من جانبه، رفض رئيس حزب حركة الإنصاف الباكستاني، المحامي جوهر علي خان، هذه الاتهامات ووصفها بأنها لا تستند إلى وقائع دقيقة، مشيرًا إلى أن القرارات المتعلقة بتوطين المسلحين اتخذت بعد يوليو 2022، أي بعد خروج الحزب من السلطة. كما أكد أن الوقت الحالي يتطلب التركيز على جهود مكافحة الإرهاب بدلاً من الانخراط في سجالات سياسية لا طائل منها. 

يُعزى تفاقم الوضع الأمني في باكستان جزئيًا إلى الاضطرابات في أفغانستان المجاورة، حيث تشير الحكومة إلى أن حركة طالبان الأفغانية لم تبذل جهدًا كافيًا لمنع تسلل المسلحين عبر الحدود. يبلغ طول الحدود بين البلدين 2600 كيلومتر، وتأمينها يمثل تحديًا مشتركًا لكلا الطرفين. وأشار شودري في حديثه لقناة "جيو نيوز" إلى أن الحكومات الإقليمية تتحمل أيضًا مسؤولية التعامل مع الوضع، مشيدًا بجهود إدارة مكافحة الإرهاب في السند والبنجاب، حيث يتم تنفيذ عمليات بناءً على المعلومات الاستخباراتية المتاحة. لكنه انتقد عدم وجود توافق سياسي كما كان الحال خلال حكومة نواز شريف، حيث كانت جميع القوى السياسية موحدة ضد الإرهاب. 

تُظهر البيانات الصادرة عن معهد باكستان لدراسات الصراع والأمن أن شهر يناير 2025 شهد ارتفاعًا بنسبة 42% في الهجمات الإرهابية مقارنة بالشهر السابق. وكانت مقاطعة خيبر بختونخوا الأكثر تضررًا، تليها بلوشستان، حيث نفذ المسلحون 27 هجومًا في المناطق المأهولة بالسكان، مما أسفر عن مقتل 19 شخصًا، بينهم 11 من أفراد الأمن. كما شهد شهر ديسمبر 2024 سلسلة هجمات على مقرات للشرطة، بما في ذلك هجوم كبير في مدينة بيشاور أسفر عن سقوط عدد من الضحايا. منذ عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان عام 2021، تواجه باكستان موجة تصعيدية في العنف، حيث تستهدف الجماعات المسلحة قوات الأمن ومسؤولي إنفاذ القانون بشكل متزايد. ويرى الخبراء الأمنيون أن عودة الأنشطة الإرهابية تعود جزئيًا إلى فشل الحكومات المتعاقبة في تنفيذ خطة العمل الوطنية لمكافحة الإرهاب، والتي كان يُفترض أن تعزز التعاون بين الأجهزة الأمنية والقضاء على البنية التحتية للجماعات المتطرفة. 



شارك