خيبر باختونخوا تشهد تصاعدًا في العنف: طالبان تهاجم القوات الباكستانية على الحدود

السبت 29/مارس/2025 - 08:04 م
طباعة خيبر باختونخوا تشهد علي رجب
 
شهد إقليم خيبر باختونخوا الباكستاني المحاذي للحدود الأفغانية هجوما داميا نفذته حركة طالبان الباكستانية أسفر عن مقتل سبعة عسكريين باكستانيين وثمانية مسلحين، في أحدث حلقة من سلسلة هجمات متصاعدة تستهدف قوات الأمن الباكستانية في المناطق الحدودية. ويأتي هذا الهجوم في وقت تشهد فيه المنطقة تصاعدا ملحوظا في وتيرة العمليات المسلحة، مما يضع السلطات الباكستانية أمام تحديات أمنية متزايدة في ظل استمرار نشاط الجماعات المسلحة.

تفاصيل الهجوم الأخير وخسائر الطرفين

قتل ثمانية من عناصر قوات الأمن ومدني، يوم الجمعة الموافق 28 مارس 2025، في باكستان في هجومين وقعا في إقليمين محاذيين لأفغانستان، على ما أفاد مصدران في الشرطة الباكستانية.
 وأكد أحد المصادر الأمنية في تصريحات لوكالة "فرانس برس" أن "مسلحين من طالبان" قتلوا سبعة عسكريين خلال عملية قامت بها قوات الأمن في إقليم خيبر بختونخوا الجبلي، موضحا أن "المقاتلين المختبئين في منزل أطلقوا النار على قوات الأمن".
وخلال تبادل لإطلاق النار استمر لساعات، نشر الجيش الباكستاني مروحيات قتالية للسيطرة على الموقف، حيث قتل في الاشتباك ثمانية من عناصر طالبان، بينما أصيب ستة عسكريين آخرين بجروح متفاوتة.
 وتميز الهجوم باستخدام أسلحة متطورة من قبل المسلحين، مما يشير إلى التطور النوعي في قدرات الجماعة العسكرية.
هجوم متزامن في إقليم بلوشستان

وفي وقت متزامن وإلى الجنوب من إقليم خيبر بختونخوا، شهد إقليم بلوشستان، الذي كان مسرحا لعملية احتجاز رهائن ضخمة نفذها انفصاليون مؤخرا، هجوما إرهابيا أسفر عن مقتل عنصر في قوات الأمن ومدني مساء الجمعة إثر انفجار قنبلة مثبتة على دراجة نارية، بحسب ما أفاد المسؤول في الشرطة محسن علي.
 وأشارت التقارير الأمنية إلى إصابة ثلاثة من عناصر قوات الأمن ومدني في الانفجار، الذي وقع لدى مرور آلية عسكرية في منطقة غوادار التي تضم بنى تحتية صينية ضخمة.

نمط متصاعد من الهجمات المسلحة

تمثل هذه الهجمات الأخيرة جزءا من نمط متزايد لعمليات العنف التي تشهدها المناطق الحدودية في باكستان. فمنذ مطلع عام 2025، قتل أكثر من 190 شخصا، معظمهم من عناصر قوات الأمن، في أعمال عنف نفذتها مجموعات مسلحة تحارب الدولة في إقليمي خيبر بختونخوا وبلوشستان.
وتعد حركة طالبان الباكستانية من أكثر الجماعات نشاطا في المنطقة، حيث تستهدف بانتظام القوى الأمنية الباكستانية.
 وقد شهدت باكستان زيادة ملحوظة في هجمات هذه الحركة، خاصة في المناطق المتاخمة لأفغانستان.
وفي نوفمبر 2024، نفذت الحركة هجوما على نقطة تفتيش لحرس الحدود في منطقة تيراه بإقليم خيبر بختونخوا، أسفر عن مقتل ثمانية جنود واختطاف سبعة شرطيين في هجومين منفصلين.
وقد أعلنت حركة طالبان الباكستانية مسؤوليتها عن أحد الهجمات، وقالت في بيان إنها شنته ردا على مداهمة قامت بها قوات الأمن استهدفت أحد مقاتليها.

الخلفية التاريخية للصراع

تعتمد حركة طالبان باكستان على المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية على طول الحدود الأفغانية الباكستانية، التي تستمد منها مجنديها، وتتلقى إرشادا أيديولوجيا من تنظيم القاعدة وتحافظ على علاقاتها به، رغم أنها تختلف عن حركة طالبان الرئيسية الأفغانية، وغالبا ما تعارضها.
وقد زادت الهجمات بشكل ملحوظ في باكستان منذ عودة حركة طالبان إلى الحكم في أفغانستان المجاورة في أغسطس 20213. وسجل عام 2023 وقوع 29 هجوما انتحاريا، وهو العدد الأكبر منذ عام 2014، قتل فيها 329 شخصا وفق المعهد الباكستاني لدراسات الحروب والأمن.
التوترات الحدودية وتبادل الاتهامات

تتهم إسلام أباد قادة كابول الجدد بعدم طرد المسلحين الذين يختبئون على الأراضي الأفغانية حيث يعدون لهجماتهم على باكستان، وهو ما تنفيه حكومة طالبان مرارا وتكرارا، مؤكدة أنها لا تسمح أن يقيم مقاتلون أجانب على الأراضي الأفغانية.
وقد شهدت العلاقات بين البلدين توترا متزايدا بسبب هذه القضية، حيث أعلنت باكستان في سبتمبر 2023 أن أربعة من جنودها قتلوا خلال هجوم شنه عبر الحدود "مئات" من عناصر حركة طالبان الباكستانية في منطقة شيترال السياحية.

موقف الحكومة الباكستانية

أكد الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري مؤخرا أنه لن يتم السماح للمسلحين بزعزعة السلام والتنمية والازدهار في البلاد، متعهدا بمواصلة العمليات ضد المسلحين حتى يتم القضاء على خطر الإرهاب.
من جهته، تعهد رئيس الوزراء شهباز شريف ببذل المزيد من الجهود من أجل القضاء على مخططات المسلحين، مشيرا إلى أن الحرب ضد المسلحين ستستمر حتى القضاء التام على الإرهاب في البلاد.

استمرار الخطر وتحديات المستقبل

تواجه باكستان تحديات أمنية كبيرة في ظل استمرار الهجمات المسلحة، خاصة في المناطق الحدودية مع أفغانستان. وتظل ولاية خيبر باختونخوا الجبلية معقلا للجماعات الإسلامية المسلحة مثل طالبان الباكستانية والفرع المحلي لتنظيم الدولة الإسلامية.
ومع ارتفاع وتيرة الهجمات، تتزايد المخاوف من عدم قدرة السلطات الباكستانية على تأمين المناطق الحدودية بشكل فعال، خاصة مع استمرار الخلافات مع الجانب الأفغاني حول مسألة إيواء المسلحين والسماح لهم بشن هجمات عبر الحدود.
تشير الأحداث الأخيرة في إقليم خيبر باختونخوا وبلوشستان إلى تصاعد خطير في نشاط حركة طالبان الباكستانية والجماعات المسلحة الأخرى في المناطق الحدودية مع أفغانستان. ويبدو أن الحركة تسعى إلى تكثيف هجماتها على المواقع العسكرية والأمنية الباكستانية في محاولة لإضعاف سيطرة الدولة على هذه المناطق.
ومع استمرار الخلافات بين باكستان وحكومة طالبان في أفغانستان حول مسألة إيواء المسلحين، يبدو أن المنطقة مقبلة على مزيد من التوتر والعنف، مما يضع تحديات كبيرة أمام الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة الحدودية.

شارك