أزمة رواتب تهدد بقاء فصائل "الجيش الوطني" في شمال سوريا

الخميس 08/مايو/2025 - 03:57 م
طباعة أزمة رواتب تهدد بقاء علي رجب
 
تشهد منطقة رأس العين شمال شرق سوريا، والواقعة ضمن مناطق نفوذ "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا، تدهورا متزايدا في الأوضاع المعيشية والإنسانية لعناصر الفصائل المسلحة، وسط تصاعد الشكاوى من تأخر الرواتب، واتهامات بالفساد الإداري والمالي تطال قيادات ميدانية داخل هذه الفصائل.

وبحسب شهادات ميدانية حصلت عليها وسائل إعلام محلية، يعاني المقاتلون في رأس العين من ظروف قاسية تترافق مع غياب الرقابة، وانعدام آليات المساءلة، وتراجع الدعم الرسمي، في ظل تصاعد الغضب داخل صفوف المقاتلين، الذين يتهمون قادة الفصائل بالاستيلاء على مستحقاتهم المالية والمتاجرة بالمعونات والمنح.

رواتب منقوصة وتأخير مستمر
"نعيش على أمل الراتب، ثم لا يأتي أو يأتي منقوصا بلا سبب"، هكذا عبر عمر (اسم مستعار)، أحد عناصر "فيلق الرحمن"، عن واقع حاله. وأكد أن الرواتب الشهرية تتراوح اسميا بين 500 إلى 650 ألف ليرة سورية (حوالي 65–80 دولارا)، لكنها لا تصرف بانتظام، وغالبا ما تقتطع أجزاء منها بذرائع غير معلنة.

وأضاف أن المنحة التي كانت مقررة خلال فترة العيد تم التلاعب بها وسرقتها، ما أثار استياءا واسعا، خاصة في صفوف عناصر "الحمزات"، و"السلطان مراد"، و"فيلق الرحمن"، الذين لم يتسلم كثير منهم رواتبهم منذ أكثر من ثلاثة أشهر.

فساد وتهريب وبيع ممتلكات المدنيين
تشير الشهادات إلى أن بعض القادة قاموا بتهريب عائلاتهم إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية، مرورا بمناطق "الإدارة الذاتية"، بعد بيع ممتلكات سبق أن استولوا عليها من السكان المحليين. ويضطر المقاتلون الراغبون في المغادرة إلى دفع مبالغ تصل إلى 150 دولارا للمهربين، وسط اتهامات بتواطؤ قيادات في الفصائل مع شبكات التهريب.

وأكدت مصادر من داخل "جيش الإسلام" أن خمسة من مقاتلي الفصيل غادروا بالفعل منطقة نبع السلام مطلع مايو الجاري برفقة عائلاتهم، بعد بيعهم ممتلكات ليست لهم، حصلوا عليها خلال فترة السيطرة على المنطقة، مما يعكس انحدار الوضع الأمني والأخلاقي في رأس العين.

تزايد السخط وتراجع الثقة
وتسود أجواء من الاحتقان والتوتر بين العناصر والقيادات، في ظل غياب أي قنوات واضحة لتقديم الشكاوى، وتزايد الشكاوى من "تكريم المفسدين بدل محاسبتهم"، على حد تعبير أحد العناصر.

ويعزز هذا الواقع قناعة بين كثير من المقاتلين بأن المنطقة قد تشهد تغييرات ميدانية في المستقبل القريب، مع ترجيحات بإعادة السيطرة للإدارة الذاتية أو عودة النظام السوري، ما دفع كثيرين للتفكير بالانسحاب قبل فوات الأوان.

خلفية: ما هو "الجيش الوطني السوري"؟
يتكون "الجيش الوطني السوري" من عدة فصائل معارضة مسلحة دعمتها تركيا منذ بدء تدخلها العسكري في سوريا عام 2016، وتشكل رسميا قبيل عملية "درع الفرات". يقوده اللواء سليم إدريس، ويتألف من أكثر من 30 فصيلا، أبرزها: "السلطان مراد"، "الحمزات"، "المنتصر بالله"، و"فيلق الرحمن"، إضافة إلى مجموعات تركمانية.

وقدر عدد مقاتليه بنحو 60 ألفا، يتوزعون بين عفرين، إدلب، ومناطق نبع السلام شمال الحسكة، غير أن تقديرات واقعية تشير إلى انكماش في أعداد المقاتلين مؤخرا نتيجة الانشقاقات وسوء الأوضاع.

شارك