حماس ترفض وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار في غزة... والوساطة الإقليمية تصطدم بجدار التعقيدات

الخميس 24/أبريل/2025 - 04:12 ص
طباعة حماس ترفض وقفًا مؤقتًا أميرة الشريف
 
في ظل تصاعد وتيرة الحرب في قطاع غزة، وتزايد الدعوات الدولية لوقف نزيف الدم، كشفت مصادر إسرائيلية عن تعقيدات جديدة تعرقل جهود التهدئة، بعدما رفضت حركة "حماس" مقترحات تتضمن وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار. 
هذا الموقف، الذي أوردته قناة «آي 24 نيوز» التلفزيونية الإسرائيلية، نقلاً عن مصدر سياسي مطّلع، يعكس حجم الهوة الواسعة بين الأطراف المعنية، ويُهدد بانهيار مساعي الوسطاء الإقليميين والدوليين لإنهاء القتال الدامي المستمر منذ أكثر من ستة أشهر، وسط أزمة إنسانية خانقة ودمار غير مسبوق في القطاع المحاصر.
وأشار المصدر إلى أن الرفض جاء في وقت تتكثف فيه الجهود الدبلوماسية لإحياء المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، وسط وساطة إقليمية تقودها كل من مصر وقطر، بهدف التوصل إلى تسوية مبدئية تسمح بإيقاف التصعيد الإنساني المتفاقم في القطاع، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية.
ورغم محاولات الوسطاء دفع الطرفين نحو صيغة مؤقتة للتهدئة، تتمثل في وقف العمليات العسكرية لعدة أيام مقابل إدخال مساعدات إنسانية والإفراج عن بعض الأسرى، إلا أن حماس بحسب المصدر الإسرائيلي تعتبر أن المقترحات الحالية لا تُلبي الحد الأدنى من شروطها، خاصة فيما يتعلق بوقف شامل لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من شمال القطاع، بالإضافة إلى التزامات واضحة بشأن إعادة إعمار ما دمرته الحرب.
وفي هذا السياق، يُتوقع  وفق ما نقلته القناة أن تُرسل إسرائيل وفدًا رسميًا خلال الأيام القليلة المقبلة لإجراء جولة جديدة من المحادثات مع الوسطاء، لم يُحدد ما إذا كانت ستُجرى في القاهرة أم الدوحة، حيث تُبذل مساعٍ حثيثة خلف الكواليس لتقريب وجهات النظر وتذليل العقبات التي تعرقل أي تقدم.
ويأتي هذا الجمود في المسار السياسي، في وقت يُواصل فيه الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية داخل قطاع غزة، بعدما استأنف هجماته الشهر الماضي، إثر انتهاء هدنة دامت نحو شهرين. 
ووفق ما أعلنته وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، ارتفع عدد الضحايا الفلسطينيين منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023 إلى أكثر من 51,300 شهيد، غالبيتهم من المدنيين، من بينهم آلاف الأطفال والنساء.
وتُعد هذه الحصيلة من بين الأعلى في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وسط تحذيرات منظمات حقوقية ودولية من كارثة إنسانية غير مسبوقة. 
وتشير التقارير إلى أن مئات الآلاف من السكان أصبحوا بلا مأوى، في ظل دمار واسع طال البنية التحتية، وندرة حادة في المواد الغذائية والأدوية ومياه الشرب.
وفي خضم هذه التطورات، تتزايد الضغوط الدولية على إسرائيل وحماس لوقف الأعمال القتالية، فقد دعت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الكبرى إلى وقف فوري لإطلاق النار، محذّرة من أن استمرار الحرب قد يقود إلى تداعيات إقليمية خطيرة، خاصة مع تنامي التوتر على الحدود الشمالية لإسرائيل مع حزب الله في لبنان، واحتمالات التصعيد في الضفة الغربية.
وبينما ترى إسرائيل أن العمليات العسكرية ضرورية لـ"القضاء على البنية التحتية العسكرية لحماس" ومنع تكرار الهجمات المستقبلية، ترى الحركة أن ما يجري هو "عدوان شامل يستهدف الوجود الفلسطيني"، وتشترط لأي وقف إطلاق نار أن يكون دائمًا ويتضمن رفع الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من 16 عامًا، إضافة إلى التزام إسرائيلي بإعادة الإعمار وتعويض المتضررين.
وتعكس تصريحات المصدر الإسرائيلي  حجم التعقيد الذي يكتنف ملف التفاوض في المرحلة الحالية، إذ تبدو الفجوة واسعة بين سقف مطالب الجانبين، كما أن حالة انعدام الثقة المتبادلة، بعد أشهر من القتال وسقوط آلاف الضحايا، تجعل من أي محاولة للتهدئة محفوفة بالفشل.
ويرى مراقبون أن الوساطة القطرية والمصرية تواجه اختبارًا حقيقيًا، فبينما تحاول الحفاظ على شعرة معاوية بين الطرفين، إلا أن غياب الإرادة السياسية الكافية من الجانبين، وعدم وجود ضمانات دولية حقيقية، يجعل من سيناريو استمرار الحرب هو الأرجح، على الأقل في المدى القريب.
تبقى الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة أكبر شاهد على فشل المجتمع الدولي في وضع حد للعنف المتواصل، بينما تزداد آمال سكان القطاع في وقف نزيف الدم ومعاناة النزوح والمعيشة تحت الحصار.
 وفي ظل تعقيد المشهد السياسي، لا تزال الأنظار تتجه نحو القاهرة والدوحة، ترقبًا لما ستسفر عنه جولات التفاوض المقبلة، وما إذا كانت ستحمل بصيص أمل في طريق طويل من الألم والمعاناة.

شارك